مجلة وفاء wafaamagazine
يحيى دبوق
كما كان متوقّعاً، لم يتأخّر كثيراً الردّ على استهداف إحدى السفن الإيرانية في البحر الأحمر، ضمن ما بات يُعرف بـ»حرب السفن» بين طهران وتل أبيب. الردّ، الذي لا تتبنّاه إيران رسمياً، استهدَف سفينة إسرائيلية قبالة السواحل الإماراتية، ما يفتح الباب أمام احتمالات متباينة وفقاً لردّة الفعل الإسرائيلية، بين مزيد من الردود التي تبدو مضبوطة إلى الآن، وسيناريوات التراجُع والانكفاء، مع الإشارة، هنا، إلى أن استهداف السفينة الإسرائيلية منفصل عن الردّ على الاعتداء المشترك، الإسرائيلي ــــ الأميركي، على منشأة نطنز النووية قبل أيام. وعليه، فالحديث يدور عن مسارَين مختلفَين، يستلزمان من طهران ردوداً ستكون، هي أيضاً، مختلفة وبمستويات متباينة.
ردّ أمس، كما ورد في تفاصيله، لم يأتِ متطرّفاً، بل جاء تناسُبياً مع الاعتداء الإسرائيلي الذي سبقه، من دون أن يسفر عن إصابات بشرية أو أضرار مادّية جسيمة. سارعت تل أبيب إلى اتّهام طهران، وأكدت أنها «تدرس الموقف لتبنِي على الشيء مقتضاه»، وإن أوحت بأن الأمور بين الجانبين، في المواجهة البحرية، وصلت إلى ما سمّته التقارير العبرية نقلاً عن محافل أمنية في تل أبيب، «نقطة الغليان».
هل هي كذلك فعلاً؟ أم أن الحديث عن «الغليان» يُعدّ جزءاً من التهويل في شأن الردّ الإسرائيلي المقبل، إن قرّرت تل أبيب الاستمرار في اعتداءاتها البحرية التي بدأتها في مواجهة طهران؟ القدر المتيقّن، والذي يثقل على قرار الكيان العبري وتوجُّهاته اللاحقة، أن الكرة تبقى في ملعب إيران، صاحبة القرار في الاستمرار في المواجهة من عدمها، أو نقلها لتكون جزءاً من مروحة ردود على اعتداءات إسرائيلية في ساحات مواجهة أخرى في الإقليم، سواء قررت إسرائيل الردّ على الردّ، أو تراجَعت وانكفأت. والخطوة الإيرانية الأخيرة، مثلما هو واضح، جاءت على رغم انشغال إيران بمسار ردود هي أَوْلى وأكثر إلحاحاً من ناحيتها، الأمر الذي يشير إلى أنها قادرة على معالجة التهديدات والردّ عليها، وإن تعدّدت.
ومما ورد من تل أبيب أمس، يبدو أن ثمّة مستوى قلق مرتفع من الآتي، مع كثير من الأسئلة التي تكاد تخلو من إجابات حاسمة، وإن كان ما عَبّرت عنه إسرائيل، عبر مراسليها العسكريين والأمنيين، يشير إلى تبنّي تقدير حذِر بأن الأمور باتت مفتوحة على مزيد ممّا سمّوه «الاعتداءات الإيرانية»، التي قد لا تقتصر على الساحة البحرية، بل قد تنتقل إلى ساحات مواجهة أخرى. ووفقاً للمؤسّسة الأمنية في تل أبيب (القناة 12)، ووسائل إعلام إسرائيلية (القناة 12)، فالمسألة محلّ للدراسة والتقويم، مع جلسات تقدير وضع استعداداً للآتي، «إذ إن الحادث بدأ ولم ينتهِ بانتهاء استهداف السفينة». وأشارت «القناة 12» إلى أن إسرائيل تُوجّه إصبع الاتهام إلى إيران، مع الإدراك أن محاولات الاستهداف الإيرانية فد لا تقتصر على البحار.
وفي محاولة تهويل إسرائيلية، أو إنباءٍ بنيّات «اعتدائية» لاحقة، أو تمهيداً لما تُقدّره المؤسّسة الأمنية في تل أبيب من ردود إيرانية لاحقة، رأت وسائل الإعلام العبرية أن الجبهة البحرية بين إسرائيل وإيران تحوّلت من «السخونة إلى الغليان» بعد استهداف السفينة مقابل الإمارات. وتوقّفت تقاريرها عند دلالات الكشف عن الردّ الإيراني من لبنان، لتشير إلى أن «المقلق جدّاً هو تلك التفاصيل التي وردت في تقرير قناة الميادين اللبنانية، وهي تفاصيل كاملة عن السفينة، بما يشمل اسمها واسم مالكها، وأيضاً رقمها».