الثلاثاء 06 آب 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
لم يكن غريباً ان تتصاعد في الساعات الاخيرة التداعيات السياسية الحادة لحادث قبرشمون بعد شهر واسبوع تقريباً من حصوله في ظل تشظي التفاعلات السياسية والقضائية المتضخمة لهذا الحادث بما ينذر بازمة لا أفق واضحاً لسقفها ما دامت كل محاولات الفصل بين تداعيات الحادث والواقع الحكومي المعطل قد باءت بالفشل حتى الآن.
ولعل الحديث الذي نشرته “النهار” امس لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون دفع الواقع الناشئ عن هذا الحادث الى زاوية أشد تعقيداً وسخونة في ظل اعلانه مواقف زادت التوتر المتصاعد بقوة بين العهد والحزب التقدمي الاشتراكي الذي ستكون له اليوم محطة أساسية بارزة في توضيح موقفه القانوني من مجريات التحقيقات والاجراءات الجارية في القضاء العسكري من جهة والجانب السياسي المتصل بمجمل هذه القضية والافرقاء المعنيين بها من جهة أخرى.
ولعل أبرز المؤشرات لتصاعد الازمة في البلاد ظهرت بوضوح أمس في كلام لافت لرئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لم يخف قلقه المتصاعد على مجمل الوضع الداخلي، الامر الذي أثار مخاوف جدية وتساؤلات عن مصير كل المبادرات والوساطات التي بذلت وكانت آخرها للرئيس بري نفسه ولم تؤد الى اختراق جدران الازمة. وقد أكد بري “ان لا إستثمار ولا نهوض بالصناعة أو الزراعة أو السياحة أو الإقتصاد من دون الإستقرار السياسي والأمني”، ملاحظاً ان “الإستمرار بالوضع القائم حالياً يبقي لبنان مشوه حرب ينتظر على رصيف المؤسسات الدولية وأبواب الدول المانحة مستجدياً القروض والهبات”.
وأضاف: “نمر بفترة خطيرة جداً نأمل ان نتجاوزها قريباً جداً”. وجاءت مواقف الرئيس بري لدى ترؤسه أمس في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة حواراً لدعم الصناعة اللبنانية في إطار الحملة التي أطلقتها “النهار” بالتعاون مع وزير الصناعة وائل ابو فاعور تحت عنوان “كل نهار وصناعتنا بخير” وبمشاركة ممثلي مختلف الكتل النيابية والذي انتهى الى وضع الوزير أبو فاعور ورقة بالاقتراحات والتوصيات لدعم الصناعة حازت موافقة اجماعية من الكتل برعاية الرئيس بري. وتنشر “النهار” الملحق الخاص بهذه المبادرة الخميس المقبل.
لا جلسة قريباً
في غضون ذلك، أفادت مصادر رسمية مطلعة على موقف رئيس الجمهورية ان لا جلسة لمجلس الوزراء قريباً و”الكلمة اليوم هي للقضاء وبعد صدور نتائج التحقيقات يتقرر ما اذا كانت قضية قبرشمون ستحال على المجلس العدلي او على القضاء العادي”.
ورأت المصادر ان رئيس الجمهورية “لا يتعدى على صلاحيات رئيس الحكومة، والمادة 53 من الدستور واضحة في الفقرة 12، بأن رئيس الجمهورية يستطيع دعوة مجلس الوزراء للانعقاد بالاتفاق مع رئيس الحكومة”.
وقالت إنه بعدما حاول الرئيس عون معالجة تداعيات حادث قبرشمون من خلال العمل على خطوط ثلاثة :امن وقضاء وسياسة، كانت نتيجة هذه المحاولات ترك هذه القضية للقضاء ليقول كلمته وعندها يكون لكل حادث حديث.
وأوضحت المصادر “ان الرئيس عون كان يريد دائماً المصالحة وهي كانت بنداً أساسياً “من بنود المبادرة. ولكن اليوم اقفلت كل الفرص والمجالات”، مشيرة الى ان مواقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط “تبدلت بعد لقائه مجموعة سفراء الدول الكبرى”.
