الأخبار
الرئيسية / سياسة / تعميم “أمر العمليات”… وأديب نحو الاعتذار

تعميم “أمر العمليات”… وأديب نحو الاعتذار

مجلة وفاء wafaamagazine 

 كتبت صحيفة ” النهار ” تقول : ‎ما كان لا يزال خافياً في اليوم الأول من انكشاف بدايات الانقلاب على المبادرة الفرنسية ‏وعلى التشكيلة الحكومية للرئيس المكلف مصطفى أديب، اكتملت حلقاته امس من خلال ‏استكمال ما سمي استشارات جديدة اجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع رؤساء ‏الكتل النيابية او ممثليهم ممن شاركوا فيها. وهي استشارات كشفت فظاعة الاستهانات ‏السافرة المتكررة بالأصول الدستورية والطائف بحيث سجلت رئاسة الجمهورية في هذه ‏الجولة الجديدة سابقة ناشزة غير مسبوقة في قضم الصلاحيات، فاذا برئيس الجمهورية ‏يبدو في موقع من يشكل الحكومة ويستدعي رؤساء الكتل لجولة استشارات إضافية ليست ‏من صلاحياته، فيما الرئيس المكلف يتوارى بغرابة شديدة مختفيا عن الأضواء.


واذا كان ما ‏شهده قصر بعبدا شكل في ذاته الجانب الشكلي السافر من انتهاك الدستور والطائف ‏المتصاعد على ضفة التأزم الذي اصطدم به الاستحقاق الحكومي، فان البعد السياسي الاخر ‏الأشد سوءا تمثل في الطابع شبه الأحادي لهذه الاستشارات، اذ بدت في الغالب كانها ‏استشارات “اهل البيت” السلطوي أي تحالف العهد وقوى 8 آذار، ولم يخترق المشهد الا ‏الرئيس نجيب ميقاتي امس وقبله النائب سمير الجسر. واذا كان العهد في رده على انتقاد ‏اللقاء الديموقراطي للاستشارات التي قاطعها كما فعلت كتلة “القوات اللبنانية” بدا مكابرا ‏حيال اسقاط الأصول الدستورية ومستخدماً اجتهادات باتت مكشوفة لفرط استعمالها كلما ‏أريد لخطوة متجاوزة للدستور ان تفرض كأمر واقع، فان هذا التبرير لم يخدم محاولة العهد ‏وحلفائه التستر عن توزيع الأدوار المكشوف لإجهاض تشكيلة مصطفى أديب وربما دفعه ‏للاعتذار عن تشكيل الحكومة، فيما بدأت تلوح معالم دفع مكشوف من جانب الثنائي ‏الشيعي خصوصا لابقاء البلاد تحت وطأة تصريف الاعمال الطويل الذي تتولاه حكومة ‏الرئيس حسان دياب المستقيلة ربما الى ما بعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة ‏في تشرين الثاني المقبل. ذلك ان التصعيد الكبير الذي طبع موقف الثنائي الشيعي والذي ‏ابلغ بطريقة رسمية مثبتة الى الرئيس عون امس تحت شعار الرفض المطلق للتخلي عن ‏حقيبة المال غير القابل للمراجعة او التراجع، بل واشتراط تسمية الوزير الذي سيشغل هذه ‏الحقيبة، وكذلك تسمية كل الوزراء الشيعة، رسم اطارا صداميا مكشوفا للموقف الشيعي ‏في مواجهة كل من الرئيس المكلف والفريق السني الذي يدعمه وتحديدا الرئيس سعد ‏الحريري ورؤساء الحكومات السابقين كما في مواجهة المبادرة الفرنسية التي راح بعض ‏الغرف السياسية والإعلامية المرتبطة بالثنائي الشيعي يروجون معطيات مزعومة عن ‏اتجاهها الى الأخذ باشتراطات الثنائي بل والضغط المزعوم على الفريق الداعم للرئيس ‏المكلف لاتباع المرونة مع اشتراطات الثنائي الشيعي. في أي حال لم تتأخر الوقائع الحقيقية ‏في تظهير ما انكشف من وجود “غرفة عمليات” سياسية لم تعد مهمتها محصورة بإدارة ‏معركة الثنائية الشيعية وحدها بل اتسعت لتوزيع التوجيهات على حلفاء الثنائي من قوى 8 ‏آذار. وانكشفت هذه المعطيات بوضوح من خلال اتساع عدوى الاشتراطات لدى الكتل ‏النيابية الحليفة للثنائي ولو من أبواب أخرى غير تلك التي يتشبث بها الثنائي بما يكبل واقعيا ‏الرئيس المكلف ويجعله امام احراج شديد بين ان يسلم بقواعد عادت القوى السياسية ‏لتمليها عليه وتفرضها كأمر واقع، وكأنه يحكم على مهمته وحكومته برمتها بالانتحار ‏الاستباقي، وبين ان يرمي كرة التحدي في وجه المعرقلين والمنقلبين على تعهداتهم امام ‏الفرنسيين بما يثير خطر انفجار سياسي ومذهبي لا تحتمله البلاد.


