الأحد 24 تشرين الثاني 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداس الأحد في كنيسة السيدة، في الصرح البطريركي في بكركي.
بعد الإنجيل، ألقى الراعي عظة بعنوان “أنا أمة الرب. فليكن لي بحسب قولك”، قال فيها: “على بشارة الملاك جبرائيل المفاجئة والصعبة، وفيها تصميم الله على مريم لتكون اما لابنه الذي سيأخذ جسدا بشريا منها بقوة الروح القدس، وهي المخطوبة ليوسف، ولم تنتقل بعد إلى بيته لمساكنته بحسب الشريعة، أجابت بإيمان وشجاعة: “أنا أمة الرب، فليكن لي بحسب قولك” (لو 38:1). إن أمنا وسيدتنا مريم العذراء، هي مثال لنا في اتخاذ القرار الشجاع المبني على الإيمان بالله وبتصميمه الخلاصي للجنس الشري بأسره”.
وقال الراعي: “بجواب “نعم” لبشارة الملاك، قدمت عذراء الناصرة كل ذاتها، عقلا وقلبا وإرادة وجسدا، لنتائج هذا الجواب. إنها شجاعة الأبطال المؤمنين بالله والقضية العامة، شجاعة القرار الحر السيد المستقل. هذه الشجاعة نفتقدها عند أصحاب القرار السياسي عندنا في لبنان، غير القادرين على اتخاذ القرار الشجاع، لصالح لبنان وشعبه، لأنهم ما زالوا أسرى مصالحهم ومواقفهم المتحجرة وارتباطاتهم الخارجية وحساباتهم. لكننا والحمد لله نجد هذه الشجاعة عند شعبنا، بكباره وشبانه وصباياه، في انتفاضتهم السلمية والحضارية منذ سبعة وثلاثين يوما. هؤلاء من كل المناطق اللبنانية والطوائف والمذاهب والأحزاب، من دون أن يعرفوا بعضهم بعضا، التقوا أخذوا قرارهم الشجاع والحر. فطالبوا بإجراء الاستشارات النيابية وفقا للدستور، وتشكيل حكومة جديدة بأسرع ما يمكن، توحي بالثقة وتباشر الإصلاح ومكافحة الفساد وإدانة الفاسدين، واستعادة المال العام المسلوب إلى خزينة الدولة، وإيقاف الهدر والسرقات. حكومة تبدأ بالنهوض الاقتصادي بكل قطاعاته، من أجل خفض العجز، وتسديد الدين العام المتفاقم، ورفع المالية العامة. قرارهم رفض أنصاف الحلول، والوعود الكلامية، لأنهم شبعوا منها، وقد بلغت بالدولة إلى حد الإفلاس، وبالشعب إلى الفقر والجوع، وبالشباب والأجيال الطالعة إلى الهجرة بحثا عن أوطان بديلة. أما اليوم فقرارهم هو البقاء على أرض الوطن ووضع حد للذين أوصلوا البلاد إلى ما هي عليه اليوم”.
وتابع: “حقق هؤلاء المنتفضون اليوم ما قاله المكرم البطريرك الياس الحويك، رئيس البعثة اللبنانية إلى مؤتمر الصلح في فرساي سنة 1919ومهندس قيام دولة لبنان الكبير: “لا يوجد في لبنان طوائف، بل طائفة واحدة إسمها الطائفة اللبنانية. لبنانيون نحن وسنبقى لبنانيين متحدين في وطنية واحدة. لذلك ما يهمنا، في الذي يدير شؤون وطننا، تعلقه بالعدالة والرأفة، لا بمعتقداته الدينية. فليبارك الله كل الذين يريدون خير لبنان، إلى أي طائفة انتموا”.