الأخبار
الرئيسية / آخر الأخبار / المنتخبات الوطنية في الميزان

المنتخبات الوطنية في الميزان

مجلة وفاء wafaamagazine

انتهى عام 2021 على نشاط لافت للمنتخبات الوطنية في كرة القدم، حتى أمكن القول أن هذا العام كان عام المنتخبات بامتياز، من المنتخب الأول إلى الأولمبي مروراً بالشباب وانتهاءً بالناشئين. كلام كثير يمكن أن يقال عن حضور كل منتخب في الاستحقاقات التي شارك فيها، لكن خلاصة القول أن ما تحقّق يعتبر إنجازاً للقيّمين على هذه المنتخبات في ظلّ الصعوبات الكبيرة التي يمرّ بها لبنان على أكثر من صعيد

إذا كان الاهتمام الأكبر ينصبّ غالباً على المنتخب الأول في كرة القدم، فإن باقي المنتخبات الوطنية جذبت الاهتمام عام 2021 نتيجة النشاط الكبير الذي طغى على عملها إقليميّاً وقاريّاً. لا يختلف اثنان على أن المنتخب الأول فاجأ الجميع بما حقّقه حتى الآن في التصفيات الآسيوية النهائية المؤهلة إلى كأس العالم 2022 في قطر. هذا المنتخب الذي ينافس في المجموعة الأولى في وجه منتخبات قويّة تتمتّع بميزانيّات عالية استطاع أن يفرض نفسه بقوة، وما زال الطريق مفتوحاً أمامه لإحراز المركز الثالث الذي يمنح صاحبه فرصة إضافية للمنافسة على التأهّل إلى المونديال. لم يتوقّف الحضور اللبناني المميز على التصفيات الآسيوية بل انسحب على بطولة كأس العرب في قطر والتي قارع فيها منتخب لبنان منتخبات من العيار الثقيل كالمنتخب الجزائري الذي عاد وفاز في البطولة، والمنتخب المصري الذي وصل إلى نصف النهائي، والمنتخب السوداني الذي فاز عليه لبنان في ختام منافسات الدور الأول.


خيبة المنتخب الأولمبي
إنجاز المنتخب الأول لم ينسحب على المنتخب الأولمبي الذي شكّلت مشاركتَيه في بطولة غرب آسيا في السعودية وفي التصفيات المؤهلة إلى كأس آسيا في طاجيكستان صدمة وخيبة أمل للجمهور اللبناني. ليس بسبب النتائج المتواضعة التي حقّقها المنتخب الأولمبي فحسب، بل كون هذا المنتخب من المفترض أن يشكّل نواة المنتخب الأول وهو يضم أفضل لاعبي الأندية في هذه الفئة (دون 22 عاماً) إلى جانب أنه أفضل منتخب أولمبي يمر على اللعبة منذ حوالى عشرين سنة.
لكن ما هي أسباب السقوط المدوي للمنتخب الأولمبي (مواليد 1999 وما فوق)؟

دفع المنتخب الأولمبي ثمن التغييرات العديدة التي طرأت على جهازه الفني

قد يكون السبب الرئيسي أن هذا المنتخب دفع ثمن التغييرات العديدة التي طرأت على جهازه الفني خلال فترة لا تتعدى السنتين. فهذا المنتخب بدأ مشواره تحت إشراف المدرّب رضا عنتر الذي استقال من منصبه بهدف استلام تدريب فريق العهد. انتقل المنتخب إلى عهدة المدرب جمال الحاج، وخلال فترة حرجة وقبل بطولة غرب آسيا بفترة قصيرة استقال الحاج من منصبه ليصبح المنتخب من دون مدرّب. السبب المعلن لاستقالة الحاج كان وجود مشكلة في أوراقه لدى الاتحاد الآسيوي كونه لا يملك الشهادات المطلوبة. لكن لا شك أن أسباباً أخرى كانت وراء الفراق وقد يكون بعضها فنياً. الفكرة الأخيرة عزّزتها خطوة التعاقد مع المدرب جمال طه الذي أيضاً لا يملك الشهادات المطلوبة. لكن وضع طه مختلف كونه مسجّل (Recognition) لدى الاتحاد الآسيوي وبالتالي يمكن إدراج اسمه في نظام الاتحاد القاري الإداري (AFCAS). فجمال طه أصبح مسجلاً في نظام الـAFCAS من قبل الاتحاد اللبناني بعد استلامه مهمة تدريب المنتخب الأول خلفاً للروماني ليفيو تشيوبوتاريو وبالتالي اختلف وضعه عن سلفه جمال الحاج.



