الرئيسية / سياسة / بعد “كرول‎”… “FTI” ‎على صلة بإسرائيل أيضا مصرف لبنان أمام تحدّي ضبط سعر الدولار بتعميم “دعم” السلع

بعد “كرول‎”… “FTI” ‎على صلة بإسرائيل أيضا مصرف لبنان أمام تحدّي ضبط سعر الدولار بتعميم “دعم” السلع

مجلة وفاء wafaamagazine 

 ربما هو الاختبار الأخير لمصرف لبنان والحكومة. الاول أمام تحدّي ضبط ‏سعر الدولار بعد إعلانه تأمين دولارات للتجار وفق سعر صرف يوازي ‏‏3900 ليرة للدولار الواحد دعماً لسلة الاحتياجات الأساسية. أما الحكومة، ‏فأمام تحدّي التحقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، بعد إطاحة شركة ‏‏”كرول”، واقتراح التوافق في مجلس الوزراء اليوم على تكليف شركة‎ ‎FTI ‎بالتحقيق، علماً بأن لها صلات إسرائيلية أيضاً، ويعمل فيها ‏‏”متخرّجون” من الاستخبارات المعادية


بعد إطاحة خيار شركة “كرول” بسبب صلاتها الإسرائيلية، رسا خيار الحكومة على شركة‎ FTI ‎لتكليفها بالتدقيق ‏الجنائي في حسابات مصرف لبنان، إلى جانب شركتين سيتم تكليفهما بالتدقيق المحاسبي في دفاتر “المركزي”. ومن ‏المتوقع أن يبتّ مجلس الوزراء هذا الامر اليوم. وإذا كانت ذريعة الصلات الاسرائيلية قد استُخدِمت لإبعاد “كرول”، ‏فمن غير المعروف كيفية تعامل الحكومة مع مرشحتها الجديدة، شركة‎ FTI. ‎فالأخيرة تملك ثلاثة مكاتب في الشرق ‏الاوسط: واحد في قطر والثاني في الإمارات العربية والمتحدة، والثالث في “إسرائيل”. كذلك، فإن الرئيسة التنفيذية ‏لقسم التكنولوجيا في الشركة (المؤلف من 29 مكتباً في 6 بلدان)، صوفي روس، كانت تعمل في الاستخبارات ‏الإسرائيلية، وتحديداً في قسم الاستخبارات التابع لسلاح البحرية. وهي حاصلة على بكالوريوس العلوم في الهندسة ‏الصناعية من جامعة تل أبيب‎.


هذه الشركة التي انضمّت عام 2018 إلى الجمعية المصرفية العربية من أجل تقديم المشورة بشأن الأمور المتعلقة ‏بالجرائم المالية، تأسست عام 1982، على يد المهندسين جوزيف رينولدز ودانيال لوكزاك. مقرها في واشنطن، ‏ولديها مكاتب في 27 دولة. تُعدّ من كبريات شركات الاستشارات المالية في العالم. تتخصص في مجالات تمويل ‏الشركات وإعادة الهيكلة والاستشارات الاقتصادية واستشارات التحقيق الجنائي والتقاضي والاتصالات ‏الاستراتيجية والتكنولوجيا‎…


عملت لصالح شركة إسرائيل للكيماويات‎ (“ICL”) ‎لمعالجة قضايا اقتصادية ومالية متعلقة بنظام الضرائب ‏والملكية في “إسرائيل”، وقدّمت أحد تقاريرها للجنة شكّلتها حكومة العدو لفحص تصدير الغاز من الكيان ‏الصهيوني‎.


