الرئيسية / سياسة / الموازنة تنتظر «الحساب».. وجهود لمنع تمدُّد الإشتباك

الموازنة تنتظر «الحساب».. وجهود لمنع تمدُّد الإشتباك

الثلاثاء 16 تموز 2019

مجلة وفاء wafaamagazine

على عكس التمنيات التي سبقت جلسة المناقشة بانعقاد مجلس الوزراء لإحالة مشروع قانون قطع الحساب للعام 2017 الى المجلس النيابي، فإنّ التعطيل ما زال مستحكماً بالحكومة، بما يقطع الأمل من انعقادها خلال هذا الاسبوع. فيما انصرفت الماكينات السياسية الى محاولة ابتداع مخارج وحلول، تمكّن المجلس من إقرار الموازنة، الّا انّ هذه المحاولات لم ترسُ بعد على حلّ يخترق الإنسداد السياسي القائم. 

تكثف الحراك الداخلي في الساعات الماضية على اكثر من خط. فرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ركّز على متابعة الشأن المالي والاقتصادي عبر اجتماع صباحي عقده امس في القصر الجمهوري، مع مستشاريه الماليين والإقتصاديين في حضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وخُصّص للبحث في التطورات المالية والإقتصادية من جوانبها المختلفة. كما تركّز البحث على نتائج التقارير الدولية التي صدرت عن البنك الدولي ومؤسستي “موديز” للتصنيف الدولي و”ستاندار اند بورز”. 

وبحسب معلومات “الجمهورية”، فإنّ عون يسعى الى إجراء مقاربة مالية دقيقة للأوضاع، ويرغب بأن يكون على بينة من الكثير من الأرقام والنِسب الخاصة بالدين العام وكيفية تخفيف كلفته ليُبنى على الشيء مقتضاه. وتضيف المعلومات، انّ مشاركة سلامة كانت بهدف البحث في بعض الأرقام المالية التي تعني مصرف لبنان وتحديداً البدائل المُحتملة لإمتناع المصارف عن الإكتتاب بالأحد عشر مليار دولار بفائدة 1%. وقد جرى البحث في حضور سلامة حول البدائل التي يمكن ان تدخل الى الخزينة وما كان متوقعاً من هذا الإكتتاب، الذي يبلغ مردوده في خفض كلفة الدين العام الى حدود الـ 1000 مليار ليرة لبنانية منه، بالإضافة الى ما يمكن ان تأتي به التعديلات المقترحة في المجلس وفي اجتماعات السراي المالية على ضريبة الـ2% على المستوردات من الخارج في ضوء الرفض لصيغة ضريبة الـ2% كما اقترحتها الحكومة في مشروعها الأساسي. 

عين التينة
في هذا الوقت، كان رئيس المجلس النيابي نبيه بري يواصل مساعيه لإنهاء ذيول حادثة قبرشمون، وعقد لقاءً في عين التينة وصفه بري بالايجابي جداً مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الذي جدّد انفتاحه على الحلول، فيما أمل رئيس المجلس ان تصل الجهود التي تُبذل الى الحلول المرجوة. 

وفُهم من الأجواء المحيطة بحركة الاتصالات، انّ الانفتاح الذي عبّر عنه جنبلاط يبدو اكثر اتساعاً من السابق، بمعنى استعداده القبول بمقترحات مقبولة من قِبل جميع الاطراف. وتشير هذه الاجواء الى وجود ما يشبه “أجندة” حلول، يجري العمل على إنضاجها، بما يبدّد اجواء الخلافات الحالية، ويمهّد بدوره الى إعادة اطلاق العجلة الحكومية، التي انتقد بري واقعها التعطيلي الحالي، واصفاً ذلك بأنّ الحكومة مضربة عن الاجتماع. 

الحريري
وكان لافتاً مساء امس، اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، عشية توجّه الاخير الى الولايات المتحدة الاميركية، فيما صدر عن الحريري موقف لافت للانتباه نهاراً حول موضوع ترسيم الحدود، حيث اكّد الالتزام بوضع خطة لتعزيز وتطوير قدرات لبنان البحرية، وإقرارها في مجلس الوزراء قبل 31 آب المقبل. 

الموازنة
وسط هذه الاجواء الملبّدة تنطلق جلسة مناقشة مشروع موازنة 2019 اليوم، واقترب عدد طالبي الكلام من النواب الستين نائباً. فيما تكثفت الاتصالات للانطلاق بجلسة هادئة سياسية والحؤول دون تأثرها بالاشتباك السياسي الذي اشعلته حادثة قبرشمون. 

