مجلة وفاء wafaamagazine
رعى نقيب محررّي الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي إحتفال نقابة معلمي صناعة الذهب والمجوهرات في لبنان لتكريم رئيسة تحرير صحيفة “آرارات” الزميلة آني صرافيان، في مقّر النقابة في الحازميّة بحضور أصحاب الدعوة تقدّمهم النقيب بوخوص كورديان، الوزير السابق الدكتور ريشار قيومجيان ورئيس حزب الهنشاك النائب السابق سيبوه قالباكيان وعدد من ممثلي الأحزاب والهيئات الروحيّة والإجتماعيّة والثقافيّة والفكريّة الأرمنيّة.
بدأ الإحتفال بالنشيد الوطني اللبناني وبكلمة ترحيب لكارمن ليبكي ألقى صاحب الرعاية النقيب القصيفي كلمة رحبّ فيها بالمشاركين في إحتفال التكريم في نقابة المحرّرين، وقال:
أرمينيا لم تمت… لم تسقطها المذابح التي أدمت الضمير الانساني، ولوثته بجائحة المصالح التي لا تقيم وزنا للشعوب وحقّها في الحياة. أرمينيا لم تمت… لأن شعبها حيّ يصنع أقداره ولا يستسلم أبداً… وقد إنتصر الدم على السيف بارادة الحياة التي لازمت الارمن منذ نزوحهم المأسوي من مساقط رؤوسهم بفعل العنف الأعمى الذي قضي على ما يربو عن المليون ونصف المليون شهيد في ليلة أفل عنها الضمير، وسادت فيها روح الشّر والانتقام. إنتصر الشعب الارمني لقضيته بحفاظه على لغته، وتراثه، وتقاليده وثقافة عيشه. حافظ بالقلم، والازميل، والريشة، والحرفة، وكان دعامة رئيسة للمجتمعات المضيفة التي فتحت له القلب قبل الباب، ولم يكن عالة عليها.
هو رفض الصدقة، ومنطق الاعاشة والاستعطاء. أصرّ على إمتلاك ادوات الانتاج، لاعادة بناء كينونته، وتثبيت دوره، وتأكيد حضوره من خلال حرف يجيدها. أدهش العالم بقدرته على النهوض، وبناء الذات. وفي لبنان وسوريا، وسواهما من بلدان الجوار، أعاد صوغ قدراته، وبات رقماً صعباً في منظومة اقتصادها الوطني.
والمكرمّة الليلة من “نقابة معلمي صناعة الذهب والمجوهرات في لبنان” برئاسة الصديق بوغوص كورديان، السيدة آني صرافيان، هي من سلالة هؤلاء الأبطال الذين استنبتوا من الموت حياة، واستولدوا من الظلمة نوراً، وكتبوا مستقيماً. على خطوط متعرجة. وهي حافظت على الامانة، والتزمت في خدمة قضيتها بالكلمة الحق، وحقّ الكلمة، صحافية في جريدة “آرارات” اليومية السياسية التي تصدر باللغة الارمنية، اقول الناطقة باللغة الارمنية، لانها لبنانيّة أولاً في مضمونها، تواكب هموم الوطن بكل تشعباتها وتعقيداتها. ألارمن ارمينيا هم أوفياء للبنان، ولقضاياه. ورجالاتهم في كل مجال، كانوا منارات مشعّة تضيء وتهدي. ومبدعوهم كانوا وما زالوا علامات فارقة على جبين الوطن.
آني صرافيان المنتمية الى نقابة محرري الصحافة اللبنانية، قامة نعتز بها، ونشمخ، لأنها سخّرت وتسخّر مواهبها في سبيل الوطن الذي أبصرها النور، وقضيتها الأم التي تمثل وجعاً مقيماً، ضاغطاً على ضمير الإنسانية، طالما أن هناك من ينكر حصول الفظائع التي طاولت شعباً بأسره. كاتبة من الطراز الرفيع، متعدّدة اللغة طاقة كبيرة، أفق واسع، قلم رشيق، وحضور آسر.
إنك – يا زميلتي – تستحقين هذا التكريم، وهذه الدرع المميزة، وأكثر، يقدّم لك من نقابة أثر عنها الوقوف الى جانب المبدعين، ودعمها لهم، والإضاءة على عطاءاتهم المبرورة.
فألف مبروك… وإلى نجاحات مؤزرّة تسجلينها، يوم فيوم، على دروب الكلمة التي هي البدء، والمبتدأ في ابجدية الخلق.
النقيب كورديان
ثمّ ألقى النقيب كورديان كلمة شكر فيها نقابة المحررين على استضافتها الإحتفال ، وقال: إن نقابة المحرّرين هي منبر للتعبير عن أفكار وأراء اللبنانيين بحرية.
ولقاؤنا اليوم في رحابها هو لتكريم جريدة أرارات عبر تكريم رئيسة تحريرها وأسرتها. وهذه الجريدة بفضل القيمين عليها والعاملين في ظل التواصل قائمًا بين الأرمن المقيمين في لبنان والمنتشرين في كل العالم.
وتكريمنا للسيدة آني صرافيان المناضلة المخلصة للغتنا هو تكريم لكل أمين على تراثنا وتاريخنا. ولهذا قررت النقابة تقديم الدرع الماسي لها عربون وشكر لما قامت وتقوم به من أجل قضايا الإنسان وللثقافة الأرمنية.
المحتفى بها
ثمّ ألقت الزميلة آني صرافيان كلمة شكرت فيها نقابة المحررين التي تنتمي إليها بسخص نقيبها جوزف القصيفي ونقابة معلمي صناعة الذهب والمجوهرات بشخص نقيبها السيد بوخوص كورديان.
