الرئيسية / سياسة / قرارات السلطة تستفز “الساحات”.. وتشكيك بقدرتها على التطبيق

قرارات السلطة تستفز “الساحات”.. وتشكيك بقدرتها على التطبيق

الثلاثاء 22 تشرين الأول 2019

مجلة وفاء wafaamagazine

انقضت مهلة الـ72 ساعة التي حدّدها رئيس الحكومة سعد الحريري، ويبدو انّه تلقى تجاوباً ممن سمّاهم شركاءه في التسوية وفي الحكومة، امكن من خلاله الوصول الى ما وصلت اليه الحكومة امس، لناحية اقرار مشروع موازنة 2020 بصفر عجز، واحالته الى المجلس النيابي ضمن المهلة الدستورية للمرّة الاولى منذ سنوات طويلة، وايضاً لناحية توافق المكونات السياسية داخل الحكومة على ما سُميّت «ورقة اصلاحية»، لمعالجة الازمة الاقتصادية والمالية. والغاية الاساس منها حالياً، هو احتواء الشارع الذي افلت من يد السلطة، وبدأ يفرض ارادته وخياراته عليها. الّا انّ هذه الورقة، لم تلقَ صدى ايجابياً لدى المحتجين في الساحات، وتبدّى ذلك من خلال المناخ الاعتراضي الذي لفّ كلّ نقاط تجمعاتهم، وهو امر يوحي انّ بقاءهم في الشارع ليس محدّداً بسقف زمني، وقد لفت في هذا السياق الاتصال الذي اجراه رئيس الحكومة بقائد الجيش، وشدّد خلاله على وجوب حماية المتظاهرين وعدم السماح بالمساس بأي منهم، مع التأكيد على وجوب فتح الطرقات إفساحاً في المجال أمام حرّية تنقل المواطنين في كل المناطق وتأمين الخدمات الصحية والمعيشية.

الواضح انّ هذه الورقة المسمّاة اصلاحية، جاءت كنتيجة سريعة لضغط الاحتجاجات في الشارع، التي فرضت هذه الصحوة المتأخّرة من قِبل السلطة، ولكن ثمة تساؤلات احاطت فيها:

– لماذا انتظرت السلطة الى اليوم لكي تصل الى مثل هذه الورقة، طالما انّه كان في امكانها الوصول اليها قبل الآن، وعلى البارد، قبل ان تضطر الى اتخاذها على الساخن وتحت ضغط الشارع، الم تكن لتوفّر على البلد الخضة السياسية والاقتصادية والشعبية التي حصلت، وما زالت تتفاعل؟

– هل هي خطوة جدّية، وهل ما أُمكن الوصول اليه لناحية اقرار هذه الورقة المسمّاة اصلاحية، محصّن سياسياً وحكومياً، ام انّ هناك جهات سياسية وحكومية ما زالت ترفض او تتحفّظ على المسار الحكومي؟

– هل انّ الورقة المسمّاة اصلاحية هي اصلاحية بالفعل؟ وهل تحاكي فعلاً مطالب المحتجين؟ أم أنّها مجرّد إبرة مخّدرة لتسكين وجع الناس، وصنّارة لاصطياد مطالبهم وتمييعها؟

– هل انّ ما أُدرج في هذه الورقة من بنود قابل فعلاً للتطبيق من دون معوقات، كتلك التي اعتادت السلطة على وضعها أمام بنود عادية ومواضيع بسيطة واقل اهمية من ايّ من البنود التي أُدرجت في الورقة الاصلاحية؟

– لقد ثبّت تحرّك الأيام الماضية للحشود الشعبية، امراً اساسياً، وهو انّ الثقة منعدمة بالطبقة الحاكمة، فهل تستطيع هذه الورقة المسمّاة اصلاحية بناء الثقة بين هذه الطبقة والناس؟

– قد تبدو السلطة امس، وكأنّها حسمت خيارها نحو التوجّه الى عمل يعيد تصويب المسار نحو المعالجالت المطلوبة، او الحد الادنى منها، ولكن هل هذا التوجّه سيلقى استجابة لدى الفئات الشعبية التي ترفض الحلول الترقيعية، ورفعت سقف مطالبها الى حدّ اسقاط كل الطبقة الحاكمة بكل مستوياتها؟

