مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة ” النهار ” تقول : بين شارع الانتفاضة الذي بدأ يستعيد حركة الاحتجاجات مع التظاهرة التي نظمت امس في احياء بيروت، وشارع الحركة العمالية الذي سيطلق غداً #اضراباً عاماً واسعاً وتحركات احتجاجية مطلبية، تقف البلاد امام مفترق آخر بالغ الصعوبة والدقة وحتى الخطورة بإزاء استفحال الازمات التي تشدّ بشراستها على خناق اللبنانيين وتنذر بإشعال الاضطرابات الاجتماعية والأمنية. يحصل كل ذلك فيما يطلق المشهد السياسي آخر خلجات العجز والقصور والتخبط المخيف امام معالم الانهيارات والأزمات التي تعصف بالناس والبلاد، بل ان الأنكى ان يسجل واقع السلطة والسياسة مزيداً من الانكشاف المخزي بفعل الصراعات المستميتة على محاصصات السلطة او لخدمة اهداف فئوية ونفوذية وشخصية صرفة.
آخر معالم الانكشاف السياسي الرسمي امام الانهيارات والأزمات تمثلت في ما يمكن اعتباره فتح #رئاسة الجمهورية مباشرة حرباً ثلاثية الأضلاع لاسقاط مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه #بري بالضربة القاضية او بالأحرى باطلاق رصاصة الرحمة عليها. اذ ان البيان الناري الذي أصدرته #بعبدا امس استهدف عملياً وفي المقام الأول الرئيس بري من خلال اتهامه بالانحياز الى الرئيس المكلف سعد #الحريري وبالتوسع في تفسير #الدستور، ومن ثم شمل الرئيس المكلف والمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى ضمناً، واما الضلع الثالث المستتر في هذا الهجوم الثلاثي فيمكن اعتباره موجها الى الحليف، والأوحد تقريبا للعهد، أي “حزب الله” نفسه عبر ايحاءات هذا الموقف ودلالاته.
وبذلك ينكشف بما لا يقبل جدلاً في الأساس، ان بعبدا كانت تصمت على مضض على مبادرة الرئيس بري، وتتحين أي فرصة لإجهاضها، فاتخذت من المواقف المتقدمة والصريحة والواضحة لرئيس المجلس في الأيام الأخيرة ولا سيما منها على ما يبدو حديثه امس الى “النهار” عن عدم إمكان البحث في اعتذار الرئيس الحريري، كما عن رفض بري أي تلاعب بالدستور في عملية تأليف ال#حكومة لاطلاق النار مباشرة عليه من بعبدا. واذا كانت أصداء هذا الهجوم المباشر من الرئاسة الأولى على الرئاسة الثانية تمثلت في استهجان الحرب الدائرية التي تشنها بعبدا على رئاسة المجلس كما على الرئيس المكلف، فان التخفيف من وطأة الهجوم لم تُبْد في مكانها الواقعي مع حديث عن إكمال بري لمبادرته. اذ بدا من الصعوبة الفائقة، تصور أي بحث واقعي في وساطة او مبادرة يتولاها بري بعدما قال له رئيس الجمهورية بالفم الملآن انه “يتدخل” متجاوزاً قواعد الدستور، وكأنه يدعوه ضمنا الى وقف “تدخله” وترك المعركة حصرا بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف. وفي هذا البعد حصراً لاحظ المراقبون ان الرسالة الرئاسية ستكون موجهة ضمنا الى “حزب الله” الذي اعلن مراراً دعمه القوي الثابت لمبادرة الرئيس بري. ولعل ما اثار الاستغراب ان “تكتل لبنان القوي” وفي اطار توزيع الأدوار بينه وبين بعبدا عمد مساء الى تضمين بيانه عبارة تؤكد ابداءه “مجدداً الايجابية المطلقة مع المسعى الذي يقوم به دولة الرئيس نبيه بري ومع أي مبادرة تؤدي الى التأليف مع وجوب ان تتسم بالحرص على الحقوق والدستور وتتسم بالايجابية والحيادية لكي تؤتي ثمارها”.
