الأخبار
الرئيسية / آخر الأخبار / النزاع القضائي في الشارع وآلية أوروبية للعقوبات

النزاع القضائي في الشارع وآلية أوروبية للعقوبات

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت صحيفة ” النهار ”  : ‎إذا كان مجلس #القضاء الأعلى آثر التريث الى اليوم للاستماع الى القاضية #غادة عون قبل اتخاذ قراره النهائي ‏في ظاهرة تمرد قضائي تؤكد الوقائع ان القضاء لم ير مثيلاً لها حتى إبان حقبات الحروب، فهذا التريث الذي لم ‏يستستغه الحرصاء على مهابة القضاء ومؤسسته الام، لم يحجب ابداً الترددات البالغة الخطورة التي توالى ‏ظهورها لليوم الرابع في سياق هذا التطور القضائي السلبي الذي قفز الى واجهة المشهد اللبناني. أولا بدت صورة ‏‏”النزاع القضائي” لا التمرد الفردي للقاضية عون على قرار النائب العام التمييزي غسان عويدات كأنها احتلت ‏المشهد بما تسبب بمزيد من تشويه لصورة السلطة التي يفترض ان تعالج أمورها الداخلية وفق النظام والأحكام ‏والقوانين، اكثر من أي سلطة ومؤسسة أخرى، باعتبار انها القيمة الحارسة على تطبيق القوانين واحكام العدالة. ‏ثانيا انزلق “النزاع القضائي” الى الشارع بصورة شديدة السلبية مع تحزب فريقين متظاهرين احدهما عوني ‏الهوى والتنظيم يهتف لغادة عون، والآخر مستقبلي الهوى والتنظيم يهتف لغسان عويدات، وتحولت مستديرة قصر ‏العدل ساحة عزل وفصل وتحديات بين الفريقين اللذين مهما تفننا في نفي الطابع الانقسامي عنهما، فان ايحاءات ‏تطييف مسألة قضائية وإنزالها الى الشارع لا يمكن القفز فوق إيحاءاتها خصوصا متى بدا واضحا ان النزاع ‏القضائي صار ترجمة إضافية للنزاع العوني – المستقبلي حول تاأليف الحكومة الجديدة. ثالثا بدا العهد الذي يتحمل ‏أولا وأخيرا مع تياره السياسي برئاسة النائب جبران باسيل تبعة استقواء صاحبة التمرد بمرجعيته كأنه بدأ يتلقى ‏ترددات وتداعيات هذا التطور بانزلاق الأمور الى “بيت” العهد ذاته. فلم يكن تطوراً نافلاً ان يطلق احد اقرب ‏الرموز من رئيس الجمهورية، نائب رئيس مجلس النواب ايلي #الفرزلي تلك الدعوة المدوية لتسلم الجيش كامل ‏السلطة بما فيها “ارسال رئيس الجمهورية الى بيته” في معرض إطلاقه الإنذار الأقوى بازاء الانقلاب القضائي ‏الامر الذي حدا بالمستشار الأكبر والأول للرئيس عون الوزير السابق سليم #جريصاتي الى الرد المباشر على ‏حليف الامس‎.‎


اذن الصورة التي تابعها اللبنانيون في تظاهرة قصر العدل، بدت صادمة، فلم يحدث أن حصل اشتباك وهرج ‏ومرج بين مناصري قاضيين أمام العدسات، كما حصل امس تزامناً مع انعقاد المجلس الأعلى للقضاء للنظر في ‏قضية القاضية غادة عون. وفي الشكل، بدَت الدولة كأنها تتحلل فعلا في مشهد قصر العدل على عتبة القضاء ‏المحتضر الذي انتهكت السياسة حرمته، علماً أن أي مراقب لتركيبة القضاء والطريقة التي يعيّن بها القضاة كان ‏عليه توقع مشهد مماثل عند مفترق النزاعات السياسية الماضية في كسر كل الحدود، اذ إن اخضاع القضاء أيضا ‏للمحاصصة، لا يمكن أن ينتج إلا مشهداً منفرا كالذي حصل امس‎.‎


وعلى اثر اجتماعه في حضور جميع اعضائه للبحث في تمرّد القاضية عون على قرار مدعي عام التمييز، لم ‏يحسم مجلسُ القضاء الاعلى خطوتَه المقبلة في حق عون. وآثر التريث وإعطاء عون فرصة اضافية، علّها تمتثل ‏لقرار كفّ يدها، ودعاها الى جلسة العاشرة صباح اليوم للاستماع اليها. وفي ضوء ما ستقوله، سيصار الى تحديد ‏توجّه المجلس نحو إما عزلها – وهو خيار مستبعد – او إحالتها الى التفتيش القضائي. ووفق المعلومات، أعرب ‏القضاة سهيل عبود وبركان سعد وعويدات عن امتعاضهم لوزيرة العدل من أداء عون وأنهم مع إحالتها إلى ‏التفتيش‎.‎


