الأخبار
الرئيسية / آخر الأخبار / مشروع تعديل الحدود البحريّة الجنوبيّة: عون يرمي الكرة في ملعب دياب

مشروع تعديل الحدود البحريّة الجنوبيّة: عون يرمي الكرة في ملعب دياب

مجلة وفاء wafaamagazine

رئيس الحكومة: أصدرنا أكثر من 200 مرسوم وقرار بموافقات استثنائية

كتبت ” الأخبار ”

هذه المرّة، لم يتأخّر توقيع تعديل الحدود البحرية الجنوبية في عين التينة أو بنشعي. بل حصل ذلِك، بقرار من عرّاب المشروع، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مُرتكِزاً على حجج قانونية ودستورية وسياسية، طلب عون عرض الأمر على مجلس الوزراء مجتمعاً، ولو في مرحلة تصريف الأعمال. كثيرون يربطون موقف عون المستجدّ بزيارة ديفيد هيل المرتقبة. أما الثابت، فهو أن على رئيس الحكومة، حسان دياب، المبادرة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء، لإصدار مرسوم لا تشوبه أيّ شائبة قانونية أو دستورية، وإرساله إلى الأمم المتحدة لتثبيت الحقّ اللبناني

لم ينزِل قرار رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، بإعادة مشروع تعديل المرسوم 6433 (تحديد حدود المنطقة الاقتصادية البحرية الخاصة بلبنان) من دون توقيعه إلى الحكومة، سلاماً على من استبشَر بقرب إقفال الملف والبعث برسالة إلى الأمم المتحدة. من سعى إلى هذا التعديل، ولا سيما قيادة الجيش، كانَ يصِف عون بعرّاب المشروع والداعِم الأول له، وأن توقيعه «مضمون». مفاجئاً كان بيان المديرية العامة لرئاسة الجمهورية، الذي أشار إلى أن «التوقيع يحتاج إلى قرار الحكومة مجتمعة، وفقاً لرأي هيئة التشريع والاستشارات، حتى مع حكومة تصريف أعمال، نظراً إلى أهميته وللنتائج المترتبة عليه». عون أرفَق البيان بدعوة اللبنانيين الى «الوثوق بقوة الموقف اللبناني»، قائِلاً «تأكدوا أن الأمور لن تجري إلا بما يؤمن كامل حقوق لبنان براً وبحراً».

ما حصلَ يوم أمس أعاد خلط الأوراق. وقد باتَ السؤال مُلحّاً: لماذا أرادَ عون أن يصدر المرسوم عن مجلس الوزراء، وليس بصيغة الاستثناء؟ عشرات المراسيم والقرارات صدرت بموافقة استثنائية من رئيسَي الجمهورية والحكومة. فريق العمل في بعبدا يُجيب بأن مرسوم تعديل الحدود لا يشبه أي قرار آخر، لما له من تبعات سياسية، وربما عسكرية، على مستقبل البلاد. فهذا القرار سيفتح باب مواجهة مع العدو الإسرائيلي، ومع «الوسيط» الأميركي. ولا يمكن إصداره بصيغة استثنائية مخالفة للدستور، «لأن ذلك سيُضعف موقفنا أمام الأمم المتحدة». تقول مصادر الرئاسة إن إقرار المراسيم بصورة استثنائية يتضمّن إرجاء إقرارها النهائي إلى ما بعد تأليف حكومة جديدة، لإقرارها «على سبيل التسوية». وبذلك، تضيف المصادر، يكون المرسوم منقوصاً إذا لم يصدر عن مجلس الوزراء.

