مجلة وفاء wafaamagazine
يستمر الجمود مخيّماً على جبهة التأليف الحكومي، ويتوالى فصولاً في قابل الايام وربما الاسابيع، وجاء السجال المفاجىء بين الرئيس المكلف سعد الحريري وتكتل «لبنان القوي» قبَيل عودة الاول المنتظرة اليوم، ليؤكد انّ كل ما عُقد من آمال على حصول تفاهم قريب بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف يُفضي الى ولادة الحكومة قد ذهب هباء منثوراً… ما يجعل من الصعب التكهّن بموعد محدد لإنجاز الاستحقاق الحكومي، لأنّ غالبية الافرقاء السياسيين يتعاطون معه على أساس مصالحهم السياسية الخاصة وليس على اساس إطلاق ورشة حكومية فاعلة لإنقاذ البلاد من حال الانهيار الاقتصادي والمالي، فيما أملت قمّة دول مجلس التعاون الخليجي «أن يستجيب اللبنانيون لنداء المصلحة العليا والتعامل الحكيم مع التحديات التي تواجه الدولة اللبنانية، وبما يلبّي التطلعات المشروعة للشعب اللبناني».
علمت «الجمهورية» انّ الحريري، الذي يعود اليوم، لم يجر من الخارج اتصالات مع ايّ من الاطراف السياسية في شأن ملف التأليف الحكومي، فهو عائد كما ذهب على «حَطّة إيدو».
وأكدت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» ان لا أحد يعلم كيف ستسير الامور، وأنّ الكلام عن انّ المسار سيتّضح بعد تسلّم بايدن في العشرين من الجاري هو «حَكي ولاد زغار»، وكأنه باتَ هناك من يعتقد انّ بايدن سيدخل الى البيت الابيض ويقفل بابه، ويطلب أن يأتوا اليه بملف حكومة لبنان.
ورأت المصادر «انّ البيانات والبيانات المضادة بين «التيار الوطني الحر» ومكتب الحريري استبَقّت التفاؤل الذي شَعر به الناس في الساعات الماضية، واقفلت كل الابواب التفاؤلية حول امكانية إبرام تفاهم بين الطرفين منتصف الشهر او بعده بقليل، وهذه البيانات اكدت اننا لا نزال في المكان نفسه».
وعن السبب الحقيقي الذي يقف حاجزاً أمام ولادة الحكومة، اذا تم التقليل من التأثير الخارجي، قالت المصادر: «القصة واضحة، رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل يريد حكومة «على ذَوقه» ولا يزال في عقلية الاستئثار نفسها وكأنّ شيئاً لم يكن، والحريري من جهته لن يقبل التنازل عن الاطار الذي وضعه امام اللبنانيين والعالم لتشكيل الحكومة بمعايير مختلفة ومغايرة تماماً عن سابقاتها حتى لا يُقال انه يُعاود الكرّة، وانه ارتضى التسويات التي أدت الى انهيار البلد فقط ليعود رئيس حكومة».
واكدت المصادر «انّ حقيبة وزارة الداخلية لا تزال أم العقد، فإذا حلّت ستتلاشى ورائها كل العقبات المتبقية. الحريري لن يتنازل عنها ولن يتراجع عن موقفه، فهو اعتبر انه تنازل عنها طائفياً وسنياً عندما أسندها الى الطائفة الارثوذكسية، في اعتبار انّ الاسم الذي سيتولاها يمكن ان يكون وسطياً، واقترح لها المدعي العام لبيروت القاضي زياد ابو حيدر، أمّا رئيس الجمهورية فيصرّ على اسم عادل يمين المُنتمي الى «التيار الوطني الحر» رسمياً».
وعن دور «حزب الله» قالت المصادر نفسها: «في السياسة من مصلحة الخصم ان يقول انّ «حزب الله» هو من لا يريد حكومة وأنه يقف خلف عون وباسيل في العرقلة، ولكن الواقع معكوس لأنّ الحزب داعِم لولادة الحكومة اليوم قبل الغد لوقف تدهور البلد، لكنه لن يخوض معركة مع حلفائه ليست له، وأقلّه لا يريد ممارسة الضغط لا على عون ولا على باسيل».
وسيتحدث الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله عن آخر التطورات السياسية المحلية، في إطلالة تلفزيونية جديدة له، الثامنة والنصف مساء بعد غد الجمعة.
