مجلة وفاء wafaamagazine
بينما سجلت الأوساط السياسيّة غياب أي دعوة ممن يفترض أنهم جماعات ثوريّة، للتضامن مع انتفاضة الشعب الأميركي، كانت باريس ولندن وعواصم عالميّة أخرى تشهد حشوداً بعشرات الآلاف تهتف للتضامن مع الانتفاضة الأميركيّة، التي أحيت يومها العاشر بضمّ المزيد من المدن والحشود إلى صفوفها، في ظل تراجع قدرة الشرطة والحرس الوطني على السيطرة على الموقف، بينما جوبهت تهديدات الرئيس دونالد ترامب باستخدام الجيش، بتحذيرات نقلها وزير الدفاع، مارك إسبر للرئيس ترامب، من تسييس الجيش وظهوره بمظهر الطرف في انقسام يشقّ الشعب الأميركي، بينما ينظر له الأميركيون كرمز وحدتهم في قضايا الإجماع، ومواجهة المخاطر التي تتهدّد أمنهم القومي. وقالت مصادر إعلامية أميركية إن كبار ضباط البنتاغون طلبوا من إسبر إبلاغ ترامب رفض الجيش للمهمة، ودعوته للبحث عن حلول سياسية.
الغياب اللبناني اللافت عن التضامن مع الشارع المنتفض في أميركا، ترافق مع دعوات للعودة إلى الشارع تتصدّرها مجموعات وشخصيات على علاقة بالسفارة الأميركية، تحاول البحث عن طريق لتحويل الغضب الشعبي على الفساد ورموزه والمصارف وسياساتها المالية التي حظيت برعاية مزدوجة من الأميركيين ومن مصرف لبنان لسنوات، نحو سلاح المقاومة وتحميله مسؤولية الانهيار الاقتصادي، ضمن تحليل يدعو ضمناً لتلبية الطلبات الأميركيّة، بربط الانهيار الاقتصادي بالغضب الأميركي على لبنان بسبب سلاح المقاومة، وما يعنيه ذلك ضمناً من دعوة لقبول الشروط الأميركية بحثاً عن هذا الرضا الأميركي، في ترسيم الحدود البحرية وفقاً لشروط كيان الاحتلال.
وتسبب هذا التحرك المدعوم من السفارة الأميركية بارتباك القوى السياسية التي قدمت التغطية لتوجيه الغضب الشعبي نحو رئاسة الجمهورية، كما جاءت وصفة الدبلوماسي الأميركي السابق جيفري فيلتمان أمام الكونغرس، ويبدو تردّد تيار المستقبل وفق مصادر متابعة لمناقشاته الداخلية حول المشاركة في التحرك في السادس من حزيران، من جهة لهذا السبب والحرص على عدم الدخول في تصادم مع حزب الله، ومن جهة موازية للمعلومات الواردة حول مشاركة مؤيدي رجل الأعمال بهاء الحريري شقيق الرئيس السابق للحكومة ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري ومنافسه السياسي الجديد، وتحشيد مناصريه للمشاركة في هذا التحرك، وبينما تحدثت مصادر قريبة من الحزب التقدمي الاشتراكي من اتجاهه نحو النأي بالنفس عن التحرك، الذي ستقاطعه جماعات عديدة كانت حاضرة في انتفاضة 17 تشرين التي كان عتب رموزها على حزب الله لعدم مشاركته بها، فكيف يتحول اليوم إلى عدو يجب استهدافه ونسيان رموز الفساد والسياسات التي تسببت بالانهيار، والرعاية الأميركية لكليهما،
وأشارت هذه الجماعات إلى ان ما يزيد ريبتها وشكوكها بالتحرك الملغوم هو اختيار يوم السادس من حزيران كموعد للتحرك، وهو اليوم الذي اجتاح فيه كيان الاحتلال لبنان عام 82، كأن المقصود غسل أدمغة اللبنانيين ومحو ذاكرتهم، وإعلان هذا اليوم يوماً لإطلاق تجمع جديد اسمه تجمع 6 حزيران عبر التحرك بما يشبه التحرك الذي أنتج قوى 14 آذار، على أن عنوانه نزع سلاح المقاومة، في اليوم الذي وقع فيه لبنان تحت الاحتلال.