– واضح انّ السلطة لم تستطع ان تسوّق حلّها لدى المحتجين في الساحات اللبنانية، وما قدّمته لهم من حلول لا يرقى الى مستوى ما ينادون به، فماذا لو اصرّ المحتجون على البقاء في الشارع، مع ما يرافقه من تحرّكات وقطع طرقات؟ وهل يتحمّل البلد مزيداً من التعطيل، ومزيدًا من شلّ الحركة فيه؟

– ماذا لو اصرّ المحتجون على اسقاط الطبقة الحاكمة، وفي مقدّمها الحكومة؟ والسؤال الكبير، هل انّ اسقاط هذه الطبقة الحاكمة ممكن في دولة كلبنان، وهل ثمة من يملك اصلاً قدرة على اسقاط هذه الطبقة؟

– ولنفرض ان سقطت الحكومة، فهل ثمة من يملك صورة عمّا بعد هذا السقوط، وإلامَ قد يؤدي اليه هذا السقوط؛ هل نحو الحل الذي يحلم به المحتجون، ام نحو وضع مجهول مفتوح على تعقيدات واحتمالات ليس اقلّها الفوضى في شتى المجالات؟ وفي ظل هذا الوضع المجهول اي بلد سيبقى، وهل ستبقى سلطة؟

لا تجاوب

لقد قالت السلطة كلمتها بالامس، علّها تلقى استجابة من قِبل المحتجين، وبدا في الحل الذي طرحته انّها قدّمت اقصى ما يمكن لها ان تقدّمه، امام السقف العالي من المطالب الشعبية التي تمحورت في اساسها حول هدف وحيد، هو انزال كل الطبقة الحاكمة من عروشها وقيام سلطة بديلة تحظى بثقة الناس وتقودهم في الاتجاه المعاكس لكل المسار الانحداري الذي قادتهم اليه السلطة الحاكمة على مدى سنوات طويلة.

واذا كان رئيس الحكومة سعد الحريري، خلال تلاوته لورقة الحل بعد جلسة مجلس الوزراء في بعبدا أمس، قد سعى بشكل واضح الى استرضاء المحتجين عبر تفهّمه لمطالبهم واسباب تحرّكهم، وكذلك عبر تضمين ورقة الحل تلك، ما يشبه «النقد الذاتي»، ومحاولاً تقديم حكومته في موقع العازم على العمل وفق سلة العلاجات المحدّدة في الورقة الاصلاحية التي قدّمها واقرّها مجلس الوزراء، الّا انّ كل ذلك لم يلق آذاناً صاغية لدى فئات المحتجين، الذين رفضوا الحل المطروح واصرّوا على البقاء في الشارع حتى تحقيق هدف اسقاط السلطة ورموزها.

وعلى الرغم من التوصيف الذي اطلقته أوساط رئيس الحكومة حول ما انتهت اليه جلسة مجلس الوزراء، بأنّها «قرارات نوعية وجريئة، من شأنها ان تضع الازمة الاقتصادية على مسار المعالجة الجذرية»، وهذا ما وافقها عليه خبراء اقتصاديون، الذين وصفوا بعض القرارات بأنّها تتسم بالجرأة والاهمية البالغة، إلاّ أنّ هؤلاء الخبراء سجّلوا على الحكومة انّها أبقت الأمور على عماها، ولم تُقرن ما قرّره مجلس الوزراء بما يوضح القرارات واهميتها، وما يمكن ان يتأتى من نتائج وايجابيات على الاقتصاد. فعلى الاقل كان يجب شرحها بشكل مفصّل لتصل الصورة واضحة امام المحتجين المتجمعين في الساحات.

الى ذلك، فما بين المشهد الحكومي والقرارات التي تمّ الاتفاق عليها في مجلس الوزراء، وبين المحتجين الذين يملأون الساحات، تبقى الصورة مشوبة بشيء من الغموض. وثمة من يرى انّ الساعات الثماني والاربعين المقبلة، فرصة لكي يتحدّد فيها مسار الأمور، وهي فرصة بالدرجة الاولى لفئات المحتجين لفهم تلك القرارات واهميتها، وقياس ما اذا كانت هذه القرارات ملبية لما يطالبون به، او انّها خلاف ذلك. وفي ضوء ذلك يبنى على الشيء مقتضاه.

