الرئيسية / سياسة / توتر داخلي حول سوريا.. ومحاولة رئاسية فاشــلة لوقف إضراب الأفران

توتر داخلي حول سوريا.. ومحاولة رئاسية فاشــلة لوقف إضراب الأفران

الإثنين 14 تشرين الأول 2019

مجلة وفاء wafaamagazine

لبنان بلا رغيف اعتباراً من مساء أمس، بعد قرار نقابة أصحاب الافران بالاضراب المفتوح، وسيكون بلا دواء بعد ايام، بعد تلويح مستوردي الادوية بعدم قدرتهم على تأمينها في ظل الشح في الدولار، ناهيك عن المحروقات التي يخشى ان يكون الحل الذي تم التوصّل اليه نهاية الاسبوع الماضي مؤقتاً، ما يعني بقاء فتيل انقطاعها قابلاً للاشتعال في اي لحظة.

في هذا الواقع، الذي لم يصل اليه لبنان، حتى في أسوأ ايام الحرب، يُحبَس المواطن اللبناني بين المطرقة والسندان؛ مطرقة سلطة مستهترة تتفرّج على ما آل اليه حال البلد وأهله، وتدور حول نفسها باجتماعات لا طائل منها. وسندان شحّ الدولار والعملات الصعبة، والتحركات والإضرابات في القطاعات الحيوية التي تتصل مباشرة بحياته اليومية وأساسيات عيشه. والمشكلة الأعظم انّ هذا المواطن ما زال يبحث عن وميض ضوء في عتمة السلطة، فلا يجده.

في الخلاصة، المشهد سوداوي، ومرشّح للتفاعل والتعقيد أكثر، لأن كل القطاعات ومن دون استثناء بدأت تعاني من شح الدولار اولاً، وايضاً من وجود سعرين للدولار. وبالتالي، فإنّ الايام الطالعة مرشحة لتكون أصعب، ومليئة بالالغام والتعقيدات الناجمة عن الأزمة المالية – الاقتصادية المتفاقمة.

المواطن بلا رغيف

بعد انفراج أزمة البنزين، جاء دور الرغيف. ومنذ التاسعة من مساء أمس الاحد توقفت الافران والمخابز عن بيع الخبز، في إضراب قررته الجمعية العمومية لاتحاد أصحاب المخابز. وعلى رغم انّ الاضراب يُفترض أن يكون ليوم واحد، إلّا انّ أجواء الافران توحي بأنّ الاضراب قد يتجدّد. وسوف تعقد الجمعية العمومية اجتماعاً اليوم لتتخذ القرار المناسب في استكمال الاضراب أو وَقفه.

إجتماع فاشل

وعلمت «الجمهورية» انّ الاجتماع الذي جمع بعد ظهر امس وزيراً موفداً من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع ممثلين عن الافران، في محاولة لإنهاء الأزمة وإلغاء الاضراب، باءَ بالفشل، وتقرر الاستمرار في الاضراب اليوم.

مجلس الوزراء

في ظل هذه الأجواء الملبّدة، والازمات المتتالية التي ولّدتها السلطة الحاكمة، بات من المسَلّم به من قبل مختلف خبراء الاقتصاد والمال انّ ألف باء المعالجة تبدأ بخطوات فورية من قبل الحكومة.

واذا كان رئيس الحكومة سعد رئيس الحريري، قد حرص على إشاعة إيجابيات عشيّة انعقاد جلسة مجلس الوزراء المقررة عند الرابعة بعد ظهر اليوم في السراي الحكومي، بإعلانه انّ «الموازنة ستقَر، وسيتبعها سيل من الاصلاحات والقرارات التي تريح البلد»، فإنّ العبرة تكمن في ما كان مجلس الوزراء سيتوصّل الى تحديد «المسار الانقاذي» الذي ستعكسه «الاصلاحات» التي ستقترن بموازنة 2020.

وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ مجلس الوزراء امام مهمة صعبة، ذلك انّ تلك الاصلاحات تتطلّب ترجمتها خطوات وصِفت بالموجِعة، وتستبطن سلة واسعة من الضرائب والرسوم. وبالتالي، إنّ التوافق عليها دونه عقبات واضحة، بالنظر الى الانقسام الوزاري حيالها.

وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انّ جلسة اليوم هي لإخراج الموازنة من «سوق المناقشات العقيمة».

وأعربت المصادر عن خشية جدية من ان يستغرق البحث فيها ما استغرقته موازنة العام 2019، جرّاء الأسلوب «السفسطائي» الذي يجري اعتماده.

ولفتت الى «انّ البحث بين ان تَتضمّن الموازنة الجديدة سلة من الإصلاحات او ان تكون منفصلة عنها، يهدّد بإمكان العودة الى مناقشات لا تنتهي. وهو نقاش يمكن ان يتجدد بين فريق يدّعي الإصلاح ويتهم الآخرين بتجاهله، فيما الجميع يؤكدون الالتزام امام المجتمعَين العربي والدولي والمؤسسات المانحة بالبَت بالإصلاحات المطلوبة لتسييل مليارات سيدر واستدراج الإستثمارات.

وقالت مصادر وزارية مقرّبة من بعبدا لـ«الجمهورية»: من الضروري ان تنتهي مناقشات الموازنة اليوم، على أن تعقد الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء الخميس المقبل في القصر الجمهوري في بعبدا، للبَت بها نهائياً وإحالتها الى المجلس النايبي ضمن المهلة الدستورية.

بري

وعشيّة جلسة مجلس الوزراء، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري انّ اجتماع الحكومة اليوم هو اجتماع مفصلي، وتتوقف عليه جملة من التداعيات، ما لم تُنجز الموازنة وتُحَلْ الى المجلس النيابي في الموعد الدستوري، وما لم تقترن بالاصلاحات المطلوبة على طريق معالجة الازمة.

واكد بري انه إن لم تصل الموازنة في الموعد الدستوري الى المجلس، فمعنى ذلك اننا خطونا خطوات كبيرة الى الوراء.

ورداً على سؤال حول التعيينات، قال بري: أنا مع أن تجري التعيينات في اسرع وقت، لكنّ الاولوية الآن أنه يجب التفرّغ بشكل جدي لإيجاد الحلول للأزمة التي تتفاقم. وامّا التعيينات، فقد يؤدي طرحها الى خلافات وتباينات ليس الآن وقتها، وبالتالي في الامكان إتمامها في اي وقت.

باسيل

وفي موقف لافت للانتباه حمل الى طرح تساؤلات حول مضمونه والقَصد منه، توجّه رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، خلال الاحتفال المركزي الذي أقامه «التيار» في ساحة الحدت بذكرى 13 تشرين، الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قائلاً: «اليوم 13 تشرين وغداً 31 تشرين تاريخ مرور نصف الولاية الرئاسية؛ الوقت يمر، ونحن نطالبك ألّا تنتظر طويلاً. وفي اليوم الذي تشعر فيه أنك لم تعد تستطيع أن تتحمل، نطلب منك أن تضرب على الطاولة ونحن مستعدون لقلب الطاولة»، ونحنا منِطلَع على ساحة قصر الشعب أحسن ما نكون جالسين على أحد كراسيه، وأنت بترجع تِتصَرّف متل العماد عون، يمكن أحسن من الرئيس عون».

ولفت باسيل الى أنّه «قبل نكبة فلسطين كانت للبنان رئتان، والآن أصبح برئة واحدة، فسوريا هي رئة لبنان الاقتصادية، خسرنا الرئة الأولى بسبب إسرائيل، فهل نخسر الرئة الثانية بسبب جنون الحقد أو جنون الرهانات الخاطئة والعبثيّة، فنختنق وننتهي ككيان؟»، مُعلناً أنّه «يريد الذهاب الى سوريا لكي يعود الشعب السوري إلى سوريا كما عاد جيشها، ولأني أريد للبنان أن يتنفّس بسيادته وباقتصاده».

