مجلة وفاء wafaamagazine
حذّر مفتي الجمهورية، الشيخ عبداللطيف دريان، مِنْ “مَخَاطِرِ التَّسْيِيسِ وَالتَّطْيِيفِ لِلمَسَائلِ الوَطَنِيَّةِ الكُبْرَى”، مشدّداً على أنّ “ما جرى في منطقة الطيونة كان مشيناً ومهيناً ومعيباً أن يحصل بين أبناء الوطن الواحد”، معرباً عن خشيته على “العَيشِ المُشتَرَك، وَعَلى وَثِيقَةِ الوِفَاقِ الوَطَنِيِّ وَالدُّسْتُور”.
وفي رسالة الى اللبنانيين بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف قال دريان إنّ “الحَالَةُ الاجتِمَاعِيَّةُ عِندَنا في مُنتَهَى السُّوء. والحَالَةُ الاقْتِصَادِيَّةُ كَذَلِك. وَالحَالَةُ السِّيَاسِيَّةُ مُتَصَدِّعَة. وَمَا ظَهَرَتِ الحُكُومَةُ وَأَعْلَنَتْ عَنْ بَرَامِجِهَا فِي وَقْفِ الانْهِيَار، وَفِي المُضِيِّ لِلمُجْتَمَعِ الدَّولِيّ، حتَّى أَحَاطَتْ بِهَا العَقَبَاتُ مِنْ كُلِّ جَانِب. نحن نُرِيدُ لِهذِهِ الحُكومَةِ أَنْ تَعمَلَ وَأَنْ تُنْتِج، وَبِالطَّبْع، فإنَّ الإنتَاجَ غَيرُ سهلٍ في هذِهِ الظُّرُوف، واللهُ سُبحَانَه وَتَعَالَى يقول: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾. فَهَلْ سِيَاسِيُّونَا مُتُأُكِّدُونَ أنَّهُمْ وَطَّنُوا أَنْفُسَهُمْ على الإصلاح، وَالسَّمَاحِ لِلحُكومَةِ بِالعَمَل؟!”.
وأضاف: “وَبِقَدْرِ مَا نَخشَى السِّيَاسِيِّينَ وَنَوَايَاهُمْ وَأَعْمَالَهُمْ، وإثارةٍ لِلَّناسِ بَعْضِهِمْ على بعض. نحن نَخْشَى على العَيشِ المُشتَرَك، وَعَلى وَثِيقَةِ الوِفَاقِ الوَطَنِيِّ وَالدُّسْتُور. وهِيَ الثَّوَابِتُ التي لا يَبْدُو أنَّ أحدًا يَأْبَهُ لها وَسْطَ حُمَّى الانتخابات، وَحُمَمِ المَرْفَأ. مَنْ قَالَ إنَّنَا لا نَأْبَهُ لِلعَدَالَةِ فِي جَرِيمَةِ العَصْرِ هذه. إِنَّمَا لِذَلِكَ مَسَارٌ وَاضِحٌ، يَنْبَغِي التزَامُه، لكي لا يَنْقَسِمَ النَّاسُ مِنْ حَولِ العَدَالَة، كَمَا مِنْ حَولِ المَسَارِ السِّيَاسِيّ. نحن نَعتَقِدُ، وَفِي ذِكرَى المَولِدِ النَّبَوِيّ، أنَّ هُنَاكَ مَسارَيْنِ لا بُدَّ مِنَ الْتِزَامِهِمَا مِنْ جَانِبِ المُوَاطِنِين، وَمِنْ جَانِبِ الإدَارَةِ السِّيَاسِيَّة. في الجَانِبِ الاجْتِمَاعِيّ، لا بُدَّ مِنَ التَّضَامُنِ المُنْقَطِعِ النَّظِير، والمُلْتَزِمِ بِالضَّرُورَاتِ الإنسانِيَّة. إنَّهُ لَعَارٌ على القَادِرِينَ مِنَّا الصَّمْتُ عِندَ الشَّكْوَى مِنِ انْعِدَامِ الدَّوَاءِ أوْ غَلاءِ أسْعَارِه، وعِندَ تَصَاعُدِ الأَلَمِ مِنَ الفَقْرِ وَالجُوع. وَعِندَ العَجْزِ أَمَامَ المَرَضِ وَحَاجَاتِ الأَطْفَالِ وَالتَّعلِيم. عِندَمَا نُلاحِظُ الآنَ الآثارَ المُفْزِعَةَ لِوَقْفِ الدَّعْمِ على الحَيَاتَينِ الخَاصَّةِ والعَامَّة، نُدْرِكُ أنَّ دَولَتَنَا دَولَةٌ صَالِحَةٌ واجتماعِيَّةٌ فِي الأَصْل، وَإنَّمَا دَمَّرَ السِّيَاسِيُّونَ قُدُرَاتِهَا وَمُؤَسَّسَاتِها، وَاجِبَاتُ المُوَاطِنِينَ الأَفْرَادِ وَالجَمْعِيَّاتِ الخَيرِيَّةِ صَارَتْ وَاضِحَة. لكنّ بقايا الدَّولَةِ وَالإدَارَة، لا تَقُومُ بِأيٍّ مِنْ وَاجِبَاتِها. وَلِذَلِك، لنْ يَسْتَمْتِعَ الرَّئيس مِيقاتِي بِالصَّمْتِ مِنْ جَانِبِ المُفْتَقِرِينَ إلى الكَهْرَبَاءِ وإلى المَحْرُوقَات، وإلى النَّقْلِ وَإلى المُرَتَّبَات، وإلى فُرَصِ العَمَل، وإلى الأَمْنِ بِشَتَّى أَصْنَافِهِ وَأَلْوَانِه. وَأَعُودُ فَأُحَذِّرُ مِنْ مَخَاطِرِ التَّسْيِيسِ وَالتَّطْيِيفِ لِلمَسَائلِ الوَطَنِيَّةِ الكُبْرَى”.
وتابع: “مَا هَذَا المَسَارُ الانْتِحَارِيُّ الذي يُقبِلُ عليه الجَمِيعُ بِحَمَاس؟! هو مُناخٌ يُذكِّرُ – لِلْأَسَى وَالْأَسَف – بِبِدَايَاتِ الحَرْبِ الأَهْلِيَّة. وعلى كُلِّ لُبْنَانِيٍّ عَاقِل، أَنْ لا يَدْخُلَ في الانْتِحَارِيَّات، وَأَنْ يُصِرَّ على الدُّسْتُورِ وَالعَيشِ المُشْتَرَك، وَالسِّلْمِ الأَهْلِيّ. ولا شَيءَ غَيرُ ذَلِك!”.
واعتبر أنّ “ما جرى في منطقة الطيونة كان مشيناً ومهيناً ومعيباً أن يحصل بين أبناء الوطن الواحد، فالخلاف في الرأي مشروع، أما الاقتتال في الشارع فمرفوص وممنوع أياً كان السبب، والحل يكون بالطرق السلمية، لا باستعمال السلاح المتفلت في الشوارع وخصوصاً في العاصمة بيروت بقتل الناس وانتهاك حرماتهم، فالإنسان له احترامه وكرامته سواء كان مسلما أو مسيحيا، فالمواطنة حق مشروع لكل من يعيش تحت سماء لبنان، وفي أي منطقة كان منه، فالسلاح لا يجوز أن يشهر بوجه بعضنا بعضاً، لان هذا يؤسس لإشعال الفتنة الطائفية والمذهبية التي لا نسمح لأي كان بإيقاظها، نحن في لبنان دولة لها قوانينها ودساتيرها وقضاؤها وجيشها وقواها الأمنية التي ينبغي التمسك بها لأنها الملاذ الوحيد لحفظ امن الوطن والمواطن”.
وأكد أنّ “الانتخابات النيابية ستجري بإذن الله تعالى في العام المقبل وهذا أملنا ورجاؤنا، والتغيير يصنعه الناس باختيارهم الحر بانتخاب من يرون فيه الصلاح والأمانة لتولي أمورهم التشريعية وكل ما يخدم تطورهم وتقدمهم من تقديم مشاريع تعود بالنفع عليهم، وعلى الوطن ككل لا على من يمثل من جماعة أو فئة أو ما شابه ذلك. وان يكون ولاؤه للوطن والمواطن، وبذلك يتحقق التغيير بحسن الاختيار”.