مجلة وفاء wafaamagazine
أكثر من 13 مليون برميل من النفط الخام ومشتقاته جنباً إلى جنب مع ملايين الأطنان من السلع الحيوية الأخرى تقف محاصرة الآن في البحر بسبب الأزمة الجارية التي تحاول السلطات المصرية حلها بشتى الطرق على مدار اليومين الماضيين، إذ اضطرت السلطات المصرية إلى الاستعانة بالخبرات الأجنبية.
وصل إلى مصر فريق من خبراء التكريك والرفع الثقيل في شركة «بوسكاليس» الهولندية لمساعدة خبراء هيئة قناة السويس في إعادة تعويم ناقلة الحاويات، وهي العملية التي قد تستغرق بحسب تصريحات رئيس الشركة بيتر بيردوويسكي لقناة «إن بي أو» الهولندية أياماً وربما أسابيع.
لكن السؤال الذي يشغل بال الجميع الآن، هل يملك العالم رفاهية انتظار إعادة فتح قناة السويس لأيام ناهيك عن أسابيع؟
يمر نحو %12 من التجارة العالمية عبر قناة السويس. وتعد القناة طريقاً رئيسياً يتدفق من خلاله النفط من منطقة الخليج إلى أوروبا وأميركا الشمالية. ووفقاً لتقديرات شركة أبحاث السوق «كبلر»، فإن ناقلات النفط المتوقفة الآن أمام القناة بالإضافة إلى تلك المتوقع وصولها في الأيام القادمة تحمل على متنها ما يقرب من %10 من الاستهلاك العالمي من النفط في اليوم.
من جانبه، أوضح جيمس ويليامز خبير الطاقة في شركة «دبليو تي آر جي إيكونوميكس» أن كمية النفط التي تمر عبر قناة السويس تقترب من 3 ملايين برميل يومياً، وأشار إلى أنه في ظل ارتفاع المخزونات العالمية من الخام في الوقت الحالي، فإن تباطؤ تسليم بعض الشحنات بسبب الوضع الحالي في قناة السويس لن يكون له تأثير كبير على السوق.
وأكبر ثلاث دول مصدرة للنفط الخام والمنتجات البترولية عبر قناة السويس خلال عام 2021 وفقاً لتقديرات «فورتيكسا»، هي روسيا بواقع 546 ألف برميل يومياً، والسعودية بواقع 410 آلاف برميل يومياً، بالإضافة إلى العراق الذي يصدر نحو 400 ألف برميل يومياً عبر القناة المصرية.
في الوقت نفسه توقعت شركة تحليلات النفط «فورتيكسا» أن تتراكم السفن أمام قناة السويس بواقع 50 سفينة في اليوم، كما أشارت الشركة إلى أنه توجد هناك حالياً نحو 10 ناقلات نفط عالقة أمام وداخل قناة السويس تحمل على متنها نحو 13 مليون برميل تتأثر بالاضطراب الحاصل.
أكثر من %9 من النفط العالمي المنقول بحراً، بما في ذلك النفط الخام والمنتجات البترولية المكررة، يمر عبر قناة السويس وخط أنابيب النفط «سوميد» الممتد من العين السخنة على خليج السويس إلى سيدي كرير على ساحل البحر المتوسط بالإسكندرية، وذلك وفقاً لتقديرات إدارة معلومات الطاقة.
خسائر فادحة
وكشفت وكالة بلومبيرغ عن تقدير نسبي للخسائر جراء غلق قناة السويس بسبب سفينة الحاويات «إيفر غيفن» التي أدى جنوحها لتوقف حركة المرور لثلاثة أيام متواصلة، فيما استؤنفت جهود تعويمها، حيث عملت خمسة زوارق قَطر على جر السفينة إلى مياه أعمق، وفقاً لبيانات تتبع السفن.
