الرئيسية / محليات / الرئيس عون وعقيلته شاركا في قداس الرهبانية الانطونية

الرئيس عون وعقيلته شاركا في قداس الرهبانية الانطونية

مجلة وفاء wafaamagazine

شارك رئيس الجمهورية العماد ميشال عون واللبنانية الاولى السيدة ناديا الشامي عون، قبل ظهر اليوم، في القداس الالهي الاحتفالي الذي أقامته الرهبانية الانطونية لمناسبة عيد القديس انطونيوس الكبير في كنيسة دير مار انطونيوس الحدث، وترأسه الرئيس العام للرهبانية الاباتي مارون ابو جودة وعاونه فيه رئيس الدير والمعهد الانطوني الاب جورج صدقة، والاب القيم بيار صفير.
حضر القداس وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، النواب: بيار أبو عاصي، الان عون وحكمت ديب، الوزير السابق ناجي البستاني، النائب السابق ناجي غاريوس وزوجته، قائد الجيش العماد جوزاف عون وزوجته، المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير، المدير العام لوزارة التربية فادي يرق، مدير المخابرات العميد طوني منصور، مدير مخابرات جبل لبنان العميد كليمان سعد، قائد الدرك العميد مروان سليلاتي، رئيس بلدية الحدث جورج عون وزوجته وعدد من الرهبان الانطونيين.
وبعد الانجيل المقدس، ألقى الاباتي ابو جودة كلمة استهلها بالترحيب بالرئيس عون والسيدة الاولى وقال: “بكثير من الغبطة نستقبلكم، يا فخامة الرئيس، برفقة السيدة الأولى، مع صحبكم الكريم، في ديرنا، مار أنطونيوس الكبير، الحدت. هذا الدير الرابض على تلة تواجه القصر الجمهوري، وتنير مسيرة العاصمة لا بل تنير الوطن كله بالوطنية والتربية والروحانية. شرفتمونا، يا فخامة الرئيس، بحضوركم المحبب بيننا”.
اضاف: “فرحتي كبيرة اليوم أن نتشارك معا في الذبيحة الإلهية لمناسبة عيد مار أنطونيوس في دير مار أنطونيوس الكبير في الحدت – بعبدا، هذا الدير قد تأسس سنة 1764، على اسم القديس أنطونيوس الكبير، أب الرهبان، وقد تميز منذ إنشائه بالانفتاح الديني والوطني والعلمي، كما كان ولا يزال منارة روحية واجتماعية وتربوية وواحة صلاة وتأمل ومكان راحة للنفوس. فمنذ التأسيس، والرهبان الأنطونيون يعملون جاهدين لأن يكون حضورهم مميزا على مساحة الوطن في السلم كما في الحرب. “إن شئت أن تكون كاملا، امض فبع كل مقتناك وأعطه للمساكين، وهلم فاتبعني، فيكون لك كنز في السماء.” متى 19/20″.
وتابع: “كلام يسوع، سمعه أنطونيوس الشاب، ودون أي تردد، عمل به، فترك كل شيء وتبع المسيح، مؤمنا بأن كنزه في السماء كبير جدا وغير زائل. لذلك نراه يقطع علاقته مع العالم، ويعطي أخته نصيبها من الميراث الوالدي، ويوزع حصته حتى آخر فلس على المحتاجين ليعيش الفقر المطلق والتجرد الكامل متحررا من كل رباط دنيوي، كي يتفرغ لعبادة الله وحده في حياة نسكية وتقشفية. هذا “الترك” جذب الكثيرين ليعيشوا على غرار أنطونيوس، مكرسين حياتهم للرب، متحررين من كل القيود الدنيوية، ملتزمين بعيش القيم الإنجيلية من فقر وطاعة وعفة وتواضع وغفران وتوبة”.