في هذه المناسبة العزيزة على قلبي أريد التعبير عن إمتناني وحبّي لوطني لبنان، وطن الديمقراطيّة وحريّة التعبير. أريد التعبير عن حبّي لوطن الأرز الذي يحتضن كل أبنائه بمن فيهم أبنائه من الطائفة الأرمنية الذين أعطاهم حقوقهم كاملة واعتبرهم أبناءه.
وتحدثت المحتفى بها عن جريدة أرارات التي انطلقت عام 1937 وما زالت مستمرة برسالتها على الرغم من كل التحديات والصعوبات الإقتصادية والإجتماعية والأمنيّة التي تواجهها. ووجهت شكرها إلى حزب الهنشاك الإشتراكي الديمقراطي الذي إهتم منذ اليوم الأول لصدور الجريدة وما زال يهتم بكل إحتياجاتها الإداريّة.
وقالت: سنتابع رسالتنا على الساحة اللبنانيّة وفي الطائفة الأرمنية مع كل مندوبينا ومراسلينا في عدة دول لنستمر في رسالتنا مواكبين التطور التكنولوجي عبر موقعنا الإلكتروني الذي يوصل فكرنا الحر وكلمتنا الحرة إلى العالم بأسره. وفي هذه المناسبة العزيزة أعلن لكم أن جريدة أرارات باتت اليوم في أيدي شيوخ الأرمن وشبابهم وشاباتهم. وسنكمل على هذا الدرب بإذن الله.
الدرع الماسي
وبعدما تسلمت المحتفى بها درع نقابة معلّمي الذهب والمجوهرات الماسي من النقيبين القصيفي وكورديان ألقى الوزير السابق ريشار قيومجيان كلمة جاء فيها:
لقاؤنا في نقابة المحررين وبحضرة النقيب جوزف القصيفي، له معان عديدة وكبيرة. له معنى كبير لحرية الصحافة التي يجسّدها النقيب القصيفي منذ عقود من الزمن الذي إلتقينا معه فيه على حرية لبنان وكرامته وسيادته. وهناك ،ربما، لم يعرف إن النقيب القصيفي، هو من المناضلين القدامى الذين دافعوا عن لبنان وعن الحرية فيه. ومن الطبيعي أن يتوّج مسيرته النضاليّة بالتربع على رأس نقابة محرري الصحافة التي تدافع عن الحريات العامة وحرية الكلمة وحرية التعبير والفكر الحرّ. فألف تحيّة لك نقيب.
وقال: لبنان والأرمن والحرية يختصرون معنى وجود هذا الوطن. نحن لم نأتِ إلى لبنان صدفة. نحن جئنا إلى لبنان وبقينا فيه لأنه بلد الحريات وواحة حرية. في لبنان أعدنا بناء كنائسنا ومدارسنا وجامعتنا. الأرمن موجودون في كثير من دول العالم وفي الشرق الأوسط، لكن البطريركيات هي في لبنان، لأنه هو الضامن والحامي لحريتنا ولوجودنا والحامي لإيماننا بالله. وجودنا في لبنان ليس صدفة.
وقال: ويبقى لي أن أتحدث عن جريدة أرارات وعن المحتفى بها، آني. دور جريدة أرارات وحزب الهنشاك كذلك ليس صدفة. الأرمن عندما إنتقلوا إلى لبنان مع كنائسهم وأحزابهم وتراثهم ولغتهم ومع كل إرثهم الثقافي.
هناك مَن حاول القضاء على الشعب الأرمني وإبداته ولكن نحن مثل طائر الفينيق ومثل لبنان نقوم دائمًا من تحت الركام والردم، وقمنا وتابعنا مسيرتنا الإيمانيّة والثقافيّة والحضاريّة. طبعًا، حزب الهنشاك لعب دورًا كبيرًا ومعه جريدة أرارات للمحافظة على هذا التراث واللغة وللمحافظة على الحضارة والفكر الأرمني في كلّ أبعاده.
تكريم آني تكريم مستحق لمن عبّرت بصدق عن الوفاء للأرمن وللبنان. جريدة أرارات هي باللغة الأرمنيّة ولكنها تنبض عرقًا ودماء لبنانيًا ومن أجل الدفاع عن لبنان وقضاياه. من الطبيعي أن تكون للأرمن جريدة باللغة الأرمنيّة، كما هناك صحف بالفرنسيّة والإنكليزية. جريدة باللغة الأرمنيّة هي للدفاع عن القيم وعن التراث والفكر والثقافة الأرمنيّة، كي لا يعيش الأرمن ، بيولوجيًا فقط على هذه الأرض. رسالتنا هي جزء من رسالة لبنان. وكما قال يومًا المغفور له الكثوليكوس كراكين الثاني، أن الأرمن لم يساهموا في بناء لبنان، بل هم جزء أساسي من الذين بنوا لبنان.
شكرًا لك آني على كل جهد تقومين به، ليس فقط في الصحافة، بل في الثقافة والكتابة والشعر ونحن نفتخر بك والطائفة الأرمنية في لبنان وفي الإغتراب تنظر بإعجاب إلى كل الجهود التي تقومين بها من الأرمن ومن أجل لبنان وإلى المزيد والنجاحات والتألق.
مرة جديدة أشكر النقيب القصيفي على إصراره أن تستضيف النقابة تكريم صحافية تفتخر بالإنتماء إلى هذه النقابة إلى حيث الحرية والنضال من أجل حريّة الكلمة وحريّة لبنان.