قراءة اولية

وكان الرئيس الحريري، وقبل نهاية مهلة الـ72 ساعة، قد حرص بعد جلسة مجلس الوزراء على الاعلان بنفسه عن بعض الاجراءات، قبل تلاوة البيان الرسمي الذي تضمّن «الورقة الانقاذية» المكونة من 24 بنداً.

وفي قراءة اولية للمقررات، والتي لم تُقنع المواطنين المتمترسين في الساحات والشوارع، بدا انّها غير مُقنعة ايضاً للاقتصاديين. فقد رأى كبير الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد التمويل الدولي (INSTITUTE OF INTERNATIONAL FINANCE IIF)، غاربيس إيراديان، «انّ المحتجّين في الشارع لن يكونوا راضين عن الورقة الاصلاحية التي اقرّتها الحكومة، كما انّ الجهات المانحة في «سيدر»، كالبنك الدولي والبنك الاوروبي للاستثمار والدول المشاركة لن تكون ايضاً راضية، لأنّها تطالب بإصلاحات هيكلية». واعتبر ايراديان، انّ نقطة ضعف الاجراءات المتخذة انّها «لمرّة واحدة، وايراداتها ضمن الموازنة ستتأتى مرّة واحدة فقط، لذلك اتساءل من اين سيتمّ تعويض هذه الايرادات في الاعوام اللاحقة 2021 و2022 لخفض نسبة العجز؟».

في الموازاة، بدت النقطة الايجابية الرئيسة في المقررات، تلك المتعلقة بخفض عجز موازنة 2020 الى 0,63%، وهي نسبة ممتازة تعطي اشارات مشجعة للاسواق المالية. لكن نقطة الضعف فيها ايضاً، انّها تستند الى المصارف بشكل كامل لتأمين هذا الامر. والسؤال الاول المطروح، هل ضَمَن الحريري موافقة المصارف على هذه المساهمة، في حين انّ مسألة الاكتتاب بـ11 الف مليار ليرة في موازنة 2019 لا تزال عالقة، ولم تُنفّذ؟

والسؤال الثاني: هل تستطيع المصارف بالوضع الحالي ان تتحمّل هذه المساهمة شبه القسرية، بقيمة 3 مليارات دولار، تُضاف اليها حوالى 400 مليون دولار، بما يعني 3 مليارات و400 مليون دولار في عام واحد؟ ومن المعروف انّ المصارف المتوسطة والصغيرة قد لا تكون قادرة على المساهمة، فهل تتحمّل المصارف الكبيرة لوحدها مثل هذا المبلغ الذي يتجاوز مجموع ارباحها السنوية؟ هذان السؤالان يجعلان بند خفض العجز موضع شك.

أما في البنود المتبقية، فهناك الكثير من النقاط المطّاطة التي لا تقدّم او تؤخّر. في حين تُطرح علامات استفهام في شأن الغاء الانفاق الاستثماري، والذي يُفترض ان يحرّك الاقتصاد. كذلك تُطرح تساؤلات عن كيفية خفض موازنات مجلس الجنوب ومجلس الانماء والاعمار وصندوق المهجرين بنسبة 70%. اذ ينبغي ان يتضح ما هي المشاريع التي سيتم الغاؤها نتيجة هذا الخفض؟ وكيف سيتمّ تنفيذ خطة اغلاق ملف المهجرين؟ إلّا اذا كانت الموازنات السابقة وهمية وتُستخدم فقط للتنفيعات والهدر.

مجلس الوزراء

وكانت جلسة مجلس الوزراء، قد انعقدت في اجواء حذرة، نوقشت خلالها الورقة الإصلاحية، وتخللتها انتقادات «اشتراكية» تجاه الوزير جبران باسيل.
وكشفت مصادر وزارية انّ النقاش احتدم اثناء بحث بند الكهرباء، واعلن خلاله الوزير وائل ابو فاعور «رفض ان نبقى خاضعين للاستبداد السياسي، فهناك جموح وجنوح سياسي في الممارسة ويجب مراعاة قراراتنا، والاسماء في التعيينات تهبط دائما بالمظلة».

