الرئيسية / آخر الأخبار / الماء مقابل الطاقة: الأردن في حظيرة «آبراهام»…الأردن يروي عطشه بـ «آبراهام»: ماء الذِلّة

الماء مقابل الطاقة: الأردن في حظيرة «آبراهام»…الأردن يروي عطشه بـ «آبراهام»: ماء الذِلّة

مجلة وفاء wafaamagazine

لا يبدو الاتفاق الذي جرى الإعلان عنه، أخيراً، بين الأردن وإسرائيل، من أجل إنشاء برنامج طاقة نظيفة في المملكة لتزويد الكيان العبري بالكهرباء، وبرنامج تحلية مياه مستدام في الأخير لتزويد الأولى بالمياه المحلّاة، غريباً على دولة وقّعت «معاهدة سلام» منذ عام 1994. ولكنه يعني قبول عمّان، رسمياً، الانخراط في «اتفاقيات أبراهام»، بعد التحفّظ الذي أبدته على «السلام» المجّاني، لا سيما في ما يتّصل بملفّات «حلّ الدولتين»

عمّان | منذ أشهر، تسلّط التقارير الرسمية الأردنية الضوء على العطش القادم إلى المملكة، في ظلّ صيف ملتهب مرّ على المحافظات، بينما انتشرت، أخيراً، صورٌ للسدود الجافّة، في ظلّ تأخّر هطول المطر. لكن في أعقاب الإعلان رسمياً عن وثيقة اتفاق النوايا لإقامة مشروع تطبيعي جديد مع إسرائيل، برزت شكوك في الشارع الأردني في التفريغ المقصود للسدود، الأمر الذي انعكس في تظاهرة الجمعة الماضي في وسط عمّان، عندما هتف نحو ألفَي شخص: “قالوا جفّت السدود… وبالأردن ما في ميّة… بيّن الهدف المنشود… توقيع الاتفاقية”.

ويبدو نصُّ الاتفاق (الذي قال وزير المياه والريّ الأردني، محمد النجار، إنه تمّ التوصل إليه قبل 24 ساعة فقط من توقيعه) مستوحًى، بشكل أو بآخر، من معجم جاريد كوشنر في برنامجه الخاص الذي عرضه في البحرين، والذي حمل عنوان “السلام من أجل الازدهار”. إذ ستقوم تل أبيب وعمّان بدراسة مقترح مشروع لـ”تعزيز الرخاء الإقليمي”، يتمحور حول عنصرَين مشروطَين ببعضهما البعض: الأوّل، برنامج طاقة نظيفة في الأردن لتزويد إسرائيل بالكهرباء أُطلق عليه “الازدهار الأخضر”؛ والثاني، برنامج تحلية مياه مستدام في إسرائيل لتزويد الأردن بالمياه المحلّاة باسم “الازدهار الأزرق”. ومن أجل ذلك، يجب على الأطراف “دراسة الحاجة إلى تكييف الأُطر التنظيمية الخاصّة بكلٍّ منها، من أجل تنفيذ المشاريع، بما يشمل النظر في طرق السماح بتوليد ونقل الكهرباء الشمسية الخضراء من الأردن إلى إسرائيل، وشرائها من قبل المتعهّد، شركة NOGA الهندسية (تحمل هذه الشركة الاسم ذاته للهيئة الوطنية للنفط والغاز البحرينية، التي وقّعت مذكّرة تفاهم، في عام 2009، مع شركة أبو ظبي لطاقة المستقبل، لتقليل آثار التغيّر المناخي وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي والبيئة المحيطة)”. وبالمثل، في ما يتعلّق بـ”الازدهار الأزرق”، ستقوم الشركة بفحص طرق إنتاج ونقل وتوريد المياه المحلّاة من إسرائيل إلى الأردن، وتطوير البنية التحتية المناسبة على الجانبَين. ويقضي الاتفاق بتسهيل مَنح التصاريح والموافقات، في الوقت المناسب، وفقاً للقوانين واللوائح الخاصّة بكلٍّ من الأطراف المعنيّة.
وتتمثّل الأطراف المشاركة في “الازدهار الأخضر” (مسار الطاقة) في كلّ من: وزارة الطاقة والثروة المعدنية، شركة الكهرباء الوطنية في الأردن (الشريكة في اتفاقية الغاز الإسرائيلي)، ووزارة الطاقة وهيئة الكهرباء الإسرائيليتَين، ومشغّل النظام الإسرائيلي المستقلّ، وشركة NOGA الهندسية، وشركة الكهرباء الإسرائيلية المحدودة، والإمارات من دون تحديد أيّ جهة. أمّا الأطراف المشاركة في “الازدهار الأزرق” (مسار المياه)، فهي: وزارة المياه والري الأردنية، سلطة المياه الإسرائيلية، والإمارات أيضاً من دون تحديد الجهة. وستتطلّب دراسة المشروعَين، ضمان التدفّق الحرّ للمعلومات، ممّا يعني حضوراً إسرائيلياً أكبر وأوضح في عمّان، في مقابل تحفّظ تل أبيب عن الإفصاح عن أيّ معلومات “وطنية” حسّاسة، حتى لو ادّعت موافقتها على ذلك. على رغم كلّ ما تَقدّم، دافع وزير المياه الأردني، محمد النجار، بأن إعلان النوايا لا علاقة له بـ”اتفاقية السلام” الموقّعة مع الجانب الإسرائيلي، أو بتعديلٍ على بنودها، مضيفاً أن الفكرة جاءت من طرف شركة إماراتية ستقوم بهذا المشروع كاملاً، متابعاً أنه لا يوجد أيّ التزام عقدي أو قانوني من قِبَل الأردن. و”في حال كانت النتيجة مُجدية، سوف تدخل عمّان في مفاوضات لتوقيع الاتفاقيات، بعد عرضها على مجلس النواب والأعيان، وعلى المواطنين والصحافة”، بحسب النجار.

