الرئيسية / سياسة / أولويّة ما بعد بعبدا ترميم مصالحة الجبل

أولويّة ما بعد بعبدا ترميم مصالحة الجبل

الأربعاء 14 آب 2019

مجلة وفاء wafaamagazine

مع ان الاسبوع الجاري محكوم أساساً بالجمود السياسي نظراً الى عطلتي عيدي الاضحى وانتقال السيدة العذراء ‏وغياب رئيس الوزراء سعد الحريري عن البلاد في زيارة لواشنطن، فإن الاجواء التي أعقبت “لقاء المصارحة ‏والمصالحة” في قصر بعبدا الجمعة الماضي بقيت في صدارة المشهد الداخلي، علماً ان الاهتمام بهذا التطور توزع في ‏اتجاهين معاكسين سواء لجهة الترحيب به والاستعداد لتثبيته بخطوات اضافية في الفترة المقبلة، أو لجهة التشكيك في ‏ديمومة الأجواء الإيجابية فترة طويلة‎.‎
‎ ‎
ولكن، قبل تبين برمجة الأولويات التي يمليها التزام ما اتفق عليه سياسياً ومالياً في اجتماعي قصر بعبدا الجمعة، ‏ترصد الأوساط الرسمية والديبلوماسية والسياسية بدقة الأجواء التي ستواكب لقاءات الرئيس الحريري في واشنطن ‏يومي الخميس والجمعة، علماً ان لقاءه المنتظر مع وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو قد حدد غداً الخميس. ولعل ‏اللافت في الرصد الجاري لزيارة الحريري انه يعكس اهتماماً داخلياً لبنانياً متعدد
‎ ‎
الاتجاه بناء على تقديرات وتوقعات تتصل بما تردد عن اتجاهات حازمة سيبلغها المسؤولون الاميركيون الى رئيس ‏الوزراء. لكن مصادر معنية بالزيارة قالت لـ”النهار” انه بات معلوماً ان الزيارة كانت اساسا زيارة خاصة لرئيس ‏الوزراء وليست زيارة رسمية، لكن المسؤولين الاميركيين المعنيين أظهروا رغبة مماثلة في حصول بعض اللقاءات ‏التي طلبها الحريري على هامش زيارته الامر الذي يشكل مؤشراً مهماً وايجابياً لقابلية واشنطن لسماع آراء رئيس ‏الوزراء ووجهات نظره من ملفات وقضايا حساسة مثل ملف العقوبات الاميركية على “حزب الله” وموقف الحكومة ‏منه والامتعاض الأميركي من عدم تشدد الحكومة على النحو الذي تريده واشنطن بلوغاً الى الفصل التام بين سياسات ‏الحكومة وواقع الحزب‎.‎
‎ ‎
ومع ذلك ترى المصادر ان استباق محادثات الحريري مع المسؤولين الاميركيين لا يبدو أمراً موضوعياً باعتبار ان ‏النقاش سيكشف توجهات قد تكون مختلفة عما تناولته آخر اللقاءات اللبنانية – الأميركية المباشرة سواء في موضوع ‏‏”حزب الله”، أو في مسائل تتصل بالواقع الاقتصادي والمصرفي أو في الالتزامات الاميركية حيال تجهيز الجيش ومده ‏بالمساعدات العسكرية والتسليحية. وأشارت الى انه، الى لقاء الحريري وبومبيو الذي سيشكل مناسبة لمراجعة ‏العلاقات الثنائية والملفات ذات الحساسية الكبيرة، سيعقد الحريري لقاءات أخرى مع أعضاء بارزين في وزارتي ‏الخارجية والخزانة الاميركيتين أبرزهم المساعد الجديد لوزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر ‏والذي سيتولى ملف ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان واسرائيل الذي كان يتولاه المساعد السابق ديفيد ساترفيلد ‏الذي عين سفيرا لبلاده في تركيا. ويشار الى ان الحريري كان التقى اول من امس مساعد وزير الخزانة الاميركية ‏لشؤون مكافحة تمويل الارهاب مارشال بيلينغسلي‎.‎
أولويات جديدة
‎ ‎
أما على الصعيد الداخلي، فإذا كانت معالم تجدد ازمة النفايات في الشمال وبيروت ستدهم الحكومة مجدداً مع جملة ‏ملفات خدماتية لم تعد تحتمل التسويف والتأجيل، فإن ذلك لن يحجب الانظار عن التحديات التي تواجه المعنيين في ‏تحصين مصالحة بعبدا واظهار الجدية الكافية لمنع حصول اختراقات وانتهاكات جوهرية لمناخ هذه المصالحة من ‏شأنها أن تعيد تعكير الاجواء الداخلية وتتسبب بانتكاسات مؤذية‎.‎