وأكد “اننا نجهد النفس اليوم لنحافظ على هذه الروحانية في الحياة الرهبانية على الرغم من أن المعايير والمعطيات والمفاهيم قد تغيرت تغيرا جذريا، غير أن الأساس واحد باق هو هو: “اللحاق بيسوع المسيح”.
وقال: “من عاداتنا الرهبانية في هذه المناسبة، أن نعيد النظر في التزامنا بدعوتنا، فنصوب الاتجاه إذا شردنا، ونقوم الاعوجاج، ونطلب الغفران، ونجدد التزامنا بتركنا العالم لنربح المسيح. من هنا ندائي لكل راهب أنطوني، بأن يقوم بفحص ضمير، ويجدد التزامه بالحياة الرهبانية، التي اعتنقها بكامل وعيه وحريته، والقائمة على الصلاة والعمل. كما أدعو كل مسيحي إلى أن يجدد التزامه بمواعيد معموديته، حتى يعيش تعليم يسوع ويزرع الأمان والسلام في محيطه كانعكاس للسلام الذي يستقيه من علاقته بالله تعالى”.
اضاف: “صاحب الفخامة، أيتها السيدة الأولى، أيها الحضور الكريم، لقاؤنا السنوي هذا، محطة مقدسة نرفع فيها معا صلاتنا إلى الله العلي ليحفظكم ويحفظ عائلتكم العزيزة وكل عائلات الوطن بشفاعة ” كوكب البرية” القديس أنطونيوس الكبير. على الرغم من أن المناسبة فرحة، لكن في قلوبنا غصة كبيرة، إذ نرى كيف ينهار الوطن وكأننا أصبحنا عاجزين عن إيجاد الحلول الناجعة حتى نوقف الهدر والسرقة ونبدأ ببناء وطن “نظيف”، خال من كل سياسي فاسد، وبعيد عن هدر المال العام الذي يخص كل مواطن لبناني”.
وتابع: “فخامة الرئيس، الشعب اللبناني، ما زال يتطلع إليكم كخشبة خلاص له، مستذكرا جرأتكم ضد الفساد ومستغربا ما آلت إليه الظروف اليوم. الكل يناديكم يا فخامة الرئيس لإيجاد الحلول ولقطع يد كل سارق وناهب المال العام مهما علا شأنه وارتفع مركزه. الآمال الكبيرة ما زالت معقودة عليكم، وكل لبناني، لأي عائلة دينية انتمى، يعلم أن لا ملجأ له سوى سيد بعبدا، “بي الكل”، حامي الدستور الذي ينتهك يوما بعد يوم من مسؤولين يفترض بهم أن يؤازروكم في حمل مسؤولية الوطن، غير أن مصالحهم الشخصية والضيقة تتحكم بقراراتهم وتشغلهم عن التفكير بالمصلحة العامة التي تقتضي أن يضحوا بذواتهم من أجلها”.
واردف ابو جودة: “نعم يا فخامة الرئيس، نحن نعلم أنكم تكافحون وتجاهدون للحفاظ على الوطن وتعملون ليل نهار ضد أعداء يتربصون للاطاحة بهذا الوطن الرسالة. نحن نعلم أنكم تقفون شامخين كي تردوا الطامعين بأرض لبنان وموارده والذين يعملون على تركيع شعب عظيم ليضعوا أيديهم على ثرواته الطبيعية التي هي من حق كل لبناني أن يتنعم بها”.
وقال: “اللبنانيون كلهم منتفضون على واقع حياتهم المعيشية، الذين خرجوا إلى الطرقات والساحات كما الذين بقوا في بيوتهم، هم على يقين بأن لبنان سيعود يوما إلى “عزه” ولكن يتمنون العودة القريبة ليتمتعوا به ويكملوا مسيرة حياتهم بكرامة ودون تسول. الشعب اللبناني ينتظر من فخامتكم أن تضمنوا له العيش الكريم والأمان والسلام، الشعب اللبناني يتمنى عليكم مسك زمام الأمور المالية لتحافظوا لهم على جنى عمرهم الذي ادخروه بعرق جباههم، الشعب اللبناني يحلم أن يتوقف يوما ما عن المطالبة بحقوقه الطبيعية من طبابة وتربية وضمان شيخوخة وغيرها… الشعب اللبناني يحلم بأن لا يبقى سلعة بيد السياسيين الذين يبيعونه ويشترونه بحسب منفعتهم الخاصة، فيذلونه ويهددونه بلقمة عيشه”.