وتدخّل شهيب قائلاً: «هدفنا التفاهم على نهج جديد ونحن نقدّر موقع رئاسة الجمهورية ونجلّه، وعلينا اعادة بناء الثقة بين بعضنا البعض وأحد أسباب نزول الناس الى الشارع هو قلة الثقة بيننا».

هنا غادر الوزير ابو فاعور الجلسة لدقائق ثم عاد ليقول: نحن لا يمكننا الاستمرار في هذا المنطق في إدارة الجلسات واتخاذ القرارات ولن نوافق على الورقة الإصلاحية ولسنا شركاء فيها وسننسحب من الجلسة لكن هذا الانسحاب ليس من الحكومة. فطلب منه الحريري البقاء لاقرار الموازنة.

ثم عرض وزير المال ارقام الموازنة وقال: النفقات بلغت ١٨.٨٨٢ مليار ليرة والإيرادات ١٩.٨١٥مليار ليرة، اي استطعنا من خلال التدابير التي اتخذناها ان نحقق فائضًا بحدود ٩٣٣مليار ليرة، واذا ما أضفنا اليه عجز الكهرباء وهو ١٥٠٠مليار ليرة يصبح العجز ٥٦٧ مليار اي ما نسبته 0,63% من ضمنه خدمة الدين وهذا امر غير مسبوق في تاريخ لبنان. والنسبة تُحدث صدمة ايجابية. وحرام ان لا يظهر هذا الامر على حقيقته.

وطلبت وزيرة الداخلية ريا الحسن تمديد مهلة بيع اللوحات العمومية وتأجيل الانتخابات البلدية الفرعية المقرّرة الاحد المقبل وقبل رفع الجلسة كرّر ابو فاعور ما قاله بأن وزراء الاشتراكي ينسحبون من الجلسة بكل محبة واحترام وأننا سنبقى الى جانبكم لإعطاء الرأي والنصح اذا اقتضى الامر

عون

الى ذلك، قالت مصادر وزارية مقرّبة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لـ«الجمهورية»، انّ عون بدأ بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء برصد ردّات الفعل حيال مقرراتها وبقي على اتصال بالقيادات العسكرية والأمنية لمواكبة الوضع الأمني في البلاد مطمئناً الى الأجواء الهادئة.

وقالت المصادر: «انّ المرحلة المقبلة يجب ان تتركّز على كيفية اعادة الحركة الطبيعية الى البلاد واعادة فتح الطرق من اجل توفير حاجات الناس اليومية. فالمصارف مقفلة منذ خمسة ايام وصناديق الصراف الآلي في العديد من المناطق اللبنانية قد فرغت تماماً».

ولفتت المصادر الى «الحاجة الى قراءة المقررات التي صدرت عن مجلس الوزراء بدقة متناهية والتمعن في ما يمكن ان تؤدي اليه».

بري

وبدا رئيس المجلس النيابي نبيه بري مرتاحاً الى القرارات التي انتهى اليها مجلس الوزراء امس، الّا انّه اكّد امام زواره، انّ المطلوب هو تنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه، والعبرة تبقى في التنفيذ.

الّا انّ بري لاحظ انّ ما صدر عن مجلس الوزراء كان ينبغي ان يقترن بجملة من الاصلاحات الفورية، وكذلك التأكيد على اطلاق الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية، فهذا امر اكثر من مطلوب وبإلحاح للوصول الى الدولة المدنية التي تبقى هي الحل لكل ما يعاني منه لبنان.

الحريري

بدوره، وعلى ما قالت اوساط بيت الوسط لـ«الجمهورية»، واصل الحريري اتصالاته مع المراجع المعنية متابعة لردات الفعل لدى المتظاهرين، متمنياً قراءتها بهدوء من اجل البناء عليها في المرحلة المقبلة وفتح صفحة جديدة، مع تقديره البالغ الى انّه لولا الحراك الشعبي في الأيام الماضية لما تمّ التوصل الى ما تقرّر من خطوات جبارة ستكون لها انعكاساتها، ليس على مستوى استعادة الثقة الداخلية انما على المستوى الدولي.

