مجلة وفاء wafaamagazine
مع اقتراب موعد نفاد الدولارات في مصرف لبنان، يدور جدل حول مصير الاحتياطي الالزامي المتبقي، والذي يقول حاكم المركزي انّه لن يستخدمه للدعم. ما حقيقة هذا الاحتياطي، وهل سيتمّ استخدامه كما حصل مع الاموال السابقة التي جرى انفاقها؟ ومن هو صاحب القرار في الانفاق من هذا الاحتياطي؟
يجزم كثيرون انّ مصرف لبنان بدأ فعلاً في استخدام أموال الاحتياطي الالزامي للمصارف، وهي السيولة بالعملة الاجنبية المقدّرة بحوالى 17 مليار دولار، والتي وضعتها المصارف العاملة في السوق المحلية لدى البنك المركزي، تحسباً لأي مخاطر قد تواجهها، وذلك بالرغم من تأكيد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في ايلول الماضي، انّه لن يلجأ لاستخدام الاحتياطي النقدي الإلزامي لتوفير السيولة وإدارة الأزمة النقدية والمالية في البلاد، مشدّداً على أنّ هذا الاحتياطي سيبقى دون مساس.
وفي ظل غياب الشفافية حول الأرقام والبيانات، فإنّ الحجم الحقيقي لإجمالي احتياطي النقد الأجنبي في البنك المركزي مجهول وغير دقيق حالياً، ويقتصر على التقديرات بأنّه تراجع منذ ايلول 2019 لغاية ايلول 2020 من 38,5 مليار دولار الى 19.5 مليار دولار، وصولا الى 18 مليار دولار حالياً. علماً انّ حجم الاحتياطي الالزامي يفترض ان يكون قد انخفض مع تراجع حجم الودائع في القطاع المصرفي من 120 مليار دولار الى 114 مليار دولار في الاشهر السبعة الاولى من العام 2020 وفقاً لآخر الارقام المتوفرة. وبالتالي فانّ الاحتياطي الالزامي الذي يشكّل 15 في المئة من حجم الودائع قد تراجع من 18 الى 17 مليار دولار، «ومن المعيب وغير المحقّ لمصرف لبنان أو الحكومة ان تستخدمها او تفكر في استخدامها، لمواصلة سياسة دعم استيراد السلع الاساسية القائمة حاليا»، وفقاً للرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود.
واوضح حمود لـ»الجمهورية»، انّ تكوين احتياطي الزامي بالعملات الاجنبية ليس أمراً مفروضاً بموجب القانون بل بموجب تعاميم صادرة عن مصرف لبنان، والغرض منه تمكين المصارف من مواجهة أي ضغوطات قد تتعرّض لها من ناحية السحوبات، من خلال جزء من السيولة الاحتياطية المودعة لدى البنك المركزي.
وسأل: «في ظلّ الضغوطات التي تواجهها المصارف اليوم من ناحية مطلوباتها والسحوبات النقدية او الدولار الطالبي وغيرها، هل عمل مصرف لبنان على امدادها بسيولتها الاحتياطية لتلبية حاجات المودعين؟ بأي حقّ يتمّ صرف تلك السيولة لمواصلة سياسة الدعم ومواجهة الضغط الاجتماعي؟».
واعتبر حمود انّ مفهوم الاحتياطي الالزامي سقط أمام هذا الواقع، وشُطب مع عدم تمكّن المصارف من استخدام سيولتها الاحتياطية لمواجهة الضغوطات التي تتعرّض لها.
وقال: «لا جدوى من خفض نسبة الاحتياطي الالزامي الى 10 أو حتى 5 في المئة، لأنّ مصرف لبنان لن يعيد تلك السيولة للمصارف، علماً انّه من المعيب خفض النسبة من اجل صرف ما تبقّى من اموال المودعين، لضمان استمرارية الدولة وسياسة الدعم على حساب المودع».
ولفت الى انّ المصارف، عند تراجع حجم الاحتياطي الالزامي نتيجة تراجع حجم الودائع، لم تستطع استرداد سيولتها الاحتياطية نقداً، بل قام مصرف لبنان بتسديد التزاماتها في الخارج.
وردّا على سؤال، اكّد حمود انّ الاحتياطي الالزامي المقدّر بحوالى 17 مليار دولار متوفر نقداً في الخارج لدى البنوك المراسلة، ولا يجوز لمصرف لبنان ان يستخدمه في سبيل الدعم او التحويل الى الخارج، لأنّه ملزم به تجاه المصارف، وعند نفاد احتياطه الاضافي من العملات الاجنبية (حوالى مليار دولار متبقية) من المفترض ان يلجأ البنك المركزي الى وقف الدعم. موضحاً، انّ استخدام اجمالي الاحتياطي من الزامي او اضافي، من اجل دعم الاستيراد على سعر الصرف الرسمي، سيؤدي الى تسجيل خسائر اضافية على البنك المركزي وتعميق حجم الفجوة المالية.
وشدّد حمود على انّ حرية مصرف لبنان في التصرّف بإجمالي الاحتياطي من العملات الاجنبية هي مغالطة كبيرة، لأنّها أموال المودعين وودائع المصارف التي يتمّ استنزافها، في سبيل استمرارية الدولة ودعم الظروف المعيشية، وبالتالي فانّ استخدام الاحتياطي الالزامي «لن يكون سوى شطر اضافي من شطر المغالطات، ولن يختلف استخدام الـ17 مليار دولار للدعم عن استخدام الـ30 ملياراً سابقاً».
الجمهورية