واللافت، انّ مصير إقرار الموازنة لم يُحسم بعد، لعدم إحالة قطع حساب 2017 الى المجلس، ما يعني انّها كمن يسير فوق الالغام، فيما يتمّ التداول بمخرج يفيد بأن يمضي المجلس في جلسته الى النهاية ويقرّ الموازنة ويحيلها رئيس المجلس الى رئيس الجمهورية، الذي لا يوقّعها في انتظار ان تجتمع الحكومة وتحيل مشروع قطع الحساب الى المجلس ويقرّه. 

الّا انّ رئيس المجلس استغرب عدم انعقاد الحكومة وقال: “كل وزرائها يقولون بأنّهم مع انعقاد الحكومة، لكن لماذا لا يجتمعون لا اعرف. التعطيل يتحمّله الجميع ولا يجوز الاستمرار في إدارة البلد بـ”الريموت كونترول”. 

وعمّا اذا كان متفائلاً او متشائماً، قال: “المسألة ليست مسألة تفاؤل او تشاؤم، المسألة هي مسألة بلد، يجب ان تجتمع الحكومة، خصوصاً انّ هناك امراً ملحاً لانعقادها، وهو ان تحيل قطع حساب 2017 الى مجلس النواب”. 

وعمّا اذا كانت هناك محاولة لتكرار إقرار الموازنة بمعزل عن قطع الحساب كما حصل خلال إقرار موازنة 2018، قال: “لو كان الامر يتعلق بكل قطوع الحسابات، يمكن ان يكون هناك كلام، اما الآن فالحال مختلف لأنّ قطع حساب 2017 منجز وجاهز، ولا يحتاج سوى ان يحال الى المجلس”. 

وفيما اعلن “تكتل لبنان القوي” و”كتلة التحرير والتنمية” انّهما سيصوّتان مع الموازنة، اعلن “حزب الله” انّه سيسعى الى عدم تمرير المواد التي تطال الفئات الشعبية. فيما اعلن “اللقاء الديموقراطي” انه سيقدّم سلسلة اقتراحات لتعديل الموازنة. 

كنعان
وفي هذا السياق، اعلن رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان رفض اي تسوية مالية على حساب المال العام. 

وقال لـ”الجمهورية”: “المطروح في جلسة المناقشة ان تقوم الحكومة، بعد ان عجزت عن احالة قوانين قطعات الحسابات بطلب مهلة لا تتعدى 6 اشهر لإحالتها الى المجلس، وانجاز ديوان المحاسبة عمله بالتدقيق فيها واصدار نتيجة هذا التدقيق. وبذلك نكون قد تجنبنا الموافقة على حسابات غير مدققة، ما يعني عملياً، لو حصل ذلك، تسوية الحسابات على حساب القانون والمال العام”. 

وتمنّى ان “تكرّس الهيئة العامة، حق المجلس النيابي بالرقابة الجدية وبإجراء التعديلات الاصلاحية اللازمة كالتي قمنا بها في جلسات لجنة المال الـ 31 والتي تضمنت تدابير وتشريعات تُخضع المال العام اينما وجد للرقابة وللضوابط، ونظراً للوضع الاقتصادي والمالي الحساس نأمل ان تقتصر المواقف النيابية على مناقشة مالية واقتصادية بعيداً من المزايدات وتسجيل المواقف السياسية”. 

فرنجية
بدوره، اعلن رئيس كتلة تيار المردة النائب طوني فرنجية انّ الكتلة ستصوّت مع الموازنة وقال لـ”الجمهورية”: “وضع البلد محزن اقتصادياً، لا يحتاج فقط الى موازنة لانقاذه، بل يحتاج الى صدمة عند الناس لتجعلهم يتفائلون بإمكان انقاذ البلد، الاجراءات التي تُتخذ في الموازنة قد تكون جيدة شكلاً، انما هي ليست السبيل الجدّي الذي يمكن ان يعطي ثقة للناس وتجعلهم يشعرون بانقلاب وضعهم الصعب والسلبي الى الايجابي.، وفي اي حال نحن سنؤيّد الموازنة، مع تطلعنا الى خطوات اكثر جذرية وفعالية على طريق الانقاذ الحقيقي للبنان”. 

الصمد
ومن جهته، قال النائب جهاد الصمد لـ”الجمهورية”: “قمنا بعمل في لجنة المال والموازنة، وحتى هذا العمل لم يكن كافياً، باعتبار انّ هناك الكثير من ابواب ومزاريب الهدر لم تتم مقاربتها كما يجب”. وأضاف: “نحن نصوّت على موازنة، واحسم موقفي خلال الجلسة، علماً أن ما صدر عن لجنة المال ليس كافياً، ولم يبلغ انّ الموازنة ما هي سوى موازنة ارقام، وتجميلية فقط لا غير، وتتضمن مبالغة واضحة في تقدير الواردات. وهذا اول خطأ يعلّم الموازنة، وللعلم انهم بالغوا في تقدير واردات موازنة 2018 وكانت النتيجة بعكس ما قدّروا. اما مع الموازنة الحالية فيصح المثل القائل “رغيف كامل لا تقسم، ومقسوم ما تاكل وكول لا تشبع”. 

