مجلة وفاء wafaamagazine
ترجح تصريحات وتحليلات ووقائع باقتراب أزمة اقتصادية كارثية على لبنان، الذي يعاني أصلا من وضع معيشي صعب، نتيجة تدهور سعر صرف العملة مقابل الدولار الأميركي، إضافة إلى الفساد المستشري أصلا في مؤسسات الدولة، لتأتي أزمة كورونا ومن بعدها إنفجار مرفأ بيروت ليزيدا الأمر سوءا ويضعا الشعب أمام أبواب مجاعة حقيقية قد تهدد طبقة كاملة من المجتمع.
الخطر الحقيقي بدأ يلوح في الأفق فعلا، فقد صرح مصدر مسؤول في مصرف لبنان لوكالة “رويترز” قائلا إن المصرف لا يمكنه الاستمرار بدعم أسعار الوقود والأدوية والقمح إلا لثلاثة أشهر.
ويأتي ذلك بالتزامن مع كلام حاكم مصرف لبنان رياض سلامة خلال مقابلة مع “عرب نيوز” إن المصرف المركزي لا يستطيع استخدام احتياطي المصارف لتمويل التجارة، وأنه بمجرد الوصول لعتبة الاحتياطات، يتوقف الدعم.
وفي هذا السياق، شرح الخبير الاقتصادي لويس حبيقة في حديث لموقع “الحرة” أن “الاحتياطي الإلزامي الذي يجب أن يتوفر في البنك المركزي هو 17.5 مليار دولار، فيما الاحتياطي الموجود يقدر بـ 20 مليار دولار، وهناك نحو 200 سلعة يشملها الدعم ومنها الأدوية والقمح والفيول”.
وبالعودة إلى كلام حاكم مصرف لبنان فإنه يرى مخرجاً لأزمة دعم السلع الغذائية عبر وسائل تمويل أخرى، سواء من خلال البنوك أو من خلال صندوق تم انشاؤه في الخارج، يسمّى أوكسجين”.
ورداً على صندوق أوكسجين، أكد حبيقة أن “الأموال الخارجية لن تكون كافية للدعم، والهبات كذلك ستكون محدودة ومشروطة بالإصلاحات التي يطالب بها المجتمع الدولي”.
وأعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تأييده التدقيق في حسابات مصرف لبنان من قبل خبراء بنك فرنسا من أجل دفع المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، لافتاً إلى أن “شركتين دوليتين أجرتا تدقيقا لحسابات مصرف لبنان منذ 1993، وتم إرسال التقارير الأخيرة لهذا التدقيق إلى صندوق النقد الدولي في بداية المفاوضات”.
وكانت صحف أجنبية تحدثت عن سوء الأوضاع المعيشية في لبنان، ومنها صحيفة “التلغراف” البريطانية التي رسمت في تقرير أعدته مراسلتها في بيروت سيناريوهات سوداوية عن الوضع الاجتماعي في لبنان، متوقعة أن يموت الناس من الجوع جراء الأزمات المتلاحقة التي تعصف بلبنان.
وهنا يؤكد حبيقة أن “لبنان مقبل على وضع صعب للغاية، وذلك بسبب الفساد المستشري في المؤسسات المالية والاقتصادية والسياسية، والمواطن محبط”، وقال: “نحن في حالة لا نحسد عليها”.
ووفقاً لتقرير حديث للأمم المتحدة، بحلول نهاية نيسان كان أكثر من نصف السكان يكافحون للحصول على المنتجات الأساسية مثل الطعام، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 56% منذ نهاية تشرين الاول وتشير النتائج الأولية إلى أنها ارتفعت بين منتصف آذار وأيار فقط بنسبة 50%.
وساعدت جائحة كورونا في تفاقم الأزمة الاقتصادية وارتفاع البطالة وانخفاض قيمة الأجور وارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى وجود حوالي 1.5 مليون لاجئ سوري، وهو الأعلى على مستوى العالم مقارنة بعدد السكان.
وفي إطار الحديث عن أسباب الأزمة، قال حبيقة إن “جوهرها سياسي”، ورأى أن “الحل يجب أن يكون بتشكيل حكومة من الوجوه الجديدة بعيدا عن المسؤولين المتعاقبين منذ 2013 أي تاريخ إدخال الباخرة التي حملت نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت”.
وعن الحلول قال حبيقة: “ترتهن الحلول بإصلاحات سياسية واقتصادية، وبمكافحة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، وبالقضاء على التهريب عبر المعابر غير الشرعية، ليتم بعدها تقديم الدعم والمساعدات للبنان، سواء عبر صندوق النقد الدولي أو مؤتمر سيدر أو غيره من الجهات والمبادرات”.
لكن المشهد يبدو سوداوياً بحسب حبيقة الذي قال إن “بيروت طارت، وهذا محزن للغاية، المساعدات لا تصل إلى المواطنين، وتذهب إلى جمعيات خاصة بالسياسيين وتوزع في مناطقهم، وهذا شيء مقلق”، متسائلا: “من سيضبط الوضع ويتحمل المسؤولية؟”.