مجلة وفاء wafaamagazine
لارا الهاشم
لا يزال كابوس الرابع من آب يخيّم على اللبنانيين الذين لم يتوصلوا حتى اليوم إلا إلى ثابتة واحدة وهي أن الاهمال قد أدى إلى تدمير عاصمتهم وخطف أرواح المئات. ولأن الخوف من عدم مراعاة المؤسسات العامة المانحة للتراخيص معايير السلامة العامة، بات مهيمناً، تقدّمت شركة Sleep Comfort بشخص رئيس مجلس ادارتها نويل أيوب وشركة ايوب للانماء والتسليف بطلب وقف أعمال شركة Unigaz فورا أمام قاضي الأمور المستعجلة في المتن وبطلب إبطال الرخص الممنوحة لها أمام مجلس شورى الدولة.
أما السبب فهو أن الأخيرة تقوم ببناء خزان هائل الحجم لتخزين الغاز بمحاذاة عقاري المستدعيين كما يتم التحضير لخزان ثان بحجمه. مشكلة الانشاء أنه “يقع في منطقة مكتظة بالسكان وفي قلب منطقة صناعية تضم عشرات المباني الصناعية والمؤسسات التجارية والمحلات في برج حمود، وهي منطقة ذات أهمية استراتيجية قصوى بالنسبة للاقتصاد اللبناني ككل. كما أنه بعد استمزاج رأي العديد من أصحاب الاختصاص، تبيّن للمستدعيين بما لا يقبل الشك أن خزانا بالحجم الذي يتم بناء كل من الخزانين المذكورين فيه، يفترض أن يكون في منطقة بعيدة عن المناطق الآهلة بالسكان أو المناطق ذات الطبيعة الاستراتيجية والحيوية من الناحية الاقتصادية. أضف إلى ذلك أنه قد يشكل خطرا داهما ليس فقط على السكان والقاطنين في المحلة والداخلين والخارجين اليها، بل وأيضا على جميع الأنشطة الاقتصادية في المنطقة وعلى المصانع والشركات وأصحابها والعاملين فيها”.
في صلب الشكوى التي حصل tayyar.org على نسخة منها، يستند المستدعيان إلى تجربة تعود لعام 1989 حيث انفجر خزان غاز في منطقة قريبة من عقارات الشركة المذكورة كان يتم فيها تخزين الغاز السائل وأدى إلى تدمير قسم مهم من منطقتي برج حمود والدورة وإلى سقوط ضحايا وجرحى بالمئات وإلى تدمير العديد من المؤسسات الصناعية والتجارية والمنازل السكنية وإجبار آلاف السكان على ترك منازلهم. كما أدى الانفجار المذكور إلى انبعاث غازات سامة أدت إلى تلوث الهواء في كامل مساحة لبنان وصولا إلى قبرص وسوريا. حادثة أخرى مماثلة تستند إليها الشكوى وقعت في أحد خزانات الغاز التابعة ل Unigazمنذ سنوات والكائن في موقع الشركة نتج عنها حريق هائل استمر لأكثر من عشرين يوما أدى إلى هرب جميع من كان يتواجد في المنطقة القريبة منه وتركها لفترة تجاوزت العشرين يوما ولم ينطفئ الحريق إلا بعد نفاذ كامل مخزون الغاز.
وعليه وقّع جميع شاغلي العقارات المجاورة لعقار Unigaz عريضة موجهة إلى المراجع المختصة اعتراضاً على تركيب الخزانين المذكورين بعد استشعارهم الخطر الداهم الذي يتهدّدهم وحياتهم وعائلاتهم. في المقابل ترتكز شركة Unigaz لمتابعة أعمالها إلى أربعة تراخيص ممنوحة لها من قبل كل من وزارة الطاقة والصناعة والأشغال ومن قبل بلدية برج حمود.