وعلمت «الجمهورية»، انّ الحريري تلقى اتصالات من مسؤولين دوليين وسفراء عرب وأجانب، لمواكبة التطورات والبحث في كيفية مساعدة لبنان لتجاوز أزمتة.

وزني

وقال الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور غازي وزني لـ«الجمهورية»: «الورقة التي اقرّها مجلس الوزراء مختلفة عن الاوراق السابقة، اي يمكن توصيفها بأنّها ورقة اصلاحية فعلاً تلبي مطالب «سيدر» ووكالات التصنيف الدولية والدول المانحة، وفي الوقت نفسه تضع الازمة الاقتصادية والمالية على المسار الصحيح للمعالجة».

واكّد وزنة، انّ هذه الورقة هي مدخل للمعالجة، وجاءت تحت ضغط الشارع، يعني انّ الفضل الأول والاخير في الوصول اليها، يعود الى الحشود الشعبية والاحتجاجات التي ملأت كل الساحات وكل المناطق بغض النظر عن انتمائها الطائفي والسياسي.

ولفت وزنة الى مجموعة نقاط ايجابية تتضمنها هذه الورقة، إذ انّها لا تطال المواطنين، لا توجد فيها ضرائب ورسوم، وكذلك لا تطال موظفي القطاع العام. وهي تحدّد بشكل واضح آلية معالجة الكهرباء، ان من ناحية تعيين الهيئة الناظمة، او مجلس الادارة او من ناحية دفتر الشروط الذي تمّت الموافقة عليه من قِبل الجميع، او من ناحية المعامل التي سيبدأون ببنائها، وهذه مسألة بالغة الايجابية.

وقال، «انّ من النقاط الايجابية المهمة، هي مساهمة مصرف لبنان والقطاع المصرفي بشكل فعّال في خفض خدمة الدين العام. وايضاً التأكيد على مكافحة الفساد، وهو مطلب اساسي للمحتجين، ولا سيما من ناحية قانون استرداد الاموال المنهوبة، او من ناحية تأكيد رئيس الجمهورية على رفع السرّية المصرفية عن جميع المسؤولين في الدولة، وعن طريق انّ اخضاع التلزيمات والمشتريات الى المناقصات العامة، وكذلك اخضاع الاستثمارات العائدة للمؤسسات العامة من دون استثناء، وخاصة قطاع الاتصالات، الى موافقة مجلس الوزراء، وهذا امر مهم. يضاف الى ذلك موضوع السكانر على المعابر، وتخفيض مخصصات الطبقة الحاكمة».

وقال: «بشكل عام، فإنّ هذه الورقة فإن جاءت متأخّرة، تحت ضغط احتجاجات الشارع، هي خطوة ايجابية واصلاحية فعلية وحقيقية. وصحيح انّ المواطنين لا ثقة لهم بالطبقة الحاكمة، وهناك ازمة ثقة مع هذه الطبقة، ورغم ذلك، نرى ان يتقبّل المحتجون هذه الورقة ويعطوا الحكومة فرصة ثلاثة اشهر، لانّ هذه الورقة هي مدخل ومسار وصحيح وسليم لحل الازمة الاقتصادية والمالية».

وعمّا اذا كانت هذه الورقة ستنعكس ترييحاً للسوق المالي في لبنان، قال وزنة، «الاسواق حذرة وتنتظر التطبيق، إن اخذت هذه الورقة الى «سيدر» ستلقى تجاوباً، وكذلك ستجد تجاوباً من وكالات التصنيف، ولكن المطلوب عندنا في لبنان ان يبدأ التطبيق سريعاً، فمن شأن ذلك ان يهدئ الاسواق المالية، وتهدئ خوف الناس وقلق المستثمرين والمودعين».

«القوات»: لا ثقة

في المقابل، قالت مصادر القوات اللبنانية لـ«الجمهورية»: «الاساس يكمن في عامل الثقة، فعامل الثقة هو المدخل الى الاستقرار المالي والسياسي والاقتصادي، وعامل الثقة هو المدخل الى الحكم الرشيد، فلا استثمار من دون ثقة، ولا اقتصاد من دون ثقة، ولا سياسة من دون ثقة».

