الرئيسية / سياسة / حبس أنفاس بانتظار موعد الخميس… الحريري يكلف ولكن هل سيؤلف؟

حبس أنفاس بانتظار موعد الخميس… الحريري يكلف ولكن هل سيؤلف؟

مجلة وفاء wafaamagazine

على بُعد يومين من الخميس المُنتظر بدت الأجواء السياسية ملبدة بالغيوم، على وقع الغموض والخوف اللذين يلفان موعد الاستشارات النيابية، الذي لم تعكس أجواء القصر الجمهوري اتجاهاً لإرجاء الاستشارات “إذا لم يطرأ عامِلٌ مستجدّ”، بدت الأنظار على سيناريوات هذا الاستحقاق في ضوء التلميح إلى أن “أرنب” تجيير “التيار الوطني الحر” أصوات نوابه لرئيس الجمهورية ليقرّر لمَن سيصوّت بها لم يُسحب من التداول، وهو ما قد يُراد منه بحال اللجوء إليه محاولة إحراج الحريري لإخراجه تكراراً لتجربة الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع الرئيس اميل لحود العام 1998، إلى جانب “البوانتاج” المستمرّ لعدد الأصوات التي سينالها زعيم “المستقبل” وسط الغموض المتعمّد الذي يمارسه “حزب الله”، في حسْم موقفه من منْح أصوات كتلته للحريري أم لا، رغم تقديراتٍ بأنه سيشكّل قوة إسنادٍ لعملية التكليف تفادياً لأي إشكاليات دستورية قد تثار بحال لم يمرّ التكليف بأكثرية النصف زائد واحد (من الـ 120 نائباً)، وفق ما كان جرى التلويح به من فريق عون إبان محاولة تكليف الحريري بعد استقالته في تشرين الأول 2019.

وقبيل الموعد المنتظر، تتجه الأنظار اليوم الى قصر الاونيسكو، حيث من المقرر عقد جلسة لمجلس النواب، لانتخاب اعضاء هيئة المجلس وتعيين نواب بدلاً عن النواب المستقلين في اللجان اللنيابية، الاّ ان هذه الجلسة قد تفتح الباب للتباحث في ما يمكن فعله بعد غد الخميس، موعد الاستشارات النيابية الملزمة، لتسمية شخصية تكلف تأليف الحكومة، أو تسمية الرئيس سعد الحريري باعتباره، المرشح الوحيد المعلن، على الرغم من اعتراض ورفض تكتل لبنان القوي برئاسة النائب جبران باسيل.

الاستشارات في موعدها
وحتى اليوم يواصل القصر الجمهوري تأكيده دوماً، ان الاستشارات الملزمة لا تزال قائمة في موعدها الخميس المقبل موضحاً ان المجال مفتوح للاتصالات قبيل حلول هذا الموعد كاشفة ان لا تواصل سجل بين الاليزيه وبعبدا ولا بين الرئيس عون والرئيس الحريري.
وبحسب “اللواء” فان مصادر القصر، افادت ان هذه الحكومة مطلوبة على ان تضم وزراء نظيفي الكف يهمهم الاصلاح. ودعت الى انتظار ما بعد تكليف الحريري وكيف تسير مسيرة تشكيل الحكومة.

