الثلاثاء 09 تموز 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
على الرغم من الحراك المكثّف الذي طفا على سطح المشهد الداخلي لإطفاء فتيل الاشتباك السياسي الامني الذي انطلقت شرارته من قبرشمون، وما رافق هذا الحراك من كلام يضفي إيجابية ظاهرية على هذا الحراك، ويقدم الازمة الراهنة على انها ليست مستعصية بل هي قابلة للحل، الّا انّ مفتاح الحل ما يزال ضائعاً، خصوصاً انّ مواقف الاطراف المعنية بهذا الاشتباك لم تنزل بعد عن شجرة التصعيد.
خلاصة هذا الحراك، الذي برزت فيه مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى زيارة القصر الجمهوري ولقاء رئيس الجمهورية ميشال عون، انه حاول ان يلقي حجراً في بركة الازمة لعلّه يدفع في اتجاه إطفاء الفتيل، تلافياً لتوسّع الحريق السياسي داخل الحكومة المعطلة حتى اشعار آخر، ولامتداد هذا الحريق الى مؤسسات اخرى، خصوصاً انّ المجلس النيابي على وشك الانعقاد بهيئته العامة لمناقشة الموازنة وإقرارها. وجلسة المناقشة كما هو معلوم هي منصة خطابية للنواب، إذ يخشى ان يتحوّل المجلس الى قاعة تصادمية بين اطراف الاشتباك، قد يصعب احتواؤها إذا انعقدت الجلسة النيابية في هذا الجو المتوتر سياسياً.
المعلومات الرسمية حول لقاء الرئيسين عون وبري اكتفت بالاشارة الى انهما تداولا في الاوضاع العامة في البلاد في ضوء التطورات الاخيرة والاتصالات الجارية، لاسيما تلك المتصلة بالأحداث التي وقعت في محلة قبرشمون في قضاء عاليه قبل اسبوع، وتمّ خلال اللقاء التداول في عدد من الافكار وذلك في إطار توحيد الجهود المبذولة لمعالجة الاوضاع التي نشأت عن هذه الاحداث”. فيما اكتفى بري بـ5 كلمات بعد اللقاء: “جئنا نُصَبّح على فخامة الرئيس”.
واذا كان ما واكب لقاء بعبدا وما أعقبه من كلام تصعيدي للنائب طلال ارسلان والذي حذّر فيه من تمييع مطلب إحالة حادثة قبرشمون الى المجلس العدلي، وإعلانه الاصرار على هذه الاحالة اكثر من اي وقت مضى، خصوصاً انّ هذا الاصرار جاء بعد زيارة ارسلان برفقة الوزير صالح الغريب الى القصر الجمهوري، قد أوحى انّ لقاء الرئيسين عون وبري قد دار في اجواء سلبية، فإنّ معلومات “الجمهورية” أفادت بأنّ لقاء عون وبري أحاط بكل تفاصيل ما جرى، مع التشديد على إنهاء هذه الازمة واحتواء تداعياتها خصوصاً انّ استمرارها سيدفع الى مزيد من التعقيد الذي تزيد معه الصعوبة في تذليلها، علماً انّ التأثيرات التي نتجَت عن هذا الحادث كانت شديدة السلبية، إن لجهة مناخ القلق الذي ساد على مستوى البلد بشكل عام، او لجهة الأضرار الجسيمة التي لحقت بالموسم السياحي، او لجهة الضرر السياسي الكبير الذي لحق بالوضع الحكومي، ما جعل الحكومة غير قادرة على الانعقاد في ظل هذه الاجواء.
وبحسب المعلومات فإنّ الفكرة التي سَوّق لها بري كمبادرة منه لنزع فتيل التوتير الامني والتعطيل الحكومي، تقوم على ان يتم متابعة حادثة قبرشمون من قبل القضاء العادي، وأن يُعطى الوقت الكافي للتحقيقات الجارية على اكثر من مستوى من اجل كشف حقيقة ما جرى. واذا تبيّن من التحقيق انّ ما جرى يندرج في سياق الجرائم التي تُحال الى المجلس العدلي لتهديدها السلم الاهلي، فلتُحَل اليه. الّا انّ هذه الفكرة ما زالت تصطدم برفض النائب ارسلان وفريقه، على اعتبار انها حادثة مدبرة وهدفت الى اغتيال وزير في الحكومة.
وعلمت “الجمهورية” انّ ارسلان عبّر أمام رئيس الجمهورية امس، عن مخاوفه من المماطلة في ملف الإحالة، رافضاً فكرة الحل التي طرحها بري، الا انّ رئيس الجمهورية طلب اليه التريّث ودراسة المخارج المطروحة.
وقد استمرت حركة المساعي ناشطة مساء امس، وسجّلت حركة اتصالات على الخطوط الرئاسية، وَاكبها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم بزيارة مسائية الى القصر الجمهوري، ثم للنائب ارسلان في دارته في خلده، وذلك في مسعى لبلورة حل سريع.
الجمهورية