وفي جانب آخر من الترددات فجر نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي قنبلة سياسية مدوية لدى تكراره امس ‏دعوة الجيش الى “تسلم السلطة في لبنان وتعليق الدستور” في مواجهة الانقلاب القضائي الحاصل. وقال “حاول ‏البعض ان يحصر هذا بالامر برئيس الجمهورية ليعمر بعض التعاطف عليه، عندما تحصر برئيس الجمهورية انا ‏الحصن الحصين للدفاع عنه. انا احكي عن كل مؤسسات الدولة. يتسلم الجيش السلطة ويزيل هذا الواقع الذي ‏نعيشه، هذه الفوضى، الاسفاف والابتذال والشتائم. كل انواع الحياة الضارة التي نعيشها على صحة لبنان ودوره ‏وسمعته ومستقبله ومستقبل الأجيال”. وجاء موقفه الجديد غداة إدلائه بحديث ذهب فيه الى التشديد على “ضرورة ‏استلام قيادة الجيش للسلطة وتعليق الدستور، حل مجلس النواب ومجلس الوزراء و”تبعت رئيس الجمهورية على ‏البيت‎.”‎


ورد الوزير السابق سليم جريصاتي على الفرزلي قائلا : “خفف من غلوك، ولا تقحم الجيش في ما ليس فيه، في ‏حين أنّك تنزه النفس عن إقحام القضاء في السياسة والسياسة في القضاء… جيشنا ليس جيش النظام، بل جيش ‏الشرعية الدستورية، ودستورنا لا يتم تعليقه عند كل مفترق أو مفصل قاس من حياتنا العامة، ورئيس الجمهورية ‏يبقى طيلة ولايته رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، ولا نغالي إن قلنا أنه يبقى الركن إن خانتنا أركان‎”.‎


آلية متدرجة للعقوبات‎
وسط هذه الأجواء افاد مراسل “النهار” في باريس سمير تويني ان الاتحاد الأوروبي بدأ بدفع فرنسي وضع ‏الأسس لآلية عقوبات خاصة بلبنان كإنذار متقدم للضغط في اتجاه تشكيل حكومة جديدة. واعلنت الخارجية ‏الفرنسية في بيان صدر عنها امس “انه استكمالا لاجتماع مجلس الشؤون الخارجية الذي عقد في 22 اذار ‏الماضي، ذكر الوزير جان ايف لودريان نظراءه الاوروبيين بالضرورة الملحة لمساعدة لبنان على الخروج من ‏المازق السياسي والاقتصادي، من خلال تسريع وتيرة الجهود الاوروبية الرامية الى الضغط على المسؤولين ‏اللبنانيين عن التعطيل الراهن. وفي هذا السياق عرض مجلس الشؤون الاوروبية الوضع في لبنان خلال اجتماعه ‏امس فوزع الممثل الاعلى للاتحاد الاوروبي للسياسة الخارجية والامنية جوزيب بوريل على الدول الاعضاء ‏ورقة الخيارات التي اعدها جهاز العمل الخارجي داخل الاتحاد الاوروبي بناء لطلب فرنسي والماني. وخلاصة ‏مضمون الخيارات المطروحة امام وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي تحدد شروط تشكيل حكومة تنخرط مع ‏صندوق النقد الدولي لتنفيذ الاصلاحات المطلوبة باسرع وقت. اما في حال عدم تشكيل حكومة سيتم وضع ‏‏#العقوبات على مرحلتين اولا وضع نظام عقوبات خاص بلبنان وثانيا ادراج الاسماء المستهدفة والتي تعطل ‏عملية التاليف على لائحة العقوبات‎.‎


وتامل مصادر ديبلوماسية في ان “يؤدي وضع نظام العقوبات دوره وان يتراجع السياسيون عن التعطيل” اي ‏استجابة الطبقة السياسية للمطالب الدولية وتشكيل حكومة فاعلة قبل ادراج الاسماء لان هذه المرحلة ستؤدي الى ‏نقاش داخل المجموعة الاوروبية مضمونه “في حال وضع عقوبات على شخصيات تعطل #تشكيل الحكومة ‏ستطالب دول اوروبية وضعت “حزب الله” بشقيه العسكري والمدني على لائحة الارهاب بتنفيذ عقوبات عليه.” ‏واي قرار اوروبي يحتاج الى اجماع الدول داخل الاتحاد الاوروبي واي خلاف سيعطل المبادرة الفرنسية التي ‏رمت كرة نار العقوبات في بروكسيل‎.”‎


وتشير المصادر الى “ان بعض الدول الاوروبية تقول عمليا ان الفترة الفاصلة عن الانتخابات النيابية المقبلة لم تعد ‏بعيدة، فاذا تعذر تشكيل حكومة يمكن اعادة احياء الحكومة المستقيلة وتفعيل عملها بانتظار الانتخابات البرلمانية ‏المقبلة لان البلد لم يعد بامكانه الاستمرار بدون حكومة وهو مهدد بالزوال‎.”


يشار في هذا السياق إلى ان رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب توج زيارته لقطر مساء امس بلقاء امير ‏دولة قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة ال ثاني‎.‎