وفي العام الـ2013، واجهت‎ FTI ‎اتهامات بتسريب معلومات من قبَل مجموعة‎ BSGR، التي يملكها الملياردير ‏الإسرائيلي بيني شتاينميتز، والتي بدأت إجراءات قانونية ضد‎ FTI. ‎وأوضحت‎ BSGR ‎أنها تُقاضي شركة‎ FTI ‎ورئيسها السابق مارك مالوك براون بشأن انتهاك العقد والتشهير و”التآمر لحجب تضارب في المصالح”. وكانت ‏الشركة الاستشارية قد ألغت عقدها مع‎ BSGR ‎عام 2012، بحجة تضارب المصالح، من دون توضيح ذلك. ‏ولكنّ‎ BSGR ‎زعمت أنّ مالوك براون نقل معلومات سرية بشأن عملها إلى الملياردير جورج سوروس، الذي ‏كان مقرّباً من رئيس غينيا ألفا كوندي. وقد تزامن ذلك مع النزاع بين‎ BSGR ‎والحكومة الغينية حول ترخيص ‏لاستخراج خام الحديد، بعدما قررت غينيا مراجعة الترخيص الممنوح لـ‎ BSGR، كجزء من مشروع اصلاحات ‏التعدين‎.
أمام هذا الواقع، سيُفرض على مجلس الوزراء تحدٍّ جديد اليوم، بسبب صلات‎ FTI ‎الإسرائيلية من جهة، ‏والاتهامات الموجهة لها بتسريب معلومات سرية من جهة ثانية، وخاصة في ظل تسريب معلومات عن وجود ‏علاقة تربط‎ FTI ‎بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وفي جميع الاحوال، يبقى أن على الحكومة أن تقدّم جواباً ‏واضحاً عن سبب عجزها عن تأليف لجنة تحقيق لبنانية، تضم شخصيات قضائية وقانونية محايدة ونزيهة، ‏وتكليفها التدقيق في حسابات المصرف المركزي، ولماذا يجري التعامل مع هذا الخيار كما لو أنه مستحيل؟‎

اختبار الدولار‎
على صعيد آخر، لا يكاد يمر أسبوع من دون أن يصدر مصرف لبنان تعميماً أو بياناً جديداً حول سعر صرف ‏الدولار أمام الليرة اللبنانية، ويحدد فيه هوية المستفيدين من “امتياز” جديد. وفي كل مرة كانت تجارب المركزي ‏تبوء بالفشل، مع استمرار ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، في موازاة ارتفاع سعر الصرف. فالدولار الذي كان قد ‏لامس الـ10 آلاف منتصف الأسبوع الماضي، عاد لينخفض خلال العطلة الأسبوعية الى أعتاب الثمانية آلاف، ‏ليرتفع مجدداً يوم أمس الى 9000 ليرة لبنانية في السوق السوداء. هذه المرة، مصرف لبنان أمام تحد هو الأكثر ‏جدية منذ بدء الأزمة، يتمثّل في إعلانه يوم أمس تأمين المبالغ اللازمة بالعملات الأجنبية تلبية لحاجات مستوردي ‏ومصنّعي المواد الغذائية الأساسية والمواد الأولية التي تدخل في الصناعات الغذائية، على أساس سعر صرف ‏ثابت هو 3900 ليرة لبنانية للدولار، على أن يتم تقديم الطلبات وتسديد قيمتها نقداً بالليرة اللبنانية إلى المصارف ‏التي ستسلمها بدورها إلى مصرف لبنان، ويقوم هذا الأخير بتحويل قيمتها بالدولار إلى حساب المصرف المعني ‏لدى المصرف المراسل المعتمد لديه‎.‎


