مجلة وفاء wafaamagazine
أكد الوزير السابق محمد فنيش أننا من أكثر الناس استعداداً لتقديم التنازلات وتسهيل تشكيل وعمل الحكومات السابقة والحالية وإبداء مرونة في هذا الخصوص، لأن منهجنا في الداخل لا سيما في ما يتعلق بالتعامل مع القضايا الداخلية هو مرن لإيجاد مساحات تعاون، فلبنان لا يدار بعقلية الغلبة، ولا من جانب طرف واحد، وبالتالي، إذا أردنا أن ننجح بحكمه واتخاذ السياسة التي ممكن أن تعالج مشكلاته، لا بد أن يكون هناك تفاهم بين أوسع قوى تمثيلية من أجل أن يكون هناك استقرار سياسي فيه، ومن أجل تتبلور رؤية مشتركة للتصدي لمشاكله، والنهوض بواقعه، وبغير ذلك لا يمكن للبنان أن يدار أو أن ينهض من مشاكله.
وخلال لقاء سياسي أقيم في بلدة الشهابية الجنوبية، دعا فنيش الحكومة إلى أن تعالج الخلل الذي أدى إلى عدم اجتماع مجلس الوزراء، والمتمثل بأداء القاضي بيطار البعيد عن الدستور، والذي تجاوز الصلاحيات الدستورية، ويعمل باستنسابية واستغلال وتوظيف لجريمة انفجار المرفأ والضحايا، فضلاً عن الخضوع لشعبوية ما من أجل إلحاق ضرر وتحميل المسؤولية لجهة سياسية، لافتاً إلى أن هذا المسار القضائي الذي يعتمده القاضي بيطار بعيد عن الحقيقة، ولا يؤدي إلى معاقبة وكشف المسؤولية عن الذي تسبب بهذه الجريمة، سواء باستحضار النيترات أو انفجارها، ومن المسؤول عن ذلك.
وفي ما يتعلق باستحقاق الانتخابات النيابية، أكد فنيش أننا نؤيد إجراء هذا الاستحقاق في موعده بحسب المهل الدستورية والقانونية بدون أي تأجيل أو تمديد أو أي كلام لتعطيله، فنحن لسنا من مؤيدي أي موقف قد يفكر فيه البعض بتأجيل الانتخابات النيابية، مشيراً إلى أننا ننظر إلى هذا الاستحقاق على أنه فرصة لتعبّر الناس عن نفسها وتشارك وتختار من يمثلها، وأنه مناسبة دستورية وقانونية كبيرة، كي نعيد الاعتبار والفعالية لمؤسساتنا الدستورية وخصوصاً لمجلس النواب الذي يمثّل الناس، ولكن مع الأخذ بعين الاعتبار المشاكل التي مر بها لبنان، من سياسات خاطئة وضغوطات خارجية نتعرض لها.
وأضاف فنيش إن هذا الاستحقاق بالنسبة لنا هو تجديد لعلاقتنا مع الناس وتأكيد لعهدنا معهم أن نبقى دائماً في موقعنا المقاوم للدفاع عن أرضنا ووجودنا وثرواتنا وسيادتنا وعدم التفريط بأي حبة تراب وبأي قطرة مياه أو ليتر من ثرواتنا النفطية الموجودة في البحر، وهذا بالنسبة لنا نعتبره التزاماً، وهذا واجبنا الوطني والرسالي والإنساني.
وتابع فنيش إن هذا الاستحقاق هو فرصة لأن نبلور بأوسع تفاهم من الذين يريدون فعلاً مصلحة البلد بعيداً عن المصالح الخاصة والأنانيات والكيدية السياسية وعن إيجاد خصومات وعداواة سياسية وعن الارتهان للتدخلات الخارجية، حتى يكون هناك تعاون من أجل أن يكون لدينا حكومة ننهض فيها بالبلد، فضلاً عن رسم مسار جديد لسياسات جديدة، تعيد بناء اقتصاد منتج يحقق للبنانيين آمالهم وطموحاتهم بأن يكون لديهم بلد قوي من جهة مناعته وقوته، وقوي أيضاً من جهة قدراته المالية والاقتصادية.
وأشار فنيش إلى أن البعض في لبنان يريد هذا الاستحقاق من أجل تغيير موقع البلد، وهذا واضح من خلال المواقف والمسار السياسي الذي بدأ من فترة، ويريده أيضاً من أجل تعديل موازين القوى، ومن أجل ضرب التحالفات التي نجح حزب الله مع حلفائه بنسجها، والتي شكّلت الأمان للبنان وحققت الاستقرار والسلم الداخلي، ودفعت وتصدت للخطر والعدوان التكفيري، وبالتالي، بالتأكيد هم واهمون، فلن يستطيع أحد أن يعيد البلد إلى أجواء ما قبل هذه الحالة من الاستقرار السياسي والسلم الأهلي، ومهما حاولوا وارتكبوا من جرائم كما حصل في الطيونة، ومهما نسجوا من تآمر، ومهما تواطئوا وارتهنوا وكان لهم امتدادات، فالبلد لا يمكن أن يعود إلى منطق الغلبة أو التهميش أو المس بالثوابت، فموضوع المقاومة ليس موضوعاً سياسياً ظرفياً يتعلق بخلاف سياسي بين جهتين سياسيتين، وإنما هو موضوع وجودي ومصيري يرتكز إليه لبنان كما أثبتت التجربة في الدفاع عن وجوده ونفسه وسيادته.
وشدد فنيش على أن الرهان على إمكانية إعادة إنتاج تحالفات تعيد الانقسام الداخلي والصراع بين اللبنانيين، هو رهان على إلحاق الضرر باللبنانيين جميعاً، وبالتالي، فإن التفكير العقلاني والواقعي والنابع من الحرص على مصلحة البلد، يقتضي أن يكون هناك التزام بهذه الثوابت والبحث عن كيفية الاستفادة من العبر والدروس الماضية، وعدم إعادة تكوين تحالفات تؤدي إلى الانقسام السابق، وإدخال البلد في آتون الأزمات، لأنه لن يستطيع بعدها الخروج من أزمته الإجتماعية، وسيدخلونه إذا استطاعوا وتمكنوا في أزمة تهدد استقراره وسلمه الداخل.
وختم فنيش بالقول إن ما نتمناه ونحرص عليه وما سنسعى إليه، أن تكون تحالفتنا كما كانت على المستوى السياسي، وعليه، فإننا سنسعى من أجل أوسع تحالف سياسي يحفظ الثوابت وأمن اللبنانيين، ويبلور رؤية إنقاذية لإخراج البلد من أزمته، ويطمئن اللبنانيين إلى مستقبلهم.