وتابع: “فخامة الرئيس، اللائحة ما زالت طويلة، وأنا، كما كان مار أنطونيوس ينقل شكاوى الناس وهمومهم إلى المسؤولين، أنقل بدوري شكاوى الناس وهمومهم إليكم. أطلقوا أيدي القضاة الشرفاء، ارفعوا الصوت عاليا بوجه كل السياسيين المنافقين، أيا كانوا، افتحوا أبواب السجون لتستوعبهم، أخرجوا منها المظلومين ليدخل هذا الطقم السياسي الذي دفع بهم إلى السجن، ففخامتكم تعلمون علم اليقين من هم الذين أوصلوا البلاد والعباد إلى الحضيض، تعرفونهم بأسمائهم وأنتم وحدكم تملكون الجرأة لتسميتهم ومحاكمتهم. أنتم أمل اللبنانيين فلا تخذلوهم”.
اضاف: “فخامة الرئيس، كم كان بودنا اليوم أن نبارك لكم وللبنان بولادة الحكومة العتيدة التي طال انتظارها. فاللبنانيون كلهم ينتظرون بفارغ الصبر تأليفها لتكون جسر العبور بالوطن من حالة الفوضى والغليان إلى حالة الاستقرار والأمان. كم كنا نرغب بأن تكون فرصة تشكيل الحكومة مناسبة للمسؤولين ليتصالحوا مع ذواتهم ومع بعضهم بعضا ومع شعبهم. غير أنه وللأسف، كشفت هذه المسألة عورة السياسيين والمسؤولين غير المسؤولين الذين ما زالوا يتعاطون مع شؤون الوطن كقطعة “جبن” للتقاسم. نرى كل واحد منهم يتمترس في خندقه ويختبئ وراء محازبيه، ضعاف النفوس، محاولا المحافظة على مكتسباته وحصصه، وكأن الوطن بألف خير ولا يعاني من أزمة مالية واقتصادية، لا بل أقول من أزمة وجودية قد تطيح بهم. لقد بدأنا نخاف من سقوط الهيكل على رؤوس الجميع”.
وختم ابو جودة شاكرا حضور الرئيس عون والسيدة الأولى “لنحتفل سويا بعيد شفيع رهبانيتنا وشفيع ديرنا. إنني أشكر كل الحاضرين اليوم معنا للصلاة. كما أشكر حضرة الفاضل الأب جورج صدقة رئيس الدير، وجماعة الرهبان على اهتمامهم بتنسيق هذا اللقاء، وأرفع صلاتي وصلاة رهبانيتنا الأنطونية على نيتكم لتبقوا رافعين راية الحرب، الحرب على الفساد والفاسدين وعلى نية وطننا الغالي لبنان سائلين رب السلام أن يمنحه السلام الذي لا يزول ويحمي كل لبناني مخلص بشفاعة القديس أنطونيوس وبركة الثالوث الأقدس الآب والابن والروح القدس. آمين. كل عيد وأنتم بخير”.
