مجلة وفاء wafaamagazine
عام 2018 هو عام التنصت على الحريري ومساعديه والوزير نهاد المشنوق
كتبت ” الأخبار ”
نشرت كل مِن «واشنطن بوست» و«غارديان» و«لوموند» وعدد من وسائل الإعلام العالمية، بينها موقع «درج» اللبناني، تسريبات عن عمليات تجسّس استهدفت ناشطين وصحافيين وسياسيين من دول العالم، بواسطة برنامج «بيغاسوس» للهواتف الخلوية. وهو برنامج طوّرته شركة «NSO» الإسرائيلية التي تعمل تحت سلطة وزارة الدفاع الإسرائيلية التي تمنعها من توقيع أي عقد عمل من دون موافقتها المسبقة، لأن لبرامجها طابعاً أمنياً.
التسريبات التي نشرت أمس زادت المخاوف من انتهاكات واسعة للخصوصية والحقوق. وهي تشمل معطيات عن قوائم تضم ما يصل إلى 50 ألف رقم هاتفي يعتقد أنها لأشخاص تعتبرهم الشركة موضع اهتمام منذ عام 2016.
«واشنطن بوست» أشارت إلى أن أرقاماً واردة في القائمة تعود إلى رؤساء دول ورؤساء حكومات وإلى أفراد عائلات ملكية عربية ودبلوماسيين وسياسيين ونشطاء ومديري شركات. وأوردت صحيفة «غارديان» أن التحقيق أشار إلى «استغلال واسع النطاق ومستمر»، لبرنامج «بيغاسوس» الذي تؤكد الشركة أن الهدف منه كشف المجرمين والإرهابيين. وبحسب التقارير، فإن غالبية الأرقام التي تضمها القائمة يقيم أصحابها في عشرة بلدان هي السعودية والإمارات والبحرين وأذربيجان والمجر والهند وكازاخستان والمكسيك والمغرب ورواندا.
وبينما لفتت الصحف التي تعاونت في التحقيقات إلى أنها «ستكشف لاحقاً عن أسماء الصحافيين الذين وردت أسماؤهم في التسريبات، وتضم مئات مدراء الشركات والرموز الدينية والأكاديميين وعاملين في منظمات غير حكومية ومسؤولين في نقابات ومسؤولين في الحكومة بمن فيهم وزراء ورؤساء وزراء ورؤساء دول»، قالت إن «نشر الأسماء هو من أجل المصلحة العامة، فنحن نؤمن أن من مصلحة الرأي العام أن يعرف عن محاولات الحكومات التجسس على مواطنيها وكيف يمكن استغلال أمر بسيط مثل سجل مواقع البيوت في هذا المناخ».
التسريبات أثارت مخاوف عدة ودفعت جهات دولية للتنديد بهذه العمليات. ويتبيّن من خلال ما نُشر أن لبنان لم يكُن بمنأى عنها. فقد كشف موقع «درج» الذي شارك فريق من إعلامييه مع 80 صحافياً يمثلون 17 مؤسسة إعلامية من حول العالم، لإنتاج سلسلة التحقيقات، أن «رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، وحدهما من السياسيين اللبنانيين (صف أول) لم يظهرا في التسريبات التي زودت «forbidden stories» وسائل الإعلام الدولية بها، باستثناء محاولة واحدة على هاتف منزل بري في المصيلح». أما من تبقى «فكلهم كانوا خاضعين للتنصت بحسب هذه التسريبات ومن بينهم تنصت نُسب لرئيس الجمهورية ميشال عون، من دون التأكد من صحته».
ولفت الموقع إلى أنه «جرت محاولات للتنصت على نحو 300 رقم هاتف في لبنان، شملت صحافيين وناشطين ورجال أعمال بعضهم على صلة باستثمارات في دول الخليج»، مشيراً إلى أن «محاولة التنصت على سياسيين ونشطاء وصحافيين وأمنيين، تكشف حجم الانشغال الخليجي، وتحديداً الإماراتي بلبنان»، وهي «تبلغ ذروتها في حالة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، فقد كان هاتفه عرضة لمحاولة خرق إماراتية أولاً ثم سعودية». وأضاف إن «السنوات التي يشملها جدول التنصت تؤشر إلى أن العملية كانت تجرى على وقع اضطراب علاقة الحريري بالسلطات السعودية، ومن ضمنها المرحلة التي تم احتجازه فيها في الرياض في تشرين الأول2017، وأجبر خلالها على تقديم استقالته من هناك».
وبحسب الموقع فإن «الوقت الذي خضع فيه الحريري لمحاولة التنصت هو نفسه الوقت الذي خضع فيه هاتف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أيضاً لمحاولة تنصت». كذلك الأمر مع رئيس حزب القوات سمير جعجع. كما كشفت التسريبات تعرض هاتف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للتنصت الإماراتي «في الفترة التي باشرت فيها المصارف اللبنانية تنفيذ capital control غير قانوني على ودائع اللبنانيين وغير اللبنانيين».
