مجلة وفاء wafaamagazine
أقام معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت، بالتعاون مع مركز “وصول” لحقوق الإنسان، حلقة نقاش عبر الانترنت بعنوان “ما حقيقة ضغوط السلطة اللبنانية على المجتمع المدني في ملف اللاجئين السوريين؟”.
وشارك في الجلسة مديرة البرامج في شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية زهرة بزي، مارييل الحايك (باحثة في مجال حقوق الإنسان في مركز “وصول” لحقوق الإنسان)، ومدير البرامج في منظمة “ألف” تحرك من أجل حقوق الإنسان جورج حداد.
وأدار الحوار أستاذ السياسات والتخطيط في الجامعة الأميركية في بيروت ناصر ياسين.
ياسين
افتتح الدكتور ياسين النقاش بمقدمة أشار فيها إلى أنه بـ”المقارنة مع دول المنطقة يتمتع لبنان بالهامش الأوسع في ما يتعلق بحرية المجتمع المدني ككل وحرية ونشاط منظمات المجتمع المدني. لكن منذ 2015، وبوتيرة أسرع خلال العام الفائت، اتسعت رقعة التضييق على الهامش المتوافر لجمعيات المجتمع المدني في التحرك وخصوصا في ما يتعلق بحرية التعبير. بين 17 تشرين الأول 2019 وحزيران 2020 تم استدعاء 60 شخاص للتحقيق بقضايا لها علاقة بحرية الرأي والتعبير مما يشكل تهديدا لعمل المجتمع المدني في لبنان”.
وأضاف: “إننا نشهد في لبنان تشديدا على عمل منظمات المجتمع المدني التي تعمل مع اللاجئين السوريين. إذ يتم استخدام أسباب إدارية وبيروقراطية للتشديد على هذه المنظمات، وهذ الممارسات ليست جديدة بل شهدنا ذلك في الأعوام السابقة”.
ولاحظ، في المقابل، أنه “بعد انفجار بيروت كان هناك اعتماد على جمعيات ومنظمات المجتمع المدني في موضوع إعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية وغيرها من المواضيع”.
ولاحظ ايضا أن “هناك تناقضا أو ازدواجية في طريقة تعامل السلطة في لبنان مع المجتمع المدني”.
الحايك
من جهتها، عرضت الحايك أبرز ما جاء في الورقة البحثية التي نشرها مركز “وصول” بعنوان: “رهاب المجتمع المدني من الحكومة اللبنانية” (ضغوط الدولة اللبنانية على منظمات المجتمع المدني العاملة مع اللاجئين السوريين)، وتطرقت إلى “الدور الرئيسي الذي تؤديه منظمات المجتمع المدني في ملف اللجوء السوري، والتغييرات التي شهدها المجتمع المدني نتيجة أزمة هذا اللجوء، والمنح والتعهدات المقدمة إلى لبنان للاستجابة لهذه الأزمة، إضافة إلى طريقة إدارة الحكومة اللبنانية لملف اللجوء السوري والسياسات التي تبنّتها منذ الـ2011 حتى اليوم، ومدى توافقها مع القوانين المحلية والدولية”.
وقالت: “على رغم أن القوانين الدولية والقوانين المحلية تكرس حق التجمع إنشاء الجمعيات، إلا أن المشكلة تكمن في تطبيق تلك القوانين من خلال ممارسات السلطات اللبنانية التي تتعارض مع الاتفاقات الدولية والدستور اللبناني”.
وعددت “الصعوبات التي تواجهها الجمعيات في التسجيل وإنشاء حساب مصرفي، ومنها البيروقراطية في تنفيذ المعاملات، وتشديد السلطات على موضوع الجمعية/المنظمة وأهدافها وجنسية أعضائها، والضغط على المنظمات/الجمعيات في تنفيذ المشاريع للاجئين السوريين ومنها، المشاريع الطبية ومشاريع التدريب المهني”.
وأضافت أن “الحكومة تستخدم سلطتها للتضييق على اللاجئين السوريين عبر الضغط على المنظمات العاملة مع اللاجئين، لتنفيذ مصالحها السياسية، على رغم أن التجمع والدفاع عن حقوق الإنسان حقوق مشروعة تنص عليها القوانين المحلية والدولية”.
وأعلنت أن “لا بد من أن تؤثر هذه الضغوط على اللاجئين بطرق مباشرة وغير مباشرة،
ففي ظل التشديد على عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، من جهة، والتضييق على عمل منظمات المجتمع المدني، من جهة أخرى”.
ورأت أن “المناصرة للحصول على مساحة تعبير هي أمر أساسي لبلوغ مرحلة يستطيع فيها المجتمع المدني أن يؤثر على سياسات الحكومة اللبنانية”.
بزي
من جهتها، تحدثت بزي عن “مقاربة الدولة لملف اللجوء وأسباب التضييق على الحيز المدني على مستويات عدة”.
وقالت: “عندما يعلو منسوب المعارضة أو تتوج إلى أسس النظام السياسي والاقتصادي أو الطائفي، تتجلى تتزايد الانتهاكات”.
ولفتت الى ان “لبنان يعد البلد الوحيد في المنطقة الذي كفل حق إنشاء الجمعيات منذ بداية القرن الماضي، بحيث يراعي حرية التأسيس والإنشاء وفق نظام العلم والخبر”.
وأكدت “غياب القيود القانونية في تلقي الدعم من الهيئات الدولية أو الأجنبية”، وشددت على فكرة الحايك أن “القوانين التي تحمي حقوق الإنسان وآلياتها موجودة إلى حد كبير في لبنان، إلا أن الممارسات فيها أخطاء، من دون التغاضي عن غياب الإرادة السياسية الفعلية للتغيير”.
واعتبرت أن “الدعم الحكومي لمنظمات المجتمع المدني يشوبه خروقات تتعلق بالمحسوبية والفساد والتحيز، فضلا عن القيود على المعاملات المالية وصعوبة الاعتماد على التمويل الأجنبي”.
وفسرت أن “المقاربة التي اعتمدتها الدولة في ملف اللجوء اعتمدت على منطق قصير الأمد يركز على الحد من تدفق اللاجئين والتشديد على أن وضعهم موقت، فضلا عن فرض قيود مشددة على الحصول على تصاريح الإقامة أو تجديدها”.
وكررت “ان اتساع الحيز المدني في لبنان او ضيقه مرتبط بمصالح السلطة وهو متاح عندما لا يتعارض مع مصالح السلطة الحاكمة أو سياساتها”.
حداد
أما جورج حداد، فركز على “الحاجة إلى الشفافية، وخصوصا أن هناك فصلا على الأرض بين المجتمع المدني والمواطنين والدولة”. وذكر بـ”المطالبة الطويلة باستقلال القضاء التي لم تجد نفعا”، وقال: استخدم الإقفال العام من جراء جائحة كورونا وحال الطوارئ التي تلت انفجار المرفأ للتضييق على المواطنين اللبنانيين، مما انعكس سلبا على اللاجئين”.
وذكر بـ”أهمية عدم إهمال الفئات المهمشة في المجتمع وبضرورة التزام الاتفاقات الدولية حتى في ظل الأزمات التي يمر بها لبنان”.
وختم: “يجب أن نبحث في طريقة التنسيق بين مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني لإيجاد حلول مشتركة لأزمة اللاجئين في لبنان”.
الوكالة الوطنية للاعلام