ثم ألقى الاب صدقة كلمة جاء فيها: “ككل سنة يجمعنا عيد القديس انطونيوس في ديره، فأهلا وسهلا بفخامتكم، فأنتم اصبحتم من اهل البيت، لا بل من جمهور الرهبان الذين يحاولون ان يتبعوا مسيرة القديس انطونيوس بالايمان والشجاعة والتجرد. قد يتساءل البعض عن اللقاء هذه السنة حيث تمر البلاد في نفق مظلم، فإننا من اجل ذلك نصر على اللقاء لان ايماننا يدفعنا ان نتحدى الحدث والظلمة ونزرع الرجاء في القلوب، فالمسيح سيد الرجاء حيث لا رجاء. نلتقي لنصلي مع انطونيوس الذي بالصلاة حارب الشرير وانتصر ليعطينا الشجاعة، ونصبر ونجاهد حتى ينتصر لبنان على الشر والظلام والموت”.
اضاف: “ومن فضائل مار انطونيوس الموقف الحازم والشجاع عندما سمع صوت الرب بالانجيل: اذا اردت ان تكون كاملا اذهب وبع كل شيء واعطه للفقراء وتعال اتبعني. لبى القديس الدعوة بموقف حازم وصارم دون تراجع، وكثيرون فهموه خطأ واعتبروا ان استقالته من حياة العالم هي هروب من مواجهة الحياة وخوف وجبن، بينما ذهاب هذا القديس الى الصحراء التي ترمز الى الشر والفراغ، هو موقف شجاع وبطولي لانه ذهب الى محاربة الشرير في عقر داره، وهذا الايمان وهذه الشجاعة وهذا الحزم جعلوه ينتصر. زد اللهم الشجاعة والحزم لرئيسنا لينهض بهذا البلد ويعود الى ازدهاره”.
وتابع: “فخامة الرئيس، اسمحوا لي ان اضيء على الازمة التي تمر بها المدارس وهي حالة خطيرة لانه متى فقد البلد العلم والثقافة، فقد مقومات الحياة والتقدم. فخامة الرئيس، نحن بانتظار تشكيل الحكومة لان الوقت بدأ ينفذ والجوع على الابواب والمرض لا يرحم والمصارف تتعثر.. لا يكفي ان تشكل الحكومة بل ان تكون فاعلة ومن اصحاب الضمير، واعطاء دور للشباب، لان الثورة اشتعلت كالنار في الهشيم، ونخاف ان تأكل الاخضر واليابس وتصل الينا جميعا. فحكمتكم ورأيكم السديد هو الخلاص”.
وتوجه الاب صدقة “بالتحية الى القوى الامنية وخصوصا الى الجيش اللبناني وعلى رأسه القائد العماد جوزاف عون، على كل الجهود التي تبذلها بتوجيه من فخامتكم، من اجل الحفاظ على الامن وتجنيب البلاد الفوضى والحرب الاهلية والطائفية التي تلوح في بعض المناطق. فلكم كل الشكر والدعم ليبقى سلاحكم الشرعي وحده على ارض لبنان الحر المستقل. لكن اسمحوا لي ان الفت النظر ولو بخجل، الى تصرفات بعض الافراد الذين يسيئون الى المؤسسة والقيادة قبل الاساءة لبعض الناس او الطلاب. واسمحوا لي، فخامة الرئيس، ان اكرر التركيز على اهمية المصالحة المسيحية التي هي اساس المصالحة الوطنية، اخذ الله بيدكم. واسمحوا لي ايضا، ان اشكر امامكم معالي الوزير باسيل، والنواب الكرام، وقدس الاب العام، وبنوع خاص رئيس بلدية الحدت السيد جورج عون على جهوده واعماله ومواقفه المشرفة، وكل الفعاليات الحاضرة والمحبين”.
ثم قدم الاباتي ابو جودة والاب صدقة الى الرئيس عون ايقونة السيدة العذراء من صنع المعهد الانطوني في الدكوانة كهدية تذكارية.
بعد القداس، تقبل الرئيس عون واللبنانية الاولى والاباتي ابو جودة التهاني بالعيد، قبل ان يشاركوا والحضور في مأدبة الغداء التي أقامتها الرهبانية في رحاب الدير للمناسبة، والتي انضم اليها محافظ جبل لبنان القاضي محمد مكاوي.

عن H.A