الرئيسية / سياسة / رسائل نصرالله تغيّر معادلات الصراع: جيش العدو من الهجوم إلى التحصين

رسائل نصرالله تغيّر معادلات الصراع: جيش العدو من الهجوم إلى التحصين

الخميس 18 تموز 2019

مجلة وفاء Wafaamagazine

مرة أخرى، يكشف أداء قادة جيش العدو عن حجم حضور مفاعيل قدرات حزب الله في وعيهم وحساباتهم، وأن إرادة تفعيل تلك القدرات هي العامل الأساسي الذي يحضر على طاولة القرار لدى دراسة خياراتهم العملانية. وتعكس القرارات التحصينية لهذه القيادة، عن تسليم بالعجز عن منع استهداف جبهتها الداخلية من قبل المقاومة.

فبعد أيام على رسائل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، باستهداف العمق الاستراتيجي في سياق مواجهة أي عدوان إسرائيلي واسع، قررت قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي تحصين 20 موقعاً من الهجمات الصاروخية، تحسباً من إقدام حزب الله على استهدافها بصواريخ دقيقة.

بعد أقل من أسبوع على الرسائل التي وجهها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إلى العدو، بشأن قدرة المقاومة على الإضرار بعمق الكيان الإسرائيلي ومواقع الاستراتيجية، فيما لو شنّ عدواناً على لبنان، قررت قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي، تحصين 20 موقعاً استراتيجياً من الهجمات الصاروخية، تحسباً من إقدام حزب الله على استهدافها بصواريخ دقيقة، بحسب ما كشفت صحيفة هآرتس. يعكس هذا القرار، إلى جانب غيره من القرارات والخطوات، حجم التحول في معادلات الصراع مع إسرائيل. ويكشف عن سياسة تتبعها المؤسسة القيادية في تل أبيب، بهدف تكييف الجمهور الإسرائيلي مع محدودية قوة إسرائيل في مواجهة هذا النوع من المخاطر الصاروخية، وهو ما يمنحها هامشاً من المناورة كي يتفهم هذا الجمهور انكفاءها عن المبادرات العملانية، رغم تعاظم المخاطر. وبالمناسبة، ينبغي التذكير بحقيقة أنّ منشأ هذا التحول تعود جذوره الأساسية إلى نتائج حرب عام 2006، التي لم تقتصر نتائجها على فشل جيش العدو في تحقيق الحسم العسكري، بل أسست أيضاً، لبلورة معادلات إقليمية، من ضمنها تحويل الجبهة الداخلية إلى جبهة قتال حقيقية. وهنا بالذات يكمن أحد أهم أسرار انكفاء العدو ومردوعيته.


ينطوي قرار الجبهة الداخلية في جيش العدو على مجموعة من الرسائل المتصلة بالمبادئ العسكرية التي اعتمدها كيان العدو منذ خمسينيات القرن الماضي. استندت هذه المبادئ إلى ردع أعداء إسرائيل، وإلى قدرات إنذار متطورة تسمح لها باستشراف التهديدات، ومن ثم المبادرة إلى توجيه ضربات استباقية ووقائية، بهدف إحباط أيّ مساعٍ لبناء قدرات تهدد أمنها القومي، فضلاً عن إحباط أي خطوات عملانية ضدها.
في المقابل، تعكس هذه الإجراءات التحصينية تسليم قادة الجيش بمحدودية فعالية هذه المبادئ في مواجهة حزب الله. فهي تكشف عن عدم ركون صانع القرار في تل أبيب إلى فعالية منظومة الردع الإسرائيلية في ثني حزب الله عن خيار استخدام صواريخه في لحظة الاستحقاق. وهو ما عمّقته رسائل الأمين العام لحزب الله خلال مقابلته مع قناة «المنار» يوم الجمعة الماضي. وأوضحت بشكل غير مسبوق أن استهداف الصواريخ الثقيلة سيتركز على المنطقة التي تشكل العمود الفقري للكيان، على المستويين الاستراتيجي والاقتصادي.
خطورة هذه المعادلة، باتت أكثر حضوراً، في ظل إدراك حقيقة أن قدرات الإنذار المتطورة التي يتمتع بها جيش العدو، لم تعد تؤدي المهمة المأمولة منها، في مواجهة تكتيكات المقاومة التي حرمت العدو تثمير تفوقه التكنولوجي والعسكري. ونتيجة ذلك، تتعامل القيادة الإسرائيلية مع هذا المستجد على أنه من أهم تحدياتها.


