الرئيسية / مقالات / السلطة تطفئ عيون المتظاهرين"عيوننا التي أُطفِئت"

السلطة تطفئ عيون المتظاهرين"عيوننا التي أُطفِئت"

مجلة وفاء wafaamagazine 

 حسن عليق

وفق الطبيب ألكساندر شقال الذي تابع حالة المُصابين في مستشفى أوتيل ديو، فإنّ الرصاص المطاطي عندما يضرب العين يُجبرها على «الانفجار» والخروج من مكانها بفعل الضغط، ما يؤدي في غالبية الأحيان إلى تلفها والاضطرار إلى انتزاعها بشكل كامل تجنّباً لانتقال الالتهاب إلى العين الأخرى، «لذلك، يُشكل هذا النوع من الرصاص، وإن كان غير قاتل، خطراً كبيراً على عيون المُتظاهرين»، وفق مُدير العيادة القانونية لحقوق الإنسان في جامعة الحكمة كريم مفتي، لافتاً إلى الانتهاك الصارخ للمعايير الوطنية والدولية التي تلحظ كيفية استخدام هذا النوع من الأسلحة.


في 21 كانون الثاني من العام الماضي، راسلت جمعية أطباء العيون في فرنسا وزارة الصحة الفرنسية مُحذّرة من خطر استخدام الرصاص المطاطي على المتظاهرين، لما يُسببه من ضرر فادح على عيون المتظاهرين. «وفيما سُجّل إصابة 15 متظاهراً في فرنسا فقدوا عيونهم خلال العام المنصرم، تمكنّا من توثيق إصابة سبعة أشخاص خلال يومين فقط في بيروت»، وفق شقال، لافتاً إلى وجود أربع حالات أخرى لمتظاهرين أصيبوا إصابات مباشرة في عيونهم.


فإلى الشبان الثلاثة المُطفأة عيونهم، عين أيمن دقدوق مهددة أيضاً بالانطفاء بعدما نال نصيبه من المطاطي، إلا أنه كان أكثر حظّاً من أترابه، إذ إن لديه حظوظاً باستعادة نظره في حال نجح العلاج.


ثلاثة شبان آخرين أبكتهم السلطة دماً بعدما أصيبوا إصابات مباشرة بعيونهم بفعل القنابل المُسيلة للدموع والأحجار التي استخدمها بعض عناصر القوى الأمنية ضد المتظاهرين. بحسب الأطباء، يعاني هؤلاء حالياً من نزيف في العين، «لكنهم لن يخسروا نظرهم كرفاقهم».


في المحصلة، أدمى عناصر القوى الأمنية عيون سبعة شبان، فيما تمّ توثيق إصابات بتر وارتجاج في الدماغ وكسر للأيدي لشبان آخرين. وفي الوقت الذي لا تنفك فيه الجهات الناطقة باسم القوى الأمنية عن تبرير العنف بالترويج لتهديد المتظاهرين الأمن والاستقرار، تبقى النصوص القانونية والدولية واضحة لجهة تحديد طبيعة عمل القوى الأمنية وأولوية مهماتها.


يُشير مفتي في هذا الصدد إلى أن مسؤولية القوى الأمنية عن ضبط التجاوزات التي قد يقدم عليها المُتظاهرون تكون بالتوازي مع مسؤوليتها عن تأمين حمايتهم، «لأن العنف الذي قد يُستخدم في التظاهرات لا يلغي الحق في التظاهر»، لافتاً إلى أن اجتهادات المحاكم الأوروبية توصلت إلى خلاصات واضحة لجهة عدم تعارض التجاوزات التي قد تنجم عن المتظاهرين مع الحق في التظاهر. ويلفت إلى ضرورة أن يخضع العناصر المكلفون بحماية الأمن لتدريبات على الأمر، خصوصاً أن الوقائع الموثقة تدل بشكل واضح على سلوك غير مسؤول لا يراعي أدنى معايير البروتوكولات المتعلقة باستخدام القوة في الظروف الاستثنائية، كما أن هناك سوء استخدام للأسلحة غير القاتلة «بشكل يُمثل عنفاً ممنهجاً ويخالف مبدأي الضرورة والتناسب اللذين تنص عليهما القوانين التي شرّعت استخدام القوة في الظروف الاستثنائية».


مفوّض العلاقات الدولية والإعلام في الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان بسام القنطار لفت الى أن سلوك عناصر قوى الأمن في اليومين الماضيين «يمثّل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان»، لافتاً الى أن لجنة الوقاية من التعذيب ستتابع مع أهالي المصابين لحثّهم على المطالبة بكشف طبيب شرعي وبتوثيق التقارير الطبية للمطالبة بحقهم في التعويض. وذكّر بأن القانون يُلزم قوى الأمن الداخلي بتسليم نتائج التحقيقات التي أعلن فتحها المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان في ما خصّ الحوادث المرتبطة بالتعدي على المتظاهرين في ساحة الاحتجاج أو الموقوفين في مراكز الاحتجاز .


بدوره، ذكّر رئيس الهيئة فادي جرجس، في بيان، بضرورة مراعاة أجهزة إنفاذ القانون للمعايير الدولية لحقوق الإنسان أثناء الاحتجاجات خصوصاً عدم استخدام الرصاص المطاطي من مسافات قريبة، وعدم تعمّد أذية المحتجين من خلال إصابة الرأس والرقبة، داعياً إلى البحث عن وسائل أخرى لمكافحة الشغب تحفظ حياة المحتجين، خصوصاً بعد تزايد أعداد المُصابين.

التجاوزات التي قد تنجم عن المتظاهرين لا تتعارض مع الحق في التظاهر


وطالبت الهيئة بموجب القانون 62 بالاطلاع على مضمون سير الشكوى أو الادعاء أو الدفوع المُقدمة للجهات القضائية أو التأديبية أو الإدارية بشأن ما وصفته بـ«الحادث المُقلق» الذي يتمثّل في «الفيديو المسرّب لأعمال حاطة بالكرامة الإنسانية والمهينة» التي مارسها عناصر من قوى الأمن الداخلي في ثكنة الحلو، علماً بأنها أرسلت كتابَي «طلب معلومات» الى كل من عثمان والمدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، طلبت فيهما الحصول على معلومات عن التحقيقات المتعلقة بحادثة الفيديو المسرّب، أو أي حادث آخر يتعلق بالتعرض للتعذيب أو أي ضرب من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو المهينة.


يُذكر أن ما يزيد على 20 شخصاً تقدّموا، منذ اندلاع الاحتجاجات، أمام القضاء اللبناني، بدعاوى شخصية حول مزاعم تعذيب ارتُكبت ضدهم أثناء التوقيف أو الحجز الاحتياطي، ما يستدعي التطبيق الفوري للمادة الرابعة من القانون 65/2017 التي عدلت في أصول تطبيق المادة 24 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.


لدى هؤلاء الحق في التعويض. هذا ما يقوله القانون، فيما تقول والدة عبد الرحمن إنها «تريد انتزاع حق ابنها من عيون من آذوه وآذونا». كيف؟ «نزل ابني ليأخذ حقه وحق إخوته. لا تعويض يُنصفنا غير حصولنا على حقنا في الكرامة». بحسب أم عبد الرحمن، هي «أمور لا تُشترى»! 

 

الأخبار 

عن WB