سجال
وكان قد اندلع سجال مساء امس بين تكتل «لبنان القوي» ومكتب الحريري، أثار غباراً سياسياً كثيفاً حول مصير الاستحقاق الحكومي قبَيل عودة الرئيس المكلف من عطلة الاعياد التي أمضاها في دولة الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وفرنسا.
فقد دعا تكتل «لبنان القوي»، بعد اجتماعه الدوري إلكترونياً برئاسة النائب جبران باسيل، الحريري الى «تحمّل مسؤولياته والقيام بواجباته الوطنية والدستورية، فيتوقف عن استهلاك الوقت ويعود من السفر لينكَبّ على ما هو مطلوب منه، وعدم اختلاق العراقيل الداخلية لإخفاء الأسباب الحقيقية وراء تأخير عملية التشكيل». واكّد أنّ «قوة لبنان تنبع من وحدة موقفه في ما يخصّ حماية السيادة والإستقلال، وهذا يستوجب إعادة التذكير بأنّ لبنان، بحدوده وأرضه وجوّه وبحره وثرواته، يتعرّض لتهديد إسرائيلي، كانت آخر مظاهره الخرق الجوي المتكرر والكثيف في الأيام الماضية». ودعا الى «الحفاظ على عناصر القوة اللبنانية لتكون في خدمة لبنان ووجهة استعمالها الدفاع عنه، فتبقى تتمتع بالغطاء الوطني اللازم لها».
الحريري يرد
وردّ المكتب الاعلامي للحريري على التكتل بالبيان الآتي: «يعود تكتل لبنان القوي الى سياسته المفضّلة بتحميل الآخرين مسؤولية العراقيل التي يصطنعها عن سابق تصور وتصميم، وجديده دعوة الرئيس المكلف «الى تحملّ مسؤولياته والقيام بواجباته الوطنية والدستورية فيتوقف عن استهلاك الوقت ويعود من السفر لينكبّ على ما هو مطلوب منه وعدم اختلاق العراقيل الداخلية لإخفاء الأسباب الحقيقية وراء تأخير عملية التشكيل». فاتَ التكتل ورئيسه انّ الرئيس المكلّف قام بواجباته الوطنية والدستورية على أكمل وجه، وقدّم لرئيس الجمهورية تشكيلة حكومية من اختصاصيين غير حزبيين مشهود لهم بالكفاءة والنجاح، وهي تنتظر انتهاء رئيس الجمهورية من دراستها. وفاتَ تكتل لبنان القوي انّ الجهة التي عطّلت البلد أكثر من سنتين ونصف السنة هي آخر مَن يحقّ لها اعطاء دروسٍ بالتوقف عن استهلاك الوقت واختلاق العراقيل. وفاتَ تكتل لبنان القوي ورئيسه ايضاً انّ المشكلة واضحة وعنوانها معروف من قبل الجميع، وهي داخلية عبر التمسّك بشروط تعجيزية تَنسف كل ما نَصّت عليه المبادرة الفرنسية، وتقضي على اي امل بمعالجة الازمة، بدءاً من وقف الانهيار وصولاً الى اعادة إعمار ما هدمه المرفأ».
… و«بيت الوسط» يوضح
وتوضيحاً لبيان مكتب الحريري، قالت مصادر قريبة من «بيت الوسط» ليل امس لـ«الجمهورية» انّ «البيان يشرح كثيراً من الملاحظات التي لا بدّ منها. فالرئيس الحريري قام بواجباته كاملة وكما يقول به الدستور، الذي اكد انّ الرئيس المكلف يشكّل حكومته ويقدمها لرئيس الجمهورية من اجل ان يتلقّى ملاحظاته تأييداً او اعتراضاً، لتصدر بعدها مُذيّلة بتوقيعهما، وهو امر ما زال ناقصاً ولم يكتمل طالما انّ رئيس الجمهورية لم يكمل المهمة».
وقالت هذه المصادر «انّ 14 جلسة من المشاورات بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف كانت كافية من أجل إنتاج الحكومة العتيدة ولم تكتمل فصولها بعد. وإن أراد تكتل «لبنان القوي» تحقيق ما قصده، فما عليه سوى ان يتقدم من مجلس النواب باقتراح تعديل دستوري يعدّل في صلاحيات رئيس الجمهورية والرئيس المكلف معاً ليكون لهما ما يريدانه». وختمت: «سبق للحريري ان تسلّم من رئيس الجمهورية لائحة بالأسماء التي اقترحها، وأتَمّ مهمته كاملة ملتزماً كل ما قال به الدستور، وإن لم يعجبهم ما حصل فليعملوا من اجل دستور جديد لنلتزم به جميعاً».