اذاً اشتعلت مجدداً حكومياً بين بعبدا وعين التينة وبيت الوسط، اثر بيان اصدرته رئاسة الجمهورية وشددت فيه على “ضرورة الاستناد الى الدستور والتقيد بأحكامه وعدم التوسع في تفسيره لتكريس اعراف جديدة ووضع قواعد لا تأتلف معه”. وأكدت “ان المادة 53 من الدستور هي الممر الوحيد ل#تشكيل الحكومة”، وانتقدت ”تصريحات ومواقف من مرجعيات مختلفة تتدخل في عملية التأليف، متجاهلة قصداً او عفواً ما نص عليه الدستور من آلية من الواجب اتباعها لتشكيل الحكومة، والتي تختصر بضرورة الاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف المعنيين حصراً بعملية التأليف وإصدار المراسيم”. واضافت “وحيث ان ثمة معطيات برزت خلال الايام الماضية تجاوزت القواعد الدستورية والاصول المعمول بها، فإن المرجعيات والجهات التي تتطوع مشكورة للمساعدة في تأليف الحكومة، مدعوة الى الاستناد الى الدستور والتقيد بأحكامه وعدم التوسع في تفسيره لتكريس اعراف جديدة ووضع قواعد لا تأتلف معه، بل تتناغم مع رغبات هذه المرجعيات او مع اهداف يسعى الى تحقيقها بعض من يعمل على العرقلة وعدم التسهيل، وهي ممارسات لم يعد من مجال لإنكارها”. ولفتت الى ما وصفته “بالزخم المصطنع الذي يفتعله البعض في مقاربة ملف تشكيل الحكومة” معتبرة ان “لا افق له إذا لم يسلك الممر الوحيد المنصوص عليه في المادة 53 الفقرات 2 و3 و4 و5 من الدستور “.
عين التينة “والمستقبل”
وفيما لزمت عين التينة الصمت وعدم الرد على بيان بعبدا، ردّ “#تيار المستقبل”عبر اوساطه، فوصف بيان القصر بانه “هجومي ضد الرئيس نبيه بري وموقف المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى”. وقالت إن الرئيس ميشال #عون “يقفل الابواب في وجه المبادرات ويعلن بالبيان الملآن انه لا يريد حكومة، لا يريد حكومة برئاسة الحريري لان اي تقدم في معالجة الملفات سينسب الى دور الحريري”. وأشارت الى أن “عون لا يريد حكومة برئاسة شخصية آخرى لانه يدرك انها لن تتمكن من الاقلاع، وبالتالي فإن عون يفضل ابقاء الحال على ما هو عليه، حكومة تصريف اعمال استقالت من تصريف الاعمال، وادارة شؤون البلاد بما يتيسر من القصر الجمهوري وعبر المجلس الاعلى للدفاع. وختمت المصادر “ان التعطيل في الجينات العونية، ولا امل بخرق حقيقي”.
وبينما جالت السفيرة الفرنسية آن غريو على كل من الرئيسين بري والحريري وبحثت معها تطورات الملف الحكومي، اعلن نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي بعد لقائه الرئيس الحريري “ان الرئيس الحريري في قمة الإيجابية، والرئيس بري لا يزال بانتظار الجواب على المساعي التي بذلت. وحتى تاريخه، لم يبلَّغ إلا بعض البيانات والتصاريح التي تحمل في طياتها موقفا سلبيا، نأمل ألا يكون إلا من باب التحفيز للإسراع في تشكيل حكومة. وإلا فيجب أن يخرج من البال أن هناك إمكانية لإحراج الرئيس الحريري ومن ثم إخراجه. الرئيس الحريري يعي تماما الدور الموكل إليه، ويعي تماما المهمة الملقاة على عاتقه، وهي مهمة دستورية من واجبه فيها أن يحمي الدستور ومندرجاته ومضمونه”.
اضراب الخميس
وسط هذه الأجواء تشهد البلاد غدا اضراباً عاماً دعا اليه #الاتحاد العمالي العام وينتظر ان يستقطب قطاعات واسعة مع حركة تجمعات واعتصامات في مختلف المناطق ستحدد نقاطها اليوم. وأعلن رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر أن الاتحاد سيقوم بجملة تحركات يوم الخميس حيث ستكون تجمعات في مختلف المناطق اللبنانية التي سترفع الصوت عاليا، لافتاً الى أن العنوان الأساسي هو تشكيل حكومة انقاذ. وقال “لسنا هواة قطع طرق لكننا نريد أن نرفع الصوت إذ يُمارس القتل من دون رصاص ضد الشعب اللبناني”. وأكّد الأسمر أن تجمعات الاتحاد العمالي العام لا تبغي قطع الطرق أو تعطيل الأعمال، وإنما التواجد في الشارع من أجل المناشدة لتشكيل الحكومة. واعتبر أن استمرار الوضع الحالي هو انتحار، متوجهاً الى كل الفئات للتضامن مع الاتحاد العمالي خصوصاً القطاع المصرفي.