على مستوى الخيارات، يؤكد الأداء الإسرائيلي على مستوى الجبهة الداخلية فشل الخيارات العدوانية الاستباقية التي لجأت إليها لمنع امتلاك حزب الله هذا المستوى من القدرات الذي يهدد العمق الاستراتيجي الإسرائيلي. والأهم أيضاً، أنها عكست تسليماً بفشل منظومة الاعتراض الصاروخي التي اعتمدتها كجزء من عِبَر حرب عام 2006. لكن إجراءات التحصين تحكي للجمهور الإسرائيلي حقيقة أن هذه المنظومات غير قادرة على حماية هذه المنشآت وغيرها.


في السياق نفسه، أطلقت إسرائيل على اجتياحها للبنان عام 1982، عنوان «عملية سلامة الجليل»، (حماية الجليل من صواريخ المقاومة الفلسطينية)، وأرادت بذلك التغطية على أهدافها الأخرى التوسعية والسياسية والاستراتيجية. في المعادلة القائمة الآن، تدرك إسرائيل أن كل الجليل والساحل وصحراء النقب تحت صواريخ حزب الله، ومع ذلك، لا تخفي عجزها وقلقها من مجرد التفكير في التوغل البري في جنوب لبنان. بل توصلت إلى قناعة مفادها أنّ أيّ اجتياح مفترض للجنوب اللبناني، سيتحول إلى تهديد استراتيجي للكيان، ولن يحمي عمقها الاستراتيجي، وهو ما يفسر انفكاءها عن تكرار مغامرتها العسكرية خلال الـ 13 عاماً.

ومن أبرز من عبّر عن هذه الحقيقة، قائد سلاح الجو الإسرائيلي السابق اللواء أمير ايشل (2012 – 2017) خلال مشاركته في مؤتمر هرتسيليا، بالقول إنه «حتى لو دخلنا في عملية برية استمرت أشهراً»، فإن حزب الله «لا يقصف إسرائيل من جنوب لبنان فقط. كل لبنان مسلح بصواريخ تصل إلى عمق دولة إسرائيل»، وهو ما يؤكد اجتماع شروط الردع والكلفة الباهظة والجدوى المعدومة، انطلاقاً من أن الصواريخ ستبقى تتساقط حتى آخر نقطة في فلسطين.


هكذا يتضح أنّ أداء قيادة جيش العدو مع الجبهة الداخلية يعكس حجم التحول الاستراتيجي الذي شهده الصراع مع إسرائيل. ومن أبرز معالمه، أن إسرائيل التي تمثل الدولة الإقليمية العظمى على مستوى القدرات التدميرية والتكنولوجية والعسكرية، والتي استندت عقيدتها العسكرية – من ضمن مبادئ أخرى – إلى مبدأ نقل المعركة إلى أراضي العدو وتدمير قدراته واحتلال أرضه. فإسرائيل هذه تجد نفسها مضطرة إلى تبني منظومة مفاهيم دفاعية، إيجابية (الاعتراض الصاروخي) وسلبية (التحصين في الداخل وعقبات طبيعية على الحدود) في مواجهة استراتيجية حزب الله بنقل المعركة إلى عمق كيان العدو.

في معادلات الصراع مع إسرائيل. ويكشف عن سياسة تتبعها المؤسسة القيادية في تل أبيب، بهدف تكييف الجمهور الإسرائيلي مع محدودية قوة إسرائيل في مواجهة هذا النوع من المخاطر الصاروخية، وهو ما يمنحها هامشاً من المناورة كي يتفهم هذا الجمهور انكفاءها عن المبادرات العملانية، رغم تعاظم المخاطر. وبالمناسبة، ينبغي التذكير بحقيقة أنّ منشأ هذا التحول تعود جذوره الأساسية إلى نتائج حرب عام 2006، التي لم تقتصر نتائجها على فشل جيش العدو في تحقيق الحسم العسكري، بل أسست أيضاً، لبلورة معادلات إقليمية، من ضمنها تحويل الجبهة الداخلية إلى جبهة قتال حقيقية. وهنا بالذات يكمن أحد أهم أسرار انكفاء العدو ومردوعيته.
ينطوي قرار الجبهة الداخلية في جيش العدو على مجموعة من الرسائل المتصلة بالمبادئ العسكرية التي اعتمدها كيان العدو منذ خمسينيات القرن الماضي. استندت هذه المبادئ إلى ردع أعداء إسرائيل، وإلى قدرات إنذار متطورة تسمح لها باستشراف التهديدات، ومن ثم المبادرة إلى توجيه ضربات استباقية ووقائية، بهدف إحباط أيّ مساعٍ لبناء قدرات تهدد أمنها القومي، فضلاً عن إحباط أي خطوات عملانية ضدها.


