مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “النهار” : الفارق الوحيد الذي برز امس بين مسارين يتسابقان في طريق التصعيد والتأزم، تمثل في ان مسار تأليف الحكومة الجديدة عاد الى التأزم الملجوم والصامت فيما مسار المواجهة السياسية القضائية المتصلة بالتحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت اتسم بمزيد من التصعيد الصاخب. ومع ان الزيارة التي قام بها الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري لبكركي شكلت اختراقا إيجابيا لمناخ آخذ في الانسداد والتشاؤم والتشكيك في إمكانات فتح مسارب للحلول، فان تأثيرات الزيارة يستبعد ان تتجاوز الإيضاحات الضرورية التي أفضى بها الرئيس الحريري للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي سواء في الملف الحكومي وآفاقه ومسببات عرقلة الولادة الحكومية او في ما يتصل بكارثة انفجار المرفأ. وعلمت “النهار” ان الزيارة تركت أصداء مريحة لدى بكركي وسيدها الذي لا يكاد يمضي يوم واحد من دون ان يرفع صوته بالإلحاح على تشكيل الحكومة كما عكست مواقفه من تداعيات التحقيق العدلي في انفجار مرفأ ما استدعى من الحريري إيضاح حقيقة المواقف التي اتخذت في شان رئاسة الحكومة والحفاظ على المسار الدستوري في التحقيقات من دون أي حمايات وحصانات. وفهم ان الحريري ركز على التأكيد ان ليس هناك أي بعد طائفي مسيحي إسلامي في دلالات التشكيلة التي بحثها مع رئيس الجمهورية. كما ان الموقف من الادعاء على رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب يتسم بمعيار دستوري أولا وأخيرا بما يحصن التحقيق.
وأوضح الحريري بعد اللقاء مع البطريرك في حضور الوزيرين السابقين غطاس خوري وسجعان قزي والنائب البطريركي العام المطران حنا علوان انه وضع البطريرك الراعي “في جو التشكيلة التي قدمتها الى فخامة الرئيس والقائمة على اختصاصيين غير منتمين حزبيا ومن اهل الكفاءة والنزاهة وقادرين على القيام بإلاصلاحات المتفق عليها”. ولفت الى انه ابلغ البطريرك “ان الهدف ليس تشكيل حكومة كيفما اتفقنا ولا ان أكون انا رئيس حكومة وانما وقف الانهيار وإعادة اعمار بيروت وهذا الهدف لا يتحقق الا عبر القيام بالإصلاحات المتفق عليها لاعادة تدفق التمويل في اتجاه لبنان”. وفي موضوع المرفأ قال الحريري انه اكد للراعي “اصرارنا على معرفة الحقيقة وتأكيدنا حق جميع اللبنانيين وبالدرجة الأولى حق الضحايا وأهاليهم بمعرفة كامل الحقيقة والمسؤوليات، وفي هذا الاطار لا غطاء على احد ولا تغطية لاحد إنما في اطار الاحترام الكامل للدستور والقوانين”. وردا على سؤال قال الحريري “انا مع الحياد وسبق ان قلت ذلك وهذا الامر يجب ان يحصل عاجلا ام آجلا ولكنه أولا في حاجة الى توافق”.
هيئة المكتب وصوان
اما على جبهة التداعيات التي اثارها ملف الادعاءات السياسية في قضية انفجار مرفأ بيروت على يد المحقق العدلي في هذا الملف القاضي فادي صوان، فان الموقف الذي اتخذته هيئة مكتب مجلس النواب في اجتماعها امس برئاسة رئيس المجلس نبيه بري شكل مؤشرا إضافيا الى تصاعد المواجهة السياسية القضائية على خلفية الادعاءات التي أصدرها صوان من جهة، والاشتباك القانوني السياسي الذي انزلقت اليه القضية كلا من جهة أخرى. ذلك انه على رغم الاجتهاد الشكلي المنمق الذي خرج به نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي في اعتبار حصول “سهو” من جانب القاضي صوان عبر انتهاك مبدأ فصل السلطات وتوجيه التهمة ضمنا الى مجلس النواب بالتخلف عن واجباته كانت نبرة الرد البرلماني على صوان حازمة للغاية في رفضها طلبه من المجلس أولا ان يتخذ الإجراءات ضد مجموعة واسعة من رؤساء وزراء ووزراء سابقين لا وجود لاي شبهة في حقهم ومن ثم في عدم تزويده المجلس ملف التحقيقات والإثباتات ليبنى على الشيء مقتضاه. وبذلك عكست هيئة مكتب المجلس قرارا واضحا وانطباعا واضحا ترجمه الفرزلي برمي الكرة كليا في مرمى المحقق العدلي من خلال كتاب أرسلته الهيئة اليه وتنتظر جوابه عليه متضمنا الملف الذي يفترض ان يحمل الشبهات الجدية. وبدا لافتا للغاية اعلان الفرزلي ان الهيئة اتخذت قرارا بعدم نشر رسالة صوان التي أرسلت ردها عليه من باب احترام القضاء، ولكن الهيئة ضمنت ردها نقطة أساسية مفادها “انها تأسف لمخاطبة المجلس النيابي كأنه اهمل ممارسة صلاحياته الدستورية فكيف للمجلس ان يتهم من دون دلائل واضحة ؟ وأين اصبح مبدأ فصل السلطات”. وشدد الفرزلي على “اننا لم نجد في الملف المرسل مرفقا بمستندات أي شبهة جدية او غير جدية فكيف نتعامل مع مجهول؟”.
وفي المقابل تواصلت فصول الصراع المتصاعد حول مثول المدعى عليهم الأربعة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب والوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس امام المحقق العدلي، علما ان الكباش المتجدد بين المحقق العدلي مجلس النواب سيفاقم حلقات هذا الصراع باعتبار ان اثنين من المدعى عليهم الأربعة هما من النواب وسيلتزمان مزيدا من الانتظار لبت وجهة النزاع، كما ان رئيس حكومة تصريف الاعمال لن يكون في وارد تغيير موقفه الرافض لاستقبال المحقق العدلي والإدلاء بإفادته امامه، فلا يبقى الا الوزير السابق فنيانوس الذي لا يحظى بغطاء نيابي ولكن يبدو انه يتجه الى الطلب من المحقق العدلي ان يطلب اذن نقابة المحامين في الشمال قبل استجوابه. وكان القاضي صوان حدد امس موعدا جديدا لاستجواب الوزيرين السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر في الرابع من كانون الثاني المقبل بعدما لم يمثلا امامه امس، فيما علم ان خليل وزعيتر تقدما عبر وكيليهما من النيابة العامة التمييزية بطلب نقل الدعوى من القاضي صوان الى قاض آخر بحجة “الارتياب المشروع” واتهامهما للقاضي صوان بعدم الحياد. وإذ اشارت المعلومات الى ان صوان ماض في مهمته من دون تراجع، فهم انه ارسل طلبات جديدة عبر الأمانة العامة لمجلس الوزراء لاستجواب الرئيس دياب والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا والوزير السابق فنيانوس التي ردت طلب دعوة فنيانوس باعتبار انه ليس وزيرا حاليا.