مجلة وفاء wafaamagazine
فيما تنطلق محادثات بين دبلوماسيين أميركيين وروس في جنيف غداً الاثنين، لبحث أزمة نشر روسيا لقوات قرب الحدود مع أوكرانيا، اعتبرت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، أن الاجتماع المنتظر “يعكس أصداء الحرب الباردة”، لافتة إلى أن روسيا “ستدخل المحادثات من وضع قوة لا يضاهيه موقف مماثل من الولايات المتحدة وأوروبا”.
وأشارت الصحيفة، إلى أن روسيا ستصل إلى طاولة المفاوضات التي ستلتقي خلالها ويندي شيرمان نائبة وزير الخارجية الأميركي مع نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف، ولديها أكثر من 100 ألف جندي يتمركزون بشكل خطير على حدود أوكرانيا المجاورة لها، وهددت بعمل عسكري إذا لم تسفر المحادثات عن أي شيء، واعتبرت أن ذلك يعد جزءاً من نفوذها خلال جولة المحادثات المرتقبة.
ورأت الصحيفة، أن الأهم في ذلك، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حقق بالفعل هدف إجبار الولايات المتحدة على مناقشة عدد كبير من المطالب التي من شأنها أن تعيد تشكيل البنية الأمنية لأوروبا، مع القليل من مجالات اتفاق محتمل.
وتأتي القمة المرتقبة وسط تصاعد القلق الأميركي من تحركات موسكو، إذ إنه إضافة إلى تمركز جنود الأخيرة قرب الحدود الأوكرانية، أرسلت روسيا قوات لإخماد الاحتجاجات المناهضة للحكومة في كازاخستان المجاورة الأسبوع الماضي.
وقالت جودي ديمبسي، الباحثة في مؤسسة كارنيجي أوروبا، إن “بوتين يخوض هذه المحادثات بيد قوية للغاية. ولن تسفر القمة إلا عن نجاح هامشي ما لم يتحد الغرب، وتكون لديه استراتيجية تفاوضية جادة”.
وأوضحت ديمبسي أن “روسيا تنظر إلى أوروبا من منظور الحرب الباردة لقارة مقسمة بين قوى عظمى”، مشيرة إلى أن بوتين “ينتمي إلى المدرسة القديمة، ولن يتخلى عن مجالات النفوذ”، وهو ما سيجعل المفاوضات صعبة برأيها.
وتشمل قائمتان من المطالب الروسية قدمتهما موسكو إلى الولايات المتحدة والناتو الشهر الماضي، حظراً على انضمام أوكرانيا ودول سوفييتية سابقة أخرى إلى التحالف العسكري الغربي، وحظر نشر أي صواريخ قريبة بما يكفي لضرب روسيا، واستخدام الكرملين حق الفيتو حول المكان الذي يمكن أن تتمركز فيه قوات الناتو أو أي أسلحة لدى جميع جيرانها الشرقيين تقريباً.
وبحسب “فاينانشال تايمز”، تتناغم المفاوضات مع هدفين أساسيين حددا حكم بوتين الممتد لعقدين، أولهما تبوء مقعد على الطاولة العلوية الجيوسياسية مقابل الولايات المتحدة، والثاني احتمال وقف التوسع الشرقي لحلف الناتو وتقليص الوجود العسكري الأميركي في أوروبا.
وقالت تاتيانا ستانوفيايا مؤسسة شركة “آر بوليتيك” للاستشارات السياسية التي تركز على الكرملين: “الحقيقة هي أن الضمانات الأمنية التي يجري التباحث بشأنها تشكل إنجازاً كبيراً لروسيا لم يحدث من قبل”.
وقالت الصحيفة، إنه بالنسبة للمفاوضين الأميركيين، بقيادة شيرمان، فإن خفض التصعيد في الأزمة الأوكرانية هو الهدف الرئيسي. ولكن كيفية تحقيق ذلك دون منح نظرائهم الروس “جائزة العودة إلى موسكو” بأمور من شأنها أن تضعف أمن كييف أو حلفاء الناتو في أوروبا الشرقية، “تبدو مهمة محفوفة بالمخاطر”.
وبحسب “فاينانشال تايمز”، يتعرض الرئيس الأميركي لضغوط متزايدة لنزع فتيل الأزمة التي تهدد بإيقاع إدارته في شرك، وهي تحاول التركيز على قضايا داخلية أخرى، وخاصة أزمة متحور “أوميكرون” وتهدئة حدة التضخم.
وأضافت أنه “في الوقت نفسه، يعلم البيت الأبيض أن أي اقتراح باستسلامه للمطالب الروسية من شأنه أن يقوض مزاعمه الخاصة بالوقوف في وجه القادة الاستبداديين، ومن المرجح أن يؤدي ذلك أيضاً إلى رد فعل عنيف من الحزبين في الكونغرس، ويقرع جرس الإنذار بين الحلفاء في جميع أنحاء العالم الذين يعتمدون على الضمانات الأمنية الأميركية”.
وقالت الصحيفة إن التنسيق بين الولايات المتحدة وأوروبا يبدو معقداً بسبب الانقسامات المستمرة داخل الاتحاد الأوروبي بشأن كيفية التعامل مع روسيا ودور بروكسل في الدفاع والأمن في القارة.
وتنظر بعض دول الاتحاد الأوروبي في شرق الاتحاد الأوروبي إلى فرنسا وألمانيا، اللتين أجرتا محادثاتهما الخاصة في موسكو هذا الأسبوع، بتشكك، حيث تعتبرهما راغبتين للغاية في إيجاد تسوية مع الكرملين.