وخلصت الى أن رئيس الجمهورية، “بعد استنفاد كل الاوراق السياسية وبعدما وافق على الطلبات، يرى اليوم وجوب ان يأخذ القضاء مجراه مع الإشارة الى ان قاضي التحقيق مارسيل باسيل أصدر مذكرات توقيف بحق اربعة مشتبه فيهم”.
وكان الكلام الاخير للرئيس عون والذي نشرته “النهار” رفع وتيرة التوتر الى ذروته بين العهد والحزب التقدمي الاشتراكي وعكس تصريح للنائب مروان حماده المناخ التصعيدي اذ وصف هذا الكلام بانه “مردود إلى مصادره أولاً، ثم وخصوصاً إلى الصهر المدلل الذي يغلّب مصلحته الخاصة وطمعه بالرئاسة المبكرة على سلامة لبنان الداخلية والخارجية”.
وقال: “لن نسكت بعد اليوم على أي إتهام باطل، محذرين من أن اللعب بالقضاء على حساب الحقيقة سيرتد على أصحاب المكامن الحقيقية، وزراء البلاط الذين يحوكون منذ أشهر طويلة مؤامرة لاطاحة المصالحة التاريخية ويعملون على تحويل النظام اللبناني الديموقراطي البرلماني إلى ديكتاتورية فاشية عائلية”.
رد الاشتراكي
وتعقد قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي مؤتمراً صحافياً ظهر اليوم في مقر الحزب بوطى المصيطبة للحديث عن آخر التطورات المتصلة بهذا الملف. وقال مصدر معني في الحزب لـ”النهار” إنه من المتوقع ان يرفع الحزب سقف المواجهة السياسية والقضائية تحت قاعدة الثوابت التي يركز عليها دائماً رئيس الحزب وليد جنبلاط ولا سيما منها التزام الدستور والمؤسسات واستقلالية القضاء.
وقال المصدر إن الحزب سيكشف عناصر جديدة من وجوه التدخل السافر في القضاء العسكري والمحكمة العسكرية لكي تتطابق الاتهامات القضائية مع الاعتبارات السياسية على رغم ان التحقيقات التي أجراها فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي أكدت انه لم يكن هناك مكمن ولا محاولة لاغتيال وزير وان الفريق الآخر هو من باشر اطلاق النار.
كما ان الحزب سيثير تساؤلات مريبة عن أكثر من شهر من تعطيل البلد ومن ثم المغزى المحتمل للحديث الطارئ عن تدبير مكمن مزعوم لوزير الخارجية جبران باسيل. واشار المصدر الى ان الحزب سيقوم بكل الاجراءات القانونية وفق الاصول لدى المحكمة العسكرية في ظل ما حصل أخيراً من اقصاء أحد القضاة عن الملف واستدعاء قاض آخر من العطلة القضائية بما يثير الريبة والشكوك.
في المقابل، أوضح مرجع قضائي لـ”النهار” انه ارتؤي أن يتسلم ملف حادث قبرشمون قاضي تحقيق عسكري واحد ليتابع التحقيق فيه الى حين إصدار قراره في صدده، بدل أن يتناوب على هذا الملف أكثر من قاض. وفي السياق، يعود الى قاضي التحقيق العسكري المناوب أن يبدي رأيه في مدى قبوله السير بهذا الملف أو عدمه، فاستقر هذا الملف عند قاضي التحقيق العسكري مارسيل باسيل.
وقد أُحضر الموقوفون الأربعة فيه إلى دائرته أمس، فاستمهلوا استجوابهم لتعيين محامين وكلاء عنهم، وقرر القاضي باسيل إمهالهم مدة 24 ساعة لهذا الغرض، وأصدر مذكرات توقيف وجاهية في حقهم سنداً إلى مواد الادعاء. ويُتّخذ إجراء إصدار مذكرات التوقيف لقطع مدة التوقيف الاحتياطي عند تقرير تخلية موقوف أو احتسابها عند صدور حكم.
المصدر: النهار