
مجلة وفاء wafaamagazine
في إطار الخطة الإسرائيلية – الأميركية «للدفاع المشترك» إبان حالة طوارئ إقليمية، تعهّدت واشنطن بتقديم المساعدة لتل أبيب في إعادة إعمار البنية التحتية المدنية – وبضمنها الموانئ وشبكات الكهرباء، والاتصالات، والمياه والشوارع وأي مساعدة أخرى يطلبها الكيان من أجل إعادة إعمار جبهته الداخلية – في حال تضررها إذا ما وقعت الحرب مع إيران.
ووفق المحلل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان، فإن «بند إعادة الإعمار في الخطة والذي صودق عليه نهائياً في عام 2018، بقي سريّاً وهو معروف فقط لعدد قليل جداً من المسؤولين السياسيين والأمنيين في إسرائيل». وعزا السبب في ذلك إلى أنه «ربما لأن لا أحد يؤمن أنه سنصل مرة إلى دمار بهذا الحجم».
وأشار فيشمان في تقريره، إلى أن «إسرائيل والولايات المتحدة لا تتحدثان عن تحالف عسكري حتى الآن»؛ حيث «يحلّ مكان ذلك تعاون بين مقرّات قيادات إسرائيلية وأميركية، تتشارك المعلومات في مجالات استخباراتية وعسكرية وعمليات مشتركة للدفاع الجوي عن إسرائيل».
أمّا متى تُستخدم «خطة الدفاع المشترك»؟ فبعد توجّه الحكومة الإسرائيلية إلى الإدارة الأميركية طالبةً للمساعدة، وتدخل حيّز التنفيذ بمصادقة الرئيس الأميركي عليها. ووصف فيشمان ذلك بأنه بمثابة «التفاف على التحالف»، مشيراً إلى أن ذلك بُني على مراحل منذ بداية الحرب الخليج الأولى، عام 1991، في أعقاب إرسال بطارية «باتريوت» الأميركية لاعتراض الصواريخ. وأشار المحلّل إلى أن الهدف من ذلك كان «منع إسرائيل من شنّ هجمات في العراق».
وبحسبه، فإن «خطة الدفاع المشترك» تبلورت وترسّخت في أعقاب الغزو الأميركي للعراق عام 2003»، في إشارة إلى أن وحدات دفاع جوي أميركية تدرّبت في الكيان، وبقيت فيه طوال حرب الخليج الثانية. ووصف فيشمان «الادّعاء الذي يتعالى اليوم بأن إسرائيل ليست بحاجة إلى إطلاع الأميركيين بشأن نواياها ضد إيران»، بأنه ادّعاء «بائد». كما اعتبر أن تهديد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن السابق، إيهود باراك، بهجوم عسكري مستقلّ ضد إيران في عام 2011، «بات أصعب بالنسبة إلى مثلّث بينيت – غانتس – لبيد في عام 2021». وأوضح أنه «خلال العقد المنصرم، تزايد الالتزام الأميركي تجاه إسرائيل في حالات الطوارئ، إلى درجة إعادة إعمار الدمار، ومثلها تزايد التعلّق الإسرائيلي بالولايات المتحدة في إدارة حرب إقليمية».
ولفت فيشمان إلى أن «الأنباء التي تردّدت أثناء زيارة وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، إلى واشنطن الأسبوع الماضي، حول تدريبات عسكرية أميركية – إسرائيلية مشتركة على تدمير المنشآت النووية الإيرانية، لم تؤدّ إلى انفعال لدى الوفد الإسرائيلي في واشنطن»؛ إذ إن «الهدف الواضح من ذلك هو إيصال رسالة إلى إيران، على خلفية جمود المحادثات لإحياء البرنامج النووي». ووصف هذه الأنباء بأنها «أداة ردع تعزّز العلاقات بين الجانبين إلى مستوى حلف عسكري، من دون التقيّد بشروط حلف كهذا».
وبحسب المحلّل العسكري، فإن «التعاون الهجوميّ الإسرائيلي – الأميركي، محدود وموجّه بالأساس ضد سوريا؛ إذ بدأ بعد انضمام إسرائيل إلى التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، وعلى إثره تعزّزت العلاقات بين القيادة الوسطى للجيش الأميركي والجيش الإسرائيلي، الذي تعيّن عليه التنسيق بسبب الغارات المتواصلة التي يشنّها في سوريا، مثلما يفعل مع الروس».
وبالرغم من الإمكانات الاستخبارية الهائلة التي تملكها الولايات المتحدة، رأى فيشمان أن «الأميركيين أدركوا سريعاً جداً أن بإمكانهم استخدام القدرات الاستخباراتية والعسكرية الإسرائيلية في إطار الحرب ضد داعش، وهكذا وُلد التعاون الاستخباراتيّ والعسكريّ في الأراضي السورية وفي سمائها. وفي السنوات الأخيرة، أُقيمت في مقرّ الجيش الإسرائيلي في تل أبيب، غرفة عمليات خاصة لسلاح الجو من أجل التعاون مع الأميركيين في سوريا». ووفق ما نقل فيشمان في تقريره، عن مسؤول إسرائيلي كبير، فإن «مستوى التعاون وثيق ويوميّ وغير مسبوق».
وأشار التقرير إلى أنه إلى جانب المجاليْن السيبرانيّ والاستخباراتيّ، «تنفّذ إسرائيل والولايات المتحدة تدريبات مشتركة تتضمّن أهدافاً محدّدة في الدفاع عن الأجواء الإسرائيلية من صواريخ بالستية»، موضحاً أنها تحاكي «إطلاق صواريخ من إيران والعراق وحتى من اليمن. وأنها تجري مرة كل سنتين بشكل ثابت، في إطار مناورتَي جنيفر كوبرا وجنيفر فالكون».
إلى ذلك، أشار فيشمان إلى أنه عقب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، في عام 2018، أوعز رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في حينه، غادي آيزنكوت، إلى شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، بإعداد قائمة «المؤشّرات» الدالّة على التحوّل في اقتراب إيران من القنبلة النووية. وأضاف أن قائمة المؤشّرات هذه «أظهرت أن إيران تقف على بعد سنتين على الأقل من القدرة النووية، إلا في حال بذلت مجهوداً خاصاً يشمل تجنيد علماء أجانب.
وطبقاً للتقديرات التي نقلها فيشمان عن خبراء من خارج جهاز الأمن الإسرائيلي، فإن «إسرائيل تحتاج إلى مدة تُراوح بين ثلاث إلى خمس سنوات لكي تتمكن من مهاجمة إيران بشكل مستقلّ وتحقيق نتيجة فعّالة». وأوضح أنه عندما أعلن رئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، عن استعدادات متزايدة لمواجهة إيران، فإنه «قصد عملياً العودة إلى مستوى تدريبات ما قبل التوقيع على الاتفاق النووي». وخلص إلى أن «مضاعفة تدريبات سلاح الجو لا تلغي حقيقة أنه ليس بإمكان أي مجهود أن يختصر بشكل دراماتيكي الخطوات المتعلقة ببناء القوة النووية».