لا يبدو أن الأردن قد تعلّم من المماطلة الإسرائيلية لسنوات في مشروع ناقل البحرين

أمّا الأرقام التي سيبحثها الأطراف في مجال “الازدهار الأخضر” (مسار الطاقة)، فستكون بشأن إمكانية حصول إسرائيل على قدر كبير من الطاقة النظيفة من الأردن، بما يتناسب مع “التوقيت الذي تريد”، إضافة إلى بحث جدوى برنامج الطاقة المتجدّدة والتخزين الكهربائي، بدءاً من سعة 600 ميغاواط من التيار المتردّد، و 2.4 إلى 3.0 جيغاوات في الساعة للتخزين، للاستخدام في إسرائيل. وستعمل الأطراف بـ”حٌسن نيّة” لاقتراح الخصائص التفصيلية للمشروع المحتمل، بحلول نهاية الربع الثالث من عام 2022، كما سيتمّ تصدير جميع الطاقة النظيفة التي ينتجها المشروع إلى الكيان العبري. وفي “الازدهار الأزرق” (مسار المياه)، يهمّ الأردن توفير 200 مليون متر مكعّب سنوياً من المياه المحلّاة من إسرائيل، ليتمّ استصلاحها للاستخدام، على أن يتمّ اقتراح الخصائص التفصيلية في هذا المجال بحلول نهاية الربع الثالث من عام 2022.
في إسرائيل، كان العمل جارياً منذ أشهر على استقطاب عروض لتمويل وبناء وتشغيل محطّة طاقة شمسية بقدرة 300 ميغاوات، إضافة إلى محطّة تخزين في الجزء الجنوبي من الأرض المحتلّة. وتقدّمت للمشروع، في 11 آب الماضي، شركات من الولايات المتحدة، والنرويج، وإسبانيا، وفرنسا. وذكرت وزارة المالية أن المشروع مخطّط لمدينة ديمونة، ومن المتوقّع أن يتمّ تطويره على نموذج عام – خاص. وعند اكتماله، سيكون المصنع الأكبر في إسرائيل. وتتوقّع الحكومة الإسرائيلية أن تكتمل عملية تقديم العطاءات خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، بينما من المقرّر الانتهاء من المحطّة في أواخر عام 2024، على أن يتمّ إنتاج 30%من الطاقة النظيفة بحلول عام 2030. وقد يكون المخطّط الإماراتي جزءاً من هذا المشروع، مع استغلال الأراضي الأردنية لنصب الخلايا الشمسية، إذ إن الإشعاع الشمسي في الجنوب الأردني أعلى بكثير من الجانب الغربي. وما يؤكّد الأمر، تصريحات مدير عام ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلية، يائير بينس، إلى وكالة “بلومبيرغ”، بتاريخ 17 تشرين الثاني، حيث قال: “جيراننا لديهم الكثير من الأراضي المفتوحة، وهو شيء لا نملكه. لدينا التكنولوجيا”.