وبناء على حسابات صحيفة Lloyd›s List الإلكترونية المعنية بأخبار النقل البحري، فإن تكلفة الانسداد الواقع تبلغ نحو 400 مليون دولار في الساعة الواحدة، فيما أفاد التقرير بأن حركة الشحن البحري المتجهة غرباً تبلغ قيمتها نحو 5.1 مليارات دولار في اليوم، وحركة الشحن البحري المتجهة شرقاً تبلغ نحو 4.5 مليارات دولار تقريباً.
فيما قالت وكالة بلومبيرغ إن هناك 185 سفينة عالقة تنتظر عبور القناة، في حين تذهب تقديرات Lloyd›s إلى أن هناك 165 سفينة فقط.
وأشار نيك سلون، خبير الإنقاذ الذي تولى إعادة تعويم السفينة السياحية «كوستا كونكورديا» التي انقلبت على السواحل الإيطالية في عام 2012 ويعمل الآن في منصب كبير مسؤولي الإنقاذ في شركة Resolve Marine للإنقاذ البحري في فلوريدا، إلى أن الفرصة المثلى لتحرير السفينة العالقة قد لا تأتي حتى الأحد أو الإثنين المقبل، عندما يصل المد في المجرى الملاحي إلى ذروته.
لكن الواقع في الوقت الحالي أن حركة المرور المفترضة هذه متوقفة مع جنوح السفينة في الجزء الجنوبي من القناة، وهو ما تسبب في انتكاسة أخرى لسلاسل التوريد العالمية المتوترة بالفعل بسبب الطفرة الحادثة في شحنات التجارة الإلكترونية وزيادتها المرتبطة بجائحة كورونا.
وتعليقاً على ذلك، يقول غريغ نولر، محرر الشؤون الأوروبية في دورية النقل البحري التي تصدرها IHS Markit Ltd.: «يأتي انسداد قناة السويس في وقت يُفتقر فيه إلى كل مساعدة ممكنة على نحو خاص؛ إذ حتى مجرد التأخير لمدة يومين سيزيد من اضطراب سلسلة التوريد، ما سيؤدي إلى إبطاء تسليم البضائع إلى الشركات في جميع أنحاء المملكة المتحدة وأوروبا».
النفط ينزل في ظل مخاوف الطلب
نزلت أسعار النفط ما يزيد على اثنين في المئة، إذ أنعشت إجراءات العزل العام الجديدة الهادفة لمكافحة فيروس كورونا، المخاوف بشأن الطلب على المنتجات النفطية، حتى في الوقت الذي تواجه فيه قوارب قطر صعوبات لتعويم سفينة حاويات جانحة، تسد مسار ناقلات النفط الخام في قناة السويس.
وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت 1.33 دولار، أو ما يعادل 2.1 في المئة إلى 63.08 دولارا للبرميل، بعد أن قفزت ستة في المئة أثناء الليل. وهبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط 1.40 دولار، أو ما يعادل 2.3 في المئة إلى 59.78 دولارا للبرميل، بعد أن ارتفعت 5.9 في المئة أثناء الليل.
ونزلت الأسعار في وقت سابق من الأسبوع بفعل مخاوف بشأن تشديد قيود مكافحة الجائحة في أوروبا، وتأخر توزيع اللقاحات مما يعطل نمو الطلب على الوقود، لكنها عكست مسارها بقوة، الأربعاء، بفعل أنباء عن جنوح سفينة في قناة السويس مما من المحتمل أن يعيق مسار عشر ناقلات تحمل 13 مليون برميل من النفط. وهناك عشر سفن في خمس مناطق انتظار للمرور عبر القناة البالغ طولها نحو 200 كيلومتر، مع اقتراب المزيد من المنطقة.
وقال «آي.إن.جي إيكونوميكس»: كلما طال أمد هذا الاضطراب شهدنا تحول المزيد من شركات التكرير والمشترين إلى السوق الفوري، لضمان الإمدادات من أماكن أخرى، مضيفا أن شركات الشحن البحري تواجه قرارا بشأن ما إذا كانت ستبحر حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا، مما سيسبب تأخيرات.
الشرق الأوسط