مجلة وفاء wafaamagazine
كشف تقرير نشرته وكالة “سبوتنيك” الروسية عن السيناريوهات المتداولة في لبنان للمرحلة المقبلة، والتي تعددت أشكالها ما بين الحفاظ على الحكومة الحالية، أو تغييرها، وكذلك اللجوء إلى حكومة عسكرية، وذلك على وقع استمرار الاحتجاجات في مختلف المناطق نتيجة تردّي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وانهيار سعر صرف الليرة مقابل الدولار، والتي وصلت قيمتها إلى 6 آلاف ليرة مقابل الدولار الواحد في السوق السوداء، لتسجل أدنى مستوياتها على الإطلاق.
انهيار الليرة
وأشار التقرير إلى أنّ الحكومة، قرّرت بالتوافق مع “مصرف لبنان”، البدء بضخ دولارات في السوق اعتباراً من يوم الاثنين لمواجهة التدهور غير المسبوق في سعر الليرة، كما قررت اتخاذ تدابير أمنية لملاحقة المتلاعبين بسوق الصرف ومهربي العملة إضافة إلى تشكيل خلية أزمة برئاسة وزير المالية لمتابعة تطورات الوضعين المالي والنقدي.
ضغوط أميركية وسيناريوهات متاحة
وينقل التقرير عن المحلّل السياسي، فيصل عبدالساتر، قوله إنّه “بسبب التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة اللبنانية، وارتفاع الدولار بشكل جنوني مقابل الليرة، البعض ربما ذهب بمخيلته أن يكون هناك عسكرة للسلطة، أو حكومة عسكرية، أو ما شابه ذلك، أو أن هذه الحكومة تستقيل وتأتي حكومة أخرى”.
وأضاف أنّ “كل هذه السيناريوهات لم تكن تستند في الواقع إلى أي شيء من الحيثيات لأن هذا الأمر دخل عليه عوامل كثيرة، والتلاعب بسعر صرف الدولار جاء بناء على توجيهات معينة أو شائعات معينة وفي كلا الحالتين جاء لممارسة الضغوط ودفع الناس للشارع لما يشبه الفوضى، تحت ضابط إيقاع واحد ربما يكون الأميركي، أو بعض الجهات السياسية المحلية”.
وتابع: “في كلّ الأحوال، الدولة لديها من المسؤوليات ما يلزمها بضرورة القيام ببعض الإجراءات في هذا الإطار لمنع الانهيار الاقتصادي، وأزمة النقد، وكان هناك اجتماعات مكثفة مع رئيس الجمهورية والحكومة وحاكم “مصرف لبنان”، واتفق الجميع أن يكون هناك ضخ للدولار لسدّ حاجة السوق من العملات الصعبة، وذلك بهدف خفض سعر الصرف كي يتراجع ليصل لحدود 3200 ليرة”.
وأكد أنّ “الأمر سيلقى نوعًا من الارتياح لو وصلت الحكومة لمثل هذه النتيجة، لكن هذا لا يعفي أو يمنع حقيقة أن هناك كارثة كبيرة تحدق باللبنانيين على المستوى المالي والاقتصادي، وأنّ عملية ضخ الدولار لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية وسيكون على حساب الاحتياطي النقدي في مصرف لبنان”.
ورأى أنّ “لبنان في حاجة إلى تدخلات جذرية تخرجه من مثل هذه الأزمة، والجميع يعرف أن الأمر مرهون بما تفعله السياسات الأميركية تجاه لبنان خصوصا أن “قانون قيصر” الذي يستهدف سوريا ويدخل حيز التنفيذ بعد 5 أيام يستهدف لبنان أكثر مما يظنه البعض”.
وأشار إلى أنّ “السياسات الأميركية تجاه لبنان تستكمل فصولها، وربما سيكون هناك مزيد من الإجراءات والعقوبات التي تستهدف لبنان، وعلى الدولة أن تحدد خيارها السياسي والاقتصادي، بحيث لا تكون مفتوحة على أميركا بشكل كامل كما يطالب البعض، ولا يكون منساقًا للطلبات الأميركية كما يقول البعض الآخر”.
وقال: “الوسط بين الحالتين عملية تحتاج للكثير من التروي والدراسة، الأمر ربما لا يحتمله اللبنانيون، المزيد من الصبر على الأزمات الاقتصادية بات مستحيلًا، ويجب أن يكون هناك بعض الإجراءات لترتيب الأمور في حال كان هناك نوايا جيدة من المسؤولين اللبنانين وفي حال أيضاً عرف لبنان كيف يدير حملة اتصالات واسعة في هذا الشأن قد تجنبه مزيدًا من الكؤوس المرة في مواجهة أميركا”.
حكومة انتقالية
بدوره قال الناشط السياسي، أسامة وهبي، إنّ “الحكومة القائمة لا تستطيع تقديم أي شيء للشعب اللبناني، وتعاني من صراعات داخلية، ويهدد بعض المشاركين فيها بالانسحاب وبالتالي مصيرها في النهاية السقوط حتمًا”.
وأضاف في تصريحات لـ”سبوتنيك”، أنّ “فيروس كورونا دفع المتظاهرين للبقاء في المنازل التزامًا للحظر، وأعطى للحكومة فرصة تاريخية لإصلاح الوضع، لكن اليوم وصل الأمر إلى حائط مسدود”.
وتابع: “اللبنانيون يزدادون فقرًا والدولة تزداد عجزًا، هناك استحقاقات قادمة، ولبنان تخلف عن دفع الديون وسيتخلف مجددًا، وهناك مفاوضات صعبة مع صندوق النقد الدولي الذي يطالب بإصلاحات، والحكومة عاجزة عن فعل أي شيء”.
وأكد أنّ “ثورة 17 تشرين كانت شاملة في كل المناطق اللبنانية، وحطمت الطائفية، والحكومة الآن ستدفع ثمن سياساتها الفاشلة التي أفقدت الشعب مدخراته، وأفقدت الليرة قيمتها، وسنصل لليوم الذي سيكون فيه سقوط الحكومة حتمياً”.
واضاف أنّ “الشعب غير قادر على الانتظار، والاحتجاجات الشعبية ستدفع الحكومة للاستقالة، وتحمل السياسات الفاشلة التي أفقدت الشعب مدخراته، والليرة قيمتها، وبعدها سندخل في فترة انتقالية تتولى فيها حكومة مستقلة لديها صلاحيات تشريعية وتنفيذية، وتعمل على إطلاق انتخابات نيابية، وهذا الطريق الأقرب في ظل الخيارات المحدودة”.