إزاء ذلك، انفجر الغضب الشعبي في الأردن، حيث طالب نوابٌ بمناقشة الاتفاقية تحت قبّة البرلمان، فيما خرجت في الجامعات تظاهرات طالبية أسفرت عن اعتقال 17 شخصاً، جرى الإفراج عنهم في وقت لاحق. وتأتي هذه الاحتجاجات في وقت سُجّلت فيه نقطة لصالح الحركة الطالبية في ملفّ مجابهة التطبيع، إذ اكتشف طلّاب الجامعة الأردنية وهيئة التدريس، وجود جامعة إسرائيلية ضمن عرض تقديمي لجامعة محمد بن زايد الإماراتية حول الدراسات العليا والمنح الدراسية، حيث ظهر اسم “مركز وايزمان للعلوم والتكنولوجيا” والجامعة العبرية. وعلى الفور، انسحب عددٌ من الطلّاب وأعضاء الهيئة التدريسية من الندوة، كما نظّم الطلاب وقفة احتجاجية في ساحة الجامعة استنكاراً لما حدث. وبالتوازي مع ما تَقدّم، بدأ طلاب الجامعات الأخرى جهوداً استباقية لزيارة الوفد ذاته إلى جامعاتهم، وأصدر طلّاب الجامعة الهاشمية بياناً قالوا فيه إنه تمّ إلغاء زيارة الوفد الإماراتي، بعد التواصل مع الإدارة وعمادة شؤون الطلبة. أمّا رئيس الجامعة الأردنية، نذير عبيدات (وزير الصحة السابق الذي استقال بعد حادثة مستشفى السلط التي فجّرت قضية الأمير حمزة)، فنفى من جانبه وجود أيّ عمل تطبيعي تشارك فيه الجامعة أو تدعمه.
أخيراً، على صعيد أزمة المياه، لا يبدو أن الأردن قد تعلّم من المماطلة الإسرائيلية لسنوات في مشروع ناقل البحرين (الأحمر – المتوسط)، بعد تخلّي تل أبيب عنه، في عام 2017، وعدم ردّها على الرسائل الأردنية بخصوصه، ليؤثّر الأمر في تمويل البنك الدولي للمشروع، ولتُترك الحكومة الأردنية وحيدة في هذا المجال.


تغييرات شكليّة لإرضاء السعودية
أفاد موقع “أكسيوس” الأميركي، قبل أيام، بأن السعودية سعت إلى وقف “صفقة تعاوُن” في إنتاج الكهرباء، من الطاقة الشمسية وتحلية المياه، أُبرمت بين الإمارات وإسرائيل والأردن. ونقل الموقع عن مسؤولَين إسرائيليين اثنين، ومصدر آخر مطّلع على القضية، قولهم إن “الحكومة السعودية ضغطت على الإمارات للتراجع عن الصفقة”، مقترحةً على أبو ظبي “صفقة بديلة من شأنها تهميش تل أبيب”. وأضافت المصادر الثلاثة إن المسؤولين السعوديين كانوا مستائين لأنهم شعروا بأن الاتفاقية قوّضت خُطط وليّ العهد، محمد بن سلمان، لقيادة المنطقة في ما يتعلّق بالمناخ، من خلال مبادرته “الشرق الأوسط الأخضر”. وتابعت أن المسؤولين الإماراتيين أبلغوا المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص لشؤون المناخ، الذي حضر مراسم توقيع الاتفاقية، ونظراءهم الإسرائيليين والأردنيين، بالضغط السعودي، وطالبوا بإجراء تغييرات شكلية في فحوى الصفقة لإرضاء الرياض، الأمر الذي لم تعترض عليه بقيّة الأطراف الموقّعة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الاخبار