قالها سعد الحريري بشكل واضح. أنا مرشح طبيعي لرئاسة الحكومة، وسأقوم خلال الأسبوع المقبل بسلسلة اتصالات مع مختلف الأطراف للتأكد إن كانوا لا يزالون يؤيدون المبادرة الفرنسية. شروطه لا تزال على حالها منذ خرج من الحكومة، يريد أن يترأس حكومة اختصاصيين، لكن هذه المرة بمهمة تنتهي خلال ستة أشهر. ويوافق على إسناد وزارة المالية إلى شيعي، على أن لا يقدم أي التزام بأن تكون هذه الحقيبة من حصتهم إلى الأبد.

يراهن الحريري على التغيّرات التي طرأت خلال العام الذي انقضى. ويراهن على أن من عارض وجوده على رأس حكومة كهذه سيغير رأيه، تحت وطأة الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الخانقة وانسداد أي أفق للحل من دون الدعم الخارجي. تشرين ٢٠٢٠ يختلف عن تشرين ٢٠١٩. الانهيار المالي يريد أن يضيفه إلى رصيده، وكذلك يريد أن يضع في سلته العقوبات الأميركية والضغوط الدولية على لبنان، إضافة إلى المبادرة الفرنسية التي لا تزال صامدة بالرغم من تجميدها. يريد الحريري إعطاءه فرصة ستة أشهر لينفذّ برنامجاً يعيد الاقتصاد إلى سكّة التعافي بما لا يوقف الدعم عن الناس. ويُراهن على أن الخيارات محدودة أمام كل الأفرقاء، ولا يملكون ترف رفض إعادة تسميته. أعطى الحريري هؤلاء ٧٦ ساعة لدرس عرضه، الذي يعتبره الفرصة الأخيرة للإنقاذ.
عرض الحريري أتى ليطرح مجموعة من الأسئلة، أولها: هل رفع الفيتو السعودي الأميركي عن عودته، وهل لهذه العودة علاقة بمفاوضات الترسيم البحري الذي ستبدأ الأسبوع المقبل؟
إلى أن تتضح خلفيات العودة الحريرية، التي كان الجميع يتعامل معها على أنها مسألة وقت لا أكثر، فقد أكد في مقابلته على قناة «أم تي في» على أنه «اذا عملنا بحسب المبادرة الفرنسية سيكون باستطاعتنا الخروج من الازمة واعادة اعمار بيروت». ولأنه «متهم بطيبة القلب والتنازل»، أوضح انه لم يقدّم التضحيات التي قدمها «من اجل شعبيتي بل من اجل تجنب الفراغ والانهيار». وأكد «رضوخي للبنان وللمبادرة الفرنسية وللمواطن اللبناني»، وأنّ «المبادرة الفرنسية لم تنتهِ»، مشيراً إلى أنّ «هذه المبادرة أرادت إنجاح لبنان وإخراجه من المأزق ولا أعلم لماذا أفشلوها (…) بعد العقوبات الأميركية تم تصعيد المواقف تجاه المبادرة». واعتبر الحريري أن «ان هناك استقواء بالسلاح وشعوراً بفائض القوة، كشف المواقف من المبادرة الفرنسية وكلنا مسؤولون بمن فيهم نحن منذ 16 سنة، وعلى اللبنانيين ان يحددوا من هو مسؤول بشكل اكبر او اصغر».

الاتحاد العمالي يدعو إلى يوم غضب في ١٤ تشرين الأول

وفي سياق تصفية الحسابات مع جميع القوى، لكن من دون ان يكسر الجرة مع أحد، اعتبر الحريري أن ‏«حزب الله يعرف انه هو سبب المشكلة في لبنان والشعب اللبناني غير مسؤول عن العقوبات التي تفرض عليه (…) إذا أراد مصلحة اللبنانيين عليه القيام بالتضحيات». وقال إن وليد جنبلاط طلب منه، على مسمع الفرنسيين، إعطاء الموافقة الدائمة على وزارة المالية للطائفة الشيعية مدى الحياة. وفيما ردت مصادر جنبلاط أنه طلب منه التسهيل، كان جواب الحريري: «قلت ما عندي». واعتبر إن سمير جعجع لا يفعل إلا مصلحته، وسأل: «هل عدم دعم القوات لترشيحي موقف مشرّف لهم؟». ورأى أن جبران باسيل هو «أكثر من أضر بالعهد لأنه اتبع سياسة الغاء الفريق المسيحي الآخر». كما أكد أنه إذا أصر على شرطه السابق، أي إما الاثنان معاً داخل الحكومة وإما خارجها، فلن يوافق.
واعتبر الحريري أن الثنائي الشيعي يؤيّد وصوله إلى رئاسة الحكومة خوفاً من الاحتقان السني والشيعي. كما أشار إلى أن العقوبات الأميركية فرضت تسريع عملية التفاوض على الترسيم. ولفت الى أنه «بعد سقوط المبادرة الفرنسية انكشف البلد على كل الاحتمالات الامنية (…) وأخشى من حرب أهلية، لأنّ ما يحصل من تسليح وعراضات عسكرية في معظم شوارع بيروت وبالامس في بعلبك الهرمل يمثل انهيار الدولة، وكل التوجه يشير إلى انهيار الدولة».

يوم الغضب
في سياق آخر، إذا صحت المعلومات المتداولة، فإن قرار تخفيض الدعم عن المحروقات لن يتأخر. اليوم يلتقي الرئيس حسان دياب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لاستكمال النقاش بشأن آليات «ترشيد الدعم»، وسط خشية من أن تداعيات ذلك لن تكون محسوبة على الصعيد الاجتماعي. الخطوة الأولى أعلن عنها رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر: «تحرّك تحذيري سلمي» تحت عنوان «يوم الغضب والرفض»، سينفذ يوم الأربعاء في 14 الحالي على الأراضي اللبنانية كافة. الأسمر قال في مؤتمر صحافي عقده بعد اجتماع المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام، في مقر الاتحاد إن «رفع الدعم عن الدواء سيؤدي إلى انهيار الضمان الاجتماعي والمؤسسات الضامنة ووزارة الصحة، وبوادره الأولى رفع سعر الدولار في حساب المستشفيات من 1500 إلى 3950 ليرة حيث سيكون على المريض والمواطن تغطية فرق الاستشفاء بين 1500 ليرة و3950 ليرة أي حوالى ثلثي الفاتورة». أضاف: «رفع الدعم عن المحروقات سيؤدي إلى ارتفاع في أسعار كل شيء، بدءا من تسعيرة النقل إلى سعر المولد الذي سيلامس 700 ألف ليرة للـ 5 أمبير. إلى فاتورة الكهرباء الرسمية، وإلى ارتفاع في أسعار كل السلع الاستهلاكية لأن كل شيء يعتمد على المشتقات النفطية». وسأل رئيس الاتحاد العمالي: «هل الحل بالبطاقة التموينية؟ لم نر شيئا حتى الآن يوحي ببطاقة للفقراء، ومن يحدد الفقراء وقد أصبح الشعب اللبناني كله فقيرا؟».