الرئيسية / سياسة / التعيينات: دياب “واحد منّن‎”‎ رياض سلامة يخضع: الالتزام بأرقام الحكومة في التفاوض مع صندوق النقد

التعيينات: دياب “واحد منّن‎”‎ رياض سلامة يخضع: الالتزام بأرقام الحكومة في التفاوض مع صندوق النقد

مجلة وفاء wafaamagazine 

تتجه حكومة الرئيس حسان دياب إلى السقوط في امتحان التعيينات المالية والإدارية. فبعد إسقاط مقترح التعيينات المبني على المحاصصة الفجّة، وبلا أي معايير، في نيسان الماضي، عاد الملف ليطرح على طاولة البحث، في جلسة مجلس الوزراء غداً الأربعاء، بصورة شديدة الوقاحة. فرغم أن مجلس النواب أقرّ قانوناً ينظّم آلية التعيين بصورة تخفف من المحاصصة إلى حد بعيد، فإن الحكومة مصرّة على تجاوز هذه الآلية، بذريعة أن القانون لم يُنشر في الجريدة الرسمية بعد، بسبب اعتراض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عليه.

الوقاحة في التعيينات تبدأ من الشكل. الجلسة تُعقد الأربعاء، بخلاف المعتاد، لسبب وحيد: المرشح لتولي منصب المدير العام لوزارة الاقتصاد، من خارج الملاك، محمد أبو حيدر، يبلغ التاسعة والثلاثين من عمره يوم الخميس. والقانون لا يسمح بتعيين أحد من خارج الملاك إلا إذا كان سنّه يسمح له بالبقاء في الإدارة 25 عاماً، قبل أن يبلغ سن التقاعد (64 عاماً). ولأجل ذلك، ستُعقد الجلسة الأربعاء لا الخميس.
في المضمون، ورغم أن رئيس الحكومة حسان دياب سبق أن رفض التعيينات المقترحة، ومعه عدد من الوزراء، إلا ان المفاجئ أنه قرر العودة إلى أسلوب المحاصصة الذي تعمل وفقاً له جميع القوى السياسية المشاركة في السلطة، «كلّن يعني كلّن». وبدل ان يتمسّك دياب بتقديم تجربة مغايرة، قرر، على ما يبدو، أن يكون «واحد منّن» . 

غالبية الأسماء المقترحة للتعيين لا تزال هي نفسها التي اقتُرِحت في آذار الماضي

المراكز الشاغرة المنتظر تعيين شاغليها الأربعاء هي: النواب الأربعة لحاكم مصرف لبنان، مفوض الحكومة لدى مصرف لبنان، رئيس وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف، رئيس وأعضاء هيئة الأسواق المالية، المدير العام لوزارة الاقتصاد (عضو حكماً في المجلس المركزي لمصرف لبنان)، المدير العام للاستثمار في وزارة الطاقة، محافظ بيروت. ولم يتضح بعد إذا ما كانت قد حُلَّت أزمة المرشح للتعيين رئيساً لمجلس الخدمة المدنية. وعلمت «الأخبار» أن غالبية الأسماء المقترحة للتعيين لا تزال هي نفسها التي اقتُرِحت في آذار الماضي  وجرى تقاسمها بين القوى السياسية الممثلة في الحكومة، كما لو أن البلاد لا تزال تعيش رغد ما قبل الانهيار، وأن القوى السياسية لم تجد نفسها معنية بإدخال أي تغيير على سلوكها.
وفي انتظار التعيين، لا تزال علائم هذا الانهيار تظهر يوماً بعد آخر. وعلى سبيل المثال، عاد سعر الدولار إلى الارتفاع في مقابل الليرة، رغم أن رئيس الحكومة، ومعه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، سبق أن بشّرا بضبط السعر ودفعه نزولاً إلى ما دون 3500 ليرة للدولار الواحد. وسجّل السعر أمس ارتفاعاً إلى حد 4200 ليرة للدولار، فيما كان الصرافون قد أعلنوا صباحاً أنهم سيبيعون الدولار بـ3900 ليرة. وفيما رجّحت مصادر معنية أن سعر الليرة في لبنان تأثر بالهبوط الكبير لسعر الليرة السورية، لفتت المصادر نفسها إلى أن الآلية التي يعتمدها مصرف لبنان لن تسمح بالسيطرة على سعر الصرف بسهولة.
من جهة أخرى، ومنذ بداية المفاوضات مع صندوق النقد وما قبلها بقليل، يتمنّع حاكم مصرف لبنان عن الإقرار بكامل الخسائر المالية. فتارة يتغيب عن الجلسة الأولى من المفاوضات، وأحياناً أخرى يبرز أرقاماً مغايرة للأرقام الحكومية الواردة في الخطة التي قدمتها الحكومة وسمّتها «خطة التعافي». وما بين الأمرين، يحوك وجمعية المصارف خطة بديلة لتحييد الكأس المرّة عن المصارف واستبدالها ببيع قطاعات الدولة بأبخس الأثمان لحماية مكتسباتهم وأصحاب رؤوس الأموال. لكن اجتماع بعبدا المالي يوم أمس – بحضور رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير المال وحاكم مصرف لبنان والمدير العام لوزارة المالية ألان بيفاني وكل من المستشارين شربل قرداحي وجورج شلهوب وهنري شاوول وطلال سلمان – كان مفصليا من ناحية وضع حد لتقديرات سلامة، إذ خضع الأخير لوجهة نظر الحكومة وأرقام الخسائر التي أوردتها في الورقة (نحو 241 تريليون ليرة) بعد احتسابها على أساس سعر صرف للدولار يوازي 3500 ليرة لبنانية؛ ما يعني أن الرقم ليس نهائياً، على ما تقول المصادر، وقابل للتعديل بحسب ارتفاع أو انخفاض سعر الصرف في حينه. هكذا، خلص الاجتماع الى اعتبار الأرقام الواردة في خطة الحكومة الإصلاحية المالية منطلقاً صالحاً لاستكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. والرقم المعتمد هنا بحسب المصادر يأخذ بعين الاعتبار شطب ثلث القروض المالية ويعتمد سعراً لاحتياطي الذهب بحسب السعر الذي وصل اليه حتى تاريخ 2 نيسان.