هذه التغييرات في الجهاز الفني أثّرت بشكل كبير على المنتخب الأولمبي. فطه أشرف على حصّتين تدريبيّتين فقط للمنتخب الأولمبي قبل بطولة غرب آسيا في السعودية. والهدف الرئيسي كان التعرّف على باقي اللاعبين بعد أن تعرّف على قسم منهم (11 لاعباً) عقب ضمّهم إلى المنتخب الأول قبل انطلاق التصفيات الآسيوية النهائية. فتحوّلت بطولة غرب آسيا إلى معسكر إعدادي للمنتخب تحضيراً لتصفيات كأس آسيا في طاجيكستان.
السبب الثاني هو أن الفترة الانتقالية الاتحادية بين الاتحاد السابق والاتحاد الحالي خصوصاً على صعيد تشكيل اللجان تركت فراغاً في فترة كان من المفترض أن تكون أساسية في تحضيرات المنتخب الأولمبي لاستحقاقَيه الإقليمي والقاري.
سبب آخر يتعلّق بعدم قدرة الجهاز الفني كاملاً على الحصول على تأشيرات دخول إلى السعودية للمشاركة في بطولة غرب آسيا، حيث اقتصر هذا الجهاز على المدرب طه ومدير المنتخب نزيه كسرواني مع غياب المدرب المساعد بلال زغلول ومدرّب الحراس زياد الصمد لعدم حصولهما على تأشيرات دخول.
سبب إضافي ساهم أيضاً وهو المشكلات الانضباطية التي ظهرت في المنتخب خصوصاً مشكلتي اللاعبين خليل بدر ويوسف الحاج والطريقة الخاطئة في معالجة هاتين المشكلتين وهو أمرٌ أثّر على أجواء المنتخب.

منتخب الشباب «بيّضها»
جاء منتخب الشباب (مواليد 2003 وما فوق) ومشاركته في بطولة غرب آسيا في العراق ليُعيد الأمل بمستقبل المنتخبات بعد خيبة المنتخب الأولمبي. وصل منتخب لبنان للشباب إلى المباراة النهائيّة بعد تأهله عن المجموعة التي ضمّته إلى جانب سوريا والأردن والإمارات، حيث فاز على الأول والثاني وتعادل مع الثالث. خسر لبنان في النهائي أمام العراق بركلات الترجيح بعد أداء مميّز في البطولة الإقليمية.
كما أن هناك أسباب للفشل، هناك أسباب للنجاح. فمنتخب الشباب هذا تم تشكيله قبل أربع سنوات ولعبت الظروف على صعيد التغييرات الآسيوية التي طرأت على تصنيف الفئات لصالحه. كما أنه يملك عناصر جيدة بعضها تلعب مع فرق الرجال في أنديتهم. أضف إلى ذلك نجاح المدير الفني بلال فليفل ومساعده حسن حسون ومدرب الحراس عباس شيت في تشكيل توليفة أثبتت فاعليتها، وسط استقرار إداري مع مدير الفريق بشير بشارة.
سلّطت بطولة غرب آسيا في العراق الضوء على أسماء عديدة في منتخب الشباب

سبب آخر يتعلّق ببطولة لبنان للشباب والتي ساعدت في رفع مستوى اللاعبين حيث أنهم شاركوا في نفس البطولة لثلاثة مواسم متتالية بعد التغييرات في التصنيفات.
ولا شك أن البداية الجيدة التي حققها اللبنانيون بفوزهم على السوريّين في المباراة الأولى من البطولة أعطتهم دفعة معنوية كبيرة، خصوصاً أن السوريين فازوا على اللبنانيين ودياً خلال فترة التحضيرات.
بطولة غرب آسيا في العراق سلّطت الضوء على أسماء عديدة برزت ويعتبرها البعض أمل كرة لبنان في المستقبل كالحارس رامي مجلّي الذي فرض نفسه بقوة، ليس في هذه البطولة فقط بل منذ مشاركته مع المنتخب قبل أربع سنوات خلال التصفيات الآسيوية في إيران عام 2017. ومن الأسماء البارزة أيضاً محمد الموسوي، علي الفضل (أفضل لاعب في بطولة غرب آسيا)، علي قصاص، علي اسماعيل، شادي الحاج، ومحمد صادق.

منتخب الناشئين: حضور جيد دون نتائج
منتخب ثالث سجّل حضوراً إقليمياً عام 2021 وهو منتخب الناشئين (مواليد 2006 وما فوق) الذي شارك في بطولة غرب آسيا في السعودية. وبعيداً عن النتائج حيث خسر ناشئو لبنان مبارتيهما أمام السعودية والعراق، فإن مشاركة منتخب الناشئين لم تكن سيئة برأي أحد الفنيّين المتابعين للمنتخب. فمنتخب السعودية منتخب قوي وخسر لبنان أمامه (1-2)، حيث وصل صاحب الأرض وخسر اللقب أمام منتخب اليمن الذي كانت هناك شكوك حول معدّل أعمار لاعبيه.
وأيضاً هناك أسباب وراء أي إخفاق أو عدم القدرة على تحقيق نتائج إيجابية. فكلما صغُرت الأعمار تتراجع الفنيات بسبب صغر سن اللاعبين وبنيتهم الجسدية. فلا يمكن توقّع من لاعبي فئة الناشئين ما يُتوقّع من فئة الشباب. لكن هذا ليس هو السبب الرئيسي. فمشكلة المنتخب الأولمبي حضرت أيضاً في منتخب الناشئين من ناحية تغيير المدير الفني. فالمدرب محمد دياب استقال من منصبه قبل فترة قصيرة من البطولة الإقليمية واستلم مكانه المدرب روي أبي الياس في محاولة لإنقاذ الموقف قبل بطولة غرب آسيا. وهناك قناعة أن ما قدمه أبي الياس هو أفضل مما كان سيقدمه دياب لو بقي في منصبه.



