الرئيسية / سياسة / الجمهورية : تفاؤل بحكومة “خلال أيام”

الجمهورية : تفاؤل بحكومة “خلال أيام”

 

جاء في الجمهورية

توحي الاجواء المحيطة بالملف الحكومي، بأنّ الساعات الاخيرة أضافت جرعة تفاؤل في إمكان بلوغه خواتيم ايجابية في وقت قريب. وثمة حديث في أجواء «بيت الوسط» عن أنّ المناخ الايجابي، إن كتب له أن يكمل بالروحية الايجابية السائدة حالياً، قد يؤدي الى ولادة الحكومة قبل نهاية الاسبوع.
تشير المعلومات المتوافرة حتى الآن الى انّ الاتصالات الجارية، التي كان منها الاجتماع أمس بين رئيس مجلس النواب نبيه بري مع الرئيس المكلف سعد الحريري واجتماع الاخير مع الوزير جبران باسيل امس الاول، لا تؤشّر الى حصول تقدم فعلي، إنما تشكّل محاولة جسّ نبض لمعرفة مدى تجاوب الاطراف المعنية بالتعقيد مع تسويات جديدة تُطرح.
وأكدت المعلومات انّ المحاولة الجديدة للتأليف تصطدم بحواجز خارجية عدة، خصوصاً بعد ارتفاع اللهجة الاسرائيلية والأميركية ضد ايران، علماً انّ كلّاً من وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية السفير ديفيد هيل، الذي زار بيروت الاسبوع الماضي وقائد القيادة الوسطى الاميركية الجنرال جوزف فوتيل، حملا الى لبنان رسائل واضحة حيال ضرورة الحد من نفوذ «حزب الله» في مؤسسات الدولة اللبنانية وفي طليعتها الحكومة.
وبالتالي، فإنّ لبنان غير قادر ولاسباب اقتصادية ان يتخطّى الشروط الاميركية المتعلقة بـ«حزب الله» لأنها تشمل مساعدات للوزارات ومن بينها وزارة الصحة ووزارة المال ومساعدات للجيش اللبناني، لاسيما انّ المعلومات الاخيرة تشير الى انّ الولايات المتحدة عازمة على توسيع نطاق العقوبات واضافة اشخاص ينتمون ليس الى «حزب الله» فقط، إنما الى البيئة الحاضنة والبيئة المتحالفة مع الحزب.
وبالتالي، فإنّ المعنيين بالتأليف ليسوا قادرين على تخطّي هذا الامر الا اذا تنازل الحزب عن بعض شروطه، سواء بالنسبة الى نوعية تمثيل «اللقاء التشاوري» السني او بالنسبة الى الحقائب التي يمكن ان يتولاها هو او حلفاؤه.
جرعة تفاؤل
وفيما ينتظر ان يزور الحريري القصر الجمهوري قريبا لوضع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في صورة المشاورات التي يجريها علانية أو بعيداً من الاضواء، تبدو الصورة في عين التينة، في حال ترقب إيجابي، تبعاً لجرعة التفاؤل العالية التي أشاعها الرئيس المكلف خلال لقائه امس بري، حيث ابلغ إليه أنه في صدد الذهاب الى تشكيل حكومة «في وقت قريب جداً»، اي في فترة اسبوع على الأكثر.
ومن هنا جاءت مبادرة بري الى الحديث عن وعد تلقّاه من الرئيس المكلف لحسم مسألة التأليف.
واللافت انّ بري تقصّد الافصاح عن جدول اعمال حركة المشاورات التي بدأها الحريري، واكتفى بالقول: «اللقاء مع الرئيس المكلف (الذي استمر لنحو 35 دقيقة) كان ايجابياً، واستطيع ان اقول انني لمست جدية واضحة لديه في العمل على تأليف الحكومة خلال اسبوع، او ربما اقل من ذلك، وإن شاء الله نصل الى ايجابيات قريبة».
وعندما سئل بري عمّا اذا كان الاتفاق على حكومة قريبة، معناه انه لن يكون هناك خلاف على البيان الوزاري، قال بري: «المهم أن ننتهي من الحكومة أولاً، أما بالنسبة الى البيان الوزاري فلا اعتقد انّ هناك أي مشكلة، وان قدّر لنا ان نستعين بسيبويه لنخرج بصيغة بيان وزاري، فلن نتأخر، اعتقد أنه لا توجد مشكلة».
«إستعينوا بالكتمان»
وفي انتظار استكمال الحريري مشاوراته، يبدو التكتم هو سيّد الموقف، وذلك لكي لا يتعرّض المسعى الحالي لأي تشويش او مداخلات تساهم في خلق مطبّات او تعقيدات، على حد قول مصادر معنية بهذه المشاورات، اكتفت بالقول لـ«الجمهورية»: «واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان، لكن كما هو واضح فإنّ العمل جار على اخراج صيغة حكومية متّفق عليها بين الجميع، بالاستفادة من كل مطبّات وتعقيدات المرحلة السابقة التي أضاعت 8 اشهر من عمر البلد، وبالتالي صار من الضروري والملحّ أن نكتفي بهذا الوقت الضائع وننتقل بالبلد الى مرحلة حكومية جديدة تنهض به».
اما لماذا العودة الى التفاؤل، بعد فترة الاشهر الضائعة التي حكمها التشاؤم والتعطيل، فتجيب المصادر: «انّ جميع اطراف الملف الحكومي وصلوا الى طريق مسدود، وكشفوا أوراقهم كلها على طاولة التأليف، وكلها اوراق متصادمة بعضها مع بعض، ومناقضة، او بمعنى أدق ناسفة بعضها لبعض».
