الرئيسية / سياسة / سبات قد لا تخرقه الاستشارات ولا يوقظه الخارج.. كنعان: ملامح الحركة تظهر على 4 محاور

سبات قد لا تخرقه الاستشارات ولا يوقظه الخارج.. كنعان: ملامح الحركة تظهر على 4 محاور

مجلة وفاء wafaamagazine

سلوى بعلبكي – النهار

لولا المسعى الذي يقوم به الرئيس سعد الحريري في ملف تشكيل الحكومة، لكانت البلاد دخلت في حالة جمود سياسي، واعتكاف غير مبرر عن المضي في البحث عن حلول للأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية، ولكبح جماح الانهيار على كل المستويات. فبعد الإخفاقات المتتالية للسلطة، وإحباط المساعي الفرنسية لتشكيل حكومة تكنوقراط برئاسة السفير مصطفى أديب، يبدو أن النقاش السياسي والاقتصادي والمالي شبه متوقف، في ما يشبه الاستسلام للأمر الواقع، وانتظار ترياق ما كالعادة من الخارج.

ووسط هذا الجمود القاتل الذي قد تخرقه دعوة رئيس الجمهورية الى الاستشارات النيابية الملزمة، تتحرك الديبلوماسية العالمية مشكورة، لتضع الملح على الجرح اللبناني بغية “تهييجه” علَّ المسؤولين في لبنان يعون حجم الخطر المحدق بالبلاد وبالعباد، فيستفيقون من سباتهم العميق، ويبادرون الى استثمار ما هو معروض ومتوافر حتى الان من فرص للحل وإعادة الانتظام للحكم والاقتصاد.

لا يشكك رئيس لجنة المال النيابية النائب ابرهيم كنعان بأن الأزمة خطيرة وغير مسبوقة في تاريخنا المعاصر وقد تفاقمت نتيجة الإخفاقات التي توالت قبل وبعد 17 تشرين الأول، إلا انه لا يعتبر أننا في مرحلة جمود أو اعتكاف إنما إعادة تجميع للأوراق محلياً ودوليا تحضيرا لجولة جديدة من المفترض أنها بدأت مع تحديد الرئيس عون لموعد جديد للاستشارات النيابية الخميس، تمهيدا” لاستعادة المبادرة وانطلاق قطار التأليف الحكومي من جديد”.

وفيما يبدو أن النقاش السياسي والاقتصادي والمالي تراجع كثيرا، ثمة من يرى ان البلاد دخلت في نفق اللاعودة المظلم. اما كنعان فيعتبر أنه “بغياب حكومة جديدة تستأنف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والمدينين لإعادة هيكلة الدين وفق خطة متكاملة تحمل ضمانات وحلولا للمعضلات المالية والاقتصادية الراهنة لاسيما لأزمة السيولة الحادة، فإنه من الطبيعي أن تتأثر حركة هذا الملف ولكنها غير متوقفة كلياً.
فالعمل على الإصلاحات في المجلس النيابي استؤنف وبشكل جدي فقد اقرّ قانون الإثراء غير المشروع والقوانين الإصلاحية الأخرى في طور الإنجاز، لا سيما قانون الشراء العام واستعادة الأموال المنهوبة.

كما أبلغنا وزير المال أخيرا أن التواصل مع لازارد وصندوق النقد لم يتوقف وأن ثمة خيارات جديدة تؤدي الى توحيد المواقف من الأرقام والحلول قد تمّ التواصل اليها على ضوء النقاشات التي تمت داخل وخارج المجلس النيابي”.
ليس خافيا أن خطة التعافي الاقتصادي والمالي لحكومة تصريف الأعمال فقدت كل حظوظها، وكذلك حظوظ ورقة لجنة المال النيابية التي سعت الى التوفيق بين مقاربات متباينة، يأتي ذلك في ظل صمت مريب للمصارف في انتظار تشكيل حكومة جديدة وبروز طروحات أكثر حسماً وجدية، فيما فسر البعض أن الصمت مرده الى قطع والأمل في هذه المنظومة السياسية.

إلا أن كنعان يرى أننا “في وضع متحرك للأحسن أو للأسوأ بحسب التطورات السياسية محلياً ودولياً وتداعياتها. فيما الخطط تتغير وفقا للتجارب والظروف”. ويجدد التأكيد ان العمل على المستوى الداخلي لم يتوقف بين شركة لازارد والحكومة من جهة ووزارة المال وصندوق النقد من جهة أخرى كما أن التدقيق الجنائي قد بدأ في مصرف لبنان، وهذا من الطبيعي أن يؤدي الى مقاربات وخيارات جديدة.
أما ورقة لجنة المال النيابية فهي على الطاولة وقد أفادت منها الأطراف المعنية كأساس لتوحيد مواقفها ولتطوير مقارباتها الرقمية والمالية، علما” أن نتاج المسار التفاوضي الحكومي بكامل تفرعاته سيحط في النهاية في المجلس النيابي.