مجلس التعاون ولبنان
في غضون ذلك، لم يغب لبنان عن قمة دول مجلس التعاون الخليجي التي انعقدت في مدينة العلا في شمال المملكة العربية السعودية، فورد عنه فقرة خاصة في البيان الختامي لهذه القمة، هي الآتية:
«تابع المجلس الأعلى تطورات الأوضاع في لبنان مؤكداً على مواقف مجلس التعاون وقراراته الثابتة في شأنه، وحرصه على أمنه واستقراره ووحدة أراضيه، وعلى انتمائه العربي واستقلال قراره السياسي، والوفاق بين مكوّنات شعبه الشقيق، مُعرباً عن أمله في أن يستجيب اللبنانيون لنداء المصلحة العليا والتعامل الحكيم مع التحديات التي تواجه الدولة اللبنانية، وبما يلبّي التطلعات المشروعة للشعب اللبناني».
كذلك وردت فقرتان أخريان، هما:
– «الإشادة بقرارات الدول التي صنّفت «حزب الله» كمنظمة إرهابية، في خطوة مهمة تعكس حرص المجتمع الدولي على أهمية التصدي لكل أشكال الإرهاب وتنظيماته على المستويين الدولي والإقليمي، وحَثّ الدول الصديقة لاتخاذ مثل هذه الخطوات للتصدي للإرهاب وتجفيف منابع تمويله».
– «أعربَ المجلس الأعلى مجدداً عن إدانته للتواجد الإيراني في الأراضي السورية وتدخلات إيران في الشأن السوري، وطالبَ بخروج كافة القوات الإيرانية وميليشيات «حزب الله» وكافة الميليشيات الطائفية التي جَنّدتها إيران للعمل في سوريا».
كورونا في خدمة السلطة
في غضون ذلك ولمناسبة الاقفال الذي ستدخله البلاد، بَدت كورونا وكأنها جاءت في توقيت هو الأفضل للتخفيف من نسبة الجرائم المُرتكبة على مستوى اهل السلطة والمتحَكّمين بحياة لبنان واللبنانيين والتغطية على فشلهم في ادارة شؤون الدولة، من خلال إهمال او تأجيل الخطوات المؤدية الى تشكيل حكومة جديدة تُمسِك بزمام الامور، وتستطيع ان تتحمل مسؤولياتها تجاه الشعب اللبناني وحكومات العالم والمجتمع الدولي، الذي ينتظر إشارة طال انتظارها لمساعدة اللبنانيين على تَجاوز مسلسل أزماتهم.
وظهر في الساعات الماضية انّ العالم حريص على اعادة بناء الدولة في لبنان، وخصوصاً على مستوى المؤسسات بالمواصفات الدستورية الكاملة المطلوبة، حتى انّ شركة «فايزر» رفضت كل المحاولات اللبنانية السابقة لتوفير اللقاحات التي طلبها لبنان من اجل مواجهة جائحة كورونا، مُشترطة توقيع كلّ من رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال ووزير الصحة، لاعتبار أيّ عقد يمكن ان يوقّع معها صالحاً يوفّر للبنانيين اللقاحات التي طلبتها المراجع المعنية في منتصف شهر شباط، اذا وصلت في الموعد المتوقع.
وفي تعليق ساخر قال أحد اعضاء اللجنة الطبية المكلّفة ملف كورونا لـ«الجمهورية» ما مفاده «لا تكرهوا شيئاً لعله خير لنا»، فإنّ حصول لبنان على اللقاحات بعد ان تكون قد جرّبتها أكثر من 100 دولة في العالم قد يكون خيراً للتعاطي معها قياساً على التجارب الدولية التي ستعيشها الدول التي وَفّرتها لشعوبها، والتعلّم من أخطائها والافادة من تجاربها على نوعية الدواء وفاعليته، انطلاقاً من دراسة الحالات التي يمكن ان تثبتها التجارب الدولية.
وأعلنت وزارة الصحة العامّة أمس، في تقريرها اليومي حول مستجدات كورونا، عن تسجيل 3620 إصابة جديدة (3616 محلية و4 وافدة)، ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 195759». كذلك سجلت 17 حالة وفاة، ليصبح العدد الإجمالي للوفيات 1516».
الجمهورية