الجمعة 09 آب 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
تأرجحت الجهود المتجددة لتأمين توافق سياسي عريض على عقد جلسة لمجلس الوزراء اليوم أو غداً تسبق سفر رئيس الوزراء سعد الحريري الى واشنطن بين الهبات الباردة والساخنة وبقي بت امر الجلسة وموعدها عالقاً على الحركة المكوكية التي عاودها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم بعدما كلف ذلك في الاجتماع الذي عقده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الحريري في قصر بعبدا بعد ظهر أمس.
وبرزت ليلاً عملية “تفخيخ” جديدة أمام الآمال في انعقاد الجلسة على رغم نفحة التفاؤل التي بشر بها رئيس الوزراء اللبنانيين بسبب نقطة أساسية لم يتم التوصل الى تذليلها تتعلق بموضوع طرح حادث قبرشمون على النقاش في مجلس الوزراء.
ذلك ان الصيغة الأوّلية التي طرحت للحصول على موافقة الجميع على عقد الجلسة لحظت عرض موضوع قبرشمون من خارج جدول الأعمال في نهاية الجلسة، لكنها لم تحظ بموافقة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لأنها لا تشكل ضمانا كافيا للحؤول دون “تسلل” محاولات جديدة لإحالة الموضوع على المجلس العدلي بعدما تبلغ جنبلاط ان الفريق الارسلاني استمر في عناده ولم يسلم المطلوبين الى التحقيق، فضلاً عن ان النائب طلال ارسلان رفض جلسة لا يدرج على جدول أعمالها موضوع قبرشمون.
ورسمت التعقيدات الجديدة تساؤلات عما دفع الرئيس الحريري الى التفاؤل بإمكان انفراج أزمة شل جلسات مجلس الوزراء وما اذا كانت الساعات المقبلة ستشهد استجابة للمساعي القوية التي يبذلها الحريري من أجل انعقاد الجلسة.
وأفادت المعلومات التي رشحت بعد اجتماع بعبدا بين رئيسي الجمهورية والوزراء بمشاركة اللواء ابرهيم، ان الحل المقترح يقوم على عقد جلسة لمجلس الوزراء اليوم الجمعة بسبب سفر الرئيس الحريري الى السعودية ومن ثم الى واشنطن، وذلك إذا وافق الأطراف المعنيون على حل وسطي يقوم على عقد جلسة تناقش جدول أعمال جلسة الثاني من تموز الماضي، على أن يعرض حادث قبرشمون بعد الجدول اذا سمح الوقت من غير ان تتسبب باشكالات، مع استبعاد التصويت على إحالتها على المجلس العدلي.
وعلم ان مسعى اللواء ابرهيم، بعدما حصل على شبه موافقة من الاأطراف المعنيين الذين زارهم، اصطدم برفض جنبلاط المطلق لعرض القضية في مجلس الوزراء وتمسكه بالحصول على ضمانات.
وقالت المصادر المتابعة ان اللواء ابرهيم زار عين التينة وكليمنصو وعاد لزيارة خلدة مرة ثانية بعد موقف جنبلاط الاخير.
وقد عادت محركات اللواء عباس ابرهيم الى العمل بعد اجتماع بعبدا، وبعد عودة الحريري الى بيروت وتوجهه للقاء رئيس الجمهورية بمشاركة مدير الأمن العام في جانب من الاجتماع.
واستناداً إلى الأجواء السياسية المتابعة، ما رشح عن لقاء عون والحريري هو الاتفاق على أهمية عقد جلسة لمجلس الوزراء في أسرع وقت ممكن، وتحريك المسعى الذي يقوم على حل وسطي لإنهاء أزمة البساتين.
وقد باشر اللواء ابرهيم عقب الاجتماع اتصالاته مع الأطراف المعنيين، على ان تتضح مساعيه في الساعات المقبلة فينقلها الى كل من الرئيسين عون والحريري.
الحريري متفائل
وما عزّز فرص نجاح هذا المسعى، التفاؤل الذي عبر عنه الحريري بعد لقائه عون، وهي المرة الأولى يتحدث عن أجواء تفاؤلية وجدية، خصوصاً اعلانه أن “الحلول باتت في خواتيمها”.
وصرح رئيس الوزراء في بعبدا: “أود بداية أن أهنّىء اللبنانيين بحلول عيد الاضحى المبارك، متمنياً ان يكون عيداً مباركاً لهم جميعاً، وبصورة خاصة للمسلمين منهم”. وأضاف: “كان الاجتماع ايجابياً جداً، وان شاء الله تسير الامور في هذا الاتجاه. وان الحلول باتت في خواتيمها، وأنا متفائل أكثر من ذي قبل. علينا الانتظار قليلاً، وتسمعون بعدها الخبر السار”.