ورأت المصادر انه عندما ارجأ الرئيس عون الاستشارات اول مرة كان يعرف الدوافع لماذا واليوم اذا ثبت الموعد يعرف التي تدعوه لذلك مشيرة الى ان بعبدا سائرة في خطى ثابتة نحو اجراء الاستشارات ما لم يطرأ ما ليس في الحسبان وليأتي ما يأتي وفي عملية التأليف يسود الكلام. والإنفتاح بين الكتل النيابية حول حكومة المهمة.
حزب الله على الخط
وحتى يوم أمس استمرت الاتصالات بين قيادتَي حزب الله والتيار الوطني الحرّ، من دون أن ينتج عنها أي ليونة في موقف الوزير السابق جبران باسيل من تسمية الحريري. وتُشبّه المصادر الوضع بما كان عليه قبل قرابة سنة، حين سحبت القوات اللبنانية بِساط “الميثاقية المسيحية” من تحت الحريري رافضةً تسميته، ليتراجع بدوره عن الترشّح، ويستعد فريق رئاسة الجمهورية – التيار الوطني الحرّ للعب دور المعارضة وعدم حضور جلسات مجلس الوزراء، وصولاً إلى حدّ عدم التوقيع على المراسيم. الفارق بين الزمنين، “تبدّل الأوضاع على كلّ المستويات، وجود ضغط فرنسي ودولي كبيرَين لإحداث تغيير في الساحة الداخلية. لبنان أمام مخاطر كبيرة، لذلك من المُستبعد أن تُخلق معارضة كهذه من جانب العهد خلال هذه المرحلة”. وتُضيف المصادر أنّ “الردّ سيكون عبر التشدّد في التأليف، وموقف التيار الوطني الحرّ في عدم التمثّل وزارياً، على أن تُحصر الحصّة المسيحية الوازنة برئيس الجمهورية، فيكون له فريق عمله الحاضر داخل السلطة التنفيذية”. موقف “التيار” لا يلقى انتقاداً في صفوف حزب الله، بقدر ما يبدو “تفهّماً” لحليف سياسي حُمّل كلّ وِزر أسباب انتفاضة 17 تشرين الأول، “التي تعتبر أنّ أهم إنجازاتها هو إسقاط حكومة الحريري، وها هي اليوم تتفرّج عليه يعود إلى السلطة، ويُربط انخفاض سعر صرف الدولار بوجوده في السلطة وتأخذ الأسواق نفساً، في حين يُظهّر جبران باسيل كما لو أنّه هو الخاسر الوحيد من هذه العملية”. انطلاقاً من هنا، “يبدو طبيعياً التشدّد في عملية التأليف”، لا بل مُمكن أن يُشكّل التشدد ضرورة لفريق “8 آذار”، الرافض نهائياً لتسليم إدارة البلد كلياً إلى الحريري وخياراته الاقتصادية والسياسية”، وقد يؤدّي هذا التشدّد إلى أن “يبقى الحريري رئيساً مُكلفاً فترة طويلة”.
في المقابل، وعلمت “اللواء” ان فريق التيار الوطني الحر يسجل عتباً على حزب حليف، معرباً عن هواجسه، من ان تقود المشاورات الجارية إلى تشكيل تحالف رباعي جديد قوامه: حركة “أمل” و”حزب الله” وتيار المستقبل، والحزب التقدمي الاشتراكي، بكتلها النيابية، التي إن جمعت اصواتها فهي توفّر ما بين 68 و72 نائباً لصالح تسمية الرئيس الحريري.
وإذا صحّ أن “حزب الله” سيمدّ يده للحريري بالتصويت له فإنه بالتأكيد لن يقطعها مع حليفه الطبيعي باسيل في المشوار الوعر نحو التأليف، الذي رَفع “الحزب” بوجهه مسبقاً بطاقة صفراء عبر “موقف تذكيري”، من أنه لن يعطي الرئيس المكلف “كارت بلانش” في التشكيل وخصوصاً في موضوع التفاوض مع صندوق النقد الدولي وشروط التفاهم معه، وهو ما كان زعيم “المستقبل” خاض جولة “استكشاف النيات” بهدف استشراف أن جميع القوى على “موجة واحدة” في ما خص الورقة الفرنسية، ليتّضح أن العشرة بالمئة التي تحفّظ عنها “حزب الله” حاضرة “كلما اقتضت الحاجة” وفي أكثر من اتجاه. وعلمت “نداء الوطن” أنّ الحريري استمر امس على رفضه لقاء باسيل متسلّحاً بالصمت.

وهذا “الشَبْك” المسبق مع مرحلة التأليف يزيد من واقعيةِ التوقعات بأن الولادة الوشيكة للحكومة صعبة المنال وخصوصاً أن الحريري سيكون بحال تكليفه الخميس وجهاً لوجه مع عون الذي يحمل ورقة التوقيع الثمينة على تشكيل الحكومة، ومع شروط باسيل الذي جاهر بأن أي حكومة برئاسة زعيم “المستقبل” تفقد حكماً صفة الاختصاصيين وتفتح الباب أمام تفاوض على حكومة إما سياسية أو تكنو- سياسية ولكل منهما معاييره، إضافة إلى الشهية التي سيصعب كبْحها لسائر القوى السياسية التي ستستفيد من أي تسليم للثنائي الشيعي بتسمية وزرائه غير الحزبيين والاختصاصيين للمطالبة بالمعاملة بالمثل.
اشارات دولية ايجابية
في الموازاة، بات واضحاً ان محاولات تأليف حكومة في لبنان ليست معزولة عن “مناخات إيجابية” بدأت تُلتقط إشاراتها في المنطقة ككلّ، من دون أن تُحسم نتائجها. تتحدّث المصادر عن موقف مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، من الحكومة وتمثّل حزب الله فيها، وزيارة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم إلى واشنطن، وأخيراً اتصال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بالرئيس ميشال عون. كما لو أنّ الولايات المتحدة تُريد أن تقول إنّ مفتاح الحلّ في يدها وليس مع فرنسا”.
عون وبومبيو
ومع ان الاتصال الذي تلقاه رئيس الجمهورية ميشال عون من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لم يتطرق الى الوضع الحكومي وفق المعلومات الرسمية التي وزعتها بعبدا عن الاتصال، فان توقيته بعد أيام من زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر للبنان، أكسبه دلالات قد لا يكون الاستحقاق الحكومي الذي تستعجله واشنطن، وكما سبق لشينكر ان اكد ذلك بعيدا عنه. وأفادت المعلومات ان بومبيو عرض خلال الاتصال للعلاقات اللبنانية الأميركية ومفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وشكر عون الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة كوسيط مسهل للتفاوض، مؤكدا ان لبنان مصمم على الحفاظ على حقوقه وسيادته في البر والبحر. وابلغ بومبيو عون ارسال بلاده مساعدات لاعادة اعمار الأحياء التي تضررت في بيروت نتيجة الانفجار في المرفأ في 4 آب الماضي. ولاحقا اصدرت الخارجية الأميركية بيانا حول اتصال بومبيو بالرئيس عون. ووفق البيان، استذكر بومبيو الذكرى السنوية الأولى لاحتجاجات 17 تشرين الأول.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة تتطلع إلى تشكيل حكومة لبنانية تكون ملتزمة وقادرة على تطبيق الاصلاحات التي يمكن أن تؤدي إلى فرص اقتصادية وحكم أفضل ووضع حد للفساد المستشري.
الى ذلك، اوضحت مصادر ديبلوماسية لـ”اللواء” ان استثناء لقاء المسؤول الاميركي دايفيد شنكر مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في زيارته الاخيرة للبنان يعتبر رسالة شديدة الوضوح من الادارة الاميركية من السياسة التي اتبعها الاخير من موقعه السابق كوزير للخارجية او كصهر لرئيس الجمهورية يؤثر بفاعلية مفرطة في رسم وتحديد افق السياسة الخارجية التي ينتظرها والتي تصب لمصلحة حزب الله وإيران في المنطقة والعالم على حساب مصالح الشعب اللبناني وضد المصالح الاميركية. وهذا لايمكن السكوت عنه او تجاوزه دون القيام بردات فعل ومواقف حازمة للتعبير الصريح عن رفض قاطع لمثل هذه السياسات المعتمدة،في حين ان مصلحة لبنان واللبنانيين تتطلب سياسات اكثر واقعية تلتزم بسياسة الناي بالنفس والابتعاد عن الانخراط في سياسات المحاور والتحالفات التي تسيء وتضر بمصلحة لبنان العليا.