حُدِّد موعد التعيينات الأربعاء، أي قبل بلوغ أبو حيدر سن الـ39 بيوم واحد

وفيما وحّد المجتمعون في بعبدا الأرقام، كان رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان يقف على خاطر مصرف لبنان وجمعية المصارف في جلسة لفرعية لجنة المال تحت عنوان «الوصول الى معايير عدة مشتركة وحسب المقاربات». فالحاضرون ليسوا سوى مديرين في مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف ونائبه الذين سبق لهم أن اعترضوا على الخطة الحكومية مقدمين خطة بديلة تناسب مصالحهم. وبات واضحاً أن مجموعة من النواب تسعى جاهدة منذ بداية الأزمة للعب دور «أوركسترا» المصارف ومحاولة انتزاع صلاحيات لحماية رأسمال المصارف على حساب أموال المودعين. وبدا لافتاً تغيّب وزير المال غازي وزني عن الجلسة وحضور مستشاره طلال سلمان بدلاً منه. وفي هذا السياق، أشارت مصادر اللجنة إلى أن وزني، ورغم مشاركته في الجلسات السابقة، يعترض على اللجنة من أصلها، ويعتبر أن تشكيل لجنة تقصي حقائق لا يدخل من ضمن صلاحيات لجنة المال. كما أن مسألة العمل على توحيد الأرقام وتقريبها ما بين الحكومة والمصارف، ليس من صلاحيتها أيضاً: «عمل اللجنة رقابي بحت». أما العمل الجدّي والمطلوب، فيجري داخل الاجتماعات التي تعقد في بعبدا وبحضور رئيس الجمهورية، على ما تنقل المصادر عن وزني. الا أن «واحدة من الإشكاليات التي يعترض عليها وزير المال هي البروباغندا الإعلامية المثارة حول عمل اللجنة، علماً بأنه جرى الاتفاق مسبقاً مع كنعان على إبقائها سرية، فلماذا إظهار التسابق بين اللجنة في مجلس النواب والجلسات التي تحصل في بعبدا، فضلاً عن أن إحدى جلساتها تزامنت مع جلسة في بعبدا؟».
من جهة أخرى، عقد الوفد اللبناني المفاوض برئاسة وزني اجتماعه الحادي عشر مع صندوق النقد الدولي يوم أمس، في حضور فريق من البنك المركزي. وتناول الاجتماع، وفق المكتب الاعلامي في وزارة المال، «موضوع إطار تطبيق القواعد في المالية العامة، على أن تتابع المشاورات اليوم».

 

 

 

الأخبار