الأربعاء 23 تشرين الاول 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
ضاقت السلطة ذرعا بالحراك المدني الذي ولد انتفاضة غضب عمت كل المناطق، ومنها مناطق لم تعرف الحركة الاعتراضية على هذا النحو من قبل، وشكلت طرابلس وصور المثالين الصارخين على تحدي المفروض ورفض السائد. كما ان الحراك في المناطق المسيحية بدأ يرسم صورة جديدة للعبة السياسية التي تقض مضاجع العهد، وقد ظهر الاستياء واضحاً في صفوف “التيار الوطني الحر” عبر مناصريه واعلامه ووسائل التواصل الاجتماعي الخاصة به، فركز حملته على اتهام “القوات اللبنانية” بتحريك الشارع ضد العهد.
على خط اخر، دعا النائب زياد اسود “التيار” الى الاستعداد من غير ان يحدد الوجهة المقبلة، اما النائب السابق نبيل نقولا فدعا الجيش الى استعمال القوة ضد المتظاهرين.
وقوبل هذا الكلام، وشائعات عن تراجع الحراك، باقبال على الساحات ازداد الى حد كبير مساء أمس، مع دعوات الى استقالة وزير التربية اثر قراره فتح المدارس اليوم (قبل ان يتراجع عنه مساء)، وقرار رئيس الجامعة اللبنانية فتح الصفوف، واتهامهما بالسعي الى احباط الحراك.
وسرت شائعات مساء عن استقالة الحكومة في الساعات المقبلة، وهو ما نفته مصادر متابعة لـ”النهار”، خصوصاً في ضوء الدعم الذي تلقاه الرئيس سعد الحريري من سفراء عرب وأوروبيين للمضي في القرارات الانقاذية التي اتخذها مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة. وأفادت المصادر ان جلسة جديدة للمجلس ستعقد الخميس لوضع الخطوات التنفيذية لتلك القرارات.
وفي اتصال بين الرئيس الحريري والرئيس نبيه بري مساء أمس تناولا فيه اخر التطورات، رد الحريري على الشائعات التي راجت عن اتجاهه إلى الاستقالة، وأكد لبري كما علمت “النهار” أنه مستمر في تحمل مسؤولياته.
وكان بري رأى أن الورقة الإصلاحية التي قدمتها الحكومة مهمة وان ” العبرة في التنفيذ”. وأوضح أمام زواره ان “الحراك الحاصل في الشارع ليس طائفياً ولا مناطقياً. الورقة مهمة ، لكن المطلوب هو التنفيذ السريع، خصوصاً ان الحكومة وضعت نفسها أمام مواعيد محددة. وأقول عليها أن تلتزم المواعيد التي حددتها. وقال إن الخطوة الإيجابية التي اقدمت عليها الحكومة في موازة القرارات التي اتخذتها هي إرسال الموازنة إلى مجلس النواب في المهلة الدستورية.
وأضاف ان ” البنود الإصلاحية التي تحتاج إلى قوانين عرضها وزير المال علي حسن خليل مع الرئيس الحريري، خصوصاً ان البرلمان على استعداد لإقرارها في وقت سريع، ولا ينقص هذه المشاريع الجاهزة سوى توقيع مرسوم إحالتها مجلس النواب”.
من جهة أخرى، نقل مكتب الحريري عن منسق الأمم المتحدة في لبنان قوله إن حكومات أجنبية عبرت عن تأييدها لأهداف الإصلاح التي حددتها الحكومة.
وكان الحريري التقى مجموعة الدعم الدولية للبنان التي تضم سفراء الولايات المتحدة اليزابيت ريتشارد، روسيا ألكسندر زاسبيكين، فرنسا برونو فوشيه، بريطانيا كريس رامبلينغ، ألمانيا جورج برغيلين، إيطاليا ماسيمو ماروتي، الاتحاد الأوروبي رالف طراف، القائم بالأعمال الصيني جيانغ زويانغ، المنسق الخاص للأمم المتحدة يان كوبيتش وممثل جامعة الدول العربية السفير عبد الرحمن الصلح.
وحضت مجموعة الدعم الدولية “المسؤولين والجهات السياسية الفاعلة في لبنان الى الاستماع إلى المطالب الشرعية التي يطرحها الناس، والعمل معهم على الحلول ومن ثم على تطبيق هذه الحلول، والامتناع عن الكلام والأفعال التي يمكن أن تلهب التوترات وتحرض على المواجهة والعنف”.
وتوقّع مستشار رئيس الوزراء نديم المنلا، أنّه “أن يكون رد فعل المانحين الأجانب على الإصلاحات التي أعلنتها الحكومة إيجابيًّا للغاية”. وأشار الى أنّها “تبعث برسالة واضحة أنّ البلاد تتعامل مع عجز الموازنة”.
وشدَّد في حديثٍ الى وكالة “رويترز”، على أنّ “بعض الجماعات السياسية اقترحت إجراء تعديل وزاري وأنّ مثل هذه المسألة ستُحسَم خلال أيام لكنها لم تصل بعد إلى حدِّ النقاش الجاد ولم تصدر عن الرئيس سعد الحريري”.
وقد شجعت باريس “الحكومة اللبنانية على المضي قدماً في الإصلاحات الضرورية لإنعاش الاقتصاد”، مؤكدة أنها ما زالت ملتزمة تنفيذ القرارات المتخذة خلال مؤتمر للمانحين العام الماضي”.
وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية أنييس فون در مول في بيان: “فرنسا تولي أحدث التطورات في لبنان اهتمامها، وتدعو للمحافظة على الطابع السلمي للاحتجاجات والاحترام الصارم لحق جميع اللبنانيين في التظاهر.وتجدد تشجيعها للحكومة اللبنانية على تطبيق الإصلاحات الضرورية من أجل استعادة الاقتصاد اللبناني وصيانة الخدمات العامة المقدمة من الدولة، بما يعود بالمنفعة المباشرة على جميع المواطنين اللبنانيين.”
واضافت: “فرنسا تقف مع لبنان. ومن هذا المنظور فإننا ملتزمون، مع شركائنا الدوليين، التنفيذ السريع لقرارات مؤتمر سيدر في باريس في نيسان 2018”.
النهار