الأخبار
الرئيسية / آخر الأخبار / الخطيب: لافساح المجال لمبادرة بري أن تأخذ طريقها لايجاد التسوية والشروع بالخروج من المأزق الراهن

الخطيب: لافساح المجال لمبادرة بري أن تأخذ طريقها لايجاد التسوية والشروع بالخروج من المأزق الراهن

مجلة وفاء wafaamagazine

– أدى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الصلاة في مقر المجلس، والقى خطبة الجمعة التي استهلها بقوله تعالى (وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر كان يؤوسا) صدق الله العلي العظيم”.

وقال: “هذه الاية وغيرها آيات اخرى تتحدث عن حالة عدم التوازن التي تتصف بها الطبيعة البشرية بشكل عام، وان شعور الانسان بالغنى والفقر يأخذ به الى الخروج عن حد الاعتدال والسلوك المتطرف، فيطغى عندما يرى في نفسه الاستغناء وعدم الحاجة الى الاخرين وحاجة الاخرين اليه، او يصاب باليأس عندما يفتقر ويفتقد القدرة على الحصول على ما يحتاج او عندما تخيب آماله وطموحاته ويحس بالفشل في الحصول على امر كان يسعى اليه في كسب موقع أمل في الحصول اليه او في تجارة توقع منها ربحا او ما شاكل ذلك. وفي كلا الحالين، ان حالة البطر او حالة اليأس سببها ضيق الافق ومحددوية النظرة الى قيمة الحياة الناتجة في الواقع عند عدم الايمان، لانه يرى ان ما يطمح اليه ويأمل في الوصول له من الغايات الدنيوية هي الغاية التي تنقطع عندها الغايات. فاذا ما نجح في الحصول عليها يرى انه وصل الى الغاية القصوى ويدفعه ذلك الى الشعور بالقوة والزهو والاستعلاء والكبر”.

اضاف: “وعلى العكس من ذلك، اذا ما فشل او حالت الظروف دون تحقيق مبتغاه يصاب بالفشل والشعور بالاحباط واليأس وهكذا في كل القضايا التي يشعر معها الانسان بالوحدة في مواجهة المشاكل التي تواجهه في هذه الحياة ويحتاج للتغلب عليها الى مد يد المساعدة من الآخرين فلا يجدها”.

واوضح “ان الآية الكريمة تريد ان توجه النظر الى هذه المشكلة وكيفية معالجتها وتجنب الافراد والمجتمع الوقوع فيها. وقد حدد سبب هذا الجنوح المتطرف في التعامل مع عاملي النعمة والشر بعامل الـ”أنا” والافراط في حب الذات الذي يعتبر حالة نفسية مرضية يجب معالجتها. وقد حددت الآية الكريمة طريق المعالجة بطريقة توجيه الخطاب، (واذا انعمنا على الانسان )، فعليه ان يعلم ان النعم مصدرها الله سبحانه وتعالى، فالإيمان بالله تعالى اولا وثانيا بانه مصدر النعم وليس سعيه ولا جهده، وان كان مأمورا بالسعي والكد (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور). وبالتالي فان ما يصيبه من الشر فانما هو من فعل نفسه ولكنه ليس نهاية الطريق اذا ما عاد الى رشده وسلك الطريق الصحيح هذا من ناحية”.

وتابع: “ان المشكلة هي في طريقة التفكير وفي النظرة الى الحياة، وعندما تكون محدودة وضيقة فمن الطبيعي ان يشعر باليأس والاحباط عندما لا تتحقق، حتى مفهوم النعمة والشر لديه يكون له معنى اخر في حياته. ولا اشكال ان معنى النعمة الوارد في الاية هو معناها الظاهر من سعة الرزق والصحة والذرية وكل ما يقال عنة نعمة، عند الناس مثل الامن والاستقرار. وفي مقابل ذلك ان فقدان هذه الامور كخسارة المال وفقدان الصحة والامن وامثاله هي من الشرور، وان الانسان هو في غاية الضعف بحيث تبطره النعمة وهي ليست من صنع يده ويقع في اليأس اذا ما مسه الشر وهذا التعبير (واذا مسه الشر) يدل على ان الانسان في غاية الضعف بحيث انه غير قادر على تحمل ادنى درجات الشر، فاتزان الانسان واستقامة مسيرته في الحياة وعدم الوقوع في التطرف انما يكون مع الايمان والاستعانة بالله سبحانه وتعالى فهو الذي يعطي مفاهيم الحياة معانيها الحقيقية الذي اكثر ما تكون الحاجة لها في الظروف المصيرية التي تمر بها الامم والتحولات الكبرى التي تجري في حياتها ومفاصل وجودها وتحتاج معها الى تضامن ابنائها وثباتهم وتضحياتهم”.

