مجلة وفاء wafaamagazine
لم تحظ أي شخصية هذا العام بتغطية إعلامية واسعة في الإعلام الإيطالي والعالمي مثل التي حصل عليها رأس الكنيسة الكاثوليكية البابا فرنسيس.
فقد بثت معظم المحطات التلفزيونية المحلية والعالمية، مباشرة القداديس والرسائل واللقاءات التي أجراها البابا فرنسيس هذا العام، ويعود ذلك بحسب رأي الكاتب الصحافي الإيطالي ألبرتو ستابيلي الى أن “الكرسي الرسولي يتمتع بدور كبير على الصعيد العالمي، بسبب قربه من الناس، في وقت يدافع زعماء العالم عن مصالحهم الآنية وعن كانتونات اقتصادية في سياسة انعزالية ضيقة”.
وقال ستابيلي في حديث الى “الوكالة الوطنية للاعلام”: “الكرسي الرسولي وجميع المسؤولين في الفاتيكان لا يتوجهون الى العالم عبر مؤتمرات صحافية مصورة أو تصريحات كما يفعل معظم قيادات العالم بل يتوجهون اليهم من خلال القداديس والصلوات مع المؤمنين”.
وتابع: “حمل قداسة البابا راية السلام والدفاع عن المستضعفين في العالم عبر دبلوماسية فعالة، أذكر بينها الكلمات الواردة في الإرشاد الرسولي Querida Amazonia الذي قدم فيه خلاصة لأعمال سينودس الأساقفة الخاص بمنطقة الأمازون في تشرين الأول من العام 2019 وتم نشر الوثيقة عشية تفشي جائحة كورونا. وشكل الإرشاد الرسولي دعوة للنظر في ما يجري في تلك المنطقة المنسية وللعمل من أجل إيكولوجيا إنسانية تأخذ في الاعتبار الفقراء، مع تثمين الثقافات المتنوعة لتكون الكنيسة إرسالية وتحمل وجها أمازونيا أيضا. وفي شهر تشرين الأول الماضي أصدر البابا رسالة عامة جديدة بعنوان Fratelli Tutti، تناول فيها الأخوة والصداقة الاجتماعية كرد على ظلال الحقد والعنف والأنانية التي تسود في عالم اليوم المطبوع بالفيروس والحروب والظلم والفقر والتبدل المناخي”.
وفي هذا الاطار، ذكرت صحيفة “لا ريبوبليكا” أن “الحدث الذي يظل في أذهان الناس، خلال هذا العام، هو الصلاة التي رفعها البابا إلى الله في السابع والعشرين من آذار الماضي سائلا إياه أن يتدخل ويساعد البشرية التي تعاني من الجائحة. وقف البابا فرنسيس وحيدا تحت المطر في ساحة القديس بطرس التي خلت من المؤمنين، لكنها كانت مكتظة جدا إذا ما أخذنا في الاعتبار ملايين الأشخاص الذين تابعوا الحدث مباشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وصلوا بصمت مع البابا. وذكرنا البابا فرنسيس في تلك المناسبة بأننا موجودون على متن الزورق نفسه ولا أحد يستطيع أن ينجو لوحده. قبل قدمي المصلوب وبارك مدينة روما التي شلها الإقفال التام، في ما عدا سيارات الإسعاف التي كانت تسمع صفاراتها في أنحاء البلد كافة”.
كما زميلتها فقد عمدت صحيفة ” Il Tempo” الى التذكير بما قاله قداسة البابا فرنسيس يوم 31 كانون أول الماضي في كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي لمناسبة عيد القديسة مريم أم الله، ولمناسبة اليوم العالمي الرابع والخمسين للسلام: “إن مريم تنظر إلينا بحنان والدي تماما كما نظرت إلى ابنها يسوع. السلام هو أولا عطية من الله؛ وعلينا أن نطلبه بالصلاة المتواصلة، وندعمه بالحوار الصبور الذي يحترم الآخر، وأن نبنيه بتعاون منفتح على الحقيقة والعدالة”.
وتابعت الصحيفة: “إن الأحداث المؤلمة التي طبعت مسار البشرية في العام الماضي، ولاسيما الوباء، تعلمنا مدى ضرورة الاهتمام بمشاكل الآخرين ومشاركة مخاوفهم. هذا الموقف يمثل الطريق الذي يؤدي إلى السلام، لأنه يعزِّز بناء مجتمع يقوم على علاقات . كل فرد منا مدعو الى ان يحقق السلام، في كلِّ بيئة، ولكي يمدَّ يد المساعدة للأخ الذي يحتاج إلى كلمة تعزية، ولفتة حنان، ومساعدة تضامنية”.
من جهته، اعتبر المدير السابق لقسم العلاقات الدولية في الأسبوعية ” Espresso ” جان بيريللي في حديث الى “الوطنية” أن “موقف الكرسي الرسولي خلال العقود الماضية تعزز كأحد الأطراف المساهمة في منظومة السلام العالمي. إذ تأسس هذا الدور على الاستدعاء للمفاهيم الأخلاقية في السياق العالمي كمحاولة لتأطير أو وضع حدود للاعتماد المتزايد على المقاربات الواقعية في السياق العالمي، وما أفضى إليه ذلك من تزايد الصراعات والأزمات”.
وقال: “طرح الكرسي الرسولي نفسه كقوة أخلاقية في النظام العالمي، تخاطب الطبيعة الخيرة للبشر، وتستحضر هذه الطبيعة كآلية لمعالجة الأزمات”.
وأضاف كاتب آخر من جريدة “لا ريبوبليكا” فابيو سكوتو: “المكانة الأخلاقية للبابا تمكنه من التخاطب مع جميع الدول دون استثناء وقد أصبح كيانا إنسانيا يحظى بالاحترام العالمي. إحدى أهم نقاط القوة التي يملكها الكرسي الرسولي سياسة الانفتاح الخارجي على الأديان والمذاهب الأخرى والتعايش معها، متجاوزا بذلك أطروحات الصراع والصدام بين الحضارات والأديان. لذلك تبرز أهمية وثيقة الأخوة الإنسانية التي تم التوقيع عليها في حضور شيخ الأزهر، في ختام منتدى حوار الأديان بدولة الإمارات. فالوثيقة تدعو إلى التسامح والتصالح بين أتباع الديانات المختلفة”.