لكن تعديل الحدود البحرية الجنوبية الذي كان عون متحمساً له منذ أشهر، محكوم بسقف زمني. فهو ليس حصراً لتثبيت حق لبنان، بل إنه مرتبط ببدء العدو التنقيب عن الغاز، في حزيران المقبل، في جزء من المساحة التي يضمّها التعديل إلى المنطقة اللبنانية. وينبغي إبلاغ الامم المتحدة بالحدود الجديدة، قبل حزيران. ماذا لو بقي الرئيس حسان دياب مصرّاً على عدم عقد جلسة لمجلس الوزراء؟ تجيب مصادر بعبدا بأن عون لن يترك الأمور تصل إلى تلك الحالة، ولن يفرّط بالحق اللبناني.

رئيس الحكومة: أصدرنا أكثر من 200 مرسوم وقرار بموافقات استثنائية

في مقابل بعبدا، يربط كثيرون بين موقف عون وبين الزيارة المرتقبة لوكيل وزارة الخارجية الأميركية، للشؤون السياسية، ديفيد هيل إلى بيروت. برأي هؤلاء أن عون أعاد الإمساك بخيوط الملف، بعدما كان يسير وفق الإيقاع الذي يرسمه قائد الجيش العماد جوزف عون. وبحسب هؤلاء، وبينهم شخصيات غير معادية لرئيس الجمهورية، فإن الأخير يريد استخدام ورقة تعديل الحدود من أجل فرض نفسه مرجعيّة على الأميركيين، وإجبارهم على التفاوض معه مباشرة، ومع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بصورة غير مباشرة. وفيما ينفي فريق رئاسة الجمهورية ما تقدّم، يبقى الثابت أن الكرة حالياً باتت في ملعب رئيس حكومة تصريف الأعمال، حسان دياب. فهل سيعقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء؟

يُنقل عن دياب أنه فوجئ بردّ مشروع المرسوم إليه، قائلاً أمام من تحدّث إليه إن «هناك أكثر من مئتيْ مرسوم وقرار جرى توقيعها بشكل استثنائي، علماً بأن بعضها كان بحاجة إلى موافقة الثلثين في مجلس الوزراء». وحتى ليل أمس، كان رئيس الحكومة مصرّاً على عدم عقد أي جلسة لمجلس الوزراء، علماً بأن انعقاد المجلس أمر جائز دستورياً، بموجب رأي مجلس شورى الدولة، كما بموجب رأي دستوري يرى أن مؤسسة مجلس الوزراء ملزمة بدورها بتصريف الأعمال، عبر الانعقاد لإقرار مشاريع ملحّة، كمشروع الموازنة على سبيل المثال لا الحصر. ويدخل في باب المشاريع الملحة حتماً، مشروع تعديل الحدود الجنوبية، لما له من أثر بالغ على ثروات لبنان وسيادته وأمنه الوطني. ودياب مطالَب، وطنياً بالدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء، وتجاوز «الفيتو» الذي يرفعه في وجهه الرئيس المكلّف سعد الحريري، ومعه رؤساء الحكومات السابقون.

كما أن شاغل الرئاسة الثالثة، مدعوّ إلى التعامل مع هذا الملف بصورة لا تشبه الاستقالة التامة التي اعتمدها في مواجهته لشؤون شديدة الخطورة، كمسألة دعم السلع الحيوية ومتابعة الملفات الاقتصادية والنقدية والمالية والحياتية. هو يتحمّل، في موقعه، مسؤولية كبرى، وعليه أن يتصرّف وفقاً لها، لا بناءً على خشية من رفع الغطاء الحريريّ عنه تارة، أو كردّ فعل على الذين أسقطوا حكومته تارة أخرى.

ما يُخشى منه حالياً هو ضياع فرصة تثبيت الحق اللبناني في مساحة إضافية. ومجدداً، لا يجوز النظر إلى هذه القضية على قاعدة أنه «لا طائل من خوض معركة دستورية وإقليمية ودولية، من أجل تثبيت خطّ يريده قائد الجيش لتحسين شروط التفاوض، وتالياً التراجع عنه»، بل ما يجب القيام به هو تثبيت الحقّ اللبناني، من دون إبداء أي إشارة إلى إمكان التراجع عنه.