مشكلة أخرى تتعلّق في الضعف الذي يعاني منه منتخب الناشئين على صعيد بعض المراكز وخصوصاً خط الظهر وتحديداً قلبَي الدفاع في المنتخب. وهذا الأمر يقوم القيّمون على المنتخبات في الاتحاد اللبناني بمعالجته عبر السعي إلى زيادة عدد المباريات التي يلعبها لاعبو فئة الناشئين من خلال استحداث بطولة أخرى غير دوري الناشئين. وتقام هذه البطولة في الفترة بين انتهاء دوري الناشئين للموسم الحالي ودوري الموسم المقبل. فبطولة الناشئين تنتهي في شهر كانون الثاني 2022 قبل أن تنطلق البطولة الجديدة في تشرين الأول من العام نفسه. ما يعني أن هناك توقّفاً لعشرة أشهر وهي فترة طويلة سيتم ملؤها ببطولة أخرى قد تحمل اسم درع الاتحاد.
وكما أن هناك أسماء برزت في منتخب الشباب، فهناك لاعبون لفتوا الأنظار في منتخب الناشين كالحارس جاد جوهر، وشفيق يمين، وبدر قوّام، وعيسى شعيتو.

 

لا شكّ أن عام 2021 كان حافلاً للمنتخبات الوطنية، عام 2022 لن يكون مختلفاً في ظل الاستحقاقات التي تنتظر هذه المنتخبات. منتخب أولمبي جديد (مواليد 2001 وما فوق) في بطولة غرب آسيا. ومنتخب الشباب سيشارك في بطولة غرب آسيا وتصفيات كأس آسيا لهذه الفئة التي غالباً ما تقام في شهر تشرين الأول. والأمر عينه ينسحب على منتخب الناشئين الذي أيضاً سيشارك في بطولة غرب آسيا وفي التصفيات الآسيوية في شهر أيلول 2022.
ويبقى الأمل في منتخبات الفئات العمرية التي هي أمل المستقبل والتي تشكّل الدماء الجديدة للمنتخب الأول وخزّانه خصوصاً مع اقتراب اعتزال عدد كبير من لاعبي منتخب الرجال.

مصاريف قاربت المليون دولار



قد تبدو أرقام كلفة إعداد المنتخبات الوطنية صادمة، لكنها في الوقت عينه تعتبر متواضعة مقارنة بتكاليف منتخبات أخرى تتقارب مستوياتها مع مستويات المنتخبات الوطنية. فالاتحاد اللبناني لكرة القدم قدّم كل الإمكانيات المتاحة للمنتخبات تحضيراً للاستحقاقات الخارجية حيث ناهزت تكاليف منتخبات الأولمبي والشباب والناشئين الـ900 ألف دولار بين كلفة معسكرات وتذاكر سفر ورواتب وبدلات يومية وأجور ملاعب وقد دفعها الاتحاد من صندوقه الخاص.
الاتحاد اللبناني أقام للمنتخب الأولمبي ثلاث معسكرات، اثنان في البحرين والإمارات وثالث داخلي لعب فيه مع منتخب سوريا ودياً، إلى جانب تكاليف المشاركة في بطولة غرب آسيا في السعودية والتصفيات الآسيوية في طاجيكستان.
منتخب الشباب بدوره حصل على معسكر داخلي ومباراة ودّية مع منتخب سوريا في بحمدون، وشارك في البطولة العربية في مصر، كما لعب مع قطر ودياً في الدوحة قبل أن يشارك في بطولة غرب آسيا في العراق. وكل هذا يتطلب تكاليف باهظة بالدولار (Fresh). الأمر عينه ينسحب على منتخب الناشئين الذي خضع لمعسكر داخلي ومباراة ودية مع سوريا، إلى جانب المشاركة في دورة دولية ودية في أرمينيا ومن ثم بطولة غرب آسيا في السعودية.
أما المنتخب الأول وحده فقد بلغت تكاليف استعداداته ومشاركاته نفس تكاليف المنتخبات الأخرى مجتمعة مع حتمية ارتفاع الكلفة في ظل عدم انتهاء تصفياته حيث مازال لديه أربع مباريات على أقل تقدير.