الرئيسية / آخر الأخبار / السودان | الأمم المتحدة لا تخرق الانسداد: بوادر دوّامة عنف

السودان | الأمم المتحدة لا تخرق الانسداد: بوادر دوّامة عنف

مجلة وفاء wafaamagazine

دخلت المواجهة القائمة في السودان، بين الحُكم الانقلابي من جهة، والشارع المُعارِض من جهة أخرى، مرحلة جديدة، مع استخدام الأجهزة الأمنية الرصاص الحيّ ضدّ المتظاهرين، وإعلان سقوط قتيل من الشرطة، فيما رأى مراقبون أنه يستهدف التوطئة لموجة أكثر قساوة من العنف. ويأتي ذلك فيما لا يزال الأفق السياسي مسدوداً، في ظلّ عجز الانقلابيين عن تشكيل حكومة إلى الآن، وإصرار المعارضين على رفْض التجاوب مع أيّ مبادرة «لا تُخرج العسكر من المعادلة السياسية»

الخرطوم | تتواصل في السودان الاحتجاجات الشعبية الرافضة لحُكم العسكر، والمُطالِبة بحُكم مدني، بالوتيرة نفسها التي سارت عليها منذ انقلاب قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، على شركائه المدنيين في المرحلة الانتقالية، في 25 تشرين الأول الماضي. لكن الجديد في المشهد هو استخدام الرصاص الحيّ من قِبَل الأجهزة الأمنية، لأوّل مرّة أوّل من أمس، لفضّ التظاهرات، ما أدّى إلى إصابة العشرات بجروح، بحسب «لجنة أطباء السودان المركزية»، فيما أعلنت الشرطة مقتل ضابط رفيع «أثناء أداء واجبه في حماية التظاهرات»، و«إلقاء القبض على الفاعل». ويرى مراقبون في بيان الشرطة «توطئة لممارسة أقصى حالات القمع الممكنة»، وإشارة إلى أن «السلطة القائمة حزمت أمرها في إعلان الحرب على المتظاهرين»، فيما تُعرب الناشطة في تنظيم التظاهرات، سماح فضل المولى، في تصريح إلى «الأخبار»، عن اعتقادها بأنه ليس «بإمكان الانقلابيين مجابهتنا بعنف أكثر مما هو ماثل»، قبل أن تضيف ساخرة: «ربّما يمكنهم استخدام الطائرات والصواريخ».

من جهته، يَعتبر المحلل السياسي، صلاح الدين الفاتح، أن «الوصول إلى تسوية مع الانقلابيين أمر صعب»، مستبعداً، في حديث إلى «الأخبار» حدوثه في القريب العاجل؛ «فانقلاب البرهان كان قفزة في المجهول، فالرجل لم يحسب الأمر جيّداً، لكنه كعادة العسكريين رفض التراجع، حتى أصبح التراجع مستحيلاً الآن، وكلّما مرّ الوقت، تورَّط البرهان أكثر». ومع مُضيّ أكثر من شهرَين على الانقلاب، لمّا يتمكّن البرهان من تعيين حكومة جديدة في أعقاب استقالة عبد الله حمدوك بداية العام، ما أدخل البلاد في أزمة دستورية وسياسية لم تشهدها مِن قَبل. وفي ظلّ هذا الانسداد، وسقوط قتلى من المحتجّين، فإن القوى الرافضة ستزداد تمسّكاً بمطلب إطاحة البرهان ومحاكمته، وهو «ما يصعّب مهمّة فولكر بيرتس، رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان، والذي يحاول رأب الصدع بين جميع ألوان الطيف السياسي السوداني، من خلال استعادة الشراكة بين المدنيين والعسكريين».

تؤكد «لجان المقاومة» أن أيّ مبادرة لا تتضمّن عودة الجيش إلى ثكناته غير مرحَّب بها

وفي هذا الاتّجاه، يشدّد قيادي في لجان المقاومة على أن «أيّ مبادرة لا تتضمّن عودة الجيش إلى ثكناته، غير مرّحب بها». ويَعتبر القيادي، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الشراكة مع المكوّن العسكري أثبتت فشلها وضيق أفقها، بحيث انقلبوا مرّتَين عليها». ويوضح أن «الحوار مع موفد الأمين العام للأمم المتحدة ليس مرفوضاً في حدّ ذاته، وإنّما المرفوض هو إشراك الانقلابيين فيه، لأنّهم في تَصوّرنا غير جديرين بالثقة، كما أنهم متّهَمون بقتل وإصابة المئات من المتظاهرين السلميين، ولا يزالون يفعلون الشيء نفسه»، مشترطاً «إخراج العسكر من المعادلة السياسية أولاً، ثمّ يمكن أن نتحدّث عن مبادرة أممية، ولا أظنّ أنّنا نحتاج إليها حينها». ويتماهى موقف «لجان المقاومة» مع موقف «تجمع المهنيين السودانيين» ــــ بنسخته المناوئة للانقلاب ــــ، والذي عبّر عنه المتحدّث الرسمي باسم التجمع، مصطفى مهند النور، في حديث إلى «الأخبار»، مؤكداً «تمسّك التجمّع بهدفه المتمثّل في إسقاط الانقلاب بشكل كامل».
إزاء ذلك، تبدو البلاد مفتوحة على سيناريوات سوداوية؛ فـ«مجلس السيادة» الذي شكّله البرهان عقب انقلابه، عاجز عن القيام بمهامّه الرئيسة، فيما الحكومة المستقيلة تفتقر إلى رئيسها، عبد الله حمدوك، لتسيير المرحلة، في ظلّ ورود أنباء عن مغادرة حمدوك السودان للالتحاق بعائلته في الإمارات. وفيما تشتدّ وطأة الأزمة الاقتصادية وسط ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، وشبه انقطاع في خدمات الكهرباء والماء وغاز الطبخ، لا يزال البرهان عاجزاً عن تثبيت أركان سلطته، وفق ما توحي به عدّة مؤشّرات؛ من بينها رفْض بعض السفراء السودانيين في الخارج الانصياع لأوامر بالاستقالة، واستمرارهم في ممارسة عملهم بشكل اعتيادي، مثلما فعل نور الدين ساتي، سفير السودان إلى واشنطن، والذي قال في تصريحات صحافية الأسبوع المنصرم، إن الحكومة الأميركية لم تعترف بقرار إقالته، وإنه لا يزال في موقعه كسفير حتى الآن.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الاخبار