مجلة وفاء wafaamagazine
مخاضٌ كبير تعيشه الكرة الإيطالية بعد ثبوت تورط العديد من الأندية بقضايا تزوير واحتيال. الصورة العامة السائدة تستحضر فضيحة الدوري الإيطالي عام 2006 التي تُعرف بـ«الكالتشيوبولي» وتهدد بعقوبات وخيمة، فما القصة؟
مرّت كرة القدم الإيطالية بالعديد من الخضات والأزمات الكبيرة، وكان أبرزها فضائح الفساد التي كانت تتكرر دائماً. أشهر هذه الأحداث كانت أزمة «الكالتشيوبولي» والتي أدت إلى هبوط نادي يوفنتوس إلى دوري الدرجة الثانية، إضافةً إلى معاقبة عدد من الأندية الكبرى الأخرى. فضيحة جديدة تضرب الدوري الإيطالي حالياً تتعلق بمكاسب رأس المال (plusvalenza)، والتي يمكن أن تكون لها تداعيات خطيرة على عدد من الأندية والشخصيات في عالم كرة القدم.
تُعرف مكاسب رأس المال في إيطاليا باسم «plusvalenza»، وهو مصطلح محاسبي للربح المحقّق من بيع أحد الأصول مثل الأسهم أو السندات أو العقارات، وعادةً ما يُستخدم ضمن الفرق لتحديد سعر البيع (الأعلى) و(الأقل) لأصل معين. بالنسبة إلى أغراض المحاسبة، يتم توزيع رسوم نقل اللاعب القادم على طول عقده الجديد (المعروف باسم الإطفاء)، في حين أن رسوم اللاعب الذي يتم بيعه هي دخل فوري.
لذلك، إذا اشترى النادي لاعباً مقابل 80 مليون دولار ووقّع عقداً لمدة أربع سنوات، فإن الرسوم الصادرة تصبح أصلاً بقيمة 80 مليون دولار في الدفاتر. تنخفض هذه القيمة بعد ذلك بمقدار 20 مليون دولار لكل موسم، وإذا باع النادي ذلك اللاعب مقابل 50 مليون دولار بعد ثلاث سنوات، فإنه يدرّ ربحاً قدره 30 مليون دولار.
على سبيل المثال، تعاقد يوفنتوس مع النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو في صيف عام 2018 من ريال مدريد الإسباني مقابل 100 مليون يورو بعقد مدته أربع سنوات. في هذه الحالة يتم إطفاء الرسوم البالغة 100 مليون يورو على مدار هذه السنوات الأربع.
لذا في صيف عام 2019، بلغت «القيمة المطفأة» لرونالدو 75 مليون يورو. وفي عام 2020، بلغت 50 مليون يورو لتبلغ القيمة 25 مليون يورو في وقت بيعه إلى مانشستر يونايتد عام 2021.
كريستيانو رونالدو نفسه هو أحد الأسماء التي يتم التحقيق فيها خلال أيام تواجده في مدينة تورينو الإيطالية مع يوفنتوس، حيث من الممكن استجوابه بشأن آلية «دفع سرّي»، كما أن هناك العديد من الصفقات الأخرى المشبوهة بين مختلف الأندية ما جعل يوفنتوس، روما، نابولي، أتالانتا، سمبدوريا وجنوى تخضع للتحقيق بسبب تضخم مشبوه في قيم انتقالات بعض اللاعبين.
تحقيقات سريّة
بحسب صحيفة «Corriere dello Sport»، بدأت التحقيقات سراً في خريف 2020 حول تلك الشبهات، وقد ظهرت إلى العلن في الأسابيع القريبة الماضية. انتقل بعض اللاعبين بمبالغ تفوق قيمتهم السوقيّة، الأمر الذي أثار الشك حول التلاعب.