مما لا شك فيه ان المزيد من التريث والسلبية والإحجام عن أي مبادرة أو تحرك سياسيا وماليا سوف يكون مكلفاً جداً للبنان، في ظل تعاظم الصراعات الإقليمية على النفوذ والثروات وهو ما يؤكده كنعان الذي يعتبر أن “الجمود موت والحركة حياة في وضعنا الحالي”. ويرى ملامح الحركة في المرحلة المقبلة بدأت تظهر على 4 محاور:

 الأول رئاسيا من خلال الدعوة للاستشارات،
 الثاني نيابيا من خلال استئناف لجنة المال والموازنة جلساتها لبت المشاريع والاقتراحات الإصلاحية المطلوبة فرنسيا” ومحليا”.
 الثالث حكوميا” أو تنفيذيا” من خلال لازارد وصندوق النقد ووزارة المال ومقارباتهم الجديدة.
 والرابع مصرفيا” من خلال بدء التدقيق الجنائي في مصرف لبنان بحسب الورقة الفرنسية،
هذا بالأضافة الى تحرك المبادرة الفرنسية من جديد وعلى أكثر من محور لاسيما المتعلق بتشكيل الحكومة”.

ثمّة خطان متوازيان يسيران بلبنان نحو الجحيم المالي والاقتصادي:
• اقتراب موعد نفاد احتياطات العملات الأجنبية لدى المصرف المركزي،
• وارتفاع متواصل ومخيف في سعر صرف الدولار الأميركي،
• واستطراداً في أسعار المواد الغذائية الأساسية والدواء والطاقة.

الكلّ يتحدث ويعلم أننا ذاهبون الى الجحيم ولا أحد يحرّك ساكناً، فكيف السبيل الى تحريك هذا الجمود القاتل في أسرع وقت ممكن، ولو جزئياً؟ لا ينكر كنعان أن هذه الأخطار حقيقية ولكنها يجب أن تحفز الجميع على مضاعفة الجهد والحركة بالاتجاه الصحيح أي وفق معادلة:
حكومة فإصلاحات وخطة متطورة فاتفاق مع صندوق النقد وليس الاستسلام!”.

الصباح: الوقت ليس في مصلحة اللبنانيين
انسحب هذا الجمود على المصارف التي يفسر البعض صمتها بأنه تعبير عن “قطع الرجاء والأمل” من هذه المنظومة السياسية العاجزة بحكم تشتتها ومناكفتها، واستهتارها، عن إحداث أي تغيير جدي في أدائها ورؤيتها، أو استنهاض لما تبقى من أوراق داخلية وخارجية يمكن للبنان استثمارها للخروج من نكبته الكبرى؟.

من هنا تتريث بعض المصارف في تطبيق خطة حاكم مصرف لبنان وتحديدا التعميم 154، إذ يؤكد عضو مجلس ادارة جمعية المصارف وأمين صندوقها الدكتور تنال الصباح ان خطة “المركزي” خصوصا في ما يتعلق بزيادة رؤوس اموال المصارف 20%، يمكن ان يكون لها تأثير إيجابيي على السوق، ولكن بعض المصارف لا تزال مترددة في زيادة رأسمالها، لأنها لا تدرك ما قد تقدم عليه الدولة من إجراءات قد تضر بالقطاع المصرفي.
وبرأيه ان المسيطرين على القرارات الكبيرة في البلاد، يرفضون توصيات صندوق النقد، وتاليا لا يريدون مجاراة متطلبات الواقع الاقتصادي العصري الحديث الذي يتطلب فرض ضرائب مباشرة وغير مباشرة. ويبدو ذلك واضحا من خلال الخطة التعجيزية التي وضعتها الحكومة، وعدم الجدية في تطبيق الإصلاحات”.

وأكد الصباح ان الوقت ليس في مصلحة لبنان، وتاليا “لا يمكننا الاستمرار في المزيد من التريث وانتظار التطورات المرتقبة في الخارج. فالانتخابات الاميركية التي من المرجح ان تأتي بجو بايدن رئيسا للولايات المتحدة لن يكون تأثيرها فوريا علينا. خصوصا وان الرئيس الجديد لن يتسلم صلاحياته قبل كانون الثاني المقبل، عدا عن انه يحتاج الى 6 أشهر على الاقل ليؤلف فريق عمله. فهل نظل متفرجين على الانهيار طوال هذه المدة، علما ان السياسة الاميركية ثابتة ولن تتغير 180% من تغير الاشخاص”.

ولا يقلل الصباح من مسؤولية المصارف في وضع حلول للخروج من الأزمة، مذكرا بما قالته وزيرة العدل عن ان المسؤول الأول هو الحكومة ويليها مصرف لبنان ومن ثم المصارف ومن بعدها المودع. ويقول “نحن نعيد تمويل مصارفنا ونتحمل قسما من الهيركات على سندات اليوربوندز، كما أننا مسوؤلون عن الديون الرديئة، ولتعد الدولة رسملة المصرف المركزي، وحينها يحصل كل مودع على امواله”.

وانتقد صمت جمعية المصارف عن الاتهامات التي طاولتها.. “كان من المفترض ان تحيد المصارف نفسها عن الدولة، عبر المجاهرة بإدانتها للفساد والمفسدين في الدولة، ولكن للأسف استغل السياسيون صمت المصارف وقلبوا النقمة الشعبية ضد القطاع. كما كان الصباح يتمنى لو ان المصارف ساهمت ماديا بمبالغ في مواجهة مضاعفات انفجار المرفأ الاجتماعية ومعالجة أضراره المادية، عازيا السبب ربما الى تراجع أرباحها”.