في الترخيص الممنوح من وزير الصناعة السابق حسين الحاج حسن عام 2017، مُنحت الشركة الترخيص لإزالة خزانات الغاز القديمة واستبدالها بخزانات كروية ضمن معايير فنية معتمدة، على أن يقتصر العمل على الاستبدال والتمديدات الفنية من دون أي تغييرات أخرى تقتضي تعديلا في الترخيص. إلا أن وزارة الطاقة لم توافق على الاستبدال في 16/03/2018، إذ جاء في كتابها: “خلصت المديرية العامة للنفط بما يعود لها من صلاحيات قانونية الى عدم الموافقة على طلب الاستبدال”. وبالتالي فان موافقة وزارة الصناعة أصبحت من دون أي قيمة قانونية كما يؤكد أحد وكلاء الدفاع عن شركة Sleep Comfort ل tayyar.org خاصة أن وزارة الطاقة رفضت كامل المشروع والذي ارتكزت عليه وزارة الصناعة لإعطاء الموافقة.
إلا أن وزارة الطاقة عادت ومنحت ترخيصا لاستبدال خزانات قديمة بخزانين كرويين يتسع كل منهما /5060/ متراً مكعباً من الغاز محدّدة بدقة مكان تركيبهما، وربطت التركيب بالاستبدال استنادا إلى خرائط فنية وشروط محددة تضمن الاستحصال من المراجع الرسمية المختصة على التراخيص اللازمة. لكن ما دفع بالوكلاء القانونيين للشركتين المستدعيتين “للطعن بقرار الطاقة هو عدم احترام شركة الغاز الشروط المطلوبة”.
إذ تبين بحسب ما تؤكد مصادرهما لtayyar.org أن الاستبدال وبالتالي تركيب الخزانين الجديدين المشكو منهما لم يحصل بالمكان ذاته الذي كانت موجودة فيه الخزانات القديمة المطلوب استبدالها، كما أن الخزانين الجديدين ليسا معدّين للاستعمال ذاته الذي كان يعود للخزانات القديمة المطلوب استبدالها كما سبقت الإشارة اليه. أما بالنسبة للترخيص الصادر عن وزارة الأشغال العامة والنقل، فاعتبره الوكلاء القانونيون أيضاً غير قانوني ولم يراع مبدأ السلامة العامة فضلاً عن أن شركة Unigaz أقدمت على البناء من دون الحصول على تراخيص. وفي الشق المتعلّق بالترخيص الصادرعن بلدية برج حمود فقد استند إلى ترخيص وزارة الصناعة الباطل وغير القانوني بحسب وكلاء الدفاع، من دون أن يطلب إلى شركة Unigaz تقديم ملف فني يتضمن موافقة نقابة المهندسين واتحاد بلديات المتن والتنظيم المدني. غير أنه يخالف مبدأ السلامة العامة ويعرض منطقة برج حمود لخطر كبير في انفجار أي من الخزانين كما جاء في نص الدعوى.
tayyar.org حاول الاتصال بالوكيل القانوني لشركة Unigaz لكنه رفض إعطاء أي تصريح مكتفيا بالقول أن الملف أمام القضاء وبالتالي فلا تعليق.
في غضون ذلك علم tayyar.org أن المديرة العامة للنفط اورور فغالي دعت إلى اجتماع يوم الاثنين المقبل يضم مهندسين ميكانيكيين ممثلين عن الشركات وممثلين عن مركز البحوث والإنماء وشركات IRI و Apave و Bureau Veritas للمراقبة للبحث في المشروع وتحديد المخاطر وتحديد المسار اللاحق. علما أن مصادر مطلعة على رأي المديرية العامة للنفط تنقل عنها ل tayyar.org أن هذا النوع من الخزانات يتم استيراده من الخارج وتجميعه في لبنان، وبالتالي فان تصنيعها محليّاَ يطرح علامات استفهام حول مدى صلاحيتها. كما أن تكبير الحجم يقود إلى سؤال بديهي: هل الهدف هو فعلا الاستبدال أم زيادة السعة التي قد تكون كارثية في حال حصول أي حادثة؟
التيار