ويفترض بهذا التعميم أن ينعكس إيجاباً على الأسعار، ويخفّف من وطأة ارتفاعها، بعد أن سجّل التضخم نسباً ‏قياسية في الأشهر التسعة الأخيرة. فالتاجر الذي كان يضطر الى الاستعانة بالسوق السوداء للحصول على ‏دولاراته من أجل إتمام عملية الاستيراد، سيحصل عليها من مصرف لبنان عبر المصارف بقيمة ثابتة هي 3900 ‏ليرة لبنانية للدولار الواحد بدلاً من 9 آلاف من سوق المضاربات. إراحة التاجر عبر توفير الدولار له بشكل ‏رسمي من المصارف، يجب أن يترافق مع تراجع تلقائي في التكاليف المترتبة عليه، والتي ستحتسب على أساس ‏الـ3900 ليرة، لتتبع بخفض في أسعار السلع المستوردة. ما سبق هو السياق الاقتصادي المالي الطبيعي ‏للإجراءات المتخذة، لكنها تتطلب مراقبة جدية ومستمرة من وزارة الاقتصاد لمنع المستوردين من المتاجرة ‏بأموال الناس لتحقيق أرباح إضافية وتسريع وتيرة الانهيار، اذ واصلت أسعار السلع ارتفاعها منذ بداية العام حتى ‏الآن بمعزل عن التلاعب الحاصل في سعر الصرف صعوداً وهبوطاً، وبشكل لا يتلاءم مع هذا الارتفاع، من دون ‏أي رقابة تذكر. وستشمل السلة الغذائية المدعومة نحو 200 سلعة، من ضمنها السلع العشرون المعلن عنها سابقاً، ‏تتوزع ما بين العدس والأرز والبرغل وغيرها من الحبوب، والسكر والشاي والقهوة والزيت ومساحيق الغسيل ‏والمحارم الورقية، كذلك اللحوم ومشتقاتها والدجاج والحليب والفواكه والخضار. يبقى السؤال الرئيسي هنا حول ‏مدى استدامة هذا الإجراء الذي أعلنه مصرف لبنان، ولا سيما أن اعتماده الرئيسي سيكون حتماً على أموال ‏المغتربين والدولارات التي يتوقع أن تضخ في السوق نتيجة فتح المطار وعودة المغتربين لتمضية الصيف، كما ‏التحويلات عبر المصارف، كما عبر شركات تحويل الأموال، رغم انخفاض الفئة الأخيرة نتيجة تسديدها بالليرة ‏اللبنانية وفق سعر صرف يوازي 3850 ليرة لبنانية، في حين أن وصول البضاعة المستوردة يستغرق ما بين ‏شهر وشهر ونصف، ما يعني بحسب أحد الاقتصاديين أن قيمة السلع لن تنخفض مباشرة، بل ستبقى غالبيتها على ‏السعر المضخم حتى تصل الدفعة المدعومة. الإشكالية الرئيسية في ما سبق أنها تأتي كـ”ترقيع” للمشكلة الرئيسية، ‏وهي الاحتكار غير المعلن، لبضع شركات، لقطاع المواد الغذائية بحماية وغطاء رعاتها وشركائها السياسيين. ‏وهو ما يتسبب في تثبيت الأسعار عند معدل معين أو رفعه وخفضه ساعة يشاء المحتكرون، بمعزل عن العرض ‏والطلب. والمقدمة في ذلك كله هي إقرار قانون المنافسة، أو أقله تحديد وزارة الاقتصاد لهامش ربح التاجر عبر ‏التحقق من أسعار هذه السلع في الخارج‎.


من ناحية أخرى، ثمة من يرى أن خفض الطلب على الدولار لدى الصيارفة وفي السوق السوداء، سيؤدي الى ‏هبوط في سعر صرف الدولار، إلا إذا استمرت عملية المضاربة الممنهجة للإبقاء على سعر مرتفع للدولار، ‏خصوصاً أن الصيارفة يمتنعون عن بيع الدولار بالسعر المحدد عبر مصرف لبنان بحجة عدم توفره لديهم، إذ ‏يقتصر تأمين الصيارفة للدولارات وفقاً لهذا السعر على احتياجات محددة، كرواتب العمال الأجانب، وأقساط ‏الطلاب الجامعيين خارج لبنان، وأقساط المنازل وإيجار السكن للطالب خارج لبنان. يجري ذلك، في ظل استمرار ‏حال الهلع لدى المواطنين وسعيهم لجمع الدولارات بعد فقدان الثقة بالليرة اللبنانية، بحيث بات كل من يملك أي مبلغ ‏باللبناني ولو صغير يهرول لتحويله الى دولار. والتوقعات أن يزداد الطلب على الدولار إذا ما انخفض سعره، ولو ‏قليلاً، ولا سيما مع وجود كتلة نقدية كبيرة من العملة اللبنانية في السوق نتيجة طبع مصرف لبنان المتواصل ‏لكميات ضخمة، كما نتيجة تسييل كمية كبيرة من الودائع، ما يعني توقع عودة سعر الدولار إلى الارتفاع تلقائياً‎.‎