ولذا قيل ان الرئيس ‏المكلف سيكون جاهزا لاحتمال اعلان اعتذاره ما لم تخضع اشتراطات المعرقلين لتدوير ‏زوايا وإعادة نظر. ولعل الساعات المقبلة التي ستشهد لقاء في قصر بعبدا بين الرئيس ‏عون والرئيس المكلف مصطفى أديب لاطلاع الاخير على نتائج الاستشارات التي اجراها ‏رئيس الجمهورية ستشكل مفترقا حاسما في قرار أديب الأقرب الى الاعتذار بعدما ضربت ‏مهمته كما أجهضت المبادرة الفرنسية‎.‎
‎ ‎
خيار الاعتذار
ووفق المعلومات ان خيار الاعتذار هو احد ابرز الخيارات الجدية. وتقول مصادر مطلعة ‏على موقف الرئيس المكلّف انه ” ليس متمسكاً بالتكليف ولا يريد تحدي اي طرف كما لا ‏يريد ان يتخلى عن مبادئه بتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين غير منتمين سياسياً، ‏فحكومته هي “حكومة مهمة” وهو الذي يسمي الوزراء وهو ليس سياسياً لتكون حكومته ‏او وزراءها سياسيين او ممثلين لسياسيين‎.‎


وتشير المصادر المطلعة نفسها الى ان أديب “لا يريد معركة مع احد ولا يريد السير بوجه ‏طائفة او اي طرف واذا لم يكن مدعوماً من كل الاطراف فلن تكون “حكومة المهمة” قادرة ‏على انجاز المهمة المطلوب انجازها في اشهر قليلة”. لذلك ، تقول المصادر إن الاعتذار ‏يشكل احد ابرز الخيارات الجدية لدى الرئيس المكلّف، وهو لا يريد اضاعة المزيد من الوقت، ‏والاعتذار هو لإفساح المجال امام محاولة ايجاد فرصة جديدة للحل‎.‎


انطلاقاً من هذه المعطيات ، من المتوقع ان يعتذر اديب عن التكليف بعد التشاور مع ‏رئيس الجمهورية، واذا لم يكن ذلك في لقاء اليوم الاربعاء فغداً ، خصوصاً اذا لم يطرأ تدخل ‏فرنسي لانقاذ المبادرة والحكومة قبل الوصول الى هذا القرار الذي يعني عملياً انتهاء ‏المبادرة الفرنسية ، والدخول في مرحلة جديدة من الغموض‎.‎
وكان رئيس الجمهورية انهى مشاوراته التي اكدت المؤكد انما بشكل رسمي: الثنائي ‏الشيعي “أمل” و”حزب الله” يتمسكان بحقيبة المال للطائفة الشيعية وبتسمية الوزراء ‏الشيعة في الحكومة مع استعداد للاتفاق على اسماء الوزراء مع الرئيس المكلّف‎.‎
وهذا الموقف الموحد سمعه رئيس الجمهورية من رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” محمد رعد ‏ومن وفد كتلة التنمية والتحرير الذي ضم علي حسن خليل ومحمد خواجة‎.‎
والموقف نفسه كان محور اتصال مطول تم اول من امس بين رئيس الجمهورية والرئيس ‏نبيه بري الذي يصر على ان حقيبة المال هي خارج مبدأ المداورة‎.‎


والمفارقة ان رئيس الجمهورية مع المداورة الشاملة بما فيها المال وبشرط موافقة جميع ‏الاطراف. وكذلك كل الكتل الاخرى خارج الثنائي الشيعي كانت مع المداورة الشاملة. وعلم ‏ايضاً ان رؤساء الحكومات السابقين الاربعة اجتمعوا اول من امس في بيت الوسط بعيداً ‏من الاعلام للتشاور في ما آلت اليه الازمة، وفِي كيفية الخروج منها بعدما دخلت عملية ‏التأليف في مأزق‎.‎
‎ ‎
بومبيو وباريس
وسط هذه المناخات المأزومة جاءت مواقف جديدة لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ‏لتزيد سخونة الموقف المتصل بالوساطة الفرنسية اذ ان بومبيو انتقد عدم تصنيف فرنسا ‏‏”حزب الله” كمنظمة ارهابية، موجهاً سهامه في مقال نشر على موقعي “لوفيغارو” ‏و”الخارجية الأميركية” الى لقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مع رئيس كتلة “الوفاء ‏للمقاومة” محمد رعد . ومما قاله :”… ترفض فرنسا، للأسف، تصنيف “حزب الله” بأكمله في ‏خانة التنظيمات الإرهابية، أسوةً بما فعلته دول أوروبية أخرى. وقد عطّلت أيضاً تقدّم ‏الاتحاد الأوروبي باتجاه اتخاذ مثل هذا الإجراء. بدلاً من ذلك، تتمسّك فرنسا بالوهم القائل ‏بوجود “جناح سياسي” لـ”حزب الله”، في حين أن الحزب بأكمله يخضع لسيطرة إرهابي واحد ‏هو حسن نصرالله…. تؤدّي الحسابات السياسية أيضاً دوراً في الموقف الأوروبي، إذ يمتنع ‏العديد من القادة عن القيام بأي خطوة بانتظار ما ستؤول إليه الانتخابات الرئاسية الأميركية. ‏تنظر هذه المناورة الوقحة إلى ما تمارسه إيران من تشويه وقتل بأنه أضرار جانبية مقبولة، ‏في حين أنها تعتبر، للأسف، أن واشنطن هي أشد خطورة من طهران على العالم. أتساءل ‏إذا كان سكّان بيروت أو الرياض أو القدس – أي المدن الأكثر تعرّضاً للخطر بسبب إيران – ‏يتفقون في الرأي مع هذه النظرة؟ كيف يُعقَل أن تصوّت فرنسا ضد تمديد حظر السلاح، ‏وأن يلتقي الرئيس ماكرون مسؤولاً كبيراً في “حزب الله” في الأسبوع التالي؟”. وفي حديث ‏الى “راديو فرانس إنترناسيونال” اعلن بومبيو ان “الولايات المتحدة ستمنع ايران من تزويد ‏حليفها “حزب الله ” السلاح ومن الحصول على أسلحة روسية وصينية ما قد يؤدي الى نسف ‏جهود ماكرون في لبنان‎”.‎