واكدت «انّ بلوغ التوافق بالطريقة التي اعتمدت منذ تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيلها في ايار الماضي، هو ضرب من المستحيل، وابقاء هذه الاوراق على الطاولة معناه ان لا حكومة على الاطلاق».
ولاحظت المصادر تزامن التفاؤل الذي يعبّر عنه الحريري مع اللقاء الذي عقده امس الاول مع باسيل، وقالت انه ما كان ليعبّر عن هذا التفاؤل لو لم يكن قد لمس ايجابيات نوعية من باسيل، الّا أنّ ماهية هذه الايجابيات لم تتضِح نظراً الى الكتمان المطبق حول ما يدور من أحاديث ويُتبادل من افكار جدية.
وفيما يبدو من الاجواء المحيطة بحركة المشاورات انّ صيغة الحكومة الثلاثينية هي الاوفر حظاً في أن تعتمد في الحكومة الجديدة، أعربت مصادر متابعة للملف الحكومي، عبر «الجمهورية»، عن خشيتها من ان تكون جرعة التفاؤل الجديدة تشبه سابقاتها التي ظهرت اكثر من مرة على خط التأليف وفي فترات متفاوتة، وثبت في النهاية أنها فارغة وبلا أي معنى، ولا تستند الى أسس متينة.
أسئلة واجوبة
ولفتت هذه المصادر الى انّ الايجابية لتكتمل، ينبغي اولاً الاجابة عن اسئلة مرتبطة بمسار التأليف:
– هل تراجع فريق رئيس الجمهورية عن «الثلث المعطّل» وقبِل بحصّة وزارية من 10 وزراء بدلاً من 11 وزيراً؟ مع الاشارة هنا الى انّ باسيل كان حتى الامس القريب، يؤكد الرفض المطلق للتنازل عن هذا الثلث بوصفه «الحق الطبيعي» للتيار وكذلك لرئيس الجمهورية؟
– هل قرر الرئيس المكلف التنازل عن وزير سني من حصته؟ علماً انّ الحريري حاسم في رفضه هذا الأمر، وما زال يؤكد أن هذا التنازل غير وارد بالنسبة اليه، وان موافقته على هذا الأمر وكأنه يوافق على محاولة كسره وإضعافه.
– طالما حسم مبدأ تمثيل «اللقاء التشاوري» في الحكومة، هل سيتمثّل بوزير من نوابه الستة، او من بين الاسماء الثلاثة التي طرحها، أو عبر شخصية رابعة يجري البحث عنها؟ وتبدو هذه الشخصية الرابعة هي المرشحة لأنها اكثر حظاً من غيرها، فهل حسم موقع هذا الوزير الذي سيدخل الى الحكومة على جسر «اللقاء التشاوري»، بأن يكون ممثلاً حصرياً له؟ ام انه سيكون من حصة رئيس الجمهورية؟ علماً انّ اوساط «اللقاء» ما زالت تؤكد ان «لا احد يدخل الى الحكومة باسمه ويمثّل غيره».
– هل قرر الثنائي الشيعي ان يحمل «اللقاء التشاوري» على التنازل عن موقفه والقبول بشخصية تسمّى باسمه، وتكون من حصة رئيس الجمهورية؟ والواضح هنا انّ الجواب هو النفي لأنّ الثنائي ما يزال ملتزماً الموقف الذي أعلنه بحيث انه يقبل ما يقبله «اللقاء التشاوري» ويرفض ما يرفضه، اضافة الى انّ بري ما زال يؤكد انّ هناك مخرجاً وحيداً للعقدة الحكومية وهو أن يتم توزير «اللقاء التشاوري» بوزير يمثّله حصراً عبر نوابه أو أحد الاسماء الثلاثة التي اقترحها.
وبحسب المصادر المتابعة، فإن الاجواء التفاؤلية التي شاعت في الساعات الماضية لم تلحظ اي تبدّل نوعي حيال هذه الامور، او ليونة جدية لدى الاطراف المعنيين بها، وهذا معناه انّ حركة الحريري امام مهمة صعبة في تفكيك الالغام الماثلة في طريقه، إلّا اذا كان هناك أمر غير مرئي حتى الآن، يجعل الحريري واثقاً في استيلاد الحكومة خلال ايام، ويعني ذلك انه امام فرصة جديدة وشديدة الحساسية، قد يعتبر نجاحها إنقاذياً للحكومة، إلّا انّ فشلها أسوة بما سبقها، فمعناه الدخول في مشكلة كبرى وتصبح الحكومة فعلاً في خبر كان.
وقَلّلت مصادر متابعة مطّلعة على حركة المشاورات من منسوب التفاؤل الذي عاد وخَيّم على اجواء التأليف، وقالت لـ«الجمهورية»: «اذا كان من تطور ايجابي فهو عودة انحصار الحلول بطرح وحيد وليس بأفكار فضفاضة، حيث سقطت كل طروحات توسعة الحكومة ولم يعد هناك سوى «فتوى» لتمثيل «اللقاء التشاوري» من حصة رئيس الجمهورية، فيتنازل كل فريق عن الشروط التعجيزية ويلتقي الجميع في منتصف الطريق، اما ان لا يلزم وزير «التشاوري» بحضور اجتماعات الطرفين، واما ان يُترك له الخيار حسب الملف ودعوته الى المشاركة في اجتماعات التشاوري أو باجتماعات تكتل «لبنان القوي»، على ان يتم الاختيار من الاسماء الثلاثة التي قدّمها «التشاوري».

عن WB