مجلة وفاء wafaamagazine
مع بقاء عشرة أيام فقط على الانتخابات، يتقدم المرشح الديمقراطي جو بايدن بنحو ثماني نقاط في استطلاعات الرأي الوطنية على الرئيس الحالي والمرشح الجمهوري دونالد ترامب. لكن السباق محتدم في العديد من الولايات المتأرجحة المهمة.
ويوم السبت، صوّت ترامب في مكتبة في ويست بالم بيتش في ولاية فلوريدا بالقرب من منتجع مار إيه لاغو. وقال بعد التصويت: “لقد صوّتت لرجل اسمه ترامب”. وتعتبر فلوريدا دائماً مفتاحا للفوز في الانتخابات الأميركية وكان الرئيس يقوم بحملته هناك يوم الجمعة. وافتتحت مراكز التصويت المبكر في فلوريدا في عطلة نهاية الأسبوع.
كيف تسير الحملات؟
تميل معظم الولايات الأميركية بشدة نحو حزب أو آخر، لذلك يركز المرشحون للرئاسة عادة على نحو 12 ولاية حتى يمكن لأي منهم تحقيق الفوز. وتُعرف هذه الولايات باسم الولايات المتأرجحة.
وخلال الأيام القليلة المقبلة، من المقرر أن يعقد ترامب فعاليات في العديد من هذه الولايات. وبعد ظهوره الخاطف في ثلاث ولايات يوم السبت، بما في ذلك ظهوره في منتصف الليل في واوكيشا، من المقرر أن يشارك في مسيرتين في ولاية بنسلفانيا يوم الاثنين، قبل أن يشق طريقه إلى ميشيغان وويسكنسن ونبراسكا يوم الثلاثاء.
يوم كذبت الاستطلاعات.. هل يتكرر سيناريو ترومان مع ترامب؟
تظهر أغلب استطلاعات الرأي التي أجريت تفوّق بايدن. وقد دفعت هذه النتائج كثيرين للحديث عن حتمية فوز بايدن، مؤكدين استحالة كسر توقعات هذه الاستطلاعات. ولكن ينسى هؤلاء ما حصل بانتخابات عام 1948 التي مثلت أول انتخابات أميركية تلت الحرب العالمية الثانية. وآنذاك، تحدّثت استطلاعات الرأي عن استحالة فوزه بالانتخابات وقرب موعد رحيله عن البيت الأبيض، بعدها حصلت مع المرشح الديمقراطي هاري ترومان الذي تقلد منصب الرئيس منذ عام 1945 عقب وفاة فرانكلن روزفلت، مفاجأة لم تكن تخطر على بال أحد، حيث كسر جميع توقعات الاستطلاعات وضرب بها عرض الحائط ليفوز بفترة رئاسية ثانية.
وعقب وفاة فرانكلن روزفلت يوم 12 نيسان 1945، حصل ترومان، نائب الرئيس حينها، على صلاحيات الرئيس ليواصل قيادة البلاد خلال واحدة من أصعب فتراتها التاريخية فتمكن من حسم الحرب ضد الألمان وأجبر اليابان على الاستسلام واستخدم ضدها القنبلة الذرية ونجح في ضم الولايات المتحدة الأميركية لمنظمة الأمم المتحدة.
وبالانتخابات النصفية لعام 1946، خسر الديمقراطيون أكثر من 50 مقعدا بمجلس النواب لتؤول بذلك الأغلبية للجمهوريين.
وأمام هذه النتائج الكارثية، تحدّث الديمقراطيون عن ضرورة تغيير سياستهم وإقصاء ترومان الذي اعتبر رمزا للفترة السابقة مؤكدين على ملل الشعب الأميركي من السياسة القديمة وسعيهم للقطيعة مع كل ما يمت بصلة لنظام روزفلت الذي حكم البلاد لمدة قاربت 12 عاما. ولرئاسيات عام 1948، حاول الحزب الديمقراطي ترشيح وجه جديد للمنصب فعرضوا بطاقة الترشح على الجنرال دوايت أيزنهاور الذي رفض ذلك. وأمام هذا الوضع، اتجه الديمقراطيون نحو المسؤول بالمحكمة العليا وليام دوغلاس الذي اعتذر بدوره عن ذلك. ومع انقطاع السبل، وافق الحزب الديمقراطي، عقب جدال واسع، على ترشيح ترومان لمواجهة المرشح الجمهوري وحاكم ولاية نيويورك توماس ديوي.
حملة انتخابية وانشقاق
وأثناء الحملة الانتخابية، تحدّث الجمهوريون بقيادة ديوي عن سعيهم لإنهاء سياسة الميز العنصري بالجيش الأميركي وإقرار مزيد من الحقوق للنساء وإلغاء بعض الضرائب واعتماد حزمة جديدة من الإجراءات لمواجهة الامتداد الشيوعي. أما الحزب الديمقراطي، فقد استهل حملته بأزمة سرعان أثارت الغضب والانقسام بصفوفه حيث فضّل العديد من منتسبيه الجنوبيين الانشقاق عنه عقب رفعه لشعار إنهاء الميز العنصري بالجيش.
استطلاعات الرأي
وقبل الانتخابات خلال شهر تشرين الثاني 1948، تحدّث منظمو الاستطلاعات عن تقدم المرشح الجمهوري ديوي بفارق شاسع قدّره البعض بنحو 13 بالمائة خلال شهر أيلول 1948.
إضافة لذلك، عنونت صحف عدّة كنيويورك تايمز مؤكدة على أن انتصار ديوي أمر محسوم مسبقا كما نشرت مجلة لايف (Life) صورة لديوي على غلافها واصفة إياه بالرئيس التالي للولايات المتحدة الأميركية.
إلى ذلك، رفض ترومان كل هذه النتائج المسبقة واعتبرها عارية من الصحة، فتنقل خلال الأشهر التي سبقت الانتخابات لمسافة تجاوزت 20 ألف كلم بين مئات المدن الأميركية وقدّم بها الخطابات لدعم حملته وتحسين صورته مساهما بذلك في زيادة شعبيته. ومع اقتراب موعد الانتخابات، تحدّث البعض عن تقلص الفارق بين الطرفين وتقدّم ديوي بنسبة 5%.
انتصار ترومان وأزمة شيكاغو تريبون
يوم الانتخابات، واصلت وسائل الإعلام الترويج لفكرة انتصار ديوي وتحدثت عن إمكانية فوزه بفارق شاسع عند صدور النتائج.
ومع حلول الليل، توجّه ترومان لفراشه بشكل مبكر ليستفيق خلال الساعات الأولى للصباح على خبر فوزه وتقدمه بفارق مليوني صوت بالانتخاب المباشر.
وبالمجمع الانتخابي، نال ترومان 303 صوتا بينما حصل منافسه توماس ديوي على 189 صوتا فقط ليفوز بذلك ترومان بولاية رئاسية ثانية مثيرا بذلك دهشة الجميع وعلى رأسهم المرشح الجمهوري ديوي الذي عبّر عن تفاجئه عند سماعه للنتائج.
وبشكل خاطئ، عنونت صحيفة شيكاغو تريبيون (Chicago Tribune) مبكرا بعددها الصادر يوم 3 تشرين الثاني 1948 خبر انتصار ديوي على ترومان مثيرة بذلك سخرية الجميع.
فبعد صدور النتائج، التقط ترومان صورة شهيرة جابت أنحاء العالم رفع خلالها مبتسما هذا العدد من صحيفة شيكاغو تريبيون.
وكالات