وقال: «ما نمرّ به ليس فقط حرباً اقتصاديّة على لبنان، بل هي أيضاً حرب شعواء علينا وهذا اسمه 13 تشرين اقتصادي، وخطورته انّه آتٍ من بُنية النظام ومن منظومة الفساد العميقة في الدولة. هذا هو واقعنا، ولكننا مصمّمون على المواجهة والانتصار»، مشيراً إلى أنّ «حضورنا في الحكم لا ينسينا ذاتنا وهويّتنا كمقاومين للأمر الواقع، فكما قمنا من تحت أنقاض 13 تشرين سنقوم من تحت هذا الركام الاقتصادي المرمي علينا من مُطلقي شائعات ومتلاعبين بالليرة اللبنانية ومتطاولين على رمز الدولة».

من جهة ثانية، يبدو انّ الانقسام السياسي حول سوريا قد دخل مدار التفاعل، بعد إطلاق شرارته في المواقف التي أدلى بها الوزير باسيل خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة. ولاسيما حول موضوع عودة سوريا الى الجامعة العربية، وقبله الكلام في مجلس الوزراء قبل ايام الذي دعا فيه بعض وزراء 8 آذار، ومعهم باسيل، الى ضرورة الانفتاح على سوريا. وصولاً الى ما أعلنه امس في احتفال الحدت.

الحريري

وفيما برز موقف «حزب الله»، الذي وصف موقف باسيل بالشجاع، لفتَ الانتباه إعلان الرئيس الحريري، عبر مكتبه الاعلامي، انّ البيان الوزاري للحكومة لم يقارب مسألة عودة سوريا الى الجامعة، وهو قرّر التأكيد على سياسة النأي بالنفس وعدم التدخل في الشؤون العربية، وانّ موقف الحكومة من التطورات العسكرية على الحدود التركية السورية يعبّر عنه بيان وزراء الخارجية العرب وليس أي موقف آخر.

شهيّب

وقال وزير التربية اكرم شهيّب لـ«الجمهورية»: «إنّ البيان الوزاري ومبدأ النأي بالنفس واضحين، وكذلك الإجماع العربي. وعليه، لم يكُن هناك من مُبرِّر للتفرّد الذي حصل، وبإبداء مواقف لم يتم الاتّفاق عليها في مجلس الوزراء»، لافتاً إلى أنّ «هذا الكلام يعبّر عن شخصيّة قائله، وليس عن موقف الدولة اللبنانيّة».

وأكد شهيّب أنّ «الكلام المُتجدّد حول موضوع الانفتاح على سوريا كان يجري التسويق له منذ مدّة تحت شعاراتٍ اقتصاديّة، ولكن هذا الأمر غير صحيح»، معتبراً أنّ «الهدف منه هو سياسي بامتياز وأبعاده معلومة، وهو بلا أدنى شك استثمار سياسي للأزمة الاقتصاديّة».

وشدّد على أنّ «المطلوب هو إجراءات علاجيّة بعيداً عن الاستثمار والمزايدة السياسيّة، والهروب من معركتي الرغيف والدواء عبر طرح أمور خلافيّة سياسيّة تزيد الأمور تعقيداً في ظلّ أزمة اقتصاديّة خانقة».

«14 آذار»

وفيما قرأ مراقبون بين سطور موقف باسيل أمس، انه أقرب الى توجيه رسالة الى الجميع، يقول فيها «الأمر لي»، بَدا واضحاً صَداه السلبي في أوساط «14 آذار»، التي اعتبرت أنّ مواقفه في مجلس الوزراء والجامعة العربيّة وخلال إحياء ذكرى 13 تشرين، تُشير بشكلٍ واضح الى أنّه وضع نفسه بتصرّف الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله، لابتزاز الأطراف الأخرى وأوّلها الرئيس سعد الحريري، لافتةً إلى أنّ مبدأ باسيل هو: أعطوني وعوداً بالرئاسة وإلّا سأقلب الطاولة فوق رؤوسكم. وهذا يعني فعلياً أنّه «طار البلد».