ويبدو ان الأولوية الاساسية التي سيتعين على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، خصوصاً الاهتمام بها، هي اعادة ‏ترميم مصالحة الجبل التي أصيبت بأضرار كادت تكون بالغة الخطورة بفعل التوترات الساخنة بين “التيار الوطني ‏الحر” و”الحزب التقدمي الاشتراكي”. وتبين في هذا السياق ان التصريحات التي أطلقها وزير الدفاع الياس بو صعب ‏في أكثر من مناسبة بعد لقاء بعبدا خلّفت تداعيات سلبية لدى الاشتراكي، وإن يكن نواب الحزب ووزراؤه ومسوؤولوه ‏التزموا تعليمات رئيس الحزب وليد جنبلاط بعدم التعليق والرد حفاظاً على الأجواء التي سادت بعد لقاء بعبدا. بل ان ‏معلومات توافرت لـ”النهار” عن استعدادات للحزب التقدمي الاشتراكي لأقامة استقبال للرئيس عون الجمعة المقبل في ‏قصر بيت الدين الذي سينتقل إليه لبعض الوقت كمقرصيفي لرئاسة الجمهورية. وسيشارك في الاستقبال نواب الحزب ‏ووزراؤه وأركانه وفاعليات المنطقة من رؤساء بلديات ومخاتير ووجوه اجتماعية‎.‎
‎ ‎
وكانت معلومات تحدثت عن زيارة قريبة يقوم بها رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع للمختارة في وقت ‏قريب يراد منها توجيه رسالة سياسية واضحة الى الحلفاء والخصوم والى سكان الجبل من المسيحيين والدروز، عن ‏تمسك “القوات” بنهج المصالحة والتعايش الذي لا عودة فيه الى الوراء. وفيما يرتقب ان يزور جعجع المختارة وبيت ‏الدين ودارة النائب جورج عدوان في دير القمر، ذكر ان جعجع سيشدد على ان العودة المسيحية الى الجبل تمّت ‏وسيعيد التأكيد ان ثمة اختلافات في البلاد وهي ليست محصورة فقط في الجبل ولا تطال مكوّناته، بل طبيعتها ‏‏”سياسية” و”استراتيجية” لا “مذهبية أو طائفية‎”.‎
‎ ‎
البطريرك والحسن
‎ ‎
الى ذلك، كان كلام البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي العالي النبرة عن ممارسات لشعبة ‏المعلومات حيال الموقوفين من فئة واحدة محور لقائه أمس في الديمان ووزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن‎.‎
‎ ‎
وأوضحت الحسن أن الزيارة كانت لاستيضاحه السبب الذي دفعه الى إطلاق النداء عن ممارسات شعبة المعلومات ‏حيال الموقوفين “وقد أكدت له ان الشعبة لا تقوم بأي استهداف لأي طائفة، وانا أجزم بذلك ومتأكدة منه، ونحن نعمل ‏بكل شفافية وحرفية وأتحدث عن نفسي كوزيرة للداخلية، لأن عملنا لا يصب ضد أي فئة. ومن جهة ثانية، فقد سلمته ‏بعض التقارير والقرائن بأن الموقوفين لدينا لا يتعرضون لأي نوع من التعذيب والتنكيل. وكان لغبطته بعض ‏الهواجس، فأعلنت له أنني مستعدة في أي وقت اذا كان لديه بعض الهواجس أو الاستفسارات، أن أكون على تواصل ‏معه ليكون على بينة من كل الأمور. وشعبة المعلومات تقوم بعمليات استباقية كبيرة ونرى نتائجها على الارض ‏ونرى كيف ان الامن مستتب‎”.‎
‎ ‎
وأضافت: “ما من أحد معصوم عن الخطأ، ولكن في الوقت نفسه علينا ألا نقحم الأجهزة الأمنية في أي مناكفات ‏سياسية لأنها تضر بسمعتها وبسمعة لبنان. ومن الضروري ان نحيّد الأجهزة الأمنية والقضائية عن المناكفات ‏السياسية، ويجب ألا تتعرض لاي حملة لانها تضر بنا كلبنانيين، مسلمين ومسيحيين‎”.‎

المصدر: النهار

عن WB