والنشاط التنصتي كما يكشف الموقع «لم يشمل الحريري عام 2017، بل اقتصر في ذلك العام على هواتف نواب من حزب الله مثل علي فياض وحسن فضل الله ومسؤول وحدة الارتباط الحاج وفيق صفا، عبر محطات NSO (المستخدمة من قبل) الإمارات العربية المتحدة وليس السعودية». فيما كان «عام 2018 هو عام محاولة التنصت على الحريري ومساعديه مثل مدير مكتبه في حينها نادر الحريري، ووزير الداخلية السابق النائب نهاد المشنوق».
كما شملت عمليات التنصت سياسيي الفئة الثانية، ومن بينهم وزراء ونواب وأحياناً رجال أعمال، وصحافيون وأصحاب مؤسسات إعلامية ونشطاء في الشأن العام، مثل وزير الدفاع السابق الياس أبو صعب، وسلفه يعقوب الصراف أيضاً، ووزير المال السابق علي حسن خليل ونائب رئيس الحكومة السابق غسان حاصباني، ومدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم. ويقول الموقع إنه «باستثناء صحافيين مقربين من حزب الله مثل رئيس تحرير جريدة الأخبار إبراهيم الأمين ومدير تلفزيون الميادين غسان بن جدو، ظهرت أرقام لصحافيين مثل الكاتب والصحافي يوسف بزي، وصاحب تلفزيون (الجديد) تحسين خياط، ومديرة مؤسسة سمير قصير جيزيل خوري (حين كانت تعمل في بي بي سي)، و مراسل (نيويورك تايمز) في بيروت بن هابرد».
أما صحيفة «لوموند» الفرنسية المشاركة في التحقيقات، فقد أشارت إلى أنّ «السعودية والإمارات طلبتا التجسس على إعلاميَين لبنانيين هما إبراهيم الأمين وغسان بن جدو».
يشار إلى أن «الأخبار» سبق أن تعرضت لهجمات إلكترونية مكثفة من قبل قراصنة محترفين، تبين أن السعودية والإمارات تقفان خلفها، كما سبق لجهات ممولة من قطر القيام بالأمر نفسه لتعطيل موقع الصحيفة «الداعمة للنظام في سوريا». وقد تبين أن شخصيات مقيمة في قطر على علاقة بهذه العملية. علماً أن مسؤولين في جهاز الاستخبارات في دولة الإمارات العربية المتحدة طلبوا علناً من قراصنة العمل على ضرب موقع «الأخبار»، بينما طلب سفير الإمارات السابق في بيروت حمد الشامسي من الحكومة اللبنانية علناً لمنع «الأخبار» من انتقاد قيادة بلاده أو الإشارة إلى جرائمها في اليمن ودول أخرى، وحاول ممارسة نوع آخر من الضغوط بواسطة جهات لبنانية بعضها رسمي. والأمر نفسه فعلته السعودية. علماً أنه لم تصدر أي بيانات أو تعليقات من قبل أي جهات رسمية لبنانية بما فيها نقابتا الصحافة والمحررين، أو حتى مؤسسة الدفاع عن الحريات الإعلامية في لبنان، بما في ذلك مؤسسة سمير قصير التي تبين أن مديرتها جيزيل خوري كانت عرضة للتنصت لأسباب تتعلق بانتقادها عملية اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي، علماً أنها فعلت ذلك في جلسة غير علنية. ولكن إعلاميين عاملين في مؤسسات سعودية نقلوا موقفها إلى الرياض.
يشار إلى أن قناة «الجزيرة» كانت نشرت قبل مدة تحقيقاً للصحافي الفلسطيني تامر المسحال حول عمل البرنامج التجسسي نفسه، وذلك على خلفية معلومات كشفتها تركيا عن تورط المؤسسة الإسرائيلية في توفير خدمات تقنية لكل من الإمارات والسعودية لملاحقة معارضين من بلديهما، إضافة إلى ملاحقة ناشطين من الإخوان المسلمين. وأظهرت التحقيقات صلة لهذا البرنامج في تعقب خاشقجي الذي قتله رجال محمد بن سلمان في القنصلية السعودية في إسطنبول. وتبين لاحقاً أن البرنامج نفسه استخدم لمتابعة مقربين من خاشقجي وعائلته وأصدقاء له بينهم إعلاميون.
كما كشفت التقارير عن متابعة لصيقة لمديرين وعاملين في قناة الجزيرة القطرية. ولإعلاميين يعتقد أن لهم صلة بحركة حماس.
يشار إلى أن القوائم الخاصة بأرقام الهواتف الخاضعة للتنصت لا يعلم بالضبط جميع أصحابها، خصوصاً أن بينها أرقاماً كان من الصعب الحصول على معلومات موثقة تدل على هوية مستخدميها. علماً أن الأجهزة الأمنية العالمية يمكنها القيام بهذه المهمة من خلال برامج تعقب تتيح الوصول ليس إلى هوية مسجل صاحب الهاتف بل إلى مستخدمه أيضاً.