واعتبرت المصادر «أنّ باسيل في ذكرى 13 تشرين أطلق النّار باتجاه كلّ القوى السياسيّة من الحريري إلى «القوّات» وصولاً إلى «الحزب التقدمي الاشتراكي»، ليقول: «أنا القوي وأستمدّ قوتي من «حزب الله».

«القوات»

وشددت مصادر»القوات اللبنانية» على موقفها الثابت «بأنه لا يمكن الانفتاح او التطبيع مع سوريا الّا في حال أقرّ هذا الموضوع في الحكومة، وخلاف ذلك هذه المسألة تكون مسألة فئوية وشخصية ولا تعكس موقف الحكومة، وأكبر دليل على ذلك ردّ الحريري على موقف باسيل في الجامعة.

وقالت المصادر لـ«الجمهورية» إنّ «هذا الامر ينطبق ايضاً على اي زيارة يقوم بها باسيل الى سوريا، وبالتالي اذا ذهب الى سوريا من دون موافقة مجلس الوزراء أولاً ومن دون ان تكون الحكومة قد عَدّلت بموقفها من هذا الموضوع، تكون زيارته كرئيس تيار وليس كوزير لخارجية لبنان».

وأكدت المصادر «أنّ «القوات» هي من أكثر الاطراف الحريصة على عودة النازحين الى سوريا، وفي حال كان هناك اي مبادرة جدية لإعادتهم نحن سنكون اول المؤيّدين انطلاقاً من النزف الاقتصادي الذي نعانيه في لبنان».

ونَبّهت من مسألة العقوبات الدولية التي يمكن أن تطال لبنان جرّاء الاعتراف بالنظام السوري، ولفتت الى «أنّ هذا الموقف وهذا الموضوع ليس في أوانه، وهو يشكّل مسألة انقسامية في لحظة سياسية نحن أحوَج ما نكون فيها الى وحدة موقف لإنقاذ وضعنا الاقتصادي».

وشددت على أنه في حال ذهاب باسيل الى سوريا «فسيكون مطالباً بآلية واضحة وخلال مدة زمنية محددة لا تتجاوز الشهر، لأن لا شيء يمنع ان يذهبوا بـ«البوسطات ويعودوا. وخلاف ذلك، زيارته أهدافها سياسية وهذا أمر مرفوض».

فنيش

في المقابل، قال وزير الشباب والرياضة محمد فنيش لـ«الجمهورية»: علينا تحديد السياق الذي طرح فيه موضوع معبر البوكمال في جلسة مجلس الوزراء. والذي اراده البعض سجالاً سياسياً بينما عنوانه اقتصادي له علاقة بمصلحة البلد. هناك معبر فتح يدخل منتوجاتنا مباشرة الى سوق العراق، وهو سوق واسع ومفتوح يتجاوز الـ٢٥ مليون شخص، وقد أتيحت لنا الفرصة لأن نصدّر الإنتاج الزراعي اليه وتجنب التكلفة الباهظة عبر معبر نصيب، والذي تبلغ عن طريقه كلفة الشاحنة ١٨٠٠ دولار عدا عن المعوقات الاخرى، ونحن في أزمة اقتصادية، ولدينا فجوة بالميزان التجاري، وعجز في ميزان المدفوعات فلماذا عدم الاستفادة من الفرصة ؟! هذا أمر إيجابي يحرم السوق ويزيد الإيرادات ويعالج أزمة الدولار. الموضوع اقتصادي بامتياز وله علاقة بمصلحة لبنان العليا، وسوريا لا تحتاج الى جهات سياسية في لبنان، نحن من نحتاجها ولا يجب ان نضرب بالسياسة مصلحة البلد».

السويد وايرلندا

على صعيد آخر، تصل الى بيروت اليوم ملكة السويد سيليفيا، في زيارة رسمية الى لبنان لأربعة ايام، تلتقي خلالها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وكبار المسؤولين اللبنانيين.

كما يصل رئيس الجمهورية الإيرلندية ميغال هيغينز ترافقه عقيلته وعدد من المسؤولين السياسيين والعسكريين، في زيارة رسمية تستمر ثلاثة ايام.

الجمهورية

عن WB