مجلة وفاء wafaamagazine
رشيد الحداد
رسمياً، أعلنت حكومة صنعاء أن قوّاتها باتت عند الأبواب الشرقية والغربية لمدينة مأرب، مؤكّدة أن استعادة المدينة باتت «مسألة وقت». يأتي ذلك فيما يُواصل الجيش و«اللجان الشعبية» تقدّمهما عند تخوم مركز المحافظة، على رغم الاستماتة المقابِلة في صدّ هجومهما من دون نتائج، توازياً مع استمرار الهجمات الجوّية على الجنوب السعودي. تطوّرات تُعزّز دلالاتِها المعطياتُ الآتية من وزارة الدفاع في «الإنقاذ»، والتي تُشدّد على أن المعركة باتت في نهايتها، ولا مجال للتراجع عنها
صنعاء | أنهت حكومة الإنقاذ في صنعاء جميع الترتيبات لإدارة محافظة مأرب أمنياً واقتصادياً وإدارياً. وطمأنت سكان مدينة مأرب إلى أن عمليات قواتها، التي وصلت طلائعها إلى أبواب المدينة الغربية والشرقية خلال اليومين الماضيين، لن تستهدف المدنيين، وسوف تقتصر على المنخرطين عسكرياً مع تحالف العدوان. وأكدت أن تحرير مأرب أصبح «مسألة وقت فقط»، واعدةً الموالين لها في صفوف قوات الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، باقتراب انتهاء معاناتهم. وبالتزامن مع إطباق قوات صنعاء على المدينة من أكثر من اتجاه، وتقدُّم الجيش و»اللجان الشعبية» في عدد من المواقع غرب مركز المحافظة وشماله، أعلنت وزارة الدفاع في حكومة الإنقاذ، لأوّل مرّة منذ بدء المرحلة الثانية من عملية «البنيان المرصوص» قبل أسبوعين، تقدُّم قوّاتها في تخوم مدينة مأرب، ووصولها إلى الأبواب الشرقية والغربية للمدينة. وخلال اجتماع استثنائي عُقد السبت الفائت، ناقشت الوزارة آلية حسم المعركة باستخدام كلّ الوسائل المشروعة، وأقرّت تشكيل لجنة للتواصل مع مَن سمّتهم «المغرَّر بهم» في صفوف قوات هادي، بعدما تلقّت أكثر من 250 طلباً من عناصر وضباط في تلك القوات في مأرب للعودة إلى صنعاء الخميس الماضي، مطمْئنةً هؤلاء إلى «العودة الآمنة».
رئيس الاستخبارات العسكرية في صنعاء، اللواء أبو علي الحاكم، الذي كان قد رفض أيّ ضغوط دولية لوقف التقدُّم نحو مدينة مأرب في 20 أيلول/ سبتمبر الماضي، معتبراً «قرار تحرير المدينة سيادياً»، و»التدخُّل فيه خطّاً أحمر»، هَدّد، السبت، بـ»قلب الطاولة على رأس المحتلّ في مأرب»، مشيراً إلى أن «من يقاتلوننا اليوم في مأرب ليسوا أبناء مأرب، بل سعوديون وإماراتيون وأميركيون ومرتزقة من بعض المحافظات، تمّ استقطابهم بالإغراءات المالية والتزييف الذي بات اليوم مفضوحاً». وكشف عن «تمكُّن استخبارات صنعاء من اختراق صفوف قوات هادي في جبهات مأرب كافة خلال الفترة الماضية»، مرجعاً ذلك إلى «انكشاف حقيقة وأهداف المعتدين». كما أكد أن الجيش و»اللجان» تمكّنا من «تحديد بنك أهداف لوجود تجمّعات قوات العدو»، وهما «يرصدان تحرّكات قياداته».
هدّد أبو علي الحاكم بـ«قلب الطاولة على رأس المحتلّ في مأرب»
ميدانياً، اشتدّت المواجهات بين طرفَي القتال في شرق صرواح، حيث استطاعت قوات صنعاء السيطرة على منطقة الحماجرة بعد سيطرتها على قرية الزور. وفي اتجاه صحن الجن غرب المدينة، تقدَّم الجيش و»اللجان» نحو منطقة الدشوش خلال اليومين الماضيين، وسط مقاومة عنيفة ومستميتة من قِبَل قوات هادي التي وقعت في كمّاشة في منطقة الدشوش ما بين نقطة شاهر وحمة الصديق، وتكبّدت خسائر في الأرواح، شملت قيادات عسكرية من الوزن الثقيل. وفي جبهات شمال مأرب الصحراوية، تمكّنت قوات صنعاء من فرض سيطرتها على قرن الصيعري وأم لفيفة ومواقع الجفير في جبهة العلم. وتحت ضغط النيران، انسحبت قوات هادي، السبت، إلى موقع حويشبان جنوب غرب موقع العلم الأبيض، محاوِلةً بذلك صدّ الهجمات على العلمَين الأبيض والأسود، وإعاقة تقدُّم الجيش و»اللجان» نحو قاعدة الرويك العسكرية، إلا أن قوات صنعاء استطاعت التقدُّم من محورين، لتسيطر على منطقة فريدة المحيطة بالعلم الأبيض، وتنقل المعركة إلى هناك.
بالتوازي مع ذلك، تسبّب طيران «التحالف»، الذي كثّف غاراته على جبهات مأرب المشتعلة في عدّة محاور، بمقتل العشرات من القوات الموالية لهادي عن طريق الخطأ، بعد نقل غرفة العمليات المشتركة لـ»التحالف» من مأرب إلى منفذ الوديعة في حضرموت، وهي الغرفة المعنيّة بالتنسيق بين الطائرات الحربية والقوات على الأرض. ووفقاً لمصادر في حكومة هادي، فإن 13 غارة جوية استهدفت مواقع ومجاميع تابعة لقواتها في مأرب خلال الأيام الثلاثة الماضية، قبل أن تشهد مواجهات أمس تراجعاً ملحوظاً في الغارات.
وكانت حكومة هادي، التي رمت بكلّ ثقلها العسكري في مأرب، ودفعت بعدد من المعسكرات بكامل قوّاتها من شبوة وحضرموت وأبين وتعز إلى المعركة، واستعانت بالمئات من المسلّحين القبليين وعناصر «القاعدة»، قد اعترفت بفشلها في صدّ هجوم قوات صنعاء على المدينة، مُلوّحةً، السبت، بالإعلان عن إنهاء التزامها بـ»اتفاق السويد»، وفتح باب التصعيد في محيط مدينة الحديدة التي تعيش حالة هدنة هشّة منذ عامين. وجاء هذا التلويح بعدما دعا عدد من ناشطي حزب «الإصلاح» (الإخوان)، والقائد العسكري في الساحل الغربي الموالي للإمارات طارق صالح، إلى إنهاء «اتفاق السويد»، والتصعيد في كلّ الجبهات لتخفيف الضغط عن مأرب.
الاخبار