اضافت: «عندما دعا رئيس الجمهورية من اجل ان تلتئم طاولة الحوار الاقتصادية، جميع المتحلقين حول الطاولة اجمعوا على نقطة اساسية بأن لا ثقة بين الحكومة وبين الشعب وبين الدولة وبين الشعب. وبالتالي كل الاوراق التي يتمّ تقديمها، هي اوراق سبق وقُدّمت، والافكار التي تُطرح تمّت مناقشتها سابقاً. المشكلة ليست بالافكار او بالاقتراحات، المشكلة تتعلق في غياب الثقة بمن ينفّذ هذه الافكار وهذه الاقتراحات».

وتابعت المصادر: «بالنسبة الينا، يجب ان تستقيل هذه الحكومة من اجل تشكيل حكومة جديدة تكون قادرة على تنفيذ الاصلاحات المطلوبة، هذه الحكومة لا ثقة بقدرتها على تنفيذ الاصلاحات. وانطلاقا من هذه الخلاصة، ذهب الدكتور سمير جعجع الى اقتراح حكومة اختصاصيين وان تستقيل هذه الحكومة، وبالتالي بالنسبة الينا، لو استقالت هذه الحكومة على اثر طاولة الحوار، لما كنا وصلنا الى وصلنا اليه».

ولفتت المصادر، الى انّه «عندما طرحت «القوات» تشكيل حكومة جديدة، فذلك انطلاقاً من ايمانها ومعرفتها بانّ هذه الحكومة اعجز من مواجهة التحدّيات الاقتصادية، واكبر دليل، انّ الرئيس الحريري قدّم ورقة اصلاحية، ولكن هذه الورقة الاصلاحية لم تتلقفها الناس، والناس لم تتلقف اي ورقة اخرى افضل منها او اسوأ منها. من هنا، فالمسألة ليست مسألة افكار او اوراق سبق ونوقشت وقُدّم منها الاطنان، المسألة تكمن في الثقة، فلا ثقة بهذه الحكومة من اجل تقديم الحلول المطلوبة، وبالتالي المطلوب هو استقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة».

نصرالله يلتقي خليل

في سياق متصل، علمت «الجمهورية»، انّ الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، استقبل امس الاول، وزير المال علي حسن خليل، على مدى ثلاث ساعات، في حضور المعاون السياسي للامين العام للحزب الحاج حسين خليل.

وبحسب المعلومات، فإن البحث تناول التطورات التي استُجدت في الآونة الاخيرة والحراك الشعبي في المناطق اللبنانية، وكيفية معالجة الازمة الراهنة. كما تمّ عرض الورقة الاصلاحية التي اعدّها رئيس الحكومة سعد الحريري. واكّدت المعلومات انّ السيد نصرالله قارب الورقة بإيجابية، وانه وضع عليها بعض الملاحظات، التي كانت حينما طُرحت على رئيس الحكومة بعد هذا اللقاء محل موضع توافق تام عليها.

في سياق متصل، اكّدت مصادر «حزب الله» لـ«الجمهورية»، انّ الوضع تحت السيطرة، ولا خوف من تدهور الامور، وقالت: «اكبر ايجابية حصلت في موازاة التحرّك الشعبي، هو التوافق السنّي- الشيعي الذي تجلّى بأعلى درجاته من خلال التواصل الذي حصل بين الطرفين على اكثر من مستوى».

ورداً على سؤال لم تؤكّد المصادر او تنف وجود مؤامرة حيال ما يجري، الّا انّها قالت: «حتى ولو كان هذا السيناريو صحيحاً فسيُحبط، لانّ كل المؤامرات تسقط امام الحكمة الداخلية الموجودة حالياً بين كل المسؤولين عن ادارة البلد».

الاتحاد الاوروبي

الى ذلك، حث الاتحاد الأوروبي، في بيان امس، الأطراف اللبنانية على حوار بنّاء لمعالجة التحدّيات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها لبنان، ودعا إلى تجنّب العنف والخطابات التحريضية.

الجمهورية

عن WB