الأخبار
الرئيسية / محليات / قبلان :البلد في خطر داهم والإنقاذ يحتاج إلى رجال دولة

قبلان :البلد في خطر داهم والإنقاذ يحتاج إلى رجال دولة

مجلة وفاء wafaamagazine

تطرق المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في رسالة الجمعة لهذا الأسبوع إلى معاني عاشوراء، معتبرا أنه “في مدرسة سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين(ع) الحق أولا، والذي يتمكن من الحق يتمكن من أكبر أسباب القوة. والذي لا شك فيه أنه حيث يكون الحق يكون الحسين، من خلال بيوتنا، من خلال أسرنا، من خلال العمل والمهنة والعمل السياسي والوطني والأخلاقي، وباقي الميادين، فما كان حقا، رددناه إلى الحسين وما كان باطلا رد إلى يزيد. والناس مهما اختلف الزمان والمكان هم بين الحسين ويزيد”.

وأشار المفتي إلى أن “الحسين هو مدرسة ونهج، وكرامة عيش، ومنطق حياة، وثورة على الظالم والفاسد والطاغي، بل هو مشروع أمة، غاية وجودها “الإنسان”. لذلك لا يمكن أن يتجانس التجهيل والتجويع والسلب والنهب واللصوصية والفساد الأخلاقي والسلوكي والتجاري مع نهج الحسين، والولاء للحسين، فحيث وجد الإصلاح كان الحسين، وحيث وجد الفساد كان يزيد. ولذلك أصر الإمام الحسين على حماية السلطة السياسية من الفاسد، لأن السلطة إذا فسدت أفسدت كل شيء. من هنا كانت ثورة سيد الشهداء، ولأجل الإصلاح وفي سبيله قدم دمه فيها، مؤكدا على أن السلطة عدل وحق وبرامج، وليست استبدادا ولا تسلطا ولا هيمنة على الثروة، ولا تحكما بإدارة شؤون الناس وفق نزعات من يحكم”.

أضاف المفتي قبلان: “لقد كان شعار يزيد “اقتلوا الحسين ولو كان معلقا بأستار الكعبة”، وهو الذي قال “ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل، لأهلوا واستهلوا فرحا وقالوا يا يزيد لا تشل”، فيما كان شعار الإمام الحسين “إني لم أخرج أشرا ولا بطرا، ولا مفسدا ولا ظالما إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي” والقاعدة عنده “لا نبالي أوقعنا على الموت أو وقع الموت علينا ما دمنا على الحق”. وهو الذي أطلق الشعار المدوي لفلسفة ثورته وقيامه بقوله “من لحق بنا استشهد ومن تخلف لم يبلغ الفتح”. لأن القضية عند الإمام الحسين أن يكون الإنسان أبيا واعيا شجاعا محصنا بحقيقته، ومنطق حقوقه، ومسلكياته الفردية والعامة، لا تأخذه في الله لومة لائم، وسط قيم سلطوية واجتماعية وتربوية ومدنية وغيرها، تؤكد قداسة الإنسان، لا قداسة السلطة، وقداسة الشعب لا قداسة الحاكم بما هو حاكم، وقداسة البرامج كضامن فعلي لمصالح الناس، وليس السلطة بما هي مركز نفوذ واستئثار”.

لافتا إلى أن “المبدأ في كربلاء الحسين، هو الإنسان، الإنسان بقداسة حقوقه، بكرامته، بإنسانيته، وهذا ما نطرحه دائما، ولذا نرفع الصوت عاليا من أجل سلطة عادلة، سلطة ضامنة لحقوق الناس، سلطة لا تنحاز إلا للحق، سلطة من دون صفات، سلطة من دون تقاسم حصص، سلطة بلا سكاكين طائفية، سلطة لكل الناس، سلطة مؤسسات وبرامج بعيدا عن الشخصنة والزبائنية ولعبة المصالح والمتاجرة بالناس عن طريق التحريض الطائفي والمذهبي، وتعميق الشرخ بين اللبنانيين من خلال تخويفهم من بعضهم بعضا، وهذا ما نعيشه في هذا البلد، وما نشهده يؤكد أننا نمر بأسوأ مرحلة وأخطرها، وقد تكون مفصلية في تاريخ لبنان واللبنانيين. من هنا نحن ندعو إلى تشكيل حكومة في أقرب وقت ممكن، حكومة إنقاذ قادرة على التواصل مع الشرق والغرب، ولديها من المؤهلات والكفاءات ونزاهة الكف والسيرة ما يمكّنها من تنفيذ برنامج إصلاحي جذري، وقيام دولة حقيقية ومؤسسات فاعلة خارج كل الحسابات الطائفية والمصلحية، لأن المطلوب إنقاذ البلد، وليس هذه الطائفة أو تلك. البلد في خطر داهم والإنقاذ يحتاج إلى رجال دولة وإلى شجاعة وصراحة في اتخاذ القرارات المصيرية والتاريخية، وعلى القوى الوازنة في البلد أن تتحمل المسؤولية، فالوقت ضيق، والبلد لم يعد يحتمل مناورة سياسية من هنا أو هناك، فالكل معنيّ ومسؤول أمام الله والتاريخ والناس، وأي إبطاء في عملية الإنقاذ يعني أننا أمام لعبة الشوارع والدولار والأسعار، وما يستتبع ذلك من فتن وكوارث قد تكون القاضية”.

وطالب المفتي قبلان ب”سلطة تجمع ولا تفرق، سلطة يطمئن لها الجميع وتكون في خدمة الجميع، سلطة لا تخدع الناس ولا تنهبهم ولا تفسد عيشهم، سلطة تصون السلم الأهلي وتعزز الاستقرار وترسخ العيش المشترك، وتكون جديرة وموثوقة من الداخل والخارج، وتعمل من أجل لبنان الواحد، لبنان التنوع، لبنان المسلم والمسيحي معياره الإنسان والكفاءة، وليس التبعية ولغة الإملاءات أو الانخراط في الزواريب السياسية الإقليمية والدولية التي تعمل على إسقاط الدولة”.
وأكد المفتي قبلان أن “المطلوب تسمية رئيس حكومة وطني ضمن مشروع حكومي قوي وضامن، يكون قادرا على تأليف حكومة من دون معوقات أو عصي في الدواليب، لأن الفراغ مدمر، والسقوط سيطاول الجميع”.

وعن الاعتداءات الإسرائيلية، اعتبر المفتي أن “ما قامت به إسرائيل هو عدوان على لبنان واللبنانيين بكل معنى الكلمة، وليس له أي تفسير أو تبرير، فإسرائيل هي كيان عدواني واستفزازي، وما نشهده يوميا في البر والبحر والجو يؤكّد أن التعامل مع هكذا عدو لا يكون بالتطبيع، ولا بالتطنيش، بل بالوقوف صفا واحدا وبإرادة صلبة مع ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، كونها الصيغة المثلى والضمانة الرئيسية والوحيدة والفريدة من نوعها لحماية لبنان وتعزيز كيانه وسيادته واستقلاله”.