الثلاثاء 15 تشرين الأول 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
إعتبر الخبير الاقتصادي كامل وزنة أن”اكثر ما يحتاج اليه لبنان اليوم هو عامل الثقة التي انحدرت مؤشراته بسب فقدان السلطة السياسية القدرة على تحمل مسؤوليتها في عملية النهوض بالبلد الى بر الأمان”.
وأضاف خلال ندوة في المركز الثقافي اللبناني العربي في بيروت أن”هذا الإخفاق في الاقتصاد اللبناني على امتداد تاريخه الحديث دفع بالكثير من العمال إلى البحث عن عمل خارج لبنان، لأنَّ البنية الإقتصادية اللبنانية لم تتغير كثيراً ما قبل الحرب الأهلية وما بعدها، ولم يكن هناك أي تغير بنيوي في الاقتصاد اللبناني”.
وأكد وزنة أنّ”بنية لبنان الاقتصادية ونظامه الريعي الطائفي الذي سمح للزعامات الطائفية بالسيطرة على معظم الموارد والطاقات وإعادة توزيعها وفق منطق المحاصصة جعل التفاوت الاجتماعي والاقتصادي أكثر حدّةً”.
كما حذر وزنة من”الحرمان الإقتصادي والاجتماعي الذي شمل كل الطوائف في أغلب المناطق والمحافظات، بحيث إنّ نسب الفقر في لبنان قد ارتفعت إلى حوالي المليون فرد، بعضهم يعيش على أقل من 4$ في اليوم وهناك 8 % من اللبنانيين يعيشون في فقر مدقع، كما أنَّ نظام الحماية الاجتماعية غير متوفر للطبقات العاملة في لبنان”.
وأشار وزنة إلى أن”أزمة الدين العام،هي أزمة متراكمة ومقلقة في لبنان، ومنذ العام 1992 حتى العام 2019 زاد حجم المديونية 84 مليار دولار، هذا الدين الذي كان لا يتخطى 67 مليون دولار عام 1975 مع بداية الحرب الأهلية بدأ بالصعود التدريجي فيما بعد، ووصل في العام 1979 إلى 810 مليون دولار. ومع بداية عام 1992 بلغ الدين 2.7 مليار دولار، ومنذ ذلك الوقت بدأت أزمة المديونية تتضاعف سنوياً”.
واعتبر وزنة أن” المنظومة اللبنانية المالية إعتمدت على منظومة مصرفية متضخمة وعلى تحويلات مالية جعلت من حجم الكتلة النقدية لدى المصارف توازي على الاقل أربعة أضعاف حجم الإقتصاد،وكانت المصارف اللبنانية تعوّل على هذه الفوائض والتحويلات وتوظفها في مكانين، هما السوق العقاري والدين العام اللبناني”.
ورأى وزنة أن”سياسة حماية صرف الليرة اللبنانية التي أُتبعت كثقافة مالية في مصرف لبنان إنعكست سلبياً على النموذج الإقتصادي، الذي راكم المديونية في مكان، وراكم الارباح في مكان آخر. فأرباح المصارف ومديونية الدولة أصبحتا علامتين فارقتين في الإقتصاد اللبناني ليس من شأنهما تحفيز الإقتصاد والدفع بالتنمية نحو إقتصاد تنموي واعد”.
ولفت الخبير الإقتصادي إلى أن”هذه السياسات المالية همشت الإنفاق على البنى التحتية والإستصلاحات اللازمة ليتمكن القطاع الخاص والمستثمرين من الإستثمار في قطاعات إنتاجية، وبالتالي أصبح الإستثمار في العقار الطريق الأسرع إلى جمع الثروة، في وقت كان فيه القطاع العقاري يرتفع. ولكن عندما بدأت أسعار العقارات بالإنخفاض بدأت حجم الثروة لمالكي العقارات بالإنخفاض والتراجع”.
واعتبر وزنة أن”هذه الفوائد المرتفعة حرمت الاقتصاد اللبناني من فرص الاستثمار الحقيقية في قطاع الصناعة والزراعة وحتى الخدمات، فأي استثمار لن يستطيع مردوده أن يضاهي عائدات الفوائد المرتفعة التي فرضتها السياسات النقدية في ذلك الوقت. كما أثرت معدلات الفوائد المرتفعة سلباً على الاستثمار والنمو إذ إن غالبية الأطراف لم تكن تمتلك رؤوس الأموال الكبيرة وبالتالي لم تشعر بنعمة هذه الفوائد التي تم فرضها في لبنان”.
وأضاف” لا بد هنا ايضا من التنبه الى ازمة الاسكان و قرار وقف القروض المدعومة من مصرف لبنان لما له من تداعيات اجتماعية واقتصادية خطيرة على شريحة كبيرة من الشعب اللبناني”.
كما أعتبر وزنة أن”إغلاق الحدود للتصدير بر ا عبر سوريا كان من أصعب الاخفاقات التي تعرض لها الإقتصاد اللبناني و بالأخص أن منفذ لبنان البري لنقل البضائع يمر عبر سوريا إلى الدول العربية ،و هذا الإغلاق أدى الى زيادة نسب الفقر في لبنان و تفاقمها و بالأخص مع وجود اللاجئيين السوريين على الاراضي اللبنانية”.
وختم وزنة” بالدعوة ومطالبة الدولة بالعمل على مشروع شبكة قطارات توصل الشمال بالجنوب مع الداخل لتحفيز الاستثمارات الجديدة و خاصة في مناطق الأطراف “.
وأضاف”ان العالم لم ينتظرنا طويلا اذا لم نتوقف عن المماطلة والقيام بما هو مطلوب منا من محاربة الفساد والهدر واقرار القوانين الشفافة التي تدعم قيامة لبنان”.
المصدر: مجلة وفاء