وقال: “هذا ما يمر به بلدنا خصوصا في هذه الظروف التي يفتقد معها الى وجود قيادات مسؤولة على قدر المرحلة الراهنة، وأوصلت بدلا عن ذلك البلد الى هذا الدرك من الاخطار كما كان ديدنها دائما، حيث لم يكن لها من اهتمام سوى مصالحها الخاصة التي لم تتورع عن جر البلاد الى حروب اهلية متتالية وخلق الازمات في سبيل الحفاظ على مكاسبها، ولم تسع يوما لبناء وطن او العمل على خلق ثقافة وطنية يشعر فيها اللبنانيون بوحدة الانتماء والمصير حتى في مواجهة العدو الذي اقدم على احتلال قسم كبير من اراضي الدولة اللبنانية، مما اضطر قسم من اللبنانيين على حمل السلاح في مواجهة العدو وتحرير ارضهم منه، فيما تواطأ قسم اخر مع العدوان بمن فيهم بعض السلطة الذين اعتبروا سلاح المقاومة وما زالوا يعتبرونه غير شرعي”.

واضاف: “وها هم اليوم بسياساتهم الفئوية والطائفية وانانياتهم يقضون على ما تبقى من آمال اللبنانيين، لكن شعبنا لن ييأس ولن يتخلى عن سعيه الجاد من اجل بناء وطن العدالة والمساواة كما لم ييأس عن بلوغ حلمه بتحرير وطنه وتحدي العدو وقهر ارادته بصبره وتضحياته وتمسكه بايمانه وبوحدته رغم الصعوبات والتحديات التي تواجهه في هذا الطريق”.

واكد “ان افشال المبادرات الواحدة تلو الاخرى الساعية لتقريب وجهات نظر المتحكمين اليوم دستوريا بتأليف الحكومة تزيدنا قناعة بدعوة المخلصين من ابناء هذا الوطن والمتمسكين بوحدة ترابه وارضه الى التكاتف والتضامن والاعتماد على انفسهم لعبور هذه المرحلة بأقل الخسائر، مع التمني ان يختصر المسؤولون هذه المسافة ويقللوا من الاخطار التي تواجهنا ويخففوا من معاناة المواطنين بافساح المجال لمبادرة دولة الرئيس نبيه بري بأن تأخذ طريقها لايجاد التسوية والشروع بالخروج من المأزق الراهن”.

وقال: “وبمناسبة الذكرى الاليمة لرحيل الامام الخميني لا بد لنا من توجيه تحية الاكبار والاعزاز لهذا القائد الكبير والمرجع الديني الملهم الذي اشعل وقاد اهم ثورة شعبية في التاريخ المعاصر من اجل تحرير ايران من هيمنة الدول الكبرى، وخصوصا من هيمنة الولايات المتحدة الاميريكة واقامة الجمهورية الاسلامية الايرانية، وقدم في سبيل ذلك ومعه الشعب الايراني المسلم والعظيم اعظم التضحيات. لقد حطم الامام الخميني اهم قاعدة للغرب في المنطقة العربية والاسلامية واستطاع تحويلها الى قاعدة للتحرر من سيطرة الغرب على المنطقة العربية والاسلامية التي كان من نتائجها تحرير جنوب لبنان والبقاع الغربي واجبار العدو الاسرائيلي على الانسحاب ذليلا خاسئا وحول هذا الكيان الى كيان هزيل وأوهن من بيت العنكبوت بعد ان كان يبدو انه تحول الى اسطورة لا تقهر، أخاف دولا في المنطقة العربية واجبرها على الاستسلام واقامة اتفاقيات استسلام معه، واذا بالمقاومة الفلسطينية ومن ورائها محور المقاومة، وعلى راسها ايران، تذل هذا العدو وتدك عاصمته ومدنه بصواريخها وتجبره على ايقاف عدوانه وارهابه على الشعب الفلسطيني ومقدساته. لقد كان ذلك كله بفضل هذا القائد الكبير والعظيم الذي وضع في بداية اهداف ثورته قضية الشعب الفلسطيني وتحرير القدس كاولوية من اوليات ثورته المباركة، وها نحن اليوم نشهد مطالع تحققها ومطالع نهضة جديدة لهذه الامة التي اصبحت حقيقة واقعة بعد ان كادت ان تصبح في عالم النسيان، فتحية لهذا الامام العظيم وقيادة الجمورية الاسلامية الايرانية وعلى راسها الامام القائد السيد علي خامنئي وللشعب الايراني الشجاع والمضحي”.