“القوات”
وقالت مصادر “القوات اللبنانية” لـ”الجمهورية”، “ان مداخلات نواب تكتل “الجمهورية القوية” مرتكزة على الموقف المفصّل الذي اعلنه الدكتور سمير جعجع في مؤتمره الصحافي، لجهة التأكيد انّ لا مبرر لعدم إقفال المعابر غير الشرعية وضبط التهريب والتهرّب الجمركي ووقف التوظيفات العشوائية، وإشراك القطاع الخاص مع القطاع العام في المرفأ والاتصالات والكهرباء وغيرها من القطاعات”. 

وبحسب المصادر، فإنه سيتم التأكيد أن الأزمة الاقتصادية أكبر مما يتصوره البعض، التعامل معها يتمّ وكأن البلد بخير. كذلك سيتم التأكيد على انّ تعطيل الحكومة يرتقي إلى مصاف الجريمة الوطنية في لحظة اقتصادية حرجة للغاية ولأسباب سياسية ضيّقة، وبالتالي ضرورة العودة إلى انتظام العمل المؤسساتي بعيداً من التعطيل الحزبي الضيِّق. وكذلك التشديد على الالتزام بسياسة النأي بالنفس في ظل صراع المحاور القائم والمصلحة اللبنانية العليا التي تستدعي حماية لبنان واللبنانيين بإبعادهم عن أتون الصراع القائم. 

رؤساء الحكومات
من جهة ثانية، دشّنت المملكة العربية السعودية معاودة استقبالاتها للقيادات والشخصيات اللبنانية المتوقفة منذ فترة طويلة باستقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز امس رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام. 

وعلمت “الجمهورية”، انّ قيادات لبنانية ستتقاطر في قابل الايام الى المملكة للقاء المسؤولين السعوديين، على وقع تزايد عدد المصطافين السعوديين في لبنان، والذين بلغ عددهم منذ مطلع السنة الى الآن نحو 45 الف شخص، حسبما نقل الرئيس نجيب ميقاتي عن السفير السعودي وليد النجاري، الذي قال انّ زيارة ميقاتي والسنيورة وسلام للمملكة “تحمل في طياتها ملامح مستقبل واعد لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين”. 

وإذ نقل رؤساء الحكومة السابقين في بيان لهم عن الملك السعودي، رغبته الصادقة بزيارة لبنان، قال ميقاتي، “قريباً هناك خطوات سعودية نحو الدولة اللبنانية تنسجم مع ما يتمناه كل لبناني مخلص”. واشار الى أنّ اجتماعاً للمجلس الاعلى للتنسيق اللبناني- السعودي، سيُعقد قريباً لتوقيع عشرين اتفاقية هي قيد الاعداد حاليا. 

مراد
الى ذلك، قال رئيس “حزب الاتحاد” النائب عبد الرحيم مراد لـ”الجمهورية”: “زيارة الرؤساء الثلاثة الى السعودية تندرج ضمن إطار “الزيارة العادية لتوطيد العلاقات اللبنانية – السعودية، واعادة تحريك الأمور”، مشيراً الى أنها جاءت نتيجة الاحباط الذي يعاني منه الشارع السنّي”. 

وأمل مراد أن تنعكس هذه الزيارة إيجاباً على الساحة اللبنانية عموما والسنّية خصوصا. 

سعيد
بدوره وصف رئيس “لقاء سيدة الجبل” الدكتور فارس سعيد زيارة الرؤساء بالمهمة لأنها جمعت رؤساء حكومات سابقين لهم أياد بيضاء في بناء الدولة والاستقرار في لبنان، وللتأكيد على المبادئ الأساسية التي قامت عليها الصداقة اللبنانية – السعودية”. 

وكشف سعيد لـ”الجمهورية”، عن اتصاله بأحد الرؤساء الذي أكّد، أنّ الأساس لدى المملكة هو تمسّك اللبنانيين بوثيقة الوفاق الوطني. فهي تعتبر أنّ الحفاظ على الدستور ضمانة بقاء لبنان في محيطه العربي، بحيث تسعى بعض الجماعات اللبنانية لنقله من محيطه العربي ووضعه في نفوذ دولة اقليمية غير عربية، ومن جهة ثانية التأكيد على بسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية من خلال قواها الشرعية. 

ورأى سعيد “أنّ الزيارة حصلت بالتنسيق مع الرئيس الحريري، وليست موجّهة أبداً ضدّه، بقدر ما هي سنداً له، انما المعروف بأنّ هؤلاء الرؤساء ليسوا اليوم في السلطة، وبالتالي هم محررون من التسوية التي تكبّل الحريري”. 

المصدر: الجمهورية

عن WB