وأوضحت مصادر مطلعة في تيار “المستقبل” ان المشاورات مستمرة على قدم وساق لتهيئة المناخ الملائم لانعقاد مجلس الوزراء. وقالت إن الاتصالات ناشطة على خطوط عين التينة والسرايا الحكومية والمختارة، في ضوء النتائج التي توصل اليها اللواء عباس ابرهيم وجولته المكوكية على الجهات المعنية.
وأضافت ان الدعوة الى جلسة مجلس الوزراء معقودة على استكمال المشاورات التي استمرت ليلاً والتي قد تتطلب ساعات اضافية قبل التوصل الى القرار النهائي.
وجاء في معلومات ليلاً ان المساعي اصطدمت برفض ارسلان تسليم المطلوبين من أنصاره الى التحقيق وابلغ رفضه هذا الى اللواء ابرهيم. وفي ضوء ذلك غرد جنبلاط ليلاً: “لم تعد القضية قضية مجلس وزراء ينعقد أو لا ينعقد. السؤال المطروح هل التحقيق سيجري مع الذين تسببوا بحادث البساتين أم سيبقى هؤلاء يسرحون خارج المساءلة لأن رئيس البلاد ومن خلفه يريد الانتقام؟ اذا كان الأمر هكذا فنحن نملك الصبر والهدوء الى يوم الدين ولم نطلب ضمانة من احد سوى القانون”.
ويشار في السياق القضائي الى ان قاضي التحقيق العسكري مارسيل باسيل قرر وقف النظر في ملف حادث البساتين بعدما تبلغ من محكمة الاستئناف المدنية طلب رده بناء على طلب قدمه المحامي نشأت الحسنية بوكالته عن أحد المدعى عليهم من الحزب التقدمي الاشتراكي في الحادث.
وجاء قرار باسيل بالاستناد إلى نص المادة 125 من قانون أصول المحاكمات المدنية التي تنص على الآتي: “منذ تبلغ القاضي المطلوب رده طلب الرد يجب عليه أن يتوقف عن متابعة النظر في القضية إلى أن يُفصل في الطلب (…)”.
وتبعاً لذلك، فإن الملف دخل في مرحلة عدم النظر فيه أسابيع، لسببين. الاول هو انتظار ان تبت غرفة محكمة الاستئناف المدنية المناوبة في بيروت الطلب لجهة قبوله ونقل الملف إلى قاضي تحقيق عسكري أو رفضه وتقرير السير به أمام القاضي باسيل. والثاني هو الوقت الذي يستلزمه بت الدفع الشكلي الذي قدمه المحامي الحسنية وطلب فيه إعلان عدم صلاحية القضاء العسكري النظر في الملف، لأنه عرضة للطعن أمام محكمة التمييز العسكرية إذا رده قاضي التحقيق العسكري.
”حزب الله”
الى ذلك، لم تغب تداعيات البيان الذي أصدرته السفارة الأميركية في بيروت محذّرة فيه من استغلال حادث قبرشمون لأهداف سياسية. وأفادت مصادر ديبلوماسية معنية أن البيان جاء على خلفية استياء أميركي متصاعد من سياسات الحكم في لبنان و”التيار الوطني الحر” وان ثمة أجواء مقلقة لدى مسؤولين أميركيين حيال مسؤولين بارزين في ”التيار”. كما ان ثمة اهتماماً اميركياً، لافتاً بمتابعة ما يتعرض له النائب السابق وليد جنبلاط وجاء البيان ليعكس هذه الدلالات.
وندد “حزب الله” أمس بالبيان الصادر عن السفارة الأميركية، واعتبره في بيان، “تدخلاً سافراً وفظاً في الشؤون الداخلية اللبنانية، ويشكل إساءة بالغة للدولة ومؤسساتها الدستورية والقضائية، وهو تدخل مرفوض في نزاع سياسي محلي وقضية مطروحة أمام القضاء اللبناني القادر منفرداً على القيام بواجباته على أكمل وجه”. وقال: “إن حزب الله بقدر ما يستنكر هذه السياسة الأميركية الوقحة في شأن يخص اللبنانيين وحدهم، يرى في هذا البيان إدانة صريحة لكل أدعياء الحرية والسيادة والاستقلال، الذين صمتت أفواههم وانكسرت أقلامهم”.
المصدر: النهار