في المقابل، تعكس هذه الإجراءات التحصينية تسليم قادة الجيش بمحدودية فعالية هذه المبادئ في مواجهة حزب الله. فهي تكشف عن عدم ركون صانع القرار في تل أبيب إلى فعالية منظومة الردع الإسرائيلية في ثني حزب الله عن خيار استخدام صواريخه في لحظة الاستحقاق. وهو ما عمّقته رسائل الأمين العام لحزب الله خلال مقابلته مع قناة «المنار» يوم الجمعة الماضي. وأوضحت بشكل غير مسبوق أن استهداف الصواريخ الثقيلة سيتركز على المنطقة التي تشكل العمود الفقري للكيان، على المستويين الاستراتيجي والاقتصادي.


خطورة هذه المعادلة، باتت أكثر حضوراً، في ظل إدراك حقيقة أن قدرات الإنذار المتطورة التي يتمتع بها جيش العدو، لم تعد تؤدي المهمة المأمولة منها، في مواجهة تكتيكات المقاومة التي حرمت العدو تثمير تفوقه التكنولوجي والعسكري. ونتيجة ذلك، تتعامل القيادة الإسرائيلية مع هذا المستجد على أنه من أهم تحدياتها.


على مستوى الخيارات، يؤكد الأداء الإسرائيلي على مستوى الجبهة الداخلية فشل الخيارات العدوانية الاستباقية التي لجأت إليها لمنع امتلاك حزب الله هذا المستوى من القدرات الذي يهدد العمق الاستراتيجي الإسرائيلي. والأهم أيضاً، أنها عكست تسليماً بفشل منظومة الاعتراض الصاروخي التي اعتمدتها كجزء من عِبَر حرب عام 2006. لكن إجراءات التحصين تحكي للجمهور الإسرائيلي حقيقة أن هذه المنظومات غير قادرة على حماية هذه المنشآت وغيرها.
في السياق نفسه، أطلقت إسرائيل على اجتياحها للبنان عام 1982، عنوان «عملية سلامة الجليل»، (حماية الجليل من صواريخ المقاومة الفلسطينية)، وأرادت بذلك التغطية على أهدافها الأخرى التوسعية والسياسية والاستراتيجية. في المعادلة القائمة الآن، تدرك إسرائيل أن كل الجليل والساحل وصحراء النقب تحت صواريخ حزب الله، ومع ذلك، لا تخفي عجزها وقلقها من مجرد التفكير في التوغل البري في جنوب لبنان. بل توصلت إلى قناعة مفادها أنّ أيّ اجتياح مفترض للجنوب اللبناني، سيتحول إلى تهديد استراتيجي للكيان، ولن يحمي عمقها الاستراتيجي، وهو ما يفسر انفكاءها عن تكرار مغامرتها العسكرية خلال الـ 13 عاماً. ومن أبرز من عبّر عن هذه الحقيقة، قائد سلاح الجو الإسرائيلي السابق اللواء أمير ايشل (2012 – 2017) خلال مشاركته في مؤتمر هرتسيليا، بالقول إنه «حتى لو دخلنا في عملية برية استمرت أشهراً»، فإن حزب الله «لا يقصف إسرائيل من جنوب لبنان فقط. كل لبنان مسلح بصواريخ تصل إلى عمق دولة إسرائيل»، وهو ما يؤكد اجتماع شروط الردع والكلفة الباهظة والجدوى المعدومة، انطلاقاً من أن الصواريخ ستبقى تتساقط حتى آخر نقطة في فلسطين.


هكذا يتضح أنّ أداء قيادة جيش العدو مع الجبهة الداخلية يعكس حجم التحول الاستراتيجي الذي شهده الصراع مع إسرائيل. ومن أبرز معالمه، أن إسرائيل التي تمثل الدولة الإقليمية العظمى على مستوى القدرات التدميرية والتكنولوجية والعسكرية، والتي استندت عقيدتها العسكرية – من ضمن مبادئ أخرى – إلى مبدأ نقل المعركة إلى أراضي العدو وتدمير قدراته واحتلال أرضه. فإسرائيل هذه تجد نفسها مضطرة إلى تبني منظومة مفاهيم دفاعية، إيجابية (الاعتراض الصاروخي) وسلبية (التحصين في الداخل وعقبات طبيعية على الحدود) في مواجهة استراتيجية حزب الله بنقل المعركة إلى عمق كيان العدو.

المصدر: جريدة الاخبار

عن H.A