يجري التحقيق في صفقة فيكتور أوسيمين الذي انتقل من نادي ليل الفرنسي إلى نابولي الإيطالي، والتي كانت واحدة من أوضح الأمثلة على التقنية المستخدمة. بلغت قيمة التحويل 71.25 مليون يورو، وانتقل أربعة لاعبين كجزء من هذه الصفقة إلى النادي الفرنسي. تم تسعير حارس المرمى أوريستيس كارنيزيس والمدافع كلاوديو مانزو بالإضافة إلى المهاجمين شيرو بالميري ولويجي ليغوري بإجمالي 20.1 مليون يورو. لا يزال كارنيزيس البالغ من العمر 36 عاماً في نادي ليل وقد ظهر مرة واحدة، لكنّ اللاعبين الثلاثة الآخرين هم الذين أثاروا بعض الشكوك إذ لم يمثل أي منهم فريق ليل على الإطلاق. قُدرت قيمة كل منهم بـ4.5 ملايين يورو، وتم تسريحهم من الفريق مجاناً في غضون عام. يلعب بالميري مع فريق الدرجة الرابعة نوسيرينا أما ليغوري فهو يلعب في الدرجة نفسها مع نادي فراتيس، بينما يلعب مانزو على مستوى غير احترافي.
ووفقاً لوسائل الإعلام الإيطالية، تبحث السلطات المعنية في 62 عملية انتقالات تمّت بين عامَي 2019 و 2021. ومن جهتها ذكرت صحيفة «لا غازيتا ديلو سبورت» أن 42 من تلك الصفقات شارك فيها يوفنتوس. تجدر الإشارة إلى أنه، وبحسب التقديرات، تم تحقيق أكثر من 3 مليارات يورو من المكاسب الصافية في دوري الدرجة الأولى الإيطالي وحده خلال العقد الماضي.
هناك الكثير من الأندية المتورّطة بالتزوير في إيطاليا كما بعض أندية إسبانيا وفرنسا
على خلفية ذلك، تمّت مداهمة مكاتب يوفنتوس بسبب مزاعم تسجيله صفقات انتقال لاعبيه بشكل غير صحيح. ومن بين الصفقات المشبوهة، حام الشك حول صفقتَي آرثر وميراليم بيانيتش مع برشلونة إضافةً إلى تبادل دانيلو وجواو كانسيلو مع مانشستر سيتي. من الناحية الرسمية، لم تكن الصفقة مع برشلونة «تبادلية» حيث دفع النادي الكتالوني 60 مليون يورو للتوقيع مع بيانيتش، بينما اشترى يوفنتوس آرثر مقابل 72 مليون يورو، وقد أثارت هذه الأرقام الشكوك على الفور حيث لم يبدُ أن أياً من اللاعبين يستحقّ هذه القيم المالية الفلكية. كان بيانيتش يبلغ من العمر 30 عاماً في ذلك الوقت وقد تمّت إعارته من قبل برشلونة إلى بشيكتاش، بينما عانى آرثر طوال فترة وجوده في تورينو. انتقال كريستيان روميرو من يوفنتوس إلى أتالانتا هذا الصيف قبل بيعه على الفور لتوتنهام هو أيضاً في دائرة الشك من قبل المحقّقين. في هذا الصدد، أصدر يوفنتوس عدداً من التصريحات رداً على التحقيق، وورد في بيان رسمي للنادي خلال نوفمبر/ تشرين الثاني تأكيده على التصرف وفقاً للقوانين واللوائح التي تحكم إعداد البيانات المالية.
ومن جهته، أفاد نادي إنتر ميلانو عصر يوم أمس الثلاثاء بأنه يخضع لتحقيق أولي في احتيال محتمل مرتبط بصفقات انتقال لاعبين. وقال إنتر إنه قدم المستندات المطلوبة المتعلقة بانتقالات بعض اللاعبين خلال موسمي 2017-2018 و2018-2019، بناءً على طلب مكتب المدعي العام في ميلانو الذي أجرى عمليات تفتيش في مقر النادي.
من السابق لأوانه تحديد ما سيحدث ومدى شدة العقوبات، وبحسب الوسط الرياضي الإيطالي، من غير المرجّح أن يتم «تنزيل» أي فريق الى دوري الدرجة الثانية مثل ما حدث في فضيحة «الكالتشيوبولي». الأسابيع المقبلة سوف تعطي صورة أشمل عن الكرة الإيطالية الغارقة في الفساد، ومن خلفها خروقات كبيرة في الدوريات الكبرى.
الاخبار