الخميس 15 آب 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
لم توفّر إسرائيل فرصة في رصد مساحات المنطقة، الممتدّة من غزة إلى لبنان وسوريا، الى العراق وصولا الى إيران. توحي كل عمليات الرصد الجارية أنّ إسرائيل تخشى من إزدياد قوة “محور المقاومة”، من دون ان يعني ذلك ان تل أبيب تجهّز لحرب محدّدة. أساساً، تبقى إسرائيل دوماً في حالة إستنفار دائم وجهوزية عسكرية كاملة لشن اي حرب، وهي لا تنتظر معركة معيّنة لتحضير قواها العسكرية والأمنية والقيام بخطوات ما.
في السنوات الماضية لجأت تلّ أبيب الى ضرب مراكز ومخازن اسلحة ثقيلة تابعة “لمحور المقاومة” في سوريا، ولوّحت بضرب “مواقع لحزب الله”، لكنها لم تتجرأ على الإقدام في لبنان خشية من رد الحزب عليها، بينما بدأت منذ اشهر قليلة القيام بإستهداف مراكز ومواقع “للحشد الشعبي” في العراق، بإعتبار ان “الحشد” يتبع إيران. واوردت المعلومات ان اسرائيل تقصف مخازن الاسلحة الثقيلة في العراق، كما حصل في جنوب بغداد في الساعات الماضية، تحت عنوان حرائق نشبت وادت الى وقوع إنفجار.
تتعدّد القراءات، لكنها تتركّز حول سيناريوهين أساسيين:
اولاَ، تريد اسرائيل ان تفرض قواعد إشتباك جديدة مع “محور المقاومة” قائمة على أساس منع إمتلاكه أسلحة ثقيلة تهدّد اسرائيل. من شأن تلك الاسلحة الصاروخية تحديداً أن تطال أي نقطة إسرائيلية، وتستطيع ان تشل كل القدرات العسكرية الإسرائيلية من دون اي مواجهة مباشرة.
ثانياً، تمهّد اسرائيل لشن معركة موسّعة ضد “حزب الله” كما اعلن رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، ولأجل ذلك تقوم بضرب اي موقع تعتقد أنه سيؤازر اللبنانيين في المعركة المقبلة. ومن هنا يأتي استهداف تل ابيب لمراكز “محور المقاومة” في سوريا والعراق، حيث تدّعي وجود صواريخ ثقيلة بعيدة المدى.
فهل تقدم اسرائيل على حرب ضد لبنان؟ اذا كان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو مأزوماً في الانتخابات المقبلة في شهر أيلول، فقد يفتش عن مخرج لأزماته عبر شن حروب، لكن الحرب ضد لبنان ستكون مكلفة وستؤدي الى خسائر اسرائيلية باهظة، لأن قدرات المقاومة في لبنان أصبحت أكبر وأخطر مما كانت عليه عام 2006.
لم ينس الإسرائيليون بعد مضمون تقرير “فينو غراد”، الذي فنّد الفشل الإسرائيلي، ولم يعد بمقدورهم التصدي لعمليات عسكرية عن بعد وعن قرب من محاور عدة. وهم الذين عجزوا عن حسن معركة قطاع غزة. فكيف اذا كانت الصواريخ ستتساقط من كل مساحة تتواجد فيها قوى “محور المقاومة”؟.
يدور نقاش في الصحف العبرية عن قدرات تل ابيب الدفاعية والهجومية التي لجأت الى تنظيم إتفاق امني مع الولايات المتحدة الأميركية، كانت تستغني عنه منذ الاعلان عن دولتها عام 1948. يشكّك الإسرائيليون أنفسهم في سيناريوهات الحرب، مما يعني ان اي خطوة حربية سيقدم عليها نتنياهو ستنعكس سلبا على فريقه السياسي الذي يتهاوى شعبيا رغم الدعم الاميركي المطلق من إدارة البيت الأبيض.
ما يمكن تأكيده أن “محور المقاومة”، كما يقول إنه مستعد لكل السيناريوهات في حرب سيعتبرها وجودية هذه المرة.