واشارت المصادر الى الخطاب الاخير لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في ذكرى ١٣تشرين والذي حمل فيه مسؤولية تردي الأوضاع المالية والاقتصادية بلبنان للولايات المتحدة الأمريكية عندما قال ان سبب الازمة هو قلة الدولار والمسؤول عنها الذي يطبع الدولار وان لم يسم الدولة المعنية عن ذلك ولكن بالطبع وصلت الرسالة بوضوح الى الجانب الاميركي الذي يراكم سلسلة انتهجها باسيل طوال توليه المسؤولية السياسية التيار وحتى الخطاب الاخير الموجه الى الادارة الاميركية مباشرة.
… والخارجية الفرنسية
وتزامن ذلك مع موقف فرنسي جديد من الازمة الحكومية في بيان أصدرته وزارة الخارجية الفرنسية وانتقدت فيه التأخير في تشكيل الحكومة. وقالت انه “في الوقت الذي يتضرر فيه لبنان على نحو متزايد من الازمة الاقتصادية والاجتماعية التي فاقمتها عواقب الانفجار الذي وقع في 4 آب، لا يزال ثمة تأخر في تشكيل حكومة ذات مهمات محددة قادرة على تنفيذ الإصلاحات اللازمة رغم الالتزامات التي أكدتها مجددا القوى السياسية اللبنانية كافة التي تقع عليها وحدها المسؤولية عن هذه العرقلة المطولة التي تحول دون تلبية التطلعات التي اعرب عنها المواطنون اللبنانيون”. ودعت “جميع القادة السياسيين اللبنانيين الى تحمل المسؤوليات التي تقع على عاتقهم” مؤكدة “استعداد فرنسا لمواكبة لبنان في سبيل الإصلاحات باعتبارها السبيل الوحيد الذي يمكن من خلاله حشد جهود المجتمع الدولي. ولذا يتعين على المسؤولين اللبنانيين ان يتخذوا أخيرا خيار النهوض بدل الشلل والفوضى فالمصلحة العليا للبنان والشعب اللبناني تتطلب ذلك”.

وقد برز في هذا السياق، اعلان صندوق النقد الدولي مجددا انه على أتم الاستعداد لمساعدة لبنان كما صرح بذلك مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق جهاد أزعور. وقال “نتطلع الى الحكومة المقبلة والخطوة الأولى ان تقدم الحكومة برنامج إصلاحات شاملا وموثوقا به يساعد في معالجة المشاكل الاقتصادية والمالية المتعددة التي يواجهها لبنان”. ولفت أزعور الى ان “هذا البرنامج يجب ان يكون مدعوما من مختلف الأطراف وموجها لاعادة الثقة والاستقرار الاقتصادي” مؤكدا ان “الصندوق جاهز للمشاركة في المناقشات مع الحكومة الجديدة للحصول على دعم مالي”.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

نداء الوطن