الأخبار
الرئيسية / محليات / الخطيب: لانهاء المراوغة في موضوع تأليف الحكومة ولحوار وطني شامل يضع اسس الخروج من الازمات والحزم في معاقبة المخلين بالامن

الخطيب: لانهاء المراوغة في موضوع تأليف الحكومة ولحوار وطني شامل يضع اسس الخروج من الازمات والحزم في معاقبة المخلين بالامن

مجلة وفاء wafaamagazine

أدى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب، الصلاة جماعة في مقر المجلس، وألقى خطبة الجمعة التي قال فيها: “قال الله تعالى في كتابه العزيز “وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون”. في هذه الآية المباركة يعرفنا الله سبحانه وتعالى على قصورنا وعجزنا عن ان نتمكن من استبيان طريق الحق في هذه الحياة بالاعتماد على معارفنا وقدراتنا الذاتية لما فيها من تعقيدات وتشابكات ومطاوي مظلمة غير منكشفه لنا ومجهولة لدينا، فلو تركنا وشأننا واعتمدنا على اجتهاداتنا التي سوف تتعدد وتتباين وتختلف الى حد التناقض وتبعدنا عن طريق الحق وتودي بنا الى التهلكة وسوء المصير، ورحمة بالناس وإقامة الحجة عليهم وانسجاما مع الهدف الالهي للخلق من الامتحان والاختبار أوضح لهم المنهاج ورسم لهم الطريق وجعل لهم الدليل عليه، فبعث لهم الانبياء والرسل والاوصياء وزودهم بالشرائع، وأشار الى مراده من السلامة والامن ورغد العيش في الحياة الدنيا والاخرة التي لا يعكر صفوها الخصومات والنزاعات الناشئة عن الجهل وسوء التقدير والانحراف التي تبعدنا عن طريق الحق، فانه ليس هناك من سبيل مستقيم سوى طريق واحد وكل طريق اخر هو طريق يبعد عن الهدف المنشود “والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا”، “ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون”.

اضاف: “ان هذا البيان والايضاح، انما كان من اجلكم وان يكون داعيا لكم حتى تستقيموا وتتقوا الله تعالى في مسيرة حياتكم وفي كل محطة من محطاتها حينما تواجهون وسوف تواجهون الصعوبات، وحينما يتطلب الامر منكم الموقف الحق وكلمة الحق، حينما توضعون بين امرين بين الحق والباطل وتكون فيه مواجهة الباطل مكلفة فتؤثرون السلامة والعافية على المواجهة دفاعا عن الكرامة وعن الشرف وعن الحق الذي يريد ان ينتهك حرمة الدول واحتلالها واذلال الناس، وان يفرض عليهم شروطا مذلة”.

وتابع: “ما هو الصراط المستقيم هنا؟ وما الذي تقتضيه التقوى؟ لا اشكال في ان اختيار الانكفاء عن المواجهة والخضوع للشروط المذلة هو الاسلم لكنه سيكون الاسلم على نحو موقت ولن يكون كذلك في المستقبل، لان السلامة والبقاء على قيد الحياة وايثار العافية ليست دائمة، وسيكون ما ضحيت به اكبر بكثير مما حصلت عليه واستنقذته، فخسارة الكرامة والعزة والحرية والسيادة هي اكبر بكثير مما يحتمل انك انقذته. التقوى هنا ليس باختيار العافية والسلامة، والتقوى ليست بالتخلي عن العزة الوطنية والكرامة الوطنية. التقوى هي باختيار سلامة الوطن واختيار الكرامة والعزة الوطنية. ومن هنا كانت مقاومة شعبنا للعدوان من اعظم مظاهر التقوى وقد وجدنا هذا بالتجربة على مدى السنوات التي واجه فيها شعبنا العدو، ولمس الفارق بين الواقع الذي عاشه تحت الاحتلال حين ترك الجنوب والبقاع الغربي يواجه قدره بتآمر دولي وتخل داخلي وعربي، ما اتاح للعدو ان يجتاح لبنان ويحتل العاصمة بيروت، ولكن الشعور الانساني والكرامة الانسانية والحس الوطني للشعب اللبناني الشريف الذي احس انه انتهك هو الذي دفعه الى المقاومة”.

واكد ان “التقوى في هذا الموقف كانت تستدعي هذا السلوك وليس اختيار العافية والسلامة الذي يضعف الموقف الوطني ويؤدي الى ان يطمع العدو فينا. وعدم التقوى في الموقف يؤدي الى تشتيت قوى المجتمع وتمزيق وحدته. عدم التقوى في تصوير التنوع على انه تناقض بين المكونات وانه ليس هناك من جامع يجمع بينها. هذا الغش الذي يمارسه بعض تجار المذاهب وبعض تجار الاديان الذين يبنون زعاماتهم ومصالحهم على ممارسة هذا الغش للناس وعلى خلق هذا الوهم بين البسطاء. هذا التنوع في المجتمعات لا يمكن حذفه ولا يمكن انهاؤه او التخلص منه ضمن المجتمع الموحد طائفيا او دينيا او اثنيا، والتنوع موجود ضمن دوائر المجتمع من الدائرة الكبرى التي هي دائرة الوطن الى دائرة المنطقة الى دائرة القرية الى دائرة الاسر. فالمجتمعات عبارة عن مجموعات ودوائر مختلفة ومتنوعة. وتصوير ان التنوع يعني التناقض يهدف الى تفجير المجتمعات من داخلها”.

وقال: “على مستوى التنوع الديني او الطائفي او الاثني فان هذه التنوعات تتكامل في ما بينها ولا تتناقض، والاسلام والمسيحية ليسا نقيضين. وتصوير المشكلة على انها اسلامية مسيحية او اسلامية اسلامية سينسحب على المسيحية المسيحية، كما حدث في الحرب الاهلية التي دخلت في كل دار وبيت ولم يسلم منها احد، لان المطلوب ليس دولة اسلامية وفرضها على المسيحيين، كما ان المطلوب ليس دولة مسيحية وفرضها على المسلمين، وبالاخص ان اصحاب هذه المقولة الذين في اغلبهم لا يمارسون الاسلام ولا يمارسون المسيحية، وقد نجح هؤلاء حتى الان بالوصول الى هذا الهدف وحالوا دون ايجاد دولة حقيقية قائمة على اساس القانون والمواطنة والمحاسبة حتى أوصلوا البلاد الى الكارثة، لان دولة المواطنة والقانون هي دولة تقوم على المحاسبة، وهؤلاء لا يمكنهم ان يحصلوا على هذه المكاسب وان يبقوا على هذه الزعامات وما يسمونه بالارث السياسي والاقطاع السياسي الا عن هذا الطريق والهروب من المحاسبة واقتسام المغانم، وان يدفع البلد والمواطنون هذه الاثمان الباهظة من حياتهم وحياة ابنائهم وارزاقهم وبيوتهم، حيث ادى ذلك الى حروب عبثية لم يكن فيها فائدة لاي طائفة من طوائف لبنان ولا لأي فرد من افراد الشعب اللبناني، بل كان الخاسر فيها هو هذا الشعب من كل ابنائه وطوائفه والرابح فيها أولئك الذين يريدون الابقاء على زعاماتهم ومصالحهم، وان تكون الحروب سببا للتخفيف من اعداد السكان ليبقى لبنان على قدر زعاماتهم ومصالحهم ليعيشوا كما هو شعارهم “بنا نعيش” ، ولتبقى خيرات لبنان حصرا على فئة قليلة من ابناء الزعامات وتحقيقا لنظرية صراعات الحضارات الذي تعيش عليها الدول الإمبريالية الاستعمارية”.

اضاف: “لقد نجح هؤلاء واستطاعوا ان ينتصروا حتى الان على اصحاب الارادات الحرة الذين عملوا من اجل لبنان الكرامة ولبنان القانون والمواطن والانسان. ولكن هؤلاء لن يستطيعوا ان يكسروا هذه الإرادة وان يزرعوا اليأس في النفوس الابية والحرة التي كما نجحت بالتحدي وبالصبر و بالتضحية في مواجهة العدو وتحرير الوطن واستعادة الكرامة الوطنية، فهي ستنجح حتما بالصبر والحكمة والتضحية والعزيمة والارادة الصلبة في الوصول مع كل الحريصين على هذا الوطن العزيز وعلى ابنائه الكرام وعلى مستقبله الواعد الى خلاص لبنان وبناء الدولة العادلة مهما كانت الصعوبات والتضحيات، ولن يكون ذلك بالتحدي وبردات الفعل وانما بالحوار الهادئ وبالمحبة الصادقة والخالصة التي ستكشف للبنانيين في نهاية المطاف عن حقيقتها مهما كبرت التحديات ومحاولات التضليل وقلب الحقائق”.

ورأى ان “ما تواجهه اليوم قوى الاصلاح الحقيقية في هذا البلد هو جزء من المعركة الصامتة ومن هذه الحرب الضروس التي يكيد فيها الاعداء للبنان ولشعبه، ولكننا على يقين من ان كل اساليب السحر والشعوذة التي تمارس لن تجدي اصحابها نفعا “ولا يفلح الساحر حيث اتى” وطالما كانت لدينا العزيمة والارادة والثبات والصبر على الاذى “وما نيل المطالب بالتمني” ولقد حاولوا جر البلاد الى فتنة مذهبية وحرب اهلية هدفت الى اسقاط هذا المشروع، وقد نجحوا في الالتفاف على مشروع الامام السيد موسى الصدر وجر البلاد الى حرب اهلية استمرت 15 عاما واستطاعوا ايقاف هذا المشروع على الصعيد الداخلي، ولكن بذور المقاومة التي زرعها في هذه الارض انبتت تحريرا من العدو، وكان بذلك يضع حجر الاساس للاصلاح الحقيقي”.

وأعلن “ان اصل الفساد هو هذا الشر المطلق الذي زرعه الاستعمار في بلادنا ليعيثوا فيها فسادا، وقد أثمر هذا الزرع تحريرا وسيثمر بهذه الروح التي بذرها في الداخل اصلاحا بإذن الله وتوحيدا للقلوب بالمحبة والدعوة الصادقة والكلمة القائمة على التقوى وعلى اساس من الايمان، “ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن”، وعلى كرامة الانسان “ولقد كرمنا بني آدم”، وعلى الحوار الهادئ النبيل “يا ايها الناس انا جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم”، وليس على اساس الغلبة والعنصرية والطائفية والعصبية والاستئثار “ليس منا من دعا الى عصبية”، و سيثمر هذا بإذن الله بناء لوطن الانسان والكرامة الانسانية لينتصر مرة أخرى على مشروع الشر العنصري الصهيوني”.

وقال: “لذلك، فاننا نؤكد:

  • أولا، على الدعوة لحوار وطني شامل يضع اسس الخروج من الازمات التي يعاني منها النظام.
  • ثانيا، نكرر الدعوة الى انهاء المراوغة في موضوع تأليف الحكومة والاسراع في لجم التدهور الحاصل والعمل على تخفيف الاعباء التي يعاني منها المواطنون.
  • ثالثا، ندعو الحكومة للاستجابة لمطالب اهالي بعلبك الهرمل وعدم تركهم رهائن للعصابات التي تعيث فسادا في المنطقة، ونحن نحذر من ان التآمر على هذه المنطقة سيجر البلد كله للهاوية، فالأمن واحد والفوضى في هذه المنطقة ستجر الى فوضى في الوطن، ولذلك فان ما تشهده هذه المنطقة تحت نظر مسؤولين سياسيين وامنيين وعسكريين خطير للغاية وينذر باسوأ العواقب، ونحن ندين ونستنكر بشدة الفلتان الأمني الذي يهدد المواطنين في عيشهم واستقرارهم وامنهم ولا سيما أهالي البقاع، فاننا نطالب الدولة بجيشها ومؤسساتها الأمنية بالحزم في معاقبة المخلين بالامن وندعو أهلنا واخواننا الى تحكيم لغة العقل ومنطق الحكمة وعدم الانجرار خلف النزاعات العشائرية والاخذ بالثأر والاحتكام الى الدين والقانون في حل الخلافات. وندعو الى معالجة سريعة لوضع حد لهذا الفلتان الخطير والحفاظ على حياة الناس وارزاقهم الذي يزيد من اعبائهم الاقتصادية والمعيشية والحرمان والاهمال المزمن الذي يعانون منه، وليس مقبولا التذرع باي منطق اخر يحمل اهالي المنطقة مسؤولية ما يجري”.

وتابع: “اننا نعتبر عدم الاستجابة لهذه المطالب مؤامرة على لبنان وعلى أمنه وعلى مؤسساته وعلى شعبه وخضوعا لإرادة الكيان الصهيوني وداعميه، وما يمارس عليه من حصار وضغوط سياسية واقتصادية ومالية لمنع الاصلاح وبناء دولة المؤسسات ودولة القانون والمواطنة”.

اضاف: “وعودا بالحديث عن الإصلاح، فاننا نعد بان الشعب اللبناني الشريف لن يسمح لهؤلاء لاسقاط ارادته في الاصلاح وبجره الى الفوضى والحرب الاهلية التي يعدنا بها بعض الحمقى و المتآمرين لاعادة بناء لبنان المهزوم امام إسرائيل، ولكن هذا الحلم شيطاني واسقط الى الابد”.

وكرر مطالبته السياسيين “بالإسراع في تشكيل حكومة إنقاذيه إصلاحية تخرج الوطن من الازمات التي يتخبط بها”، وقال: “إننا نعتبر أن استعادة المال المنهوب ممر إلزامي وخطوة ضرورية لإنقاذ الاقتصاد الوطني ولجم الانهيار المعيشي، ما يحتم حسم موضوع التدقيق الجنائي لكشف المسؤولين عن افلاس الدولة ونهب خزينتها واحتجاز اموال المودعين في المصارف، وطالما ان جميع السياسيين مجمعون على ضرورة اجراء التدقيق المالي كخطوة تمهيدية للإصلاح المالي، فإننا نسأل عن التسويف والتباطؤ في اطلاق هذا التدقيق الذي من شأنه ان يعيد الثقة الدولية بلبنان، فضلا عن بث الامل بنفوس اللبنانيين في قيام الدولة بواجباتها في معاقبة الفاسدين والمرتشين وكل المسؤولين عن الانهيار المالي والتدهور الاقتصادي”

وطالب حكومة تصريف الاعمال “بالقيام بواجباتها في لجم الاحتكار والفلتان الأمني والاجتماعية، فاستقالة الحكومة لا تعني ابدا التخلي عن المسؤولية في إدارة البلاد ورعاية شؤون العباد، فالأوضاع الخطيرة التي يشهدها لبنان توجب تعاطيا استثنائيا من السلطة بما يحفظ الانتظام العام للمجتمع وسير عمل المؤسسات الرسمية، حتى لا يشعر المواطن بانه متروك لقدره في مهب الفتن والفوضى، ونحن نحذر من رفع الدفع عن الادوية والمواد الغذائية والمشتقات النفطية تحت أي مبرر لما لهذا العمل من تداعيات خطيرة على معيشة واستقرار اللبنانيين”.

وختم موجها “التهنئة الى الأسير المحرر ماهر الاخرس، ومن خلاله نحيي جميع الاسرى في السجون الإسرائيلية على صبرهم وجهادهم، ونشيد بروحية المقاومة التي يتحلى بها هؤلاء الابطال التي قهرت إرادة الاحتلال وجبروته، فالمقاومة والصبر هما السبيل لتحقيق النصر ونيل الحرية، نسأل الله ان يمن على الاسرى بالحرية وعلى فلسطين وكل